الرباط – (أ ف ب) – شهدت العلاقات المغربية الإيرانية فترات توتر بعد الثورة التي أسقطت نظام الشاه سنة 1979، الذي كان صديقا لملك المغرب الراحل الحسن الثاني.
-الحسن الثاني والشاه-
لم يتردد العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني بالجهر علنا بمعارضته لقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وعرض استضافة الشاه الراحل محمد رضا بهلوي الذي زار المملكة لفترة قصيرة عام 1979 قبل ان يغادر الى جزر الباهاماس.
وتمت القطيعة الرسمية بين البلدين عام 1980 حين أعلن المغرب قطع علاقاته مع الجمهورية الإسلامية بسبب اعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية التي اعلنت البوليساريو قيامها في الجزائر عام 1976 . بينما يعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من ترابه.
-“تكفير” الخميني-
واضيفت اعتبارات دينية الى الحسابات السياسية ما عمق الهوة بين نظامي البلدين، وذلك على خلفية التعارض بين المذهبين الشيعي السائد في إيران والسني السائد في المغرب، خاصة وأن ملك المغرب يحظى بسلطة دينية باعتباره “أميرا للمؤمنين”، بينما يقود الثورة الإيرانية رجال دين شيعة على رأسهم المرشد آية الله الخميني.
وفي سياق القطيعة بين البلدين أعلن الحسن الثاني سنة 1982 “تكفير” الخميني بناء على فتوى استصدرها من فقهاء مغاربة.
وقد ذكر الملك الراحل بهذه الفتوى “الرسمية” في خطاب بثه التلفزيون المغربي سنة 1984 في معرض اتهامه إيران بالتحريض على الاحتجاجات الدامية التي هزت مدنا مغربية بسبب زيادة أسعار مواد استهلاكية مطلع تلك السنة.
-بين الهدوء والتوتر-
وجنحت علاقات البلدين تدريجيا نحو الهدوء مع مطلع العقد الأخير من القرن الماضي بدءا بتعيين قائمين بالأعمال في الرباط وطهران سنة 1991، ليرتفع التمثيل الدبلوماسي في العاصمتين إلى مستوى السفراء سنة 1993. واستمر هذا التحسن نحو عقدين حتى أن إيران غدت من الزبائن الرئيسيين للفوسفات المغربي.
وفي سياق إقليمي مضطرب عاد التوتر فجأة ليهز العلاقات المغربية الإيرانية حين أعلنت الرباط في اذار/مارس 2009 قطع علاقاتها مع طهران، وذلك على خلفية دعم المغرب للبحرين في الأزمة التي اندلعت بين المنامة وطهران في تلك السنة. وأخذ هذا التوتر أبعادا أكبر في المغرب حيث اتهمت السلطات المغربية البعثة الدبلوماسية الإيرانية بـ”نشر التشيع″، وأغلقت مدرسة عراقية بالرباط لاتهام القائمين عليها بالتهمة نفسها.
ودامت هذه القطيعة الثانية من نوعها في تاريخ البلدين حتى سنة 2014 ، حين عاد التمثيل الى مستوى القائمين بالاعمال في الرباط وطهران، والى مستوى السفراء عام 2016.
-القطيعة الثالثة-
اعلن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الثلاثاء قطع العلاقات بين البلدين على خلفية اتهام حزب الله اللبناني القريب من إيران بتسليح وتدريب عناصر من جبهة البوليساريو، عبر دبلوماسي يعمل بالسفارة الإيرانية في الجزائر. وقال بوريطة إن المغرب “لا يمكن إلا أن يكون حازما عندما يتعلق الأمر بوحدته الترابية وأمنه”.
والصحراء الغربية منطقة شاسعة تبلغ مساحتها 266 الف كلم مربع مع واجهة على المحيط الاطلسي يبلغ طولها 1100 كلم. وتعد المنطقة الوحيدة في القارة الأفريقية التي لم تتم تسوية وضعها بعد الاستعمار.
ويسيطر المغرب على 80% من الصحراء الغربية في حين تسيطر البوليساريو على 20% يفصل بينهما جدار ومنطقة عازلة تنتشر فيها قوات الامم المتحدة.
-طهران تنفي-
ونفت طهران “بشدة” الاربعاء اتهامات المغرب، واعربت عن اسفها لأنها تشكل “ذريعة” لقطع العلاقات الدبلوماسية، كما أعلن حزب الله في بيان أصدره نفي “هذه المزاعم والاتهامات جملة وتفصيلا”.
بينما اكدت السعودية، الخصم الاقليمي لايران، وقوفها الى جانب المغرب، كما أعلنت الإمارات العربية المتحدة والبحرين تضامنهما معه.
فيما رفض مسؤول في جبهة بوليساريو رفضا قاطعا اتهامات الرباط.