بقلم مأمون كيوان .
نظراً لقلة عدد يهود السودان، لم تعالج الدراسات العربية أوضاعهم بالتفصيل، وما هو معروف عن الطائفة التي ليس لها في حقيقة الأمر، جذور تاريخية في السودان، يعد مجرد معلومات متفرقة .
وصل اليهود إلى السودان عام 1884 مع جيش “غوردون” البريطاني . وقد كان مع ذلك الجيش يهودي عثماني يدعى “ىُ َُىغ َم” عمل مستشاراً لخليفة المهدي، بعد أن اعتنق الإسلام وأصبح اسمه “بسيوني”، وعاد إلى اليهودية بعد أن فتح “كتشنر” السودان عام 1898 . كما جاءت للسودان عائلات يهودية قدمت من فلسطين، وتركيا وبلاد أخرى من الشرق الأوسط، وعدد قليل من يهود شرق أوروبا . ما بين عامي 1948 1956 غادر بعض اليهود السودان إلى الكيان الصهيوني، ووفق إحصاءات عام 1957 كان عدد يهود السودان 350 يهودياً . ويعود وجود أول كنيس يهودي في السودان إلى عام 1926 .
تزعم الكتابات الصهيونية وجود اليهود التاريخي في السودان وتضخيمه، وذلك استناداً إلى تفسيرات مفبركة لبعض ما جاء في التوراة من نصوص . فقد ورد في العهد القديم الإصحاح 15/18: (لقد منحت ذرياتكم هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات) . وجرى تفسير نهر مصر على أنه نهر النيل . وعلقت الكاتبة الأمريكية الشهيرة غريس هالسل على الوعد الذي ورد في العهد القديم، قائلة: هناك تساؤل حول معنى نهر مصر، ذلك أنه يوجد جدول الآن يعرف باسم وادي العريش، وكان يعرف في السابق بنهر مصر .
في سبيل تضخيم هذا الوجود اليهودي، جُندت وسائل إعلامية عديدة، واتُبعت أساليب مختلفة لترويج هذه الفكرة، من هذه الأساليب، الأحداث المهمة التالية:
1- كتاب بني إسرائيل في أرض المهدي: فقد طبعت دار جامعة سيراكوس للنشر كتاباً اسمه “بنو إسرائيل في أرض المهدي” لمؤلفه “إيلي س . مالكة” الذي ولد في السودان، وكان أبوه كبير حاخامات اليهود في الجيش الإنجليزي الذي حارب حركة المهدي الإسلامية . وقد تحدث الكاتب اليهودي مالكة عن نشأة الجالية اليهودية في السودان، والصعوبات التي واجهتها في أيام حكم المهدي، وزعم أنهم أجبروا على اعتناق الإسلام تحت تهديد السيوف!، كما تحدث في كتابه عن العقد الخصيب من عمر الجالية، الذي امتد من الثلاثينات إلى الأربعينات من القرن المنصرم، ووصف الاتصالات التي تمت بين يهود السودان ويهود مصر وإثيوبيا وإريتريا، كما وصف الزيارات التي قام بها كبار المسؤولين اليهود للسودان، كما تحدث عن الفترة الحرجة التي مرت بالجالية عقب حرب ،1967 كذلك حوى كتاب مالكة إحصاء مفصلاً ليهود السودان والأماكن التي استقروا بها بعد هجرهم للسودان .
2- مقال لكاتب سوداني جنوبي من قبيلة الماندي اسمه ويليام ليفي أوشان أجوغو، زعم فيه أن قبيلته من أصول يهودية، و أن قبيلته وقبائل أخرى في جنوب السودان – لم يذكر أسماءها – ترجع أصولها إلى اليهودية التي وصلت إلى إفريقيا قبل الإسلام والمسيحية .
3- المبالغة في إبراز العادات المشتركة بين اليهود ومواطني الجنوب، إذ بالغ اليهود في وصف وإبراز بعض العادات والتقاليد المشتركة دليلاً على الأصول اليهودية لبعض قبائل جنوب السودان .
