أركان الإسلام من القرآن!-(الجزء 1-5)

أركان الإسلام من القرآن! – الجزء الأوّل.

#الحرية_لحسن_فرحان_المالكي

نتابع مع حضراتكم ما تفضل به فضيلة شيخنا “حسن بن فرحان المالكي” – أعزّه الله وفكّ أسره – بعرض ما غرده في عام 2013 عارضا مفهومه للاسلام وأركانه وألفاظه مستشهدا بالقرآن ومقدمه على ما دونه من حديث “وتفسيرات”..

قام فضيلة الشيخ بنشر هذا الموضوع كتغريدات في مساء 31 أكتوبر 2013 واستمر حتى الساعات الأولى من فجر نوفمبر.

هذا هو المالكي.

تغريدات لفضيلة الشيخ “حسن بن فرحان المالكي”.

التغريدات من شهر أكتوبر 2013.

تشرّف بجمعها ونشرها في الموقع “محمد كيال العكاوي”

مواضيع أخرى:

(إن الدين عند الله الإسلام)، ولكن ما هو الإسلام؟

كن إنساناً تكن مسلماً!

الشيطان … ألفاظه ومعانيه في التراث الإسلامي- معنى الشكر. (ألجزء ألأول)

التعريف بغاية الإسلام – متابعه..

عالمية القرآن – الجزء الاول

عالمية القرآن – الجزء الثاني

عالمية القرآن – الجزء الثالث

سأكتب لاحقاً عن (أركان الإسلام من القرآن) و (أركان الإسلام من الحديث) والسؤال: من أين أخذنا (أركان الإسلام)؟

الجواب: أخذناه من الحديث، لا يستطيع أحد أن يقول أخذه من القرآن الكريم! وإنما من (بني الإسلام على خمس)..

والسؤال: هل هي أركانه في القرآن؟

هل في القرآن كلمة (ركن) بهذا المعنى؟

الجواب : لا.

هل كلمة ( ركن) في الحديث بهذا المعنى ؟

الجواب: أيضاً لا!

يا رجل!! أين نحن ذاهبون؟!

لا تقل لي إن الله أمر بالصلاة والصوم في القرآن، فهذا حق، لكنه أمر بالصدق والعدل أيضاً.. لماذا هذه من أركان الإسلام وتلك ليست أركانه؟!

وهل العدل – مثلاً – أهم – في كتاب الله – أم الصلاة؟ وإذا كان العدل أهم من الصلاة – في القرآن – فكيف تكون الصلاة من أركان الإسلام والعدل ليس منها؟

لا تقل لي لأنه في الحديث… لأننا سنبحث في الحديث أيضاً، ونكتشف الأختلاف الكبير في تحديد (اساسيات الإسلام)، أريد الآن القرآن.. نبدأ منه!

لا يتسرع أحد ويقول : أنت تنكر السنة.. كلا، تلك حجة باطلة، نحن نأخذ بالقرآن أولاً، ثم ما يشبهه من السنة، لأن الله أخبر عن نبيه أنه لا يخالفه، لا يمكن أن تكون أولويات القرآن غير أولويات السنة، فالأعظم عند الله لابد أن يكون الأعظم عند رسوله، لا يمكن أن يختلف الله ورسوله. هما متفقان!الأمر كله لله، والدين كله لله، وكتاب الله هو الواجب اتباعه، والنبي عبدٌ لله متبع لكتابه، مهمته الاتباع ثم البلاغ المبين، فلا تفرقوا بينهما.

هذه مقدمات قطعية لا يمكن أن تتزعزع في قلب مسلم، لا يمكن أن يقال إن الله ورسوله مختلفان في الدين، فالله يعظم أموراً والنبي أموراً أخرى..

من هذه المقدمة – القطعية النقلية العقلية – تستطيع أن تبحث، وبدونها ستبقى أعمى، ولن تعرف الدين، والتفريق بين الله ورسله من علامات (الكافرين حقاً)

 (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴿150﴾ أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴿151﴾) [سورة النساء]

والآيات من سورة النساء، وهو الموضع الوحيد الذي ذكر الله فيه كلمة (الكافرون حقاً)، وهم يختلفون عن سائر الكفار.. هؤلاء كافرون حقاً.. لماذا؟

لأنهم جمعوا بين دعوى الإسلام واستخدامه لصالحهم، يتخذون لهم سبيلاً (مذهباً) عن طريق التفريق بين الله ورسوله، يجرمون به، فهذا كفر احترافي. وهذا التفريق بين الله ورسوله ينتج مسلمين يتعبدون بأكبر الموبقات، ويقنعون أتباعهم أنها لله، كالكذب على الله، والقتل، والافتراء، والظلم.. الخ.

إذاً سنحاول ألا نفرق بين الله ورسوله – كما يفعل كثير من الناس – لكن سنبدأ بالقرآن أولاً، فهو الواجب الاتباع، حتى أنه واجب على النبي نفسه، والموضوع لا يختص بالواجبات والمحرمات، وإنما ترتيبهما أيضاً وفق ترتيب الله، فقيام الناس بالقسط – في القرآن – أهم من الصلاة، بدليل قوله تعالى:

(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿25﴾) [سورة الحديد]

اعطوني آية تجعل للصلاة أو الصوم أو الحج هذه المرتبة العالية للقيام بالقسط.. هل هناك آية تذكر أن علة بعث الرسل هي الصلاة مثلاً؟

ليس فيه هذا.

إذاً.. نستطيع ترتيب الواجبات، والواجبات من القرآن – بقرائن معينه – حتى يكون الدين كله لله، لا يجوز أن نأخذ ألفاظ القرآن وتعاليمه فنرتبها كما نشاء..

إذاً.. سنستعرض (أركان الإسلام في الحديث)، ونبطل كونها (أركاناً) من الحديث نفسه، ثم نعود ونحدد (أركان لإسلام) من القرآن الكريم.. مع التحفظ.. أقصد مع التحفظ على المسمى (أركان الإسلام)، فهذه التسمية ليست قرآنية، ولا حتى حديثية… هي تسمية تراثية فقط! لكن العامة لا يعرفون ذلك.

عذراً.. تأخرت عن استكمال هذه المادة، والموضوع كبير وشاق، فلنساعد بعضنا..

والسؤال: إذا كانت كلمة (أركان الإسلام) قد سيطرت على الأذهان والعقول والعلماء والعامة، فمن أين أتت؟

الجواب: ليس لها أصل في قرآن ولا سنة، وإنما هي تسمية اصطلاحية لبعض أهل الحديث – وفق حديث ابن عمر فقط – وقد اعترف بذلك بعض السلفية، فهذا وزير الشؤون الإسلامية الحالي صالح ال الشيخ يقول {في شرح العقيدة الطحاوية (1 / 428) [المسألة الأولى]: أنَّ هذه الستة يُعَبَّرُ عنها بالأركان، وكلمة (الأركان) سواءً أركان الإسلام أو أركان الإيمان أو غير ذلك هي تسمية اصطلاحية، لم يأتِ بها الدّليل أنَّ هذا ركن} اهـ

فالتسمية لا ترهبكم، وأهل الحديث أخطؤوا في التسمية. بل هذا لبعض أهل الحديث فقط، فإن تبويبات أهل الحديث والفقه المتقدمين – كمالك ثم البخاري.. وأمثالهم – لم يكونوا يبوبون باب (أركان الإسلام).. وإنما كان البخاري – مثلاً – يبوب في صحيحه (باب… من الإسلام) ويذكر خصالاً كثيرة، أكثر من هذه الخمس .. ولكن التقليد تقليد، يسير بالناس. ولذلك هناك إشكالات كبرى على (أركان الإسلام في الحديث) فهم اعتمدوا على لفظ من ألفاظ حديث ابن عمر وتركوا ألفاظه الأخرى – التي نقص فيها وزاد – ثم من يريد تحديد (أركان الإسلام من الحديث) سيجد لكل صحابي (أركان إسلام) تختلف عن (أركان الإسلام) عند صحابي آخر! بل ابن عمر نفسه له ثلاثة ألفاظ في (أركان الإسلام)، مرة خمسة أركان، ومرة تسعة أركان، ومرة ستة أركان (مع حذف الشهادة!)، وكلها صحيحة الأسانيد! ولكن أهل الحديث لا يخبرون العامة، ويستمرون مقلدين لمن سبقهم.. ولذلك – حتى نعود للقرآن لنحدد منه معالم الدين – لابد من إخماد الحديث بحثاً، لأنهم يظنون أننا نجهل الحديث، وأن الحديث هو الذي فيه البيان الكافي، وأن ما نحن عليه هو خلاصة الدين كله، وهذا ناتج لكسل الباحثين والعلماء.

