استفتاء لتقرير مصيرها… وخطوات لبناء «الإمارة الثامنة
لندن – «القدس العربي»:
بدأت صحيفة «إندبندنت» سلسلة تقارير عن جزيرة سقطرى اليمنية التي تتعرض محمياتها لخطر الإبادة والاحتلال الإماراتي. وفي تقرير اعدته بيثان ماكرينان ولوسي تاوزر من جزيرة سقطرى التي تحتوي على أغرب وأجمل الأشجار في العالم والمعروفة باسم «دم الأخوين» أو «دم التنين».
وتقول الأسطورة اليمنية أن الأخوين قابيل وهابيل تقاتلا حتى الموت وكانا من سكان الجزيرة. وصارت الشجرة الغريبة بتاجها الكثيف رمزاً محبوباً لسقطرى الواقعة في بحر العرب. ومثل هابيل وقابيل فاليمن تقسمه الحرب اليوم جعلت سقطرى في مركز صراع على السلطة بين الحكومة اليمنية الضعيفة والحليف ذي الطموحات الجيوسياسية: الإمارات العربية المتحدة. وتقول الصحيفة إن ما يطلق عليها «غالاباغوس» المحيط الهندي ويعيش فيها 700 نوع نادر من الأنواع النباتية والطبيعية، وهي آخر ما سيطرت عليه «الإمبراطورية» المتصاعدة للإمارات العربية المتحدة حيث تشمل هذه قاعدة عسكرية في أريتريا وجيبوتي وجمهورية أرض الصومال والجزيرة اليمنية بريم.
وجاء في التقرير أن الصحافيتين حاولتا قدر الإمكان عدم لفت انتباه السلطات الموالية للإمارات في رحلة استمرت يومين على متن سفينة تجارية من عمان. وهي أول رحلة تقوم مؤسسة إعلامية غربية للجزيرة منذ اندلاع الحرب اليمنية والجهود الإماراتية الهادئة من أجل السيطرة على الجزيرة. ووجدت الصحافيتان أن الإمارات قامت بضم هذه الجزيرة تحت السيادة الإماراتية وأنشأت قاعدة عسكرية وشبكة من الاتصالات وقامت بعملية إحصاء للسكان ودعت سكان الجزيرة إلى أبو ظبي بالطائرات من أجل الحصول على العناية الصحية وأذونات العمل. ويقول النقاد إن الإمارات تحاول تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية دائمة ومنتجع سياحي وربما سرقة تراثها حيث اعتبرت اليونسكو الأشجار السقطرية جزءًا من التراث العالمي.
وفي السابق قالت الإمارات إنها تقوم بالمساعدة لأجزاء تعد فقيرة من اليمن. وقال المعلقون المؤيدون لها إن الإمارات «ليست محتلة أو باحثة عن المشاكل» بل تريد «السلام والاستقرار في المنطقة». وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن دور الإمارات «جزء من قواعد التحرك السياسي هو بناء ثقة مع الحلفاء».
وئام مع الطبيعة
ويعيش في جزيرة سقطرى 60.000 مواطن بسلام ووئام مع الطبيعة ومنذ آلاف السنين ومعزولين تقريباً عن العالم. وبعد اندلاع الحرب الأهلية ووصول قوة محتلة ومخاطر التغير المناخي فالجزيرة تواجه عاصفة شديدة تتكثف على شواطئها. ونقلت الكاتبتان عن فارع المسلمي الزميل في تشاتام هاوس «فاجأ الإماراتيون الجميع وأنفسهم بما حققوه عسكرياً في اليمن وكانت لديهم الحرية المطلقة للسيطرة وأوجدوا حضوراً لهم في أي مكان يريدونه في البلد بما فيها الموانئ والتي تعد هدية بالنسبة لهم».
وبعد ثلاثة أعوام من الحرب أصبحت الدولة اليمنية المتمزقة مفتوحة لأي طرف. واكتشفت الإمارات التي ظلت ولوقت طويل في ظل القوة الإقليمية السعودية أن اليمن يمكن أن يكون الأرض المثالية لفحص طموحاتها في مرحلة ما بعد الربيع العربي وحاكمها الفعلي، ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.