وقد كتب ويليام ليفي مستدلاً على الأصول اليهودية لقبيلته أنها: أ- تقدم القرابين عند ارتكاب الخطايا، فإذا كانت الخطيئة كبيرة تذبح ضأناً، أما إذا كانت صغيرة فتذبح دجاجة، وهناك مجموعة من زعماء القبيلة أو العلماء الذين يحددون نوع القربان ويشرفون علي الترتيبات المتعلقة بتقديمه . ب- تعتبر بعض الأيام من العام مقدسة، وتتقرب إلى الله فيها . ج- تستخدم البوق عند دعوة الناس إلى اجتماع أو إلى مناسبة . د- يتزوج الأخ زوجة أخيه المتوفى .
وجدير بالذكر أن الكاتب السوداني نزار محمد عثمان ذكر أن القبيلة التي يتحدث عنها الكاتب اليهودي هي قبيلة وثنية في الأساس .
4- الهولوكست السوداني: تسعى بعض الأوساط إلى استجداء التعاطف العالمي نحو اليهودية بتجديد الهولوكوست القديم في شكل جديد، و هو الزعم بأن النظام في السودان يشن حرباً لا هوادة فيها ضد القبائل الجنوبية في السودان، فيذكر اليهودي ويليام ليفي أن 3 ملايين من أهله يتعرضون لإبادة جماعية “لم يشهد العالم لها مثيلاً منذ المحرقة الكبيرة!!”، ويصف حرب جنوب السودان بأنها جزء من حرب “الإمبريالية الإسلامية” ضد المسيحيين الأفارقة في السودان، التي تسعى إلى هيمنة الثقافة العربية على الثقافة الإفريقية وبقايا اليهودية .
وفي السياق نفسه، زعم الأمريكي “جورج ستانتوف” منسق الحملة الدولية لوقف ما يسمى ب”التطهير العرقي في السودان في تقرير قدمه المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن أعدته أكثر من 50 شخصية أمريكية أن هناك دلائل يمتلكونها بضلوع الحكومة السودانية في ممارسة التطهير العرقي، الذي قال إنه أشبه بما قام به هتلر أيام العهد النازي .
وكتبت مجموعة دراسات أنثروبولوجية ثقافية عن السودان بعضها ما ورد في مجلة Sudan Notes & Records وما نشرته على نحو متفرق مجلتا النهضة والفجر في عقد الثلاثينات . أما كتاب “أطفال يعقوب في بقعة المهدي” لكاتبه الياهو سولومون ملكا فهو تناول أنثروبولوجي ثقافي، لشريحة من شرائح المجتمع السوداني، هي مجموعات اليهود التي وفدت إليه . ويقدم صورة بانورامية شاملة وواسعة، عن الحياة الاجتماعية والدينية والثقافية للجالية اليهودية في السودان، عن أزيائها وطقوسها وشعائرها وعاداتها في الذبح والختان والزواج والصلوات، وعن رموزها الثقافية والدينية الخاصة بها كجالية ومجموعة عرقية دينية متميزة، من المجموعات العرقية التي ضربت بجذورها في تربة المجتمع السوداني، وتسامحت معه، بقدر ما تسامح معها واحتضنها .
ويتحدث الكتاب عن تفاصيل ومظاهر تغلغل اليهود في نسيج المجتمع السوداني، إلى درجة أوصلت بعضهم، لتولي مناصب إدارية وسياسية وقانونية مرموقة في جهاز الدولة السوداني، في مختلف مراحل تطوره . وأسهم قسم كبير من يهود السودان في تنفيذ المخطط الصهيوني من داخل الأراضي السودانية .
الوجود المتأخر
وقد وجدت مجموعة اليهود التي هاجرت إلى السودان منذ نهايات القرن التاسع عشر ملاذاً آمناً وقوماً كرماء مضيافين خالين من التعصب العرقي والديني . فافسحوا لهم مجالاً أتاح لهم فرصاً استغلوها لأقصى الحدود . جاء اليهود فقراء معدمين، إلاّ أنهم يمتلكون الخبرات والتجارب في مجالات التجارة التي اكتسبوها في مصر وبلدان أخرى فسيطروا على نصيب كبير من عمليات التصدير والتوريد .
وصنعت العائلات اليهودية التي أقامت بالسودان ثروات ضخمة منها: “أولاد مراد” كان هو الاسم التجاري لشركات صالح وسليمان وإبراهيم وزكي وجاك العيني أبناء مراد إسرائيل العيني أحد اليهود الأوائل الذين وفدوا إلى السودان في عام 1898م، وأصبحت مجموعة شركات “أولاد مراد” إحدى أهم الوكالات التجارية وبيوتات الاستيراد في السودان التي تعمل في توريد السلع من الشاي والسيارات حتى الخيوط القطنية والصوفية، وعملوا في التصنيع من العطور ومستحضرات التجميل حتى المسامير وأواني الألمنيوم، أما داود إسحق وأولاده فقد أنشأوا شركة في الخرطوم للاستيراد ومبيعات الجملة وأقاموا مصانع للعطور .