وحتى لا يسبق هؤلاء الغوغاء بأننا ننكر (أركان الإسلام) نقول لهم:

ما تسمونه (أركان الإسلام) فرائض وشرائع قطعية، وإنما الكلام في موضوع آخر، الكلام في تسمية هذه الأركان، ومن قال لكم أنها أهم من غيرها؟

هل عدتم للقرآن؟

أليس المصدر الأول؟

هل بحثتم في السنة ولاحظتم الاختلافات؟

كلا!

أولاً: إسلامات ابن عمر ثلاثة… (اعني التي صححوها عنه):

ألإسلام ألأوّل: الإسلام الذي له خمسة أركان معروف (بني الإسلام على خمس) في مسلم وتجنبه البخاري.

الإسلام الثاني عند ابن عمر : له ثمانية أركان، وسنده صحيح، وهو في صحيح ابن حبان وسنن الدراقطني وغيرهما، ولفظه {(صحيح ابن حبان – (ج 1 / ص 397) – من نفس إسناد مسلم- أي من طريق يحيى بن يعمر عن ابن عمر، وفيه: {قال النبي:

 (الإسلام:

1- أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..

2- وأن تقيم الصلاة..

3- وتؤتي الزكاة..

4- وتحج..

5- وتعتمر..

6- وتغتسل من الجنابة..

7- وأن تتم الوضوء..

8- وتصوم رمضان )

قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم ؟

قال : ( نعم )} اهـ

المراد.. قال شعيب الأرناؤوط : سنده صحيح.

الإسلام الثالث عند ابن عمر: فيه حذف الشهادتين وإدخال الغسل من الجنابة، وهذا من رواية شيخ مسلم (أبو بكر بن أبي شيبة)، ومن نفس الطريق، وهو مصنف ابن أبي شيبة (7 / 227) عن ابن عمر، ولفظه مرفوعاً:

(تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت وتغتسل من الجنابة)!! اهـ

إذاً.. فالعلة الأولى في هذا الحديث: هو اختلاف أركان الإسلام في حديث ابن عمر (الذي بسببه تم هجر معرفة الإسلام معرفة أفضل من القرآن الكريم)، فبعض ألفاظه فيه ثمانية أركان للإسلام، وبعضها خمسة – وهو اللفظ الذي اشتهر وتم اعتماده دون بحث – وبعضها ليس فيه الشهادتين! وإنما غسل الجنابة!

العلة الثانية: أن مسلم – الذي روى الخمس وتم اعتمادها – قد اجتنب البخاري هذا الحديث (حديث الخمس) من طريق يحيى بن معمّر عن ابن عمر (البخاري رواه عن ابن عمر من طريق آخر)، وأشار مسلم لاختلاف ألفاظه، فمسلم – بعد أن روى الحديث – رواه عن شيوخ آخرين له، ولم يذكر المتون، لكنه أشار إلى اختلافهم، فرواه عن شيخ آخر وقال (فيه بعض زيادة ونقصان أحرف)! ثم رواه عن شيخ ثانٍ وقال ((فيه شيء من زيادة وقد نقص منه شيئا)) وعن شيخ ثالث وقال: (بنحو حديثهم)، فهو يشير إلى اختلاف ألفاظ الحديث. ولكن الناس يحبون الراحة والتقليد، ويهمهم أن يجدوا كلاماً مختصراً – ولو كان لفظاً واحداً من عدة ألفاظ – ومع أهمال القرآن الكريم أيضاً!

والعلة الثالثة: في حديث ابن عمر، أن من المحتمل أن يكون الحديث من قوله هو فقط! فقد روي الحديث عنه (مرة برفعه إلى النبي ومرة موقوفاً عليه). فالحديث روي عن ابن عمر موقوفاً، وروايته موقوفاً عن ابن عمر – وليس مرفوعاً – رواها البخاري في صحيحه، ففي صحيح البخاري – (ج 4 / 1641) عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفاً: ((أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله؟ قال (ابن عمر) :((يا ابن أخي بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت !.) اهـ مختصراً! (وهذا قول ابن عمر).

إذاً.. فقد يكون الحديث برمته من أقوال ابن عمر واجتهاده، فنسبه بعضهم – للوهم وطول العهد – إلى النبي مباشرة، وهناك فرق كبير بين الأمرين.فحديث النبي شرع، أما أقوال الصحابة فليست شرعاً، فانظروا كيف تتابعت الأمة على حديث مشكوك فيه وتركت القرآن كله!؟ ثم قلنا (أركان الإسلام)!

وليس البخاري فقط من رواه موقوفاً- وقد رواه مرفوعاً أيضاً – إلا أن شيخ البخاري ومسلم – وهو أبو بكر ابن أبي شيبة – قد رواه – من طريق آخر – موقوفاً، ففي مصنف ابن أبي شيبة – (ج 4 / ص 600) من طريق ال *** كي عن ابن عمر: وفيه قول ابن عمر (ويلك إن الايمان بني على خمس… الحديث…).

ورواه ابن أبي شيبة – مصنف ابن أبي شيبة – (ج 7 / 228) من طريق الحواري عن ابن عمر موقوفاً أيضاً، ( إن عرى الدين وقوامه الصلاة والزكاة.. الخ).

ثم السؤال عن الإسلام، قد رواه جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، وكل صحابي رووا عنه عدة أمور تستطيع تسميتها ( أركان إسلام) – حسب اصطلاحهم – مثل البيعة على الإسلام (ثم بيان تلك الخصال)، ومثل (المسلم من سلم المسلمون من لسته ويده)، ومنهم المكثر في خصال الإسلام والمقل.. الخ، فقد رويت خصال الإسلام عن أكثر من ثلاثين صحابياً، يروون عن كل صحابي خصالاً (أركاناً) تتفق وتختلف مع الآخر، وأحياناً تختلف الرواية عن الصحابي الواحد .. فعندنا أكثر من ثلاثين أسلاماً تقريباً، لكل هؤلاء الذين رووا عنهم (ما هو الإسلام)، وهنا استعرضنا (إسلامات ابن عمر فقط)، بين موقوف ومرفوع واختلاف في الأركان.. من الثمانية إلى الخمسة، من حذف – مثل الشهادتين – وإلحاق الغسل.. الخ، وبقي إسلامات كثيرة:

1- إسلام جابر بن عبد الله – ركن واحد.

2- إسلامات أبي هريرة – أركان مختلفة..

3- إسلام أبي سعيد الخدري (315) ركناً!

4- إسلام عمر مرفوعاً (خمسة أركان) وموقوفاً ( اربعة مختلفة عن الخمسة).

5- إسلام طلحة بن عبيد الله (ثلاثة).

6- إسلامات أنس بن مالك – مختلفة.