واعتبرت الكتب القديمة سقطرى المكان الذي قامت عليه جنة عدن، واسمها أصله من السنسكريتية ويعني «جنة»، وقد سحرت المغامرين منذ الإسكندر الأكبر إلى الرحالة ماركو بولو وسندباد. وتنتشر فيها أشجار تنين الدم والبخور والصبار والورود الزهرية اللون تحتضنها جبال حجهر التي تبدو مثل السن المكسور. وكانت الجزيرة تقع في العالم القديم على طريق الحرير بين أفريقيا وآسيا وأصبحت اليوم في طريق النفط.
وعليه تجمع الإمارات بين المصالح التجارية والعسكرية في احتلالها لسقطرى. وفي الوقت الذي يعتبر فيه جبل علي مركز التجارة في الشرق الأوسط، بدأ الإماراتيون بالإستفادة من موانئ البحر الأحمر والخليج من خلال منع التنافس وصد الحوثيين الذين تدعمهم إيران من السيطرة عليها. وأصبحت الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية ثالث أكبر مستورد للسلاح في العالم وواحدة من 11 دولة تحتفظ بقواعد عسكرية خارج أراضيها.
ولم تتغير حياة أهل سقطرى كثيراً خلال القرون، فلا يزال البدو يتجولون في وديانها المنحدرة وهضابها الكلسية بحثاً عن ظل من الشمس في مواسم القحط، ومن المطر والرياح في مواسم الخماسين.
وحتى وقت قريب كانت غارات القراصنة الصوماليين المتقطعة والدبابات السوفييتية الصدئة وغير المستخدمة هي كل ما يذكر بالعالم الواقع خلف الجزيرة. ولا يوجد إلا أجهزة تلفزة قليلة ولا يعمل الواي فاي إلا لفترات كافية لإرسال رسائل على الواتساب. وتخلت عنها السلطات اليمنية بشكل كامل بعد إعصارين كبيرين ضربا الأرخبيل في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 ولهذا قبل السكان المحليون عرض الإمارات بإعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق.
وبعد عامين ونصف عام لا يزال الإماراتيون في الجزيرة ولا نية لهم بالمغادرة قريباً. وشيئاً فشيئاً أصبح وجودههم جزءاً من الحياة اليومية كما يقول سكان الجزيرة. وتساءل عبدالوهاب الأميري عن اهتمام الإماراتيين بجزيرته: «لا يوجد حوثيون يمكن مشاهدتهم من الجزيرة» و»لماذا هم هنا؟».
ويبدو العلم الإماراتي مرفرفاً في عدد من القرى وعلى البنايات الرسمية ومرسوماً على جوانب الجبال وبرسائل شكر للشيخ بن زايد على كرمه. وهناك شائعات تتردد في الجزيرة أن الإماراتيين يخططون لعقد استفتاء على انفصال سقطرى عن اليمن وتصبح جزءاً من الإمارات، أي استفتاء على غرار ما نظمه فلاديمير بوتين في شبه جزيرة القرم، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية.
وحسب عدد من سكان الجزيرة فقد قام المسؤولون الإماراتيون بالذهاب إلى بيوت السكان بيتاً بيتاً وأجروا إحصاء لعدد السكان، وهو أمر لم تشهده سقطرى منذ عام 2004. ورغب السكان في المال مستقبلاً لو تطوعوا بذكر أسمائهم وتعاونوا مع المسؤولين في تقديم التفاصيل. وأدى غياب الشـفافية إلى انتشار المخاوف بين سكان الجـزيرة حــول خـطط الإمـارات فـي بلـدهم.
وهناك اعتقاد وتقارير صحافية بأن الرئيس عبد ربه منصور هادي قام قبل فراره من صنعاء وسيطرة الحوثيين على شمال البلاد بتأجير سقطرى وثلاث جزر أخرى للإماراتيين لمدة 99 عاماً. ومثل كل الأخبار المقبلة من اليمن فالتضليل والشائعات منتشرة ولكن الحكومة في المنفى بالرياض وأبو ظبي رفضتا تأكيد هذه الأخبار.
تظاهرات: إلا القات!
