ولكن، يبدو أن المملكة فعلاً تستعد للدخول إلى عصر السيارات الكهربائية من خلال توقيع اتفاق مع شركات يابانية لتنفيذ أول مشروع تجريبي للسيارات الكهربائية في المملكة.
ويأتي هذا المشروع في أعقاب الارتفاعات المتعاقبة في أسعار الوقود بالسعودية والخليج بصورة لم يعهدها المواطنون من قبل، وهو ما أجبرهم في بعض الأحيان على البحث عن وسائل للتخفيف من استهلاك الوقود.
ويعتمد الناس بمنطقة الخليج عموماً على سياراتهم بشكل رئيسي في التنقل، مستفيدين من ميزة انخفاض أسعار الوقود، لكن يبدو أن الأمر سيتغير بالمستقبل القريب.
وعلى الرغم من أن السعودية تعد من الدول الرائدة في إنتاج النفط، فإنها اتجهت إلى تقليص استخداماتها منه؛ للحفاظ على البيئة، والحد من نسبة التلوث.
وظهر هذا واضحاً بالخطوة الجدية التي اتخذتها المملكة في هذا الطريق، بتوقيع اتفاقية متعددة بين الشركة السعودية للكهرباء، وشركة تيبكو اليابانية للكهرباء، وشركة نيسان موتورز للسيارات، وشركة تكاوكا توكو اليابانية لحلول الطاقة، يوم 14 يناير/كانون الثاني 2018، وتتضمن تلك الاتفاقية تنفيذ أول مشروع تجريبي للسيارات الكهربائية في السعودية.
ووفق الاتفاقية ستُعير شركة نيسان موتورز الشركة السعودية للكهرباء 3 سيارات كهربائية، بينما ستقدم شركة تيبكو اليابانية للكهرباء، وتكاوكا توكو اليابانية لحلول الطاقة 3 شواحن سريعة، كما ستنشئ الشركتان محطات يمكن من خلالها شحن السيارات الكهربائية في نصف ساعة فقط.
وأعلنت الشركة الوطنية للمحافظة على البيئة بالسعودية (بيئة)، في 16 يناير/كانون الثاني 2018، شراء أول وأكبر أسطول من شاحنات تسلا الكهربائية بالشرق الأوسط، وتُستخدم هذه الشاحنات في جمع ونقل النفايات وضمنها المواد القابلة لإعادة التدوير، وستحل بعضها محل الشاحنات القديمة في أسطول “بيئة” الذي يتجاوز عدده 1000 مركبة.
التغيير أصبح حتمياً
من جانبه، أكد عبد الله سيد عطيف، رئيس نادي “تسلا” السعودية، في تصريحه لـ”عربي بوست”، أن انتشار السيارات الكهربائية في السعودية حتى الآن لا يُذكر، فلا توجد سوى 5 سيارات من ماركة “تسلا”، وصلت عن طريق الاستيراد الشخصي.
لكنه يرى أن التغيير سيصبح حتمياً يوماً ما، خصوصاً عند وصول السيارات الكهربائية رسمياً ومشاهدتها على الطبيعة، ومقارنتها بالسيارات الأخرى ذات محركات الاحتراق الداخلي، مما سيجعل المواطن السعودي يُقْبل على شرائها، خصوصاً أنه من الآن يبحث عن سيارات اقتصادية تخفف عنه ارتفاع أسعار الوقود الحالي، المتوقع استمراره حتى عام 2020.
ويعمل نادي “تسلا” السعودية من خلال 3 محاور؛ الأول: نشر ثقافة السيارة الكهربائية وسهولة صيانتها وصداقتها للبيئة، وإقناع عامة الناس بالتحوُّل إليها تدريجياً، والثاني: التأثير على المؤسسات الحكومية المعنيَّة بالبنية التحتية كالنقل والاستيراد والمواصفات والمقاييس، والثالث: إيصال رسالة لشركة “تسلا” من أجل افتتاح فروع ومنافذ بيع وصيانة، خصوصاً أنها تمتنع عن العمل وفق نظام الوكيل، ومستقبلياً يستهدف النادي دعم ملّاك السيارات الكهربائية وفتح الباب لتبادل الخبرات.
دبي تقود الخليج بتجربة ناجحة
من أجل قياس مدى ملائمة السيارات الكهربائية لطبيعة المناخ في دول الخليج، اختارت إمارة دبي مجموعة من السيارات تعمل بالنظام الهجين لتجربتها، وأثبتت التجربة نجاحها بعدما قطعت السيارات مسافة 300 ألف كيلومتر تقريباً من دون أعطال.
وشجَّع ذلك حكومة دبي على إنشاء 100 محطة شحن للسيارات الكهربائية عام 2015، كخطوة نحو التحول إلى مدينة ذكية، واستعداداً لاستقبال هذا النوع من السيارات في أسواقها، وتأمل دبي الوصول لنسبة 10% من السيارات الهجينة أو الكهربائية الكاملة من إجمالي مشتريات السيارات بحلول عام 2030.
