التقارير لفتت إلى أن لندن توسّطت لدى موسكو، عبر سلطنة عُمان، للإفراج عن أسراها، إلا أن الردّ الروسي اكتفى بتأكيد أن أمر هؤلاء يعود حصراً إلى القيادة العسكرية السورية. ولم تغفل التقارير تأكيد أسر ضابط أميركي و”إسرائيليّين” اثنين في معارك الغوطة الشرقية، لافتة إلى أن هذا الأمر قد يكون من الدوافع الرئيسية التي قادت وزير الحرب الأميركي جايمس ماتيس إلى السلطنة في الحادي عشر من الجاري.
الرئيس فلاديمير بوتين ألمح بطريقة مواربة في حديثه مؤخراً لمحطة “بي بي سي”البريطانية، إلى “سرٍّ ما” تخفيه بريطانيا في الغوطة الشرقية، رداً على سؤاله عن السبب الحقيقي وراء السخط البريطاني المفاجئ تجاه موسكو، حيث قال حرفياً: “انظر إلى اسفل الأشياء ثم نتحدث”، قاصداً أن التركيز يجب ألا يكون على المعلَن، بل على “الخفايا”.. ولعل الناطق باسم قاعدة حميميم؛ الكسندر ايفانوف، كان أكثر وضوحاً بإعلانه أن “القوات الروسية تعمل على جمع الوثائق والمستندات والملفات الأرشيفية التي خلّفها الإرهابيون وراءهم بالغوطة الشرقية، بهدف التحقيق في هوية الدول التي أدارت وموّلت هذه الجماعات، وتقديمهم إلى العدالة الدولية”.
إذاً، هي من الأسباب “الموجبة” التي دفعت لندن وواشنطن وسائر العواصم الغربية الأخرى إلى “الاستشاطة” غضباً من نتائج معركة تطهير الغوطة الشرقية، والتي “صدمت” بلا شك كل دول المحور المعادي دفعة واحدة
وتكفي مشاهدة هذا الكمّ من الأنفاق التي دخلها الجيش السوري في غالبية بلدات الغوطة بعد تحريرها، وكيفية حفرها بالتقنيات الغربية الحديثة على مدى سنوات الحرب السورية، للتأكُّد من حجم المبالغ المالية الضخمة التي أنفقتها مجاميع هذه الدول، بهدف تحصين مرتزقتها
وجعل الغوطة الشرقية خنجراً دائماً في خاصرة دمشق، وقلعة محصنة عصية على أي محاولة اختراق عسكري سوري لأبوابها..
كل هذا الجهد اللوجستي والاستخباري والإنفاق المالي الضخم على كافة صنوف الميليشيات الإرهابية في الغوطة الشرقية على مدى سنوات طويلة، مسحته دمشق وموسكو وسائر الحلفاء بفترة زمنية قياسية لم تتجاوز أسابيع معدودة..
وعليه، لن يستكين حلف واشنطن للهزيمة المدوّية، وها هي دول هذا الحلف تهبّ هبّة واحدة في حملة دبلوماسية شرسة لـ “تطويق عنق روسيا”، والرد على فوز قيصرها الساحق مؤخراً في الانتخابات الرئاسية الروسية
وبالتحديد على إطلالته النووية المفاجئة التي وجّه من خلالها تهديدات غير مسبوقة “لكل من يعنيهم الأمر” إذا ما تجرّأت أي دولة باستهداف روسيا أو أي من حلفائها.. ليُطرح السؤال: كيف ستردّ موسكو على هذه الهجمة الدبلوماسية الجماعية غير المسبوقة عليها؟
تكشف معلومات صحافية بلغارية، عن تقارير استخبارية ألمانية وصلت منذ يومين إلى الإدارة الأميركية، تضمّنت تحذيرات “عالية الجدية” من أن أي ضربة صاروخية أميركية أو من حلف “الناتو” ضد أهداف سورية أو روسية على الأراضي السورية، فإن الردّ سيكون باتجاه قواعد عسكرية أميركية “قد تتجاوز الحدود السورية إلى إحدى الدول المجاورة لسورية”. وكشفت صحيفة “Crech news” بدورها، أن صواريخ “كاليبير” الروسية ومنظومة “أس 400” الصاروخية، جُهِّزت للانطلاق إلى أهدافها “التي حُدِّدت بدقة”.
النور المحمدي