وتقول الصحيفة إن الإماراتيين حاولوا منع استخدام القات المنتشر في اليمن، وسقطرى ليست استثناء حيث يصل إليها كل أسبوع قاربان محملان بالقات. وفي تشرين الأول/أكتوبر صادر الإماراتيون البضاعة ورموها على الطريق بين قرية هاديبو والبحر وثار القرويون الذين أخذوا القات المبلل بالبترول ووضعوه في أفواههم وهم يصرخون بضرورة رحيل الإماراتيين. وبعد حادثة القات أصبحت الاحتجاجات ضد الوجود الإماراتي دائمة. ولم يتم اعتراض قوارب القات بعد ذلك إلا ان العسكريين بالزي الإماراتي لا يزالون يدورون حول القرية باستخدام سيارات الدفع الرباعي. وتم إرسال إماراتيين من أصل سقطري ويعرفون اللغة المحلية «السقطرية» للعمل كبادرة حسن نية من الإمارات. وأقامت شركة الاتصالات الإماراتية فرعاً لها كما أن رفوف المحال مليئة بالبضائع المنتجة في الإمارات والتي لا يمكن للسكان المحليين شراءها نظراً لغلاء أسـعارها.
ويقول السكان إن أجزاء كبيرة من الجزيرة المحمية – 70% – تم تجريفها لبناء فنادق عليها وتم كشط الهضاب الكلسية من شركات بناء إماراتية. وقال أحد سكان الجزيرة «الإماراتيون هنا الآن» مشيراً إلى أن احداً كان سيأتي سواء كان الروس أو قطر، الولايات المتحدة كلهم حاولوا، وأضاف مازحاً «قد يأتي الصينيون بعد ذلك». لكن سيطرة الإماراتيين على الجزيرة تم خلسةً وبهدوء. ولم تكشف الإمارات عن خطط تطوير أو خطط سياحة واسعة ولكنها اعترفت في أيار (مايو) الماضي بأنها ترسل المجندين إلى سقطرى من أجل تلقي مهارات قتالية متقدمة واستخدام السلاح ودورات إسعاف أولي. ويتم نقل هذه القوات فيما بعد لجبهات القتال في الأراضي اليمنية الأخرى.
«100 دولار ولا تقل أي شيء»
وبالإضافة لرحلتين أسبوعياً تقوم بها الخطوط اليمنية إلى المدن اليمنية الأخرى بدأت الخطوط الجوية الخاصة والتي تملكها أبوظبي «روتانا» بتسيير رحلات أسبوعية ما بين هاديبو وأبو ظبي بدون إذن من السلطات المركزية اليمنية. وفي الوقت الذي سمح فيه بإنشاء مدرج للطائرات عام 1999 المجال امام رجال الأعمال من الأراضي اليمنية الأم وعلماء البيئة والمحافظين على النباتات والسياح ولم يتم استصدار تأشيرات لأحد منذ عام 2015. واضطرت شركات السياحة المحلية لإغلاق أبوابها والبحث عن عمل آخر ولا تحمل شركة «روتانا» إلا الإماراتيين الحالمين بحشو جيوبهم بالمال في المستقبل لا سكان سقطرى. ولا يوجد في الجزيرة إلا حفنة من المغامرين الدوليين الذين وصلوا إليها على يخوتهم الخاصة أو ركبوا سفناً تجارية من صلالة في عمان في رحلة تستمر يومين ونصف اليوم.
ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال إماراتي قوله إنه يقوم ببناء فندق من خمس نجوم على رمال سقطرى البيضاء وليس بعيدًا عن الشعب المرجانية. ويبدو أنه ندم على تظاهره وأعطى سائق القارب اليمني 100 دولار برسالة: «لا تقل أي شيء للأجانب عن وجود الإمارات في الجزيرة». وعندما اتصلت فيه الصحيفة عبر واتساب لتوضيح ما يريد عمله لكنه لم يرد.
ومرت على الجزيرة خلال الـ 150 عاماً حكمت الجزيرة سلطنة المهرة وبريطانيا وجنوب اليمن واليمن بعد الوحدة، ولكنها تعرضت للتهميش وظلت علاقتها مع الحكومة المركزية مترددة. ومع أن مظهرها هو شكل الجزيرة لا يختلف عن البر الرئيسي فإن سكانها يتحدثون لغتهم الخاصة والتي يقولون إنها أقدم من اللغة العربية ولا يحمل الناس هنا السلاح بشكل واسع مقارنة مع بقية اليمنيين ولم تزر إلا قلة منهم اليمن أو إلى خارجه. ويتوزع سكانها الـ 60.000 على 600 قرية لا تزال تعتمد في المعيشة على الصيد ومزارع النخيل والمواشي. ومنذ افتتاح مهبط الطائرات مع بداية القرن الحالي زادت الرحلات بين سقطرى وبقية اليمن. ويقول الناشطون فيها إن تعريض جزيرتهم لبقية البلاد أدى لزيادة «التعريب». فقبل عشرة أعوام لم يكن الزي الإسلامي ولا القات جزءاً من نسيج الحياة. واليوم ترك البر اليمني بصماته على حياة السقطريين. والجزيرة هي المكان الوحيد في اليمن الذي لم تصله الحرب. لكن وصلت إليها آثارها حيث ارتفعت الأسعار. وحسب بعض السكان فقد تحسنت الحياة منذ وصول الإماراتيين ووفروا وظائف لـ 5.000 جندي جديد مع رواتب.
