الديار :
لكن بعكس الأزمة الأخيرة في شهر آب، من المرجح أن يكون وراء هذه التسريبات زميل أميركي في الاستخبارات الأميركية، ولا القراصنة الروس. وتتمحور التسريبات حول شريحة جديدة من مستندات تفصّل الأساليب والأدوات التي تستخدمها الاستخبارات الأميركية لسرقة الأسرار من حكومات أجنبية أو من مجموعات إرهابية. بالمقابل، وجد الخبراء دلائل على أنّ استخبارات روسيا تعمل لساعات إضافية للاستفادة من هذه الثغرة.
تفصل التسريبات الوثائقية التي نشرتها ويكيليكس يوم الثلثاء تحت اسم “فولت 7، سنة 0” (vault 7, year 0) إمكانيات مركز الاستخبارات الإلكترونية السري للـ CIA في لانغلي، فيرجينيا، وثقافته. وتظهر المستندات المسربة إمكانية الـ CIA المميزة والفريدة من نوعها على الاسترساب الإلكتروني – التي تشبه حيل جايمس بوند في أفلامه – كبرنامج تطفل خاص مصمم لولوج عقر أسرار المنافس بواسطة كبسة زر. عندها، يضع أحد عملاء الـ CIA هذه المعلومات على جهازالـ usb. وثمة برنامج آخر يُعرف بـ “الملك الناحب” أو “Wheeping Angel”. يحول هذا الأخير تلفاز Samsung إلى جهاز تنصت سري…
تلي هذه التسريبات حادثة حصلت في شهر آب من العام 2016، عندما بدأ فرد أو مجموعة مجهولة تدعى “وكلاء الظل” أو “Shadow Brokers”، بنشر أساليب قرصنة لمجموعة “عمليات الوصول المصممة” TAO في وكالة الأمن القومي NSA، بما فيها عشرات برامج الباب الخلفي و 10 برامج تنتهك الخصوصية. شك الخبراء في أنّ “وكلاء الظل” كان بمثابة تحذير من قبل الاستخبارات الروسية.
لكن قد تكون التسريبات الخاصة بالاستخبارات الأميركية أسوء من ذلك، فهي تشمل رموزًا من إطر تنمية البرمجيات الخبيثة. وبواسطة هذه الرموز، يمكن للخبراء الأمنيين ووكلاء مكافحة التجسس انتشال عدد من برمجيات الـ CIA التجسسية. ويقول مؤسس Rendition Infosec جايك ويليامز: “بالنسبة للـ CIA، هذه خسارة جمة. أما بالنسبة للمستجيبين على الحدث مثلي أنا، هذا كنز ثمين. ”
المستندات المسربة عن التجسس هي الثانية للويكيليكس من شريحة من المستندات عن الـ CIA تحت اسم “Vault 7”. الأولى نشرت في شهر شباط، وتظهر أنّ الاستخبارات الأميركية راقبت عن كثب الانتخابات الفرنسية في العام 2012، ما كان أمرًا غير مفاجئًا أشعل التهمات حول النفاق الأميركي.
وواكبت تسريبات يوم الثلثاء موجة من السخط على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث فُسر الحدث بطريقة خاطئة. وربما أكثر الأفكار المتداولة كانت تبرئة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من قرصنة الانتخابات الأميركية في العام 2016، فاتُهمت الاستخبارات الأميركية بقرصنة اللجنة القومية اليموقراطية مستعينةً ببرمجيات الكرملين التجسسية للخرق الإلكتروني الذي حصل. وفكرة أخرى متداولة هي أنّ كل ما حصل هو “لتبرير التجسس على ترامب”، بالإشارة إلى ادعاء الرئيس بأن إدارة أوباما تنصتت على برج ترامب.
يعتمد هذا الادعاء الخاطئ على تسرب لمرجعية للـ CIA تعرف بالـ “Umbrage”، وهي قائمة لعينات من رموز التجسس التقطها الحكومة أو شركات أمن إلكتروني. ويظهر في التسريبات أنّه يتم تشجيع عملاء الـ CIA لإعادة استعمال هذه الرموز في كل فرصة بهدف تضليل البحث عن الفاعل. في الواقع، لم يرد أي شيء في المستندات يشير إلى فخ لاستخبارات دولة أخرى.
ادعاء آخر على مواقع التواصل الاجتماعي هو ورود كل أحاديث الـ CIA عبر سكايب في التسريبات، وتشير هذه الأحاديث إلى أنّ الرئيس السابق باراك أوباما استعان بقراصنة للتجسس على الرئيس الحالي دونالد ترامب. إلى جانب إلى ذلك، رأى مؤسس شركة الأمن الإلكتروني، روبرت لي، سرعة الادعاءات وتناسقها وعددها الهائل مثير للشبهات، خصوصًا الذي يرمي إلى تبرئة الكرملين. يشك في تلاعب إلكتروني ما لإحداث جلبة حول الموضوع من خلال تويتر. ويرجح أنّ الفال يهدف إلى إحداث فجوة بين الاستخبارات ورئيس البلاد. لكن تقول البراهين أنّ التسريبات من داخل وكالة الاستخبارات وليست نتيجة قرصنة. إذًا من المرجح أن يكون عميلًا في الاستخبارات هو المذنب.
ستصبح هوية المذنب هوس في الدائرة الاستخبارية، ودافعه/ها موضوع بحث لا ينتهي خارج الاستخبارات. في العادة، لا تعلق وكالة ويكيليكس حول مصادرها إلا لنفي علاقة روسيا بالموضوع. لكنها كسرت القاعدة هذه المرة لتفيد بأنّه قد تم تسريب الملفات لقراصنة حكوميين ومتعاقدين سابقين، وأحدهم عندها مررها لويكيليكس. أراد المصدر إحداث نقاش حول مسائل السياسات “من ضمنها إن كانت إمكانيات الـ CIA تتخطى صلاحياتها ومشكلة الرقابة العامة على الوكالة.
فضلًا عن ذلك، قال قرصان حكومي أميركي سابق أنّ ويكيليكس قد تكون تبوح بالحقيقة حيال دوافع المسرب. لكن بغض النظر عن أسباب تسريب ملفات الـ CIA، هي تضع الرئيس دونالد ترامب في موقف صعب.
ترجمة وإعداد ماريانا معضاد، The Daily Beast، كيفن بولسن