3 أنواع للسيارات الكهربائية.. إحداها تعمل بالكهرباء كلياً
وتوجد 3 أنواع للسيارات الكهربائية؛ وهي:
1- السيارات الهجينة: تجمع بين نظام محرك الاحتراق الداخلي التقليدي والبطارية الكهربائية، التي تُشحن بصورة ذاتية في أثناء حركة المحرك وقت تشغيله بالوقود، وتبدأ السيارات الهجينة حركتها باستخدام المحرك الكهربائي، ثم تنتقل إلى محرك الاحتراق الداخلي عند زيادة السرعة، ويتحكم جهاز كمبيوتر داخلي في عملية التنقل بين المحركين.
2- السيارات المدمجة الهجينة: عبارة عن سيارة كهربائية هجينة تستخدم بطاريات قابلة للشحن، ويمكن شحنها عن طريق توصيلها بمصدر للطاقة الكهربائية، ويوجد بها محرك كهربائي يعمل ببطارية كهربائية قابلة للشحن، إلى جانب محرك احتراق داخلي.
3- السيارات الكهربائية كلياً: تعمل هذه السيارة بالكهرباء فقط، وتُشحن بطاريتها بالكهرباء عبر محطات يمكن بناؤها في الطرق بسهولة، أو منفذ شحن كهربائي خارجي، ولا يوجد بها محرك احتراق داخلي أو خزان للوقود، كما لا تنبعث منها أي غازات.
يمكنك شحنها في المنزل بكل سهولة
في حين تضم السيارات غير الكهربائية التي تعمل بالوقود محركاً للاحتراق الداخلي، وبعض الملحقات كخزان الوقود ونظام التبريد إلى جانب العادم، نجد أن السيارات الكهربائية التي تعمل بالكهرباء بدلاً من الوقود تضم بطاريات قابلة للشحن، ومحركاً كهربائياً على الأقل، ووحدة تحكُّم لتغذية المحرك الكهربائي بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيله.
وتتوافر الكهرباء في معظم السيارات الكهربائية من خلال بطارية قابلة للشحن، يمكن شحنها عبر مصادر الطاقة التالية:
1- منفذ شحن قياسي بالمنزل.
2- نظام شحن متطور بالمنزل، ويساعد في تقليل وقت الشحن إلى النصف.
3- محطات الشحن المتوافرة في المدن التي توجد بها سيارات كهربائية.
وتُشحن السيارة الكهربائية عبر 3 مستويات:
1- المستوى الأول: يتطلب توافر تيار كهربائي (120 فولتاً) من خلال قابس التيار المتردد العادي. وفي هذه الحالة، لن تحتاج إلى معدات شحن إضافية، ويمكنك شحن بطارية السيارة في مدة تتراوح ما بين 10 إلى 12 ساعة.
2- المستوى الثاني: يتطلب تياراً كهربائياً (240 فولتاً). وإن لم يتوفر هذا التيار في المنزل فمن الممكن استخدام معدات الشحن العامة، أو إضافة دوائر كهربائية لاستيعاب القدرات اللازمة للشحن.
3- المستوى الثالث: يستخدم هذا المستوى تياراً كهربائياً من 208 فولتات إلى 480 فولتاً، ويوجد في محطات الشحن فقط.
ماذا عن التكلفة المتوقعة؟
تُقاس كفاءة استهلاك الوقود لكل مركبة كهربائية بكيلووات ساعة لكل 100 ميل، بدلاً من ميل للغالون الواحد، فإذا تكلفت الكهرباء 0.11 دولار لكل كيلووات ساعة، واستهلكت السيارة 34 كيلووات لمسافة 100 ميل، فإن التكلفة لكل ميل ستبلغ نحو 0.04 دولار.
بالنسبة لأسعار السيارات الكهربائية، فتعتبر مرتفعة نوعاً ما بالمقارنة مع سيارات محركات الاحتراق الداخلي، فأرخص تلك السيارات هي “رينو زوي” البالغ سعرها نحو 14 ألف دولار. أما “كيا سول”، فسعرها يتجاوز 25 ألف دولار. وبالنسبة لـ”تويوتا بريوس”، فتتخطى حاجز 26 ألف دولار.
كم ستوفر في حال الاعتماد عليها؟
توفر السيارات الكهربائية الهجينة لمالكيها ما لا يقل عن 1000 دولار سنوياً، بالمقارنة مع السيارات التي تعمل بالوقود، فعندما نأخذ سيارة “بريوس تويوتا” كمثال، نجد أن الهجينة منها تستهلك وقوداً أقل بنسبة 60% عن مثيلتها التي تعمل بالوقود فقط، وحينما تكون البطارية مشحونة بالكامل يمكنها قطع مسافة تتراوح ما بين 70 و100 ميل.
كيف تعمل محطات الشحن التي ستحل محل محطات البنزين؟
يُنهي الناس أعمالهم تقريباً في أوقات محددة، لذلك قد تتساءل كيف ستُشحن معظم السيارات في الوقت نفسه تقريباً؟ وهل سيؤدي هذا إلى الضغط بشدة على شبكة الكهرباء؟
لكن هناك العديد من الاحتياطات التي يمكن أخذها، فوفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي لشركة “Chargemaster” المتخصصة في إنشاء محطات تزويد السيارات بالكهرباء، من المفترض أن توزَّع الحمولة على مدار اليوم، بالإضافة إلى أن شركات الكهرباء ستقدم تسعيرات تختلف باختلاف الوقت، وسينعكس ذلك على تفاوت الضغط.