الكل توقَّع حرباً مفتوحة بين إيران وإسرائيل بعد الضربات المتبادلة الأخيرة، لكن لماذا تردُّ طهران عسكرياً؟

عربي بوست، ترجمة

مع تزايد الضربات الإسرائيلية داخل سوريا على مدار السنوات الأربع الماضية، تتزايد المخاوف أيضاً من أن يكون الهجوم التالي نقطة تحول كبير بين كل من طهران وتل أبيب.

وبعد التطور الأخير الذي شهدته المنطقة في وقت مبكر من صباح الخميس 10 مايو/أيار 2018، اعتقد الكثيرون أن هذه الضربات ستتحول إلى معركة محتدمة ومفتوحة بين الطرفين، لكن الأمر انتهى حتى الآن عند هذا الحد، فلماذا حدث ذلك؟

أثار وابل الصواريخ الإسرائيلية الأخير الاعتقاد بأنَّ الخصمين يتقدمان على مسارٍ تصادمي، فأُرسل الإسرائيليون إلى الملاجئ بهضبة الجولان للمرة الأولى منذ عام 1973، وأثار الذعر في لبنان القلق، إضافةً إلى إثارة هلع السوريين الذين أرهقتهم الحرب بالفعل، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

مع ذلك، فإنَّ هذه الأحداث لا تُمثِّل مرحلةً جديدة في المواجهة بالغة الخطورة.

الحسابات الإيرانية

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الحسابات الإيرانية، حتى الآن، تتمثل في أنَّها بحاجة إلى استيعاب الضرر الناتج عن المقاتلات الإسرائيلية؛ إذ استثمر القادة الإيرانيون الكثير من الأرواح والمبالغ الهائلة لترسيخ وجودهم في أطلال سوريا، وشنُّ ردٍّ انتقامي واسع النطاق قد يُعرِّض تلك المكاسب، التي قد تُغيِّر قريباً ميزان القوة في المنطقة، للخطر.

وبحلول أوائل عام 2018، كان الجيش الإيراني، الذي يعمل أساساً من خلال عددٍ لا يُحصى من وكلائه، قد أنشأ موطئ  قدمٍ عسكرياً في معظم أنحاء البلد، وكان يُرسِّخ وجوده بالقواعد التي يتشاركها مع القوات السورية، وفي بعض الأحيان الروسية. لقد خرجت من حالة الفوضى تلك فرصة غير مسبوقة لإيران لتعزيز حضورها الفعلي على أعتاب إسرائيل، بحسب الصحيفة البريطانية.

جُمِعَت قوة الجيش الإيراني بمثابرةٍ عبر جسرٍ جوي منتظم من طهران، ومؤخراً عبر طريق بري أمّنه الموالون يمر بغرب العراق وشرق سوريا. وظلَّ قانون النخبة العسكرية الإيرانية فترةً طويلة هو استغلال الوكلاء في الحروب البعيدة. لكنَّ الإغراء الكامن في وضع إسرائيل ضمن مجال الصواريخ قصيرة المدى التي تطلقها قواتها هي قد غيَّر معادلتها، بحسب الصحيفة البريطانية.

رغب بعض القادة العسكريين الأكثر نفوذاً بإيران في الدخول بمواجهةٍ مباشرة مع الدولة اليهودية، ومن بين هؤلاء القادة اللواء قاسم سليماني، الذي يتهم المسؤولون الإسرائيليون قواته بإطلاق 20 صاروخاً باتجاه هضبة الجولان في الساعات الأولى من الخميس 10 مايو/أيار 2018.

كان سليماني، أكثر من أي شخصٍ آخر، هو المسؤول عن المكاسب الإقليمية التي تحقَّقت باسم إيران منذ غزو العراق المشؤوم الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003. واعترف بأنَّ إسرائيل لا تزال مهمة غير مُكتمِلة بالنسبة لعشرات الآلاف من أفراد الميليشيات الشيعية، وكذلك الجيوش المستقلة التي تحارب جزئياً على الأقل تحت اسمه.

يُعتَقَد أنَّ شن الهجوم الذي جرى هذا الأسبوع جاء -على الأرجح- انتقاماً من الضربة الإسرائيلية التي استهدفت إحدى القواعد السورية قرب حمص في شهر أبريل/نيسان 2018، والتي أودت بحياة 8 إيرانيين ودمَّرت منظومة دفاع جوي، حسبما أفادت التقارير. وقبل ذلك، أُطلِقت طائرة إيرانية بلا طيار من سوريا إلى داخل إسرائيل، ولحق ذلك غاراتٌ إسرائيليةٌ ألحقت أضراراً جسيمة بمنظومات دفاع جوي وقواعد سورية، كان الإيرانيون موجودين فيها.

استقرَّت الحرب علي إيقاعٍ من الهجوم والهجوم المضاد، مع تحدي إسرائيل لإيران عملياً بأن تطلق العنان لسلاحها الأكثر قوة، حزب الله. لكن، لم تَظهر بشكلٍ جوهري أي مؤشراتٍ على حدوث ذلك، بحسب الصحيفة البريطانية.

حزب الله مقيَّد في سوريا

لا يزال حزب الله، التكتل السياسي والعسكري، مقيَّداً في سوريا، ولا يرغب في قتال إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية حتى الآن؛ لإدراكه الخطر الذي قد يُشكِّله ذلك على الدولة وعلى تنظيمه الخاص، المتوهج بفعل النجاح الذي حقَّقه في انتخابات الأسبوع الماضي.

يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنَّ إيران تتعمد تجنُّب إرسال سلاحٍ أساسي لعملها في سوريا إلى لبنان: تركيب أنظمة توجيه للصواريخ، يقول كبار المسؤولين العسكريين إنَّ من شأنها إيصال صاروخ غير مُوجَّه داخل إسرائيل ضمن نطاق 10 أمتار مربعة من هدفه.

يقول المسؤولون إنَّهم وجَّهوا ضرباتٍ من قبلُ لمحاولات نقل تلك الصواريخ المُعدَّلة قرب الحدود اللبنانية، ويعتقدون أنَّ القدرة على صناعتها لم تنتقل بعدُ إلى قلب حزب الله في جنوب لبنان.

يحظى الجانبان بإدراك دقيق لحدود ما يقبله ويمكن أن يفعله خصمه.

فإيران تعلم أنَّ وجودها المتنامي يثير أعصاب إسرائيل، بيد أنَّ لديها صبراً استراتيجياً يُمكِّنها من تحمُّل الضربات التي تشنها.

وتعلم إسرائيل أنَّه على الرغم من أنَّ وابل الصواريخ الإيرانية شكَّل سابقةً غير مرغوبة، فمن شبه المؤكد أنَّه كان يُمثِّل مجرد ردٍّ، وليس بالضرورة الهجوم الأول في حربٍ مفتوحة، وهي حربٌ لا يرغب أيهما في اندلاعها بالوقت الراهن. إن الشرارة التي قد تُشعِل الأوضاع في نهاية المطاف لا تكمن في الأفعال المتعمَّدة؛ بل في سوء التقدير.

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

إقالة غالانت من وزارة الدفاع تخلص نتنياهو من شوكة في خاصرته

العربية : القدس – رويترز نشر في: 06 نوفمبر ,2024: 12:47 م GSTآخر تحديث: 06 نوفمبر ,2024: …