الشمبانزي داخل القفص …
أن يقول أحد معلقي الـ«نيويوركر» ان الصور التي بحوزة الكرملين، والتي تظهر دونالد ترامب في أوضاع مخزية «حتى للحيوانات»، هي أشد وقعاً، بل وأشد هولاً، من الصواريخ العابرة للقارات.
أوضاع مقززة حيث الرئيس الأميركي الذي يفكر مثل الشمبانزي، ويغرد مثل الشمبانزي، يفتقد , وكما صرح المدير السابق لمكتب التحقيق الفديرالي جيمس كومي، الحد الأدنى من المعايير الأخلاقية. حتى الكلام الذي يتسرب من البنتاغون يشير الى أن الجنرالات ضاقوا ذرعاً بذلك «الديكتاتور الغبي»، وقد أشاع الفوضى في أرجاء الادارة.
ادغار هوفر الذي أدار الـ«اف. بي. آي» منذ انشائه عام 1924 وحتى عام 1972، أرسى قواعد حديدية للأداء، وحتى لمقاربة المسائل الحساسة. الكتب التي صدرت حول حياته وصفته بـ«أقوى رجل في العالم».
الهالة التي احاطت بهوفر انعكست في سلوكيات من تولوا المنصب بعده. السيناتور الشهير وليم فولبرايت قال «لو استعمل شكسبير كل خياله لما تمكن من انتاج شخصية بمواصفات ملتبسة، وعاصفة، مثل شخصية هذا الرجل».
البعض في واشنطن يقول ان كومي يتردد في القاء الضوء على المعلومات التي بحوزته ليس لأنها تفضي الى تفجير البيت الأبيض بل لأنها قد تفضي الى تصدع دراماتيكي داخل الاستبلشمانت.
ما يتردد وراء الضوء أن الشيء الوحيد الذي ينقذ دونالد ترامب من «حبل المشنقة» (التعبير هنا مجازي) هو اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط. هذا ما كان يتوخاه حين فكّر في ضربة ساحقة للقوات الروسية والايرانية على الأرض السورية.
الرئيس الأميركي يراهن على اسرائيل. بنيامين نتنياهو الذي يحلم بالدخول الى التاريخ «من خلال تحويل ايران الى مقبرة»، كما رأى موشيه هالبرتال، الاستاذ الاسرائيلي للفلسفة في جامعة نيويورك، لا يمكنه أن يخوض المغامرة دون مؤازرة فعالة من الولايات المتحدة، وقد تستدعي تفاعلات الأرض اللجوء الى الخيار النووي.
نتنياهو يعلم أن البنتاغون الذي لم يتمكن حتى الآن من مغادرة المستنقع الأفغاني يرفض السقوط في مستنقع آخر قد يأتي بعواقب أكثر كارثية. ما على دونالد ترامب الا أن يحزم حقائبه ويعود جثة الى لاس فيغاس.
الورقة الأخيرة في يده هي الاتفاق النووي. في وزارة الدفاع، كما في وزارة الخارجية، أصوات ترفض الغاء الاتفاق لأن الايرانيين قد يصنعون القنبلة «في غضون ساعات»، ولأن المنطقة من الهشاشة بحيث تنزلق الى المتاهة الدموية الكبرى ما يهدد بتقويض المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
وحين أثير هذا السؤال «أين تضرب ايران؟»، رداً على الغارة الاسرائيلية على مطار تيفور، كانت التقارير تشير الى أن ايران على وشك اللحاق بكوريا الشمالية، وقد تتجاوزها، في مجال تطوير التقنيات الخاصة بصناعة الصواريخ الباليستية.
هذه التقارير ذكرت أن الايرانيين، واثر توقيع الاتفاق النووي، بذلوا جهوداً اسطورية لبناء ترسانة صاروخية تمكّنهم من حماية بلادهم في وجه سيناريو عسكري اسرائيلي وأميركي، مع المضي في عملية التحديث بالصورة التي تؤمن، بشكل أو بآخر، تغطية الاختراق الجيوبوليتيكي لبعض بلدان المنطقة.
في بيروت , كما في بعض عواصم المحيط , طرح السؤال اياه «أين يضرب الايرانيون؟». المنطق ألا يعطوا تل أبيب الذريعة لتفجير الخط الأزرق، أو لتوظيف الوضع المعقد في سوريا من أجل تنفيذ خطة عسكرية واسعة النطاق، وتؤدي الى احداث واقع جديد على الأرض السورية، بعدما بات معلوماً أن مستشارين في البيت الأبيض تباحثوا مع حكومات عربية، من بينها السعودية والأردن، لارسال قوات الى سوريا تحل محل القوات الأميركية (هذا قبل أن يدلي عادل الجبير بما أدلى به).
هذا هومنطق ترامب… أن يعود الجنود العرب، لا الجنود الأميركيون، بالتوابيت!
الايرانيون سيثأرون. مصادر ديبلوماسية خليجية تؤكد أن الغواصات الاسرائيلية، المزودة برؤوس نووية، والتي دأبت على الاقتراب من المياه الأقليمية الايرانية كتعبير عن المؤازرة الاستراتيجية للحلفاء العرب، توقفت عن ذلك عقب خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والذي كان قاطعا حيال حتمية الرد الايراني.
الروس يدعون الى تبريد الرؤوس الحامية في هذه «اللحظة الأميركية الضائعة». الشرق الأوسط ليس فقط على حد السكين. نتنياهو مقتنع جداً بنظرية روبرت كاغان «الجراحة اللاهوتية في المنطقة قد تحتاج الى…الجراحة النووية».
حتى توماس فريدمان ينصحه «اياك و… الجحيم»!!