أصبح القرن الإفريقي مسرحاً لتسابق خليجي محموم، على إقامة القواعد العسكرية مقابل مساعدات سخية؛ بل وجدت دول القرن الإفريقي نفسها وسط تجاذب بين دول الخليج، خاصة في الآونة الأخيرة.
الصراع القديم بين الأشقاء الخليجيين على الحدود بينها تطوَّر ووصل إلى القرن الإفريقي؛ لما تتميز به هذه المنطقة من أهمية سياسية وجيواستراتيجية.
الإمارات والسعودية، كل منهما يسابق الزمن من أجل إقامة قواعد في هذه المنطقة، والأمر اشتدت وتيرته بعد الأزمة الخليجية التي هزت المنطقة في يونيو/حزيران 2017.
1- ميناء “دوراله” في جيبوتي
لسنوات عديدة، حضرت الإمارات في منطقة شرق إفريقيا من خلال مرفأ “دوراله” البحري للحاويات الذي كانت تديره شركة “موانئ دبي العالمية” في جيبوتي والذي يعد أكبر ميناء حاويات في القارة، إلا أنه في مايو/أيار 2015، انقطعت العلاقات الرسمية بين البلدين إثر سلسلة من الخلافات، شملت نزاعاً قضائياً حول عقد استئجار المرفأ، وانتهت بمشادة حادة بين مسؤولي البلدين إثر هبوط طائرة إماراتية تشارك في العمليات العسكرية للتحالف الخليجي باليمن في مطار أمبولي الدولي من دون إذن من السلطات هناك.
وعقب ذلك، أجْلت جيبوتي القوات الإماراتية والسعودية المتمركزة في منطقة “هاراموس”، والتي تمثل بطبيعة الحال منطلقاً قريباً لعمليات التحالف الخليجي في اليمن.
2- قاعدة إماراتية في ميناء عصب الإريتري
وقَّعت أبوظبى عقد إيجار مدته 30 عاماً، لغرض إقامة قاعدةٍ عسكرية للإمارات في ميناء عصب بإريتريا عام 2015، بحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى .
وتعد أول قاعدة عسكرية خارجية للإمارات، وتقع على بُعد 106 كيلومترات شمال باب المندب، ويقابل ميناء عصب الإريتري ميناء المخا اليمني، الذي تسعى الإمارات الآن للسيطرة عليه بعد مشاركتها في عملية “عاصفة الحزم” التي تقودها السعودية ضد الحوثيين منذ 2015.
جاء توقيع هذه الاتفاقية بعد أن أجلت جيبوتي القوات الخليجية، التي كانت على أراضيها.
ويتمتع ميناء “عصب” بعمق بمائي كبير، كما أن الميناء ملحق به مطار يبلغ طول مهبطه 3500 متر قابل لاستيعاب ناقلات عسكرية جوية ضخمة.
وتقع القاعدة في شمال غربي مضيق باب المندب وتشكّل مع ميناء “المُخا” اليمني طرفي المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، أي بعد اجتياز المضيق نحو الشمال مباشرة لتشكيل الميناء، حيث تم حفر 60 ألف متر مربع من الساحل الإريتري وإقامة منطقة أمنية حول المطار والميناء، وتطلب الأمر تعديل مسار الطريق السريع الساحلي بين مدينتي “عصب” و”مصوع”، بحسب معهد Stratfor
3- قاعدة إماراتية في “أرض الصومال”
وافق برلمان “جمهورية أرض الصومال”، التي أعلنت انفصالها عن الصومال ولم تحظَ باعتراف دولي، في فبراير/شباط 2018، على إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية بمدينة بربرة على ساحل خليج عدن.
وأثار تأسيس هذه القاعدة الكثير من الجدل بين دول منطقة القرن الإفريقي، خاصة أن الإمارات تمتلك قاعدة عسكرية أخرى في مدينة عصب الساحلية الإريترية، تقول إنها تستخدمها في مواجهة الحوثيين باليمن.
وتؤكد الإمارات أن هذه التعزيزات العسكرية تعد جزءاً من العمليات المطلوبة لدعم عمليات الحصار البحري في البحر الأحمر ضد الحوثيين، وهو الحصار المفروض منذ عام 2015.
4- قاعدة سعودية.. تنتظر الإنشاء
الرياض لم تقف مكتوفة الأيدي عقب بدء عملية “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين، فقد بحثت المملكة عن وضع موطئ قدم لها في القرن الإفريقي، فقد بحثت إقامة قاعدة لها في جيبوتي، بعدما أجلت إريتريا الجنود الخليجيين بعد الخلاف مع الإمارات عام 2015.
وشهد عام 2016 مشاورات وزيارات بين القيادتين العسكريتين في كل من جيبوتي والسعودية، تمخضت عن وضع مشروع مسودة اتفاق أمني وعسكري واستراتيجي، يتضمن استضافة جيبوتي قاعدة عسكرية سعودية، وجرى تحديد بعض المواقع على الساحل الجيبوتي لهذا الغرض، وأعلنت جيبوتي نهاية 2016، أنها “وافقت مبدئياً” على إقامة قاعدة عسكرية سعودية، إلا أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن توقيع الاتفاق بين الجانبين.