وعرف حبيب كوهين كأحد أبرز المستوردين وتجار الجملة . وكان شريكاً في شركة عثمان صالح للاستيراد، وانشأ الأخوان ألبرت ونسيم قاوون شركة لتصدير الحبوب الزيتية والامباز ومنتجات سودانية أخرى، واستطاعا تطويرها كإحدى أهم شركات التصدير في السودان، كما نجحا أيضاً في إنشاء فرع للشركة في جنيف حيث أسسا شركة “أوليجين” العالمية . وأصبحت لديهما مجموعة شركات معروفة عالمياً باسم “نوجا” تعمل في التجارة العالمية والمجالات المالية والإنشاءات والعقارات والفنادق، كان ليون تمام واخواه البرت وجابرييل قد أنشأوا في السودان شركات لتصدير جلود الطرائد والتماسيح والثعابين واقاموا معامل للدباغة، وفي أوقات لاحقة أنشأ ليون تمام أكبر مصنع للأدوية في السودان، ومن مكاتبه الرئيسية في لندن أسس شركة (إنترناشيونال جينيرك) المحدودة، ثم مجموعات شركات تجارية في المملكة المتحدة و”إسرائيل” وهونغ كونغ، أما أخواه ألبرت وجابرييل فقد أسسا شركاتهما المنفصلة في مجالات التجارة والعقارات في جنيف .
وأصبح الإخوة سيروسي فيكتور وشالوم وموريس أشهر الدباغين والمصدرين للجلود في السودان، وقد واصلوا نشاطهم في هذا المجال بعد مغادرتهم البلاد من بعدهم أبناؤهم وأحفادهم في نيجيريا والولايات المتحدة وفي أسواق الجلود العالمية الأخرى، أما أبناء عمهم أصلان سيروسي إدوارد وإيلي وجوزيف والبرت فقد حققوا نجاحاً كبيراً في أعمالهم بالسودان التي نقلوها إلى مهاجرهم الجديدة، خاصة ادوارد الذي استطاع بناء قوة اقتصادية كبرى في بلدان إفريقية أخرى أنشأ فيها شركات عالمية ومصانع ضخمة خاصة في مدغشقر حيث توسع في صناعة النسيج، ونقل نشاطه أيضاً إلى أوروبا وخاصة ألمانيا حيث أقام مكاتبه الرئيسية في هامبورغ وظل يحتفظ بمنزل له في “إسرائيل” حيث تقيم عائلته وأصدقاؤه يتردد عليه من وقت لآخر .
وكانت عائلة عبودي يعقوب والياهو وإبراهيم يمتلكون متاجر بأم درمان ويعملون كمستوردين صغار، وعندما غادروا السودان استطاعوا التوسع في أعمالهم التجارية فأقام يعقوب بالولايات المتحدة والياهو بلندن وهونغ كونغ وإبراهيم في “إسرائيل” .
وقد اهتمت دولة الاستعمار الإنجليزي بحصر ومعرفة تفاصيل الجاليات الموجودة في السودان . وقد تضمنت الإحصاءات تفاصيل تشير إلى أعدادهم وأسمائهم قبل الدخول في الإسلام والأسماء الأصلية والعناوين والحالات الاجتماعية .
ولقد انقسم اليهود إلى أربع مجموعات ثقلها الأكبر في الخرطوم (نحو خمس أسر) وآخرون في كردفان (أسرتان) وأسرة في بربر وأخرى في كسلا .
وفي خضم الصراع العربي-الصهيوني وحالة المد القومي الناصري والقوانين الاجتماعية والاقتصادية الجديدة كان حال يهود السودان كحال المسلمين والمسيحيين في السودان فطالتهم حركات المصادرة والتأميم الواسعة، التي أعلنها العقيد جعفر نميري . وكان التأميم الأِشهر، الذي أعلنه نميري هو تأميم مجموعة شركات “جلاتلي هانكي” عام 1972 بعد أن تمت إقالة كل إدارتها العليا . وتم تعيين إدارة جديدة وتبدل اسمها من “شركة جلالتلي التجارية المحدودة” إلى “شركات مايو التجارية” .