7- إسلام عبادة بن الصامت عشرة (وهذا أقرب للقرآن، وهو في الصحيحين، لكنه مهجور).

8- إسلامات أبي ذر، مرة ركن وواحد، ومرة أكثر ..( حسب الرواة).

9- إسلام ابن عباس (خمسة فيها الخمس) حديث بني عبد قيس، وهو في الصحيح.

10- إسلام والده العباس (ثلاثة).

11- إسلامات عبد الله بن عمرو بن العاص.

12- إسلام سفيان بن عبد الله الثقفي – ركنان، وهما ألصق بالقرآن ( قل آمنت بالله ثم استقم).

13- إسلام حذيفة بن اليمان (الإسلام ثمانية أسهم).

14- إسلام ابن مسعود – ركن واحد.

15- إسلام بهز بن حكيم عن أبيه عن جده – خمسة – بلفظ مغاير لحديث ابن عمر.

16- إسلام لحارث الأشعري خمسة (مغاير).

17- إسلامات العباس وثوبان وأبي سعيد (ثلاثة).

18- إسلام أميمة بنت رقيقة – ستة.. وهكذا.

فلماذا تم اعتماد لفظ واحد من إسلامات ابن عمر فقط؟!

نعم.. بعض هذه الإسلامات المنقولة أقرب إلى القرآن من بعض، وعندي أن الإسلام الذي نقله عبادة بن الصامت – وهو في الصحيحين – أولى من حديث ابن عمر، فحديث عبادة بن الصامت – الذي في الصحيحين – فيه المبايعة (بيعة الإسلام)، ولابد أن تكون في البيعة على الإسلام ذكر لأهم خصال الإسلام، وذكر منها :

« تُبايعوني على ألا تُشركُوا بالله شيئًا ولا تَسْرِقوا ولا تَزْنُوا ولا تَقتُلوا النُّفْسَ الَّتي حرَّمَ الله إلا بالحقِّ..«..

وفي رواية : « ولا تَقْتُلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تَفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تَعصوني في معروف .. «

ومنها في الصحيحين، عن عبادة ((وعلى أن نقول بالحق أينما كُنّا لا نخافُ في الله لَوْمَةَ لائم)) فأركان عبادة بن الصامت أولى وألصق بالقرآن، فهي تشبه قوله تعالى:

(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿151 وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿153) [سورة ألأنعام]

فحديث عبادة يذكرك بهذا.. حديث عبادة بن الصامت في خصال الإسلام هو ألصق بالقرآن الكريم وفيه مرتكزات حقوقية لا يحبها السلاطين ولا وعاظهم، لذلك اختاروا حديث ابن عمر.

لو لم يكن في حديث عبادة بن الصامت إلا قوله: ( وأن نقول الحق أينما كنا لا نخشى فيه لومة لائم) وأن النبي أخذ منهم البيعة على هذا لكفى. ثم عبادة بن الصامت أفضل من ابن عمر، وأعلم وشهد بدراً والمشاهد كلها، أما ابن عمر فكان صبياً، وأول مشاهده الحديبية، وقيل شهد الخندق صبياً –هذا إذا كان ولابد من اختيار أركان للإسلام من الحديث – علماً بأن عبادة بن الصامت لا يختلف اثنان على أن حديثه مرفوع، بينما حديث ابن عمر محل شك، لكن أهل الحديث كانوا -في الجملة – على منهج ابن عمر في التسالم مع معاوية ويزيد، وكان عبادة بن الصامت شديداً على معاوية ويتهمه، فخمل حديثه..!

معظم أهل الحديث لا ينظرون إلى كون هذا الصحابي من السابقين أو ممن نصر رسول الله، وإنما ينظرون في موقفه من معاوية.. هل كان متسالماً أم لا، فلذلك ألزموا ألأمة بأركان إسلام ذكرها ابن عمر… وتركوا من هم أفضل منه – كالإمام علي وعبادة بن الصامت وأمثالهم – وقبل هذا تركوا القرآن.

أهل الحديث فيهم دين مع غفلة… وليسوا حجة على الحديث نفسه – فضلاً عن القرآن – أعني ليس لهم الحق بإشهار حديث ابن عمر وينسوننا حديث عبادة، فلو اتفقنا على ترك القرآن جانباً لكان حديث عبادة بن الصامت أولى في تحديد خصال الإسلام من حديث ابن عمر، وهو في الصحيحين، فلماذا لا نعتمده؟!

أعني.. لو اتفقنا على ترك القرآن جانباً واحتجنا إلى حديث يحدد لنا أساسيات الإسلام، فحديث عبادة أولى، ولأن النبي يبايعهم على الإسلام به!

إذاً.. إذا نقلنا لكم (خصال الإسلام وهديه العام) من القرآن لا تحتجوا بحديث ابن عمر – للعلل التي ذكرناها – ولا تحتجوا بألفاظ بالتقليد.. وتعلموا.

أركان الإسلام من القرآن! – الجزء ألثاني.

#الحرية_لحسن_فرحان_المالكي

اليكم الجزء الثاني من سلسلة “أركان الاسلام” والتي تفضل بها شيخنا الفاضل المفكر “حسن بن فرحان المالكي” أعزه الله وفك أسره..

هذه السلسله قام فضيلته بنشرها في نهاية شهر اكتوبر وبداية نوفمبر 2013، وهي امتدادا لما كتبه سابقا حول “الالفاظ والمعاني بين المذهبي والقرآني” وسلسلة “عالمية القرآن”.

هذا هو المالكي.

تغريدات لفضيلة الشيخ “حسن بن فرحان المالكي”.

التغريدات من شهر أكتوبر 2013.

تشرّف بجمعها ونشرها في الموقع “محمد كيال العكاوي”

للعوده الى: أركان الإسلام من القرآن! – الجزء ألأوّل.” هنا.

أركان الإسلام من القرآن الكريم ثمانية أركان! هذا اجتهاد مني لشرح أبرز (أركان الإسلام) من القرآن الكريم، وهي تختلف عن (أركانه في الحديث). فأركانه في الحديث تنوعت، من ركن واحد مثل (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) إلى أربعة أركان إلى خمسة إلى ستة إلى ثمانية إلى 315 ركناً.

وقد استعرضنا أركان الإسلام في الحديث في موضوع سابق – حتى لا يدعي مدعٍ أننا نهمل الأحاديث – فالأحاديث متناقضة، وبعضها أقرب للقرآن من بعض. والذي يهمنا هنا أن (أركان الإسلام الخمسة الشائعة) إنما هي لفظ من ألفاظ حديث ابن عمر فقط، وأهملوا بقية ألأحاديث – مما هو أصح وألصق بالقرآن – وقد أثبتنا أن الرواية عن ابن عمر مختلفة، وكلها يصححها أهل الحديث، فمرة يجعلونها من قوله ومرة حديثاً ومرة تزيد وأخرى تنقص، فعنده ثلاث إسلامات، وأن أركان الإسلام التي نعرفها اليوم هي شرائع وفرائض قطيعة، ولكنها أهملت ما هو أهم من أكثرها، كغايات القرآن، وهي فوق الستة عشر غاية. فالصلاة  (وهي أهم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين) – وبعض الأحاديث تحذف الشهادتين – إنما هي وسيلة وليست غاية، فهي وسيلة للذكر الذي هو غاية.. والذكر ليس معناه الذكر اللفظي، فهو مما حرفه الشيطان، وإنما معناه أن يكون الله في قلبك (تتذكر الله) كما قال (فاذكروا الله كذكركم آباءكم). فليست الصلاة في القرآن غاية، وإنما وسيلة يستعان بها لما هو أعلى منها (واستعينوا بالصبر والصلاة) وليس هناك آية تقول (لعلكم تصلون).

