عالم تستطع السيطرة عليه عبر حلفائها السياسيون السنة والمجاميع المقاتلة المدعومة لوقف المد الايراني في العراق ستاخذه المملكة العربية السعودية عبر حكومة العبادي وعبر وسائل جديدة .
المملكة دخلت العراق هذه المرة من بوابة السياسة الناعمة والعلاقات السياسية المباشرة المطعمة باغرائات المال والاستثمارات التي تداعب عقول وقلوب الطبقة السياسية العراقية الفاسدة بعد ان فشلت بكل الطرق الاخرى ومادامت النتيجة واحدة فالتمويل سيبقى مستمر ولكن باشكال مختلفة , هكذا حسمت المملكة خياراتها في العراق ولبنان .
عين القيادة السعودية على النخيب العراقية لقربها من كربلاء وامتداداتها باتجاه الحدود مع المملكة اضافة الى انها محط خلاف بين السنة في الانبار والشيعة في كربلاء وتجد المملكة انها ارض صالحة لتضع ارجلها عليها تحت غطاء الاستثمار وتفكر بنقل الاف السعويين للاستيطان فيها حينما تفتتح بعض المشاريع الاستثمارية الكبيرة فيها .
ستدخل السعودية عبر المجلس التنسيقيّ المشترك بين العراق والمملكة العربيّة السعوديّة حيث تقدمت الرياض باغراء لايرد لاستثمار حوالى مليون هكتار من الأراضي الزراعيّة في غرب الانبار باتجاه النخيب ، تحت غطاء انها تعاني دماراً كبيراً ووضعاً اقتصاديّاً مترديّاً، بعد الحرب الطاحنة التي شهدتها بغية استعادتها من سيطرة تنظيم “داعش”.
وزارة التجارة العراقية وزعت في 4 نيسان/إبريل بياناً مختصراً على وسائل الإعلام كشفت فيه أنّ “المجلس التنسيقيّ المشترك بين العراق والسعوديّة يدرس الاستثمار في مليون هكتار من الأراضي الزراعيّة في محافظة الأنبار”، إلاّ أنّ الوزارة لم تكشف أيّ تفاصيل أخرى تتعلّق بهذا الموضوع ويعتقد مراقبون ان البيان هو لجس النبض وردود الافعال بعد حصلت زيارات متبادلة بين البلدين شهدت خلالها العلاقات العراقيّة – السعوديّة تطوّراً ملحوظاً منذ أواسط عام 2017، وتطوّرت هذه العلاقات بعد زيارة رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي للرياض والإعلان عن المجلس التنسيقيّ بين البلدين في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2017 بحضوره وحضور الملك السعوديّ سلمان بن عبد العزيز ووزير الخارجيّة الأميركيّة المقال ريكس تيلرسون.
وقيل وقتها ان المجلس التنسيقيّ بين البلدين انما هو عنوان ومدخل للتعاون بين البلدين يعتقد المراقبون ان الولايات المتحدة فرضته على العبادي ليكون مبرر لدخول المملكة العراق لخلق توازن امام المد الايراني الذي يدعم مليشيات الحشد الشعبي في العراق .
نشر الموقع الامريكي “المونيتور” تقريرا يتحدث فيه عن معلومات مؤكدة تفيد حصول السعودية على مشاريع استثمار لحوالى ميلون هكتار في أراضي محافظة الأنبار وفي النخيب تحديدا وسيجري العمل لتنفيذ هذه المهمة باسرع وقت .
وقالت “المونيتور” نقلا عن عضو مجلس محافظة الأنبار يحيى المحمّدي انه اعترف بوجود اتصالات وزيارات لمسؤولين في الأنبار للسفارة السعوديّة في بغداد، وقال: “إنّ مسؤولي المحافظة تلمّسوا رغبة في استثمار السعوديّة بالأنبار بشكل واسع وكبير” وفي المقابل، أشار رئيس لجنة شؤون العلاقات العامّة السعوديّة – الأميركيّة “سابراك” سلمان الأنصاري إلى أنّ مشروع الاستثمار في أراضي الأنبار “سينطلق قريباً”.
وقد أفصح مصدر سياسيّ في حديث لـ”المونيتور”، رفض الإشارة إلى اسمه، عن طبيعة المشروع الاستثماريّ في الأنبار والجدوى الاقتصاديّة منه، فضلاً عمّا يتعلّق بالمشروع من شؤون أمنيّة وسياسيّة، وقال: “إنّ الأراضي التي سيتمّ الاستثمار فيها ستكون في جزء كبير منها في ناحية النخيب”، التي تقع على حدود محافظة كربلاء، وهي محاذية للحدود السعوديّة أيضاً.
ولفت المصدر إلى أنّ “المشروع، الذي تنوي السعوديّة تنفيذه، يهدف إلى بناء حقول تسمين العجول ومشاريع ألبان وتعبئة مياه الشرب”، مرجّحاً إنشاء شركات ألبان كبيرة على شاكلة عدد من المشاريع الناجحة في السعوديّة الامر الذي يسمح لها بادخال الآلاف من السعوديين تحت غطاء اقتصادي استثماري الامر الذي سيثير العراقيون الشيعة خصوصا وانهم سيكونون بالقرب من كربلاء التي يعتبرها الشيعة من اقدس المدن .