وكان سولومون ملكا رئيس الجالية اليهودية في السودان خلال الفترة من 1948 وحتى عام 1950 . ثم جدد له اليهود مرة أخرى “،1954 1955” وكان المدير التنفيذي لشركة جلاتلي هانكي، وهي الشركة العالمية المشهورة جداً وفرعها النشط في السودان .
وتعد عائلة سولومون ملكا أشهر العائلات اليهودية بالخرطوم، وكانت المتأثر الأكبر بقرارات التأميم، ليس على مستوى “جلاتلي هانكي” فحسب، بل على مستوى “بيت العائلة . فقد أممت مايو كل ممتلكاتهم . ومنها البيت الذي أصبح في ما بعد مقراً للاتحاد الاشتراكي السوداني ثم مبنى وزارة الخارجية .
تهجير المقابر
وصلت معلومة إلى يهود السودان مفادها أن حكومة النميري ستزيل مقابرهم لا سيما المقبرة المعروفة الواقعة في المنطقة الصناعية بالخرطوم “حي باريس” وتحويلها إلى مواقع أخرى . فتحركت وفود من بعض أسر اليهود عام 1975 بقيادة ليون كوهين . ورموز من عائلة تمام وأسرة إسحاق من لندن و”إسرائيل” وجنيف ل”إنقاذ” مقبرة أهلهم وذويهم . ونفذوا عملية نقل لرفات موتاهم عبر خط جوي غير مباشر إلى “إسرائيل” . واختارو للمقبرة موقعاً في القدس أطلقوا عليه اسم “مقبرة جالية يهود السودان” . . . .!! هذه رواية . . بيد أنه توجد رواية أخرى . . تقول إنّ بالمقابر رفات يهود آخرين ما زالت موجودة حتى يومنا هذا .
كان عدد أفراد الجالية اليهودية، بالسودان . قد تجاوز الألف شخص، حيث انتشروا ما بين الخرطوم وبحري وأم درمان ومروي ومدني وبورسودان .
لقد استغل يهود الخرطوم ذكاءهم وقدراتهم العالية في إدارة الأعمال فقفزوا بأنفسهم في مجالات الاستيراد والتصدير مستغلين علاقاتهم، بل وسيطرة أقرانهم من يهود الدول الأخرى . وبرز اسم حبيب كوهين، كمستورد كبير وتاجر جملة معروف . ودخل اليهود في تصدير الحبوب الزيتية، حيث ارتبط اسم ألبرت ونسيم قاوون، بهذا النشاط الصناعي . وحتى في الدباغة، فقد نزلوا بثقلهم . . فسيطر على هذا المجال سيروسي فيكتور وشالوم وموريس، وقد كانوا أشهر المصدرين للجلود على نطاق السودان .كما كانت هناك عوائل، مثل عبودي يعقوب وإلياهو، أصحاب متاجر بأم درمان .
إجمالاً، استطاع يهود السودان، أنْ يثروا ثراءً شديداً ويسيطروا على مقاليد مهمة في الاقتصاد السوداني وأصبحت لهم أنشطة تجارية، على مستوى القارة الإفريقية .
نشاطهم الاجتماعي
كانت نشاطات اليهود الاجتماعية في السودان، تدور في مكان واحد هو النادي اليهودي، القابع بشارع فيكتوريا “شارع القصر الآن” . وجذب هذا النادي، الشباب . حيث بدأ كنادٍ رياضي . ولما كانت كرة القدم هي الرياضة الأولى والمحببة لكثير من الشباب . دعا شباب اليهود بالسودان فريقهم لكرة القدم باسم “مكابي”، تيمناً باسم فريق مكابي “الإسرائيلي” لكرة القدم . . . وقد تحدث الكاتب السوداني شوقي إبراهيم بدري، في كتابه “حكاوي أم درمان”، عن العائلات اليهودية المندمجة في الحياة السودانية . ووصفهم بأنهم قدموا تضحيات كبيرة مقدرة من أجل السودان .
دور اليهود في جنوب السودان
كان السودان ومنذ القديم محط أنظار واهتمام اليهود، وقد أدركت “إسرائيل” أن الحركة الشعبية لتحرير السودان “المتمردة” هي المعبر المضمون لدخولها إلى جنوب السودان، وفي المقابل أدركت الحركة الشعبية أن مصالحها هي في تعميق صداقتها مع “إسرائيل” .