وكذلك الصيام هو وسيلة فقط إلى غاية تسمى التقوى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَمِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة البقرة]

فالغاية هي التقوى، وقد عرفناها سابقاً بأنه ليس معناها العبادة، وإنما العبادة وسيلتها، كما في قوله (يا ايها الناس اعبدوا ربكم …. لعلكم تتقون) والتقوى هي كف الأذى والعدوان – الذي يغلب على المسلمين – ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، فالتقوى ضد العدوان، والعدوان سببه الكذب، فلذلك عرف القرآن المتقين بالذين يأتون بالصدق ويصدقون بالصدق (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، هذا هو التقوى، ولا يتقبل الله إلا من المتقين، فتحروا الصدق تتقوا.

إذاً.. فليس في القرآن (لعلكم تصلون)، ولا (لعلكم تحجون)، ولا لعلكم (تصومون)، ولا لعلكم (تزكون) ولا لعلكم (تغتسلون من الجنابة). وهذه الأركان (الروائية) إنما هي وغيرها من العبادات، وسائل إلى (غايات قرآنية) كالتقوى والهداية والرشد والعقل والتذكر والذكر والتفكر.. الخ

وكان من الطبيعي أن يعمل الشيطان على أن ننسى (الغايات) ونجعل (الوسائل) غايات، ليلبس علينا ديننا، وليحوله إلى نقمة على المسلمين وغيرهم..

من الطبيعي أن نقرأ أن النبي (رحمة للعالمين)، ثم لا نرى هذه الرحمة حتى على المسلمين، وأن نقرأ أن القرآن (ذكر للعالمين) ثم لا نراهم حوله! لأن الشيطان قلب لنا الإسلام رأساً على عقب، ثم أشغلنا في الوسائل، ثم أنسانا التفكر والعدل والعقل والاعتصام والتعاون على البر والتقوى.. الخ..

ثم قام الشيطان بخطوة ثانية، من بنقل المسلمين من (الوسائل) إلى (زوابع مذهبية) ما أنزل الله بها من سلطان، فأمات الوسائل نفسها وأثرها.. ومازال الشيطان ينتظر بنا (الخطوة الثالثة)، وهي أن نكفر مطلقاً بهذا الإسلام، ونعده محرضاً على الفساد وسوء الأخلاق ومحاربة المعرفة والجهل .. وقد بدت طلائع هذا ( الكفر) وراياته تظهر هذه الأيام بين الشباب، والخطوة الثالثة قادمة قادمة لا محالة، لأن الشيطان يمنع أولياءه من الاعتراف..

لذلك.. حتى لا يأخذنا الكلام خارج الموضوع.. سنبدأ بالتذكير بآيات كريمة – من باب أن الذكرى تنفع المؤمنين – هذه الآيات نعرف منها معالم الإسلام، معالم الإسلام الأول الذي ضاع من القرن الأول نفسه، كما قال أنس في صحيح البخاري (والله ما أعهد شيئاً كان على عهد النبي). فالتغيير قديم.. وإذا أردنا أن نعرف الإسلام قبل هذا التغيير فلابد من العودة لمصدر للإسلام قبل حدوث هذا التبديل الكبير، وهذا المصدر ليس سنياً ولا شيعياً. هو كتاب الله نفسه، هو القرآن الكريم الأزلي المكتوب في اللوح المحفوظ (قبل الخلق)، والباقي إلى يوم القيامة شفيعاً لأصحابه وبه يجوزون.

فما هي أركان الإسلام – أو خصائصه الكبرى أو معالمه البارزة – في القرآن الكريم؟

(وتجوزاً ربما نسميها ( أركان الإسلام))

في بحثي هي ثمانية.. كالتالي:

1- الإقبال (بالبدن والقلب على المعلومة) وضده التولي.

2- التسليم (بالمعلومة الصحيحة) وضده الكفر.

3- الاعتصام والوحدة، وضده التفرق والتنازع.

4- التوحيد ( تعبد الله فقط)  وضده أن تشرك معه غيره (من صنم أو رمز أو مذهب أو هوى).

5- العدل والقسط، وضده الجور والظلم والبغي والعدوان.

6- الطاعة (لله والرسول) وضده المعصية.

7- الإحسان، وضده الإجرام (فكرة وعملاً).

8- لين القلوب وخشوعها، وضدها قسوة القلوب بأقفالها المتعددة.

هذه تقريباً أركان الإسلام في القرآن – وفق اجتهادي – ولكم الحق – بعد استعراض الأدلة – أن ترفضوا بعلم أو تقبلوا بعلم، أو تضيفوا وتهذبوا بعلم.

وهذه الأركان – أو المعالم أو الخصائص أو المحددات – للإسلام الإلهي الأول، ذلك الإسلام الغض الذي نزل على محمد، والذي عرضه للناس، فهو متبع للقرآن.

عند استعراض أدلة هذه الأركان القرآنية، ستتخيل أنك في أيام النبوة، وأنك تسمع محمداً صلوات الله عليه هو يعرض الإسلام الأول – قبل عبث الشيطان – لا أقصد أنك بسماعي ستسمع محمداً، معاذ الله أن أدعي ذلك، وإنما بسماع الآيات نعم ستسمع محمداً، لأنه مكلف بتلاوة هذا القرآن وتبليغه.

الركن الأول : الإقبال .. وهذه أول مراحل الإسلام وأخصها به، أن تقبل بقلبك وسمعك وبصرك وضميرك على ما يقال حتى تختبره وتنظر فيه بصدق نية. وهذا الركن أخذناه من تضاد الإسلام مع (التولي والإدبار والإعراض) في القرآن الكريم وعند معرفة الضد، عرفنا أن التولي ضده الإقبال.

وهذا الركن توضحه الآيات التالية: أول آية تلك الآيات التي تبين أن الإسلام (غاية)، وهو موضع وحيد في كتاب الله، ومنه عرفنا أن-  الإسلام – ضده ألأكبر هو التولي، وليس الكفر، إنما الكفر ضد الشكر، من جميع الوجوه، وقد شرحنا ذلك في (غاية الشكر)، فارجعوا للمفضلة.

لمراجعة “غايات الاسلام – الشكر.”هنا.

إذاً الآية الآولى:

(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ(81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ (82)) [سورة النحل]

هنا أنت بين (إسلام ) وبين … ماذا؟

(التولي).. هذه الخطوة الأولى، فالإسلام ضده التولي و(التولي) ضده (الإقبال) من كل الوجوه. فالنبي أول ما يطلب من الآخر أن (يقبل) ببدنه وقلبه وسمعه وبصره .. هذه أول وأخطر المراحل.. وهي ناحية إنسانية عامة، لن يرفضها عاقل في الدنيا، وأكثر الكفر إنما يحصل بالتولي، بالإعراض، بالصدوف، .. والقرآن مليء بذم هذه الخصال. وإنما أقول “أكثر الكفر: لأنه ليس كل مقبلاً صادقاً. قد يقبل الشخص عليك وهو مكلف من غيره، أو يريد أن يسخر، أو أن يجد عليك ما يكذبك به… وغير ذلك من الأمراض، ولذلك قد يقبل ببدنه دون قلبه. والتعامل الإنساني الطبيعي أن تقبل على من دعاك إلى حق أو معلومة بكل ما تملك، بدناً وسمعاً وبصراً وقلباً، (وهنا تدخل غاية الشكر = التفعيل).

وحتى لا نطيل نذكر بقية الآيات – في الإسلام وضده التولي – لنعرف أن الإقبال هو أول مراحل الإسلام ومن أهم أركانه، ولا يتم إلا به. لذلك وجدنا التولي ضد الإسلام – في القرآن – في عشرة مواضع، بينما الكفر ضد الإسلام في خمسة مواضع فقط، وسيأتي شرح التداخل بين التولي والكفر ومتى.