ونظراً لمحدودية الخدمات الصحية في الجزيرة وقلة المتخصصين فإن عدداً من سكانها يتلقون العلاج في أبو ظبي. ولم يكن لدى قرية هاديبو كهرباء في المساء حتى أنشأ الإماراتيون محطة توليد طاقة كهربائية مع أن كلفة الكهرباء عالية للكثير من السكان. وتقدم الإمارات المساعدة في تزويج الشباب من خلال حفلات زفاف جماعي. وقال الحاكم الجديد للجزيرة رمزي مهروس «تعكس المبادرات السخية العلاقات العميقة بين الإمارات واليمن ودعم الإستقرار النفسي والإجتماعي لشبابها وتأكيد الشراكة داخل المجتمع». ولكن المنافع تأتي بثمن حسب عدد من سكان الجزيرة. فقد عبر عدد منهم عن غضبهم على الحكام المتعاقبين على جزيرتهم والمقربين من الإمارات وخرجوا إلى شوارع هاديبو أو عبر وسائل التواصل، إلا ان معظهم يخشى التعبير بصراحة في مناخ حرب لا يعرف المنتصر فيها. وكتب أحدهم على صفحته فيسبوك «الناس يخافون الحديث» و «ليس واضحًا ماذا سيحدث». ففي البر اليمني هناك تقارير عن حوالي 18 سجناً سرياً تديرها الإمارات حيث تم جر المئات في ملاحقات تنظيم القاعدة والمناوئين السياسيين ممن عذبوا وتم نقل بعض المعتقلين إلى سجون في القاعدة العسكرية بإريتريا.
بلد مفكك
وفي ظل ضعف الحكومة اليمنية في فرض سلطتها على العاصمة المؤقتة في عدن، قامت قبائل عدة برسم مناطق نفوذها. ورغم هزيمة القاعدة إلا أنها لا تزال قوة مهمة. ومن هنا فحكومة هادي غير قادرة على حماية المناطق البعيدة عن المركز في الأطراف من أعدائها علاوة عن حلفائها. وحكومته مدينة للإمارات في مناطق البر الرئيسية ولا تريد فتح جبهة معها ولم تنتقد في البداية ممارسات أبو ظبي. ومع زيادة طموحات هذه الأخيرة خرج التوتر إلى السطح. ففي الصيف الماضي دعمت الإمارات وبعيداً عن حليفتها السعودية وحكومة هادي تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي والذي جدد مطالبه بالانفصال عن الشمال. وانتقد هادي الخطوة بوصفه الإمارات بأنها طرف «محتل» لا «محرر». وأصيب التحالف ضد الحوثيين بنكسة عندما هاجم المجلس الإنتقالي الجنوبي الحكومة الشرعية في عدن.
وعليه فاحتلال سقطرى إلى جانب تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي باتجاه تشكيل «الإمارة الثامنة التابعة» يرمز إلى تحول اليمن لدولة فاشلة. ويبدو الآن أن اليمن سيخسر سقطرى بشكل كامل وهو ما أغضب السياسيين الذين باتوا يتحدثون بشكل صريح. ففي بداية هذا العام أرسل وزير السياحة رسالة إلى الأمم المتحدة يطالب فيها مجلس الامن باستصدار قرار يمنع «القوى المحتلة» من تدمير الجمال الطبيعي للجزيرة. وجاء في الطلب التحذير من خطوة «غير مسبوقة دعت فيها أهل الجزيرة للإستفتاء على تقرير المصير والانضمام إليها وهذه خطوة خطيرة». وفي الوقت الذي بدأت فيه السلطات بالتعبير عن قلقها إلا أن الزخم الإماراتي متصاعد ولا يمكن وقفه. فقد أشارت تقارير محلية عن رفض الإماراتيين الذين يسيطرون على مطار عدن السماح بعودة هادي في الأسابيع الماضية.