وهكذا قام “الإسرائيليون” والمتمردون بمد حبال التقارب بينهما، فتم التعاون والتنسيق بينهما، وبدأ زعماء الحركة بزيارة “إسرائيل”، في مقابل الزيارات الميدانية لجنوب السودان من قبل ضباط أمن ومخابرات “إسرائيليين”، ولقد تم هذا وسط سرور عميق من الغرب .
وأرسل عدد كبير من شباب الجنوب إلى “إسرائيل” لاتباع دورات عسكرية وأمنية مكثفة، واستطاعت الأخيرة تدريب حوالي 30 ألف متمرد في الحدود الأوغندية الشمالية وفي شهر مارس/آذار عام 1994 أقامت “إسرائيل” جسراً جوياً إلى مناطق المتمردين، كما أوفدت الخبراء العسكريين لتدريب المتمردين، وتوج هذا التعاون بين الجانبين؛ بإعلان اليهودي الجنوبي (ديفيد بسيوني) ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة الجنوبية التي تقود حركة التمرد وكان ذلك عام 2001 .
وكان من ثمار هذا التعاون أن أعلن متحف “الهولوكست” في مدينة نيويورك تضامنه مع المسيحيين الجنوبيين، حيث قال الناطق باسم المتحف ما يلي: “إنهم يتعرضون للإبادة الجماعية والتطهير العرقي” .
وسرعان ما كونت اللجنة العليا للمتحف لجنة باسم “لجنة الضمير” برئاسة يهودي متعصب يُدعى “جيري تاولر”، وأسفرت أعمال لجنة “الضمير” عن قيام معرضٍ أُلحق بالمتحف الهولوكوستي/ يُظهر مآسي حرب الجنوب . ولقد قاد اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية حملة قوية في الكونغرس لتبني حركة التمرد في جنوب السودان . وعبر عن تحالف اليهود مع الحركة الجنوبية المتمردة جنوبي يدعى (بول فاك) حيث كتب ما يلي: “إن القبائل النيلية ترجع في الأصل إلى النبي يعقوب، فهي قبائل سامية ذات أصل إسرائيلي؟!!” .
بعيداً وفي ما يتجاوز صحة أو عدم صحة ما عبر عنه (بول فاك) فإن التمرد الحاصل في الجنوب إنما هو من صنع المسيحيين المتصهينين .
وعندما سقط النظام السوفييتي الاشتراكي، وسقط معه النظام الإثيوبي ممثلاً بالجنرال (منغستو هيلا مريام) بدأت أمريكا تحيط التمرد بالعناية، وتمثل هذا بالآتي: 1 – عملت أمريكا من خلال المؤسسات والمنظمات التطوعية وبأيدٍ خفية على تقديم دعمها للحركة، وبما أشبع رضاها . 2 – طوّع اللوبي الصهيوني الإدارة الأمريكية بكافة أجهزتها الدبلوماسية والسياسية والمخابراتية، وكذلك الفرنجة المتشددين دينياً، ومن يدعون حماية الصليب والحقوق النصرانية وعلى رأس هؤلاء بوش الابن الذي قال في شهر مارس/آذار – عام 2004 سنتصدى لحفظ كرامة الإنسان، وضمان الحريات الدينية في كل مكان من العالم من كوبا إلى الصين إلى جنوب السودان .
وقد صدرت قبل سنوات دراسة عن مركز دراسات “إسرائيلي” مهم بإفريقيا بشكل خاص، وقد كتب هذه الدراسة عميد متقاعد يدعى موشي فرجي تحدث فيها عن العلاقة الرسمية والشخصية ل”الإسرائيليين” مع قادة حركة التمرد في جنوب السودان وكبيرهم جون قرنق، وقال فيها الآتي: “قد يبدو الموقف “الإسرائيلي” من التدخل في الصراع الداخلي الذي نشب في السودان، واعتبر في بدايته مجرد حدث محلي، غريباً ومحيراً بل ومثيراً للدهشة والتساؤل بسبب مجموعة من العوامل التي لابد من ذكرها ونحن نحاول تفسير أبعاد الدور “الإسرائيلي” في الأزمة السودانية الذي بدا في الآونة الأخيرة واضحاً وجلياً وسافراً أيضاً” .
الفحل