الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
كشفت مصادر أمنيّة في تل أبيب، وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى، كشفت النقاب عن أنّ عملية (الموساد)، التي تمّ من خلالها إحضار المواد السريّة من إيران إلى إسرائيل، على حدّ زعمها، ما زالت مُستمرّة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه خلال العملية المذكورة، التي استمرّت قرابة الشهرين، وقعت إخفاقاتٍ كثيرةٍ، حيث اكتشف الإيرانيون عملية اقتحام المخزن السريّ في طهران، وكانوا في أعقاب الخليّة، التي ألمحت المصادر إلى أنّها ما زالت تعمل على الأراضي الإيرانيّة، دون أنْ تُفصح عن المهمّة المنوطة بها من قبل رئيس الموساد، يوسي كوهين، وهو المُقرّب جدًا من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وليس فقط على صعيد العمل، لأنّ الموساد تابع مُباشرةً لنتنياهو، بل إنّ علاقات صداقة شخصيّة قوية تجمعهما، حيث أكّدت المصادر نفسها على أنّه خلافًا لرؤساء الموساد السابقين، الذين كانوا يدلون بدلوهم خلافًا لمواقف رئيس الوزراء، يُعتبر الرئيس الحاليّ لجهاز الاستخبارات الخارجيّة بمثابة الولد المُطيع، الذي يُنفّذ الأوامر لإرضاء المسؤول عنه، أيْ نتنياهو، كما أكّدت المصادر.
وبحسب المُراسل للشؤون الأمنيّة في شركة الأخبار الإسرائيليّة (القناتان 12 وـ13)، نير دفوري، الذي أكّد في تقريرٍ أعدّه وبثّه في نشرة التلفزيون العبريّ المركزيّة، فإنّ الموساد اختار اسمًا للعملية مأخوذًا من التوراة للتدليل على عظمة وأهمية العملية للدولة العبريّة والشعب اليهوديّ، ولكن، أضاف دفوري، نقلاً عن المصادر الأمنيّة، تمّ تغيير اسم المعلية في اللحظة الأخيرة، مُوضحًا أنّ الرقابة العسكريّة الصارمة في كيان الاحتلال ما زالت تمنع وسائل الإعلام الأجنبيّة والعبريّة، على حدٍّ سواء من نشر اسم العملية، زاعمًا أنّ المنع جاء لأنّ العملية ما زالت مُستمرّةً، وأنّ النشر قد يؤدّي بصورةٍ أوْ بأخرى، إلى الكشف عن تفاصيل حساسّة من قبل الإيرانيين عن طبيعة وآلية عملها، على حدّ قول المصادر الأمنيّة التي استند إليها.
وفي تطورٍ لافتٍ للغاية بدأت المُطالبات تطفو على السطح بالتحقيق في قيام نتنياهو خلال المؤتمر الصحافيّ، الذي عقده يوم الاثنين الماضي و”كشف” فيه عن العمليّة، بدأت المُاطالبات بالتحقيق في تصرّفاته، وفيما إذا كان قد تسببّ بأضرارٍ أمنيّةٍ خطيرةٍ للأمن القوميّ للدولة العبريّة، كما أكّدت المصادر، التي أضافت أنّه في المرحلة الأولى ستقوم اللجنة الفرعيّة لشؤون الأجهزة الأمنيّة، وهي لجنة سريّة للغاية، والتابعة للجنة الخارجيّة والأمن في الكنيست الإسرائيليّ، بإجراء فحصٍ شاملٍ لما جرى، وهل تصرّف نتنياهو بشكلٍ عرضّ أمن إسرائيل للخطر على المُستوى التكتيكيّ والإستراتيجيّ على حدٍّ سواء، وكلّ ذلك لاعتبارات ودوافع سياسيّةٍ داخليّةٍ، دون الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا لأمن كيان الاحتلال، أكّدت المصادر نفسها.
وكان وزير المالية السابق في حكومة نتنياهو ورئيس حزب (يوجد مُستقبل)، النائب يائير لبيد، شنّ أوّل من أمس، الأربعاء، هجومًا لاذعًا من على منصّة الكنيست ضدّ رئيس الوزراء، مُشدّدًا على أنّ الأخير ارتكب خطأً جسيمًا في الكشف عن عملية الموساد، التي هدفت للحصول على وثائق تؤكّد صلة طهران بالبرنامج النوويّ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ كيان الاحتلال سيدفع ثمنًا باهظًا جرّاء ذلك في المُستقبل، على حدّ تعبيره.
وأوضح لبيد، الذي يعتبر نفسه بديلاً لنتنياهو في رئاسة الوزراء، أوضح إنّه في بداية الأمر أحسّ بالاعتزاز بعد سماعه عن إنجاز الموساد، ولكنّه استدرك قائلاً إنّ ما أسماه بـ”الكشف الاستخباري” كان خطأً مهنيًا من الدرجة الأولى، ويتعلّق بدوافع نتنياهو في قضية الأمن القوميّ.
وتابع وزير الماليّة الإسرائيليّ السابق قائلاً إنه لن يتطرّق إلى حقيقة تحقيق نتنياهو مكاسب سياسيّة على حساب الأمن، ولكن ما يؤرقه ويقُضّ مضاجعه هو أنّ الخطأ المذكور هو ليس الوحيد الذي يرتكبه رئيس الوزراء في الآونة الأخيرة، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّه يرتكب أخطاء لم يرتكبها في الماضي، مُضيفًا أنّه يجب بحث الخطأ الأخير بشكلٍ حذرٍ وبصورةٍ جديّةٍ، وذلك من أجل تقليل الأضرار في المراحل القادمة، كما قال.
وزاد لبيد، كما ذكرت صباح صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، تابع قائلاً إنّ رئيس الوزراء ارتكب الخطأ، لأنّه في لحظة الكشف عن عملية استخبارية بهذا الحجم، فإنّ العدو سيعرف مدى قدرة إسرائيل، وعندما يعرف ذلك فسيعمل على سدّ الثغرات، وهذا ما يحصل في إيران خلال اليومين الأخيرين.
وشدّدّ لبيد أيضًا على أنّ هناك عملية استخبارية واسعة النطاق تدور رحاها في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران ترمي إلى ما أسماه سدّ فجواتٍ أمنيّةٍ واختراقاتٍ أمنية من الطراز الذي كشف عنه نتنياهو في شبكات التلفزة العالميّة، الأمر الذي سيجعل مهمّة المخابرات في المُستقبل صعبّةً، على حدّ تعبيره.