الجنة الضائعة
وحسب فابيو أتور الباحث البيولوجي في جامعة سابيينزا في روما فالحياة النباتية في سقطرى مرنة إلى درجة كبيرة، رغم الأثر الزاحف للتغيرات المناخية «وما يثير قلقي هي مشاريع التنمية بدون إشراف». وقال إن «الضغوط للتخلي عن الحياة السقطرية التقليدية وإدارة الأرض بدأت مع افتتاح مدرج الطائرات، لكنها تزيد ومن المهم أن يدير الإماراتيون المناطق المحمية ولا نعرف إن كانوا سيفعلون». ومنذ 200 عام والحياة البيئية في الجزيرة تحت تهديد بسبب قطع الأشجار الإستوائية والإفراط في استخدام الوديان لرعي المواشي. وأصبحت مخاطر التغيرات المناخية واضحة في أقل من جيل مع اختفاء المياه الطازجة. ففي عام 2015 دمرت عاصفتان أجزاء مهمة من الشعب المرجانية وقلبت عدداً من أشجار تنين الدم. ويحاول السكان المحليون إصلاح الضرر إلا أن تربية الأشجار في المشاتل تأخذ وقتاً طويلاً. وفي ظل هذه المخاوف سرت شائعات عن نقل عجائب الجزيرة إلى الإمارات بطريقة غير قانونية.
سرقة كنوز الجزيرة
ويعتقد السقطريون أن الطائرات الإماراتية التي تغادر أسبوعياً بدون إذن من الطيران اليمني تنقل معها ثروات وكنوز الجزيرة. كما أن توسيع ميناء الجزيرة بقيمة 1.6 مليون دولار قوى من صلات النقل بين الإمارات والأرض الجديدة التي غزتها. ولا يسمح للعمال المحليين بالاقتراب من الميناء عندما يتحمل تحميل أو إنزال البضائع من السفن الإماراتية. وبدا الدمار على الأرض في فيديو للجنة الإنقاذ الدولية. ويقول الناشطون إن نباتات وشعباً مرجانية وصخوراً تم تحميلها لنقلها إلى الإمارات. ونقلت «إندبندنت» عن عامل في ميناء صلالة جنوب عمان قوله إنه شاهد شجرة دم التنين وهي من النباتات المعرضة للخطر تنزل من حاوية بعد وصولها من سقطرى.
وقالت ناشطة إن الشعب المرجانية والصخور التي نقلت من سقطرى استخدمت في مشاريع بناء في إمارة الشارقة. ونفت الحكومة الإماراتية الاتهامات. ويقول معارض سقطري للوجود الإماراتي على جزيرته: «لقد سرقوا كل شيء، الماء من افواه الناس والنور من عيونهم» و «الدور سيأتي على تاريخنا». ولم تعلق السلطات الإماراتية على طلب من الصحيفة على ما ورد في التحقيق.
«ناشيونال إنترست»: أمريكا هي المسؤولة عن فتح الطريق أمام التأثير الإيراني في الشرق الأوسط
يرى علي أكبر كياني، الباحث الإيراني أن الولايات المتحدة هي التي عبدت الطريق أمام نجاح إيران في الشرق الأوسط. وتساءل في مقال نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» عن صحة مزاعم إدارة الرئيس دونالد ترامب فيما يتعلق بدور إيران في إفشال محاولات أمريكا الليبرالية في الشرق الأوسط وان الولايات المتحدة كوفئت على المال والدم الذي أنفقته في الشرق الأوسط بانتهاكات آيات الله.
ويقول إن الشرق الأوسط بشكل عام- والمنطقة الواقعة للغرب من آسيا هي فسيفساء من الهويات والبنى السياسية. وتتميز بالتعقيدات والمصالح التي تداخلت بالقيم وظلت تغلي في بوتقة الأديان العالمية: اليهود والمسيحيون والمسلمون، شيعة وسنة بالإضافة لأديان مستقلة وغير مسقلة وطوائف إلى جانب العرقيات الأخرى: العرب والكرد والترك والفرس كلها أسهمت في تشكيل صورة غرب آسيا بشكل جعلتها استثنائية في العالم. ففي ظل هذه البوتقة احتفظت كل جماعة بهويتها ومصالحها التي تصادمت مع الجماعات الاخرى. وظلت المنطقة مقسمة ولقرون بين الأتراك والفرس وعندما بدأ الوجود التركي والفارسي بالتلاشي وأخذت القوى البحرية الأوروبية بالسيطرة انهارت المنطقة حيث حاولت بريطانيا وفرنسا والبرتغال وهولندا وإسبانيا الحصول على جزء من الكعكة.