الآية الثانية:

(فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ۗ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)) [سورة آل عمران]

وهذه الآية من أصرح الآيات بأن التولي هو ضد الإسلام، وهذا يعني أن الإقبال هو من معالم الإسلام وأسسه، وسيأتي الفرق بينه وبين التسليم.

والآية الثالثة:

(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)  فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۖ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109)) [سورة ألأنبياء]

 …الآية. إذاً هو إسلام أو تولي والإقبال ضد التولي

الآية الرابعه:

((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ – أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فقولوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)) [سورة آل عمران]

 إذاً إن (توليتم) أنتم (سنُقْبِلُ) نحن سنسلم ونسلّم بهذا الحق. فأول وأخطر وأهم خطوة من خطوات الإسلام وأركانه أن (تُقبل) بكل نعم الله عليك، وأن تفعلها وتحسن توظيفها (شكراً لله) لتعلم حقيقة هذه المعلومة، ولو أن كفار قريش أقبلوا بأسماعهم وأبصارهم وقلوبهم على النبي وهو يبلغهم ما أنزل الله من الحق، فسيسلمون جميعاً، فليس في القرآن ما يستنكر.

قرآن يأمرهم بالصدق والعدل وإكرام اليتيم والحث على طعام المسكين وترك الإثم والعدوان والبغي وعبادة الأحجار والتفكر في الخلق والعقل.. الخ، لو أقبلوا على هذا الإسلام الأول إقبالاً صادقاً فهل يمكنهم أن يقولوا لا؟!

.. كلا..

وهذه الطريقة في الإقبال لما فعّلها الأنصار أسلموا بسهولة.

واليوم يتكرر الشيء نفسه، تدعو إلى موضوع واضح بين، مثل (السلم وتجنب سفك الدماء والصدق في القول ) وتجد من يتولى ويعرض ويتكبر ..

فالمرض واحد.

عندما تدعو غير مسلم إلى الإسلام فهل المناسب أن تقول له: أنطق الشهادتين أو تقول له : أريد منك أن تقبل علي بسمعك وبصرك وعقلك وقلبك؟!

الله لا يريد من الإنسان أن يسلم بلا تفكر وتدبر وقناعة، الله ليس حريصاً على جمع البشرية، فقد ترك أكثرهم لإبليس، يريدك أن تكون إنساناً شاكراً، أن توظف نعم الله عليك.. أن تفعّل سمعك وبصرك وعقلك، ولا تؤمن إلا بقناعة .. الله لا يبحث عن النفاق، ولا يكاثر بالحمقى.. يريدك إنساناً شاكراً.

ولذلك هذا (الإقبال) قيمة طبيعية إنسانية للإنسان السوي، لا يخالف في حسنها مسلم ولا غير مسلم، قلها لأي عاقل وأتحدى أن يراها منكرة أو غريبة، وهنا نتذكر معنى الفطرة، وأن الأإسلام دين الفطرة، وأن الإسلام صبغة الله، ومن أحسن من الله صبغة، هي طبعة الله في هذا الإنسان، يقر بها مباشرة..

 وستجدون من يتولى ويدبر ويعرض عن الحقيقة الطبيعية الفطرية، حتى في ردات الفعل (على تغريدات فضيلة الشيخ مـ.كـ.) أجد هذا التولي والتشويش والتكبر، هذا التولي يكون نتيجة كفر سابق، وهنا الفرق بين التولي والكفر، فالكفر عناد ينتج التولي.. والتولي ينتج جهلاً ثم كفراً، فالتولي نتيجة للكفر ومقدمته أيضاً. من هنا كان أشمل منه.

الآية الخامسه:

(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)) [سورة النمل]

هذا أيضاً موضع يبين العلاقة العضوية بين الإسلام والإقبال، والعلاقة التنافرية بين الإسلام والإدبار.. والإدبار قد يكون بالقلب مع حضور الجسد..

اكتفي بهذا القدر من الآيات الكريمة في إيضاح الركن الأول وهو الإقبال .. هو أهم الأركان… ولا إسلام صادقاً إلا به، لأنه يستلزم الشكر، فالإقبال الصادق بالحس والعقل والقلب والجوارح على شيء يعني ماذا، يعني حسن تفعيل هذه النعم، وهذا هو (الشكر).. تلك الغاية القرآنية الكبيرة.

أما الإقبال بالجسد دون القلب فهذا يسمى إسلاماً أيضاً، لكنه مستوى أدنى (لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا)، أي إقبال جسدي، كإسلام الأعراب. أما المستوى الأعلى من الإسلام فهو إسلام خاص بالقلب (تسليم مثالي)، وهذا خاص بالأنبياء، وربما ببعضهم فقط، – وهذا المعنى لم أحرره بعد – فهذا النوع من الإسلام الخالص (تسليم القلب والحس لله) أمر الله به إبراهيم بعد النبوة والرسالة، مما يدل على أنه مرتبة رفيعة جداً.. فاسمع:

يقول الله لإبراهيم..

(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)) [سورة البقرة]

فهذا أمر لنبي بأن يسلم، وليس ذلك الإسلام العادي، المقبول من سائر المسلمين، بل هو أمر بمستوى عالٍ جداً من الإسلام، قد يتوفر للنبي – اي نبي – بعد النبوة ويؤمر به.

وبين إسلام إبراهيم وإسلام الأعراب مستويات من الإسلام – ليس هنا محل بحثها ولم أستكملها أيضاً – ولكن ( الإقبال ) موجود في جميع المستويات. فإبراهيم أسلم وجهه – لله – وقلبه وسمعه وبصره وقلبه وجوارحه.. فإقباله كامل، وأما الأعراب فأقبلوا للهدى (جسدياً فقط)، وهذا من أدنى المستويات.

والخلاصة في الركن الأول (الإقبال) أنه الركن الأشمل، والأولي، الذي فيه جميع مستويات الإسلام العليا والدنيا، وبعض الأركان لا يتوفر فيه هذا. 

أركان الإسلام من القرآن! – الجزء ألثالث.

#الحرية_لحسن_فرحان_المالكي

نتابع وحضراتكم سلسلة “أركان الاسلام من القرآن” ..

في هذا الجزء يتابع فضيلة شيخنا “أعزّه الله وفكّ أسرَه” ما بدأه في الجزء السابق “الثاني” حول إسلام الانبياء.. لذلك إرتأينا ان نبدء ونعيد ما بدأه فضيلته هناك في تدبّر الآيات في إسلام إبراهيم عليه السلام..

هنا تكلم فضيلته عن الركن الثاني “التسليم” وتطرّق لمفهوم “التقوى” وآياته في القرآن..

هذا هو المالكي.

تغريدات لفضيلة الشيخ “حسن بن فرحان المالكي”.

التغريدات من شهر نوفمبر 2013.

تشرّف بجمعها ونشرها في الموقع “محمد كيال العكاوي”

أما الإقبال بالجسد دون القلب فهذا يسمى إسلاماً أيضاً، لكنه مستوى أدنى (لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا)، أي إقبال جسدي، كإسلام الأعراب. أما المستوى الأعلى من الإسلام فهو إسلام خاص بالقلب (تسليم مثالي)، وهذا خاص بالأنبياء، وربما ببعضهم فقط، – وهذا المعنى لم أحرره بعد – فهذا النوع من الإسلام الخالص (تسليم القلب والحس لله) أمر الله به إبراهيم بعد النبوة والرسالة، مما يدل على أنه مرتبة رفيعة جداً.. فاسمع:

يقول الله لإبراهيم..

(إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)) [سورة البقرة]

فهذا أمر لنبي بأن يسلم، وليس ذلك الإسلام العادي، المقبول من سائر المسلمين، بل هو أمر بمستوى عالٍ جداً من الإسلام، قد يتوفر للنبي – اي نبي – بعد النبوة ويؤمر به.

وبين إسلام إبراهيم وإسلام الأعراب مستويات من الإسلام – ليس هنا محل بحثها ولم أستكملها أيضاً – ولكن ( الإقبال ) موجود في جميع المستويات. فإبراهيم أسلم وجهه – لله – وقلبه وسمعه وبصره وقلبه وجوارحه.. فإقباله كامل، وأما الأعراب فأقبلوا للهدى (جسدياً فقط)، وهذا من أدنى المستويات.

والخلاصة في الركن الأول (الإقبال) أنه الركن الأشمل، والأولي، الذي فيه جميع مستويات الإسلام العليا والدنيا، وبعض الأركان لا يتوفر فيه هذا.

                                  

المعنى الذي لم أحرره في موضوع الإسلام:

هل كل الأنبياء عندهم ( إسلام إبراهيم)؟

أعني ذلك الإسلام الرفيع جداً؟

وجدت آية قد تحرض على بحث هذا، وهي قوله تعالى

(يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ(44)) [سورة المائدة]

والسؤال المتبادر:

مادام أن الله قال الأنبياء، فلماذا زاد (الذين أسلموا)؟

هل هي تخصيص؟

أم وصف عام؟

إن كان تخصيصاً فمعنى هذا أن هناك نوعاً من الإسلام عالياً رفيعاً عناه الله بهذا التخصيص، ولا يصل إليه إلا بعض الأنبياء، ومثل هذه الآية من بركات القرآن لأهل العرفان والتجلي، لأن القرآن – بمثل هذه الإشارات – قد يشير إلى أمور يتم اكتشافها مع الوقت بمجاهدات معينة، قد يكون عارفو الصوفية أعرف الناس بها، فالقرآن مساحة..

والشيء بالشيء يذكر ، أن القرآن اشار في آيتين إلى أن النبي محمد (أول المسلمين)، ولم يقله في غيره من الأنبياء، فكيف يكون هذا؟

اسمع ألايات:

قال تعالى مخاطباً النبي :

(قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)) [سورة الأنعام ]

كيف يكون محمد أول المسلمين؟ وقد سبقه ألأنبياء!؟

بل أكبر من هذا، أن الله أمره أن يكون أول المسلمين:

(وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)) [سورة الزمر ]

ولم يرد في أي نبي آخر!

يمكن الجواب على هذا السؤال بمعرفة معنى الإسلام من القرآن وليس من الحديث.. هنا تأتي بركة القرآن، فأما الجواب الذي أراه فهو:

أن الإسلام هنا هو مستوى وليس أولوية زمنية، بمعنى أن التسليم لله كميدان المسابقة، فمن يقطع هذه المسافة في مدة أقصر فهو الأول، وإن لم يجر فيها إلا بعد قرون، فلو أن هناك ميداناً لسباق الخيل .. قطعه الحصان (س) قبل سنة في ربع ساعة وقطعه الحصان (ص) اليوم في عشر دقائق، فمن هو الأول؟؟

هنا النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله هو (أول المسلمين) من حيث حسن التسليم والتفعيل والإيمان والإقبال والطاعة وكل خصال الإسلام. أما الأحاديث فلا يمكن تصنيفه على أنه أول المسلمين، لأنها تظهره شاكاً في أمره، وأن ورقة بن نوفل أسلم بنبوته قبل أن يسلم هو! تشويه أموي.

أما الموضوع الأول فلم يتحرر لي إلى الآن، وهو هل قوله (يحكم بها النبيون الذين أسلموا) يدل على إسلام معين هنا؟ على تخصيص؟ هذا يحتاج لبحث.

الركن الثاني : التسليم..

وهو مأخوذ من اللفظ نفسه (الإسلام)، وورد الأمر بالتسليم، وهذه مرحلة تالية بعد (الإقبال)، فأنت (تقبل) ثم (تسلّم). وهنا التسليم يكون ضده الكفر. ولا يكون التسليم مقبولاً إلا بعد تفعيل الحس والعقل والقلب (أي تحقق غاية شكر) وإلا كان نفاقاً أو تقليداً.

فالإسلام ضد الكفر من هذه الجهة، أي بعد مرحلة ( الإقبال) .. فلذلك ورد الإسلام ضد الكفر في آيات قليلة، بعكس وروده ضد (التولي)، لأن المولين والمعرضين هم أكثر من المقبلين الذين يقبلون بأغراض مريضة، كالتجسس أو التظاهر بالإقبال لنقل معلومة مكلف بها أو تشويهها أو.. الخ، فالذي (يسلّم) بالحق بعد إقباله عليه أكثر من الذي يكفر بعد الإقبال، وأركان الإسلام متداخلة، ينتهي أحدها مرتبطاً بالآخر، كالدوائر المتقاطعة.

والتولي والكفر والإلحاد هو نتيجة أخلاقية وليس معرفية، فمن تواضع عرف وسلّم بالمعرفة، ومن تكبر أعرض وتولى وتعلل بأيسر شبهة، ولم يجهد نفسه.

فالملحد – مثلاً – قد يغلب عنده جانب الرحمة على جانب القدرة والحكمة والعلم والبحث والنظر والعقل والتفكر، وكل هذه الخصال، كل هذا لوهم في تصور الرحمة. وأقصد بقولي مشكلة (الإلحاد) أخلاقية، أي أنه لابد أن يصاحبه نقص في (أخلاق المعرفة) من حيث تقديم ألأقوى فالأقوى من الحجج، مع الجهد البحثي..

وكذلك الكفر والظلم .. كل بلاء أساسه الأخلاق السيئة – من كبر أو عجلة أو خصومة أو كسل بحثي أو تقليد … الخ – وكل حق أساسه أخلاق المعرفة.

الإسلام بركنه الثاني (التسليم) هو التسليم للحقيقة، وهو تسليم لله وحده – وليس لشيخ ولا مذهب – فلذلك جاءت آيات مثل:

(بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(112)) [سورة البقره]

 (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34)) [سورة الحج]

( قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)) [سورة الأنعام]

فالإسلام هو لله، ومن يتكبر – بسبب عنصرية أو قبلية – فإنما يكون بسبب أنه يظن أن الإسلام والاستسلام لبشر مثله من قبيلة منافسة، فالله يطمئنك بأن التسليم له هو سبحانه وتعالى، لذلك لا يوجد (أسلموا للنبي)،

فأنت مطلوب منك أن تستسلم لكل حقيقة، والنبي – أي نبي – يأتيك بمقدمات أنت تؤمن بها، ولا يسألك أجراً، وإنما لا يجوز لك الاشتراط على الله. ومعظم شرك الأمم ليس شكاً في الدلائل والبراهين، وإنما علتهم (أبشر يهدوننا)، هذه هي العصبية الملعونة، وهي من فروع الكبر، معصية إبليس.

أنت ليس المطلوب منك أن تستجيب لما لا تعرف أنه حق، وإلّا لكان المطلوب منك الاستسلام لكل مشعوذ وساحر..

كلا.. لابد أن تعرف أن هذه معرفة صحيحة.

والأنبياء لا يبدؤون بما يخالف العقول، إنما (يذكِّرون) بأمور أنت تعرفها، فلماذا تستكبر عنها؟!