ولم ينف المصدر أن تكون هناك أهداف أمنيّة سعودية وراء المشروع، وقال: “هذه المنطقة رخوة أمنيّاً، وتقع على حدود السعوديّة، وتحاول السعودية تحويلها إلى مركز تجاريّ يستقطب الأيدي العاملة، وهو ما يجلب الاستقرار لها، بدلاً من أن تشكّل تهديداً دائماً للبلدين وفق التسويق الامريكي السعودي للامر “.
أمّا سياسيّاً فأشار المصدر إلى “أنّ السعوديّة بالتأكيد تسعى إلى التمدّد في العراق، لكنّها لن تستعير النموذج الإيرانيّ الذي يستحوذ على الأسواق العراقيّة من دون أن يشغّل الأيدي العاملة في العراق”، موضحاً أنّ “السعوديّة تسعى إلى هيمنة ناعمة في العراق من خلال إيجاد فرص عمل للأيدي العراقيّة العاملة التي ستضمن ولائها للمملكة وسياساتها المستقبلية بما يخص العراق، وهو ما يجعل وجودها وتأثيرها في الوضع السياسيّ مقبولاً داخل المجتمع العراقيّ”.
ولطالما شكّلت ناحية النخيب نزاعاً على عائديّتها بين محافظتيّ الأنبار وكربلاء. ويقول السنة المتحالفون مع المملكة العربية السعودية ان النخيب تابعة إداريّاً إلى محافظة الأنبار، إلاّ أنّ محافظة كربلاء تطالب بضمّها إلى حدودها الإداريّة لانها اداريا تابة لها . وتشهد الناحية بين الفينة والأخرى توتّراً أمنيّاً، إلاّ أنّها تعاني استقراراً نسبيّاً منذ نحو عامين.
عضو مجلس محافظة الأنبار يحيى المحمّدي قال “البدء الفعليّ بعمليّات الاستثمار في الأنبار لم يحصل بعد “، لافتاً ” إلى أنّ “المشاريع المطروحة كافّة لا تتعدّى المناقشات بين السعوديّة والعراق وهي سياسة اعلامية لجس النبض “، مؤكّداً أنّ “السبب يعود إلى التذبذب الأمنيّ والسياسيّ، الذي يشهده العراق”.
وفي الواقع، لا تحظى السعوديّة بترحيب الكثير من القوى السياسيّة والفصائل المسلّحة الشيعيّة للدخول والعمل في العراق، ولقد كان هذا الرفض واضحاً عند حديث الإعلام عن زيارة مرتقبة لوليّ العهد السعوديّ محمّد بن سلمان للعراق في آذار/مارس الماضي، حيث خرجت تظاهرات تقودها فصائل وأحزاب شيعيّة في عدد من مدن العراق ترفض الزيارة. وفضلاً عن ذلك، هناك نوّاب من الكتل الشيعيّة يسعون إلى إقرار قانون عراقيّ يشبه قانون “جاستا” الأميركيّ لمقاضاة السعوديّة، بزعم السماح لمواطنيها بدخول العراق وارتكاب أعمال إرهابيّة على أراضيه.
هل يكون هذا الرفض للسعوديّة من قبل قوى سياسيّة سبباً ربّما في خوف السعوديّة من عدم الشروع بتنفيذ أيّ مشروع إلى الآن في الأنبار؟ فردّ يحيى المحمّدي بالنفي، وقال: “إنّ الصراع الإيرانيّ – السعوديّ في المنطقة له تأثيرات واسعة على دول المنطقة، لكنّ سياسة العراق المحايدة جيّدة إلى الآن، وأرجو أن تستمرّ على هذا المنهاج لتحقيق ما يصبّ في صالح العراق”.
من جهته، قال سلمان الأنصاري في لهجة واثقة، ردّاً على تخوّف ربّما من جانب السعوديّة على استثماراتها في العراق من التعرّض لأيّ أذى من قبل فصائل موالية لإيران: “إنّ السعوديّة لا تخشى أحداً في تحرّكاتها، وهي قادرة على حماية مصالحها بكلّ السبل في المنطقة أو في أيّ مكان بالعالم” وهذا الامر والتبرير ستفسره الفصائل العراقية الشيعية انها مبررات ستوجدها السعودية لادخال جويشها بحجة حماية مصالحها الاستثمارية في العراق لان العراق لايستطيع وضع جيش عراقي في الصحراء ليحمي مشروع استثماري يدخل جزء كبير من ريعه الى جيوب المملكة التي ينظر اليها انها شاركت بتدمير العراق منذ عام 1979 .
الحال كما تقول المونيتور ، يحتاج العراق إلى سياسة في غاية التوازن في التعامل مع دولتين جارتين مثل إيران والسعوديّة لا تكفّان عن التصعيد بينهما، وهو الأمر الذي يجب أيضاً الانتباه إليه في استثمارات البلدين داخل العراق، خصوصاً أنّ كلّاً من إيران والسعوديّة يرى أنّ بوّابة الاستثمار هي أيضاً بوّابة للتأثير السياسيّ في العراق في هذه المرحلة وترى السعودية انها ضعيفة للغاية في هذه الساحة ويجب الدخول الى العراق عبر بوابة الحاجة الى المال لدى الشارع العراقي الذي يعاني شبابه البطالة الامر الذي سيسهل المهمة على القيادة السعودية .