وبعد الحرب العالمية الأولى رسمت خريطة جديدة للمنطقة وحلت بعد الحرب العالمية الثانية أمريكا محل القوى الأوروبية، حيث واجهت الاتحاد السوفييتي كعدو لها في المنطقة. ومع أن الهويات ظلت ثابتة (باستثناء إسرائيل) فقد جاءت قوى عدة للمنطقة خلال القرن الماضي وذهبت. وظل هناك عامل واحد مستمر يطبع المنطقة ولم يذهب وهو الفوضى.
ويشير كياني إلى التوتر المتزايد في المنطقة ومنذ أربعينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي حاولت فيها الولايات المتحدة السيطرة على أزمات المنطقة المتعددة مثل أزمة النفط الإيرانية والانقلاب والنزاع العربي- الإسرائيلي والثورة في عمان وانقلابات تركيا المتكررة، غزو الإتحاد السوفييتي لأفغانستان، الثورة الإسلامية في إيران، أزمة الرهائن وحرب العراق- إيران وغير ذلك. ويقول كياني إن الولايات المتحدة دفعت الكثير ولم تحصد إلا القليل، وهو ما دفع الرئيس باراك أوباما للتفكير بمغادرة المنطقة التي مثلت له سلسلة من التحديات المستمرة والمثيرة للإحباط. وكان قرار أوباما أو سياسته سبباً في ترك المنطقة تحت رحمة الجماعات الوكيلة. وكانت إيران الدولة التي تداخلت مصالحها وبشكل متكرر مع المصالح الأمريكية.
ويصف معظم المخططين الإستراتيجيين الأمريكيين إيران بأنها جزء من «محور الشر» ويجب احتواؤها. وبدلاً من هذا فقد خدمت العمليات الأمريكية غربي آسيا إيران وأعطتها اليد العليا. فالإطاحة بصدام حسين سهلت وصول الجماعات الشيعية للسلطة وكانت جائزة أوصلت حلفاء إيران للحكم. وجنت إيران الثمار نفسها في أفغانستان، فقد أدت هزيمة طالبان الساحة أمام إيران لاختراقها.
وفي كلتا الحالتين كانت قادرة على عقد صلات مع القوات المهزومة واستخدامها ضد أمريكا. وبعد أربعة عقود على الثورة الإسلامية فقد تغير الفضاء السياسي الإيراني وأصبح لديها لاعبون يمكنها الاعتماد عليهم في سياساتها الخارجية والإقليمية وضد عدوتها الرئيسية: أمريكا. واستطاعت إيران بناء دولة قوية من الداخل وعززت تأثيرها في المنطقة التي أنهت أمريكا عملياتها فيها.
والحالة الأخيرة هي سوريا التي قاتل فيها الأمريكيون والروس والأوروبيون والعرب والأتراك والإيرانيون تنظيم «الدولة». وكانت هزيمة الجهاديين أكبر إنجاز للحكومة السورية، حليفة إيران. وبعد نهاية الجهاديين زعمت أمريكا وإسرائيل أن إيران قد تقوم باستخدام المناطق المحررة للقتال ضد القوى الغربية في سوريا. إلا ان المعضلة الأمنية التي تواجه منطقة غرب آسيا لا يمكن حلها بسهولة.
ويرى الكاتب أن أمريكا تقوم بتعقيد الوضع من خلال التقرب من السعودية ودعم حملتها الجوية في اليمن وربما مع إسرائيل ضد إيران. ويقول إن اليمن حالة أخرى انتفعت منها إيران. ويظل التعاون الحالي بين طهران وأنقرة وموسكو في سوريا دليلاً آخر على فشل أمريكا الإستراتيجي في المنطقة. وليس من السهل الآن دفع إيران من المناطق التي سيطرت عليهاـ وفي استمرار تضارب الهويات والمصالح فإيران هي المستفيد. وتفهم الولايات المتحدة اليوم أن المال والدم الذي ضحت به خدم إيران من طرق عدة.