أعني.. بدايتهم تكون بهذه، فمثلاً: كل ألأنبياء يسألونك من خلق السموات والأرض، وهل أصنامكم تخلق وترزق، ويأمرونك بالصدق والأمانة وصلة الرحم، والتقوى (ترك العدوان).. وهكذا، فإذا آمن بها الشخص وقال: أنت صادق في هذا، لكن هذا يمكن أن يأمر به أي أحد، فما الذي يدلنا على أنك مرسل من عند الله؟

هذا موضوع مطروح بجدية، ولكن يجب أن نعرف الأمر الأول ما هو؟ وهذه فلسفة يجب ضبطها قرآنياً، ولم أضبطها حتى الآن للأسف، إلا أنني وجدت أن الدعوة العامة هي للتقوى، يعني ترك العدوان والأذى والظلم وكل ما يضر أخاك الإنسان، هذه دعوة ألأنبياء جميعاً، فلنستعرض أدلتها من القرآن ثم ننظر في أهمية الإيمان.

أعني.. ليست دعوة الأنبياء العامة هي أن تؤمن به رسولاً، فهي مرحلة ثانية، المرحلة الأولى أن تحقق اية التقوى، أن تتوقف عن الظلم وألأذى، فاسمع:

1- نوح: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106)) [سورة الشعراء]

هذا هو الأمر العام!

2- هود: (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124)) [سورة الشعراء ]

الدعوة العامة التقوى.

3- صالح: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142)) [سورة الشعراء]

فالدعوة العامة التقوى!

4- لوط: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161)) [الشعراء]

التقوى لك أيها الإنسان

5- شعيب: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177)) [سورة الشعراء]

 التقوى في مصلحتك أنت!

6- إلياس: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124)) [سورة الصافات]

التقوى لبني آدم/ لا تظالموا.

7- عيسى: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50)) [سورة آل عمران]

التقوى لبني الإنسان أنفسهم، ليعمروا الأرض بالتعاون على البر والتقوى.

8- موسى: (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11)) [سورة الشعراء]

والتقوى نداء عام للبشرية، للناس، لكل المولودين من ذكر وأنثى..

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)) [سورة النساء]

 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)) [سورة الحجرات]

لاحظوا الطلب.. من كل أبن أنثى أن يتقي الله. وأن أكرم هؤلاء عند الله هو أتقاهم، هو أبعدهم عن العدوان، هو أكفهم عن الأذى، عن الظلم..

ما معنى هذا؟

يعني هو طلب رئيس، من أجله بعثت الرسل.

الإيمان بالله واليوم الآخر هو للمساعدة على التقوى، حتى تطمئن أنك إن تركت الظلم وألأذى والعدوان وظلمك آخرين، فالله موجود، وهناك يوم حساب. فالإيمان بالله واليوم الآخر والنبوات هي لمساعدتك أنت على التقوى، على أن تعمر الأرض بالعلم والسلام والطمأنيية.. الخ، ولذلك الإيمان ليس غاية.

ليس في القرآن (لعلم تؤمنون)، وإنما الغاية تجدها في موضوع يحقق التقوى:

( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154)) [سورة ألأنعام]

فالإيمان بلقاء الله هو غاية لإيتاء الكتاب وتفصليه – كما في سورة الأنعام في قصة موسى – لكن هذه الغاية هي وسيلة من وسائل (التقوى). والتقوى من وسائلها في القرآن – دون استعراض الآيات للإختصار – هي:

1- العبادة نفسها. 

2- إنزال الكتب (ومنها القرآن نفسه). 

3- بعث الرسل. (ألآيات أعلاه من سورة الشعراء).

4- العدل (اعدلوا هو أقرب للتقوى).

5- الصراط المستقيم كله المفصل في سورة الأنعام غايته التقوى. 

6- غاية العقل وسيلة للتقوى.

7- غاية الذكر.

8- الإيمان بالله نفسه من وسائل التقوى، فالتقوى غاية له (كما في سورة يونس).

9- الصيام.

10- بيان الأحكام.

11- الإنذار.

12- التذكير.

إذاً فالإيمان بالله والنبوات والكتب وتفصيل الآيات .. الخ، كل هذه من وسائل التقوى، فالتقوى هي الغاية التي تجمع هذا كله، هذا ترتيب القرآن.. وهذا يعني ماذا؟

يعني أن وجوب الإيمان بالله واليوم الآخر ليس لأن الله يريد أن يفاخر بك، ولكن لتستعين بهذا الإيمان على غاية التقوى. فالتقوى أنت مخلوق لها كغاية، للعبادة نفسها، حتى عندما يقول الله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فقد بين أن غاية العبادة أن توصلك للتقوى، كما في سورة البقرة

( ..اعبدوا ربكم الذين خلقكم والذين من قبلكم)

لماذا يارب؟

 ما الهدف؟

 الجواب ( لعلكم تتقون)!

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)) [سورة البقره]

هل اتضح الموضوع الآن؟

إذاً يجب أن نرتب دعوتنا لأنفسنا ولغيرنا على أساس ترتيب القرآن وليس على ترتيبنا نحن، لأن أي إخلال بترتيب الله سيفسد علينا الدين كله.

الله خلقك مخلوقاً مختلفاً عن بقية المخلوقات، أنت مخلوق لإعمار هذه الأرض بالعلم والمعرفة (خلق لكم ما في السموات وما في الأرض)، فهل يمكن أن يحسن بنو آدم إعمار الأرض واستثمار ما في السموات وما في الأرض وهم في نزاع وقتال وتظالم وحسد وكبرياء وصراع أبدي؟

كلا..

ولذلك أتى الأمر بالتعاوى على البر والتقوى، وترك التعاون على الإثم والعدوان، وأكرم الناس عند الله المتقين، ولا يتقبل الله إلا منهم. فالموضوع مترابط جدا،ً حدِّدوا غايات القرآن من القرآن – وليس من عندكم – لأنكم لا تضمنون أن الشيطان قد أخل بالترتيب في عقولكم وثقافتكم، وتذكروا أن الله قال (هو أعلم بمن اتقى)، ولا يقول هذا إلا في موضوعات فيها نزاع كبير، فخذوا تعريف التقوى منه – مادام أنكم تسلّمون أنه أعلم به – لماذا تعترفون أنه (أعلم بمن أتقى) وأنه (عليم بالمتقين).. فلماذا لا تصدقونه عندما يقول مثلاً (والذي جاء بالصدق وصدق به أؤلئك هم المتقون)؟!

يجب أن نصدق الله في كل شيء، ووضع المسلمين على العكس! أنهم من أكثر الناس رداً للصدق – إذا أتى ممن يبغضون – ومن أقوَل الناس بالكذب (ممن يحبون)!

عذراً لأن القرآن يأخذ بعضه ببعض .. وأطلنا في موضوع التسليم، وأن الأنبياء دعوتهم الأولى أن تكونوا من المتقين، أن لا تظلموا، ولا تعتدوا.. وهذه الدعوة للتقوى من أجلها شرع وسائل كثيرة جداً، من أهمها الإيمان بالله واليوم الآخر والنبوات والعبادة والتعقل والتذكر ..الخ.. هل هو واضح؟

إذاً.. فالله يريد منك أن تترك العدوان، وأن تأتي بالصدق وتصدق به، وتفيد نفسك وأرضك المستخلف عليها أكثر مما يريد منك الإيمان بالله ورسوله. وهذا عكس ما هو مستقر في عقول أكثر المسلمين.. لأنهم هجروا الكتاب وركضوا خلف البديل الروائي (الحديثي) وما أنتجه من عقائد ومفاهيم وسلوك، وثمرة هذا كله أن غير المسلم – الذي يحقق من خصال التقوى – أكبر قدر من كف الأذى والعدوان هو أكرم عند الله من فقيه مسلم مستبد أو كاذب أو ظالم. فالمصيبة المهلكة ليس في العلم، وإنما العمل، أي ليس في الجهل البسيط، وإنما العدوان والظلم والكذب والغش وإضاعة الأمانة ..الخ.

