الديار :

من هم الجهاديون الفرنسيون الذين التحقوا بجماعات مسلحة في سوريا والعراق؟ من أي أصول يتحدرون؟ ما هو مستواهم الدراسي؟ أين يعيشون، وما هو متوسط أعمارهم؟ هذه جوانب تسلط عليها الضوء دراسة سينشرها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في 10 نيسان الجاري.
كشفت دراسة أجراها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، وتنشر نتائجها في 10 نيسان الجاري، أن فرنسا في طليعة بلدان القارة الأوروبية التي تعرضت للهجمات الإرهابية منذ 2004، مضيفة أن عددا هاما من الجهاديين سيتم إطلاق سراحهم من السجون الفرنسية بحلول 2022 دون أن تعلم السلطات القضائية والأمنية كيف ستتعامل معهم.
وأضافت التسريبات الأولية لهذه الدراسة أن حوالي 1300 شاب فرنسي التحق بالجماعات الإرهابية التي تقاتل في العراق وسوريا، فيما عاد من هذه المناطق 323 مسلحا من بينهم 68 قاصرا.

 المستوى الدراسي ضعيف

وتطرقت الدراسة إلى السير الذاتية لـ137 شخصا من بينهم ست نساء تمت إدانتهن من قبل القضاء الفرنسي في قضايا تتعلق بالإرهاب بين 2004 ونهاية 2017، مشيرة إلى أن غالبية المتورطين من ذوي التأهيل الدراسي ضعيف المستوى ويعانون وعائلاتهم من الفقر ولديهم علاقات وطيدة مع بلدان شمال أفريقيا ودول منطقة الساحل.
وبينت الدراسة أن 47 بالمئة من بين 137 شابا أدينوا في قضايا إرهابية، لا يملكون أي شهادة دراسية، فيما حصل 24 بالمئة منهم على شهادة الباكالوريا و3 بالمئة على شهادة ليسانس و1 بالمئة على شهادة الدكتوراه.
وكشفت الدراسة أيضا أن العمر المتوسط لهؤلاء الشبان الذين أدينوا بقضايا تتعلق بالإرهاب لا يتعدى 26 سنة، ومعظمهم يتحدرون من عائلات فقيرة ويعيشون في الضواحي الباريسية وفي بعض الأحياء الشعبية بالعاصمة الفرنسية، فيما يعيش آخرون في شمال البلاد مثل ليل وبعض المدن الواقعة قرب الحدود مع بلجيكا. أما في الجنوب الفرنسي، فالغالبية منهم يتمركزون في مدينتي مرسيليا ونيس والمناطق المجاورة لهما.
وفيما يخص الدخل المالي الفردي للمتورطين في قضايا الإرهاب، فالدراسة تبين أن المعدل لا يتجاوز 1000 يورو شهريا، باستثناء بعض الجهاديين الذين يملكون أموالا كبيرة بسبب انخراطهم في تجارة المخدرات وعمليات تبييض الأموال. والجدير بالذكر أن الراتب المتوسط في فرنسا هو 1498 يورو في الشهر.

 جنسيات متعددة وقضية واحدة

من جهة أخرى، رفعت الدراسة الستار عن سبل تمويل العمليات الإرهابية، وهي: التمويل عبر المنظمات الجهادية نفسها مثل «القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، أو عن طريق المتعاطفين مع العمليات الجهادية، التمويل الخاص، سرقة الأموال وبيع المخدرات، وأخيرا التمويل العائلي غير المباشر أي الأموال التي تقدمها بعض العائلات لأولادها دون العلم أنها تسخر للقيام بعمليات إرهابية، أو ما يسميه محررو الدراسة بـ«الجهاد الرخيص».
وأضافت الدراسة أن من بين 137 جهاديا تمت دراسة سيرهم الذاتية، فإن 90 منهم فرنسيون و29 من ذوي الجنسيات المزدوجة (14 فرنسيا من أصول مغاربية و10 من أصول جزائرية و5 من أصول تونسية) إضافة إلى 11 أجنبيا (بينهم 3 من المغرب، 3 من تونس، 3 من الجزائر، هندي واحد وباكستاني واحد).
من ناحية أخرى، أظهرت الدراسة أن عددا كبيرا من الجهادين الذين سجنوا في سنوات 2000 قضوا أوقاتا طويلة في بعض الدول العربية والإسلامية على غرار اليمن والسعودية ومصر وموريتانيا، وذلك بهدف تعلم القرآن أو اللغة العربية.
أما فيما يتعلق بمراحل التشدد الديني، فالدراسة تؤكد أن هناك شباناً تطرفوا بين عشية وضحاها وآخرين احتاجوا إلى عدة سنوات قبل أن يتحولوا إلى جهادين، مضيفة أن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ليست الوسيلة الوحيدة التي ساعدتهم على التشدد، بل هناك وسائل أخرى مثل العلاقات الشخصية التي تربط بين المتطرفين أو الجهادين.
وخلصت الدراسة إلى أن الشبان الذين يتحدرون من عائلات مهاجرة أو أولئك الذين يعيشون في الضواحي الفرنسية دون عمل وفي أحياء نسبة الفقر والبطالة فيها مرتفعة هم المرجحون للانخراط في جماعات متطرفة، موضحة في الوقت نفسه أن معالجة هذه الظاهرة (أي التطرف) لا تمر فقط عبر الحل الأمني أو استخدام العنف ضد المتطرفين، بل عبر عمليات توعوية واسعة النطاق وطويلة الأمد.
ويبقى السؤال المطروح بالنسبة للدراسة كيف ستتعامل السلطات الفرنسية مع الجهاديين الذين سيغادرون السجون بحلول 2022؟