فافهموا.

والآن تلفتوا في الأرض… من هم أكثر الناس عدواناً وأذىً وكذباً وتقاتلاً على حطام الدنيا وغشاً وإضاعة للأمانة ونهباً للأموال و..الخ؟!

إذً مشكلة المسلمين هو عدم تحققهم من معاني ألفاظ القرآن من القرآن، إذ صبوا فيها معاني أخرى، أكثرها مغشوش من الشيطان وأوليائه فتعطل القرآن.

القرآن أفضل معجم لغوي، يفسر القرآن نفسه، لا تفسره بحديث ولا روياة ولا مذهب ولا شيخ ولا عقيدة .. أو – على الأقل – ليكون هذا منهجك العام. وأول معنى للفظة بالاشتقاق، فمثلاً.. الإسلام:

ستجد مشتقات مادة (س ل م) في القرآن تتمحور حول المعنى الأصلي، فالمعجم اللغوي للقرآن هو القرآن، إذاً فالتسليم مأخوذ من الإسلام نفسه، إسلام الوجه لله، يعني الاستسلام لما يخبر به ويأمر به وينهى عنه، ولذلك لابد أن يكون الإسلام مستويات، والإسلام لله – كما قلنا – لا يأتي من المختلف فيه، إنما من المتفق عليه بين البشرية كلها، كالنظر للمخلوقات ورفع التبلد الحسي وترك العدوان، ثم تنطلق منها للأشياء الخاصة، مثل الصلاة والصوم والحج .. ومعرفة سر تشريعها، وليس الأمر الأولي بها، بل كما قلنا، الشهادتان تأتي تالية، فالتفكر مطلوب قبل النطق بالشهادتين.. أن تتفكر:

 هل ما يقوله هذا النبي حق أم لا؟

هل له مصلحة أم لا؟

هل هومعروف بالصدق والأمانة أم لا؟

..الخ

فإذا (فكرت) وتوصلت أن ما يقوله حق، وأنه معروف بالصدق والأمانة، فهنا يأتي مرحلة سماع الكتاب وتدبره، وستجد فيه الدليل على النبوة. فالدليل على نبوة النبي هو القرآن نفسه وليس المعجزات – فهذه إن صحت لم نشاهدها نحن – ولا رآها البعيدون عن موطن الرسالة، فكيف يؤمنون به!؟

ولكن الشيطان أفسد في عقول المسلمين هذا الكتاب، وجعل دليل نبوة النبي هو انتصاره على الكفار وانتشار الفتوحات، جعل الحجة ضعيفة ليمكن أبطالها. فلذلك من الطبيعي أن يرتد من يرتد ويلحد من يلحد ويأبى الأسلام من يأباه.. هذا طبيعي جداً، لأن الشيطان عمل على إضعاف الحجة وتَبِعَه المسلمون.. فلذلك لا يستطيع الشيوخ – ولو اجتمعوا – الرد على شبهة صغيرة من ملحد! لا يستطيعون لأن ما بأيديهم ليس برهان الله، وإنما تزيين إبليس وزخرفته.. بل شبهات المسلمين.. بل أسئلة الشباب البسيطة عن الله والنبوة واليوم الآخر والقضاء والقدر .. لأن الشيطان حريص على إضعاف حجج الإسلام.

بل لا يتركك هؤلاء لتجيب وتحاور… من كفر أو ألحد عن شبهة – لا عن هوى – ويكفرونك إذا قلت بخلاف المذهب (وإن اتفق جوابك مع القرآن الكريم!).

نعود لأركان الإسلام في القرآن..

سبق (الإقبال) ثم (التسليم)، وذكرنا أن الله يطلب منك – كإنسان – أن تقبل على المعلومة صادقاً بكل طاقاتك، ثم تنظر.. فإن وجدتها صحيحة فيجب (التسليم بها)، وهذا هو الركن الثاني.

والخلاصة الخاصة من أركان الإسلام، أن تستسلم للحق من أجل الله، لا من أجل بشر.

أن يكون استسلامك سليماً للمعلومة الصحيحة، لأن هذه المعلومة صحيحة – سواء دينية أو طبيعية ( وكلاهما من عند الله) – هي وسيلتك في العيش بسعادة.

وذكرنا أن الإسلام يضاد التولي أولاً – من أكثر الوجوه – ويضاد الكفر (العناد والجحود) ثانياً، ويضاد المعصية لله ورسوله في مرحلة لاحقة، وعندما تكتشف أن الإسلام يضاد التولي والجحود والمعصية – مثلاً – فاعكس هؤلاء لتعرف أركان الإسلام، فقل الإقبال والتسليم والطاعة من خصال الإسلام.

أركان الإسلام من القرآن! – الجزء ألخامس.

#الحرية_لحسن_فرحان_المالكي

نقدم لحضراتكم الجزء الخامس والأخير من سلسلة “أركان الإسلام من القرآن“..

هذه السلسله التي اجتهد بها فضيلة شيخنا ابا مالك -أعزّه الله وسرّع في فك أسرَه – لتبيان أركان الإسلام وفقا للقرآن وبعيدا عن التعريف المذهبي..

وهذه السلسله تبين التوجه الفكري والايماني لفضيلته..

الأعتماد على القرآن أولا..

هذا هو المالكي.

تغريدات لفضيلة الشيخ “حسن بن فرحان المالكي”.

التغريدات من شهر نوفمبر 2013.

تشرّف بجمعها ونشرها في الموقع “محمد كيال العكاوي”

 أركان الإسلام القرآنية الثمانية … يمكن أن يكونوا ثلاثة! وهي (الإقبال والتسليم والعمل الصالح)، فالعدد لا يهم، إنما المهم هو الشمول.

كنت قد استخرجت أركان الإسلام من القرآن، فكانت ثمانية، لكن يمكن ضم العدل والطاعة وغيرها تحت عنوان (العمل الصالح)، وهذا أسلوب قرآني ونبوي.. لذلك.. حتى تستقر هذه الأركان في الأذهان فيمكن أن نقول أن أركان الإسلام ثلاثة (الإقبال، والتسليم، والعمل الصالح)، وسأشرح هذا الآن مختصراً.

فالإقبال = ضد التولي ولإعراض.

والتسليم = ضد الكفر وقسوة القلوب.

وعمل الصالحات = ضد المعصية والجريمة.الخ

ولكن انتبهوا لاستخراج ذلك من القرآن.

بمعنى.. عندما تبحث عن (التولي) الذي هو ضد (الإقبال) انزر المواضع القرآنية التي يكون فيها (التولي ضد الإسلام) بالدرجة الأولى،

بمعنى.. لا تحشروا كل (تولي) هنا، وإنما اقتصروا في البداية على التولي المضاد للإسلام، كمجموعة أولى، ضدها الإقبال الأول، وهو الركن الأول. ثم في المجموعة الثانية، اجمعوا ( التوليات = جمع تولي) الأخرى, التي ليست صريحة بأنها مضادة للإسلام، وإنما لأمور أخرى، ثم اعرفوا العلاقة.

وكذلك إن ذكرت (عمل الصالحات) أنه من أركان الإسلام، فاقتصر على تلك الأعمال التي ذكر القرآن أنها من الإسلام، وليس كل عمل صالح، هذه أخرى. ثم يرقيك القرآن في معرفة العلاقة بين المجموعة الأولى من (عمل الصالحات) وبين (العمل الصالح)، وتتعلم وتتطور، وتعرف العلاقة بينهما، فهناك علاقات بين الإسلام والإيمان والكفروالمعصية والكفر والنفاق هكذا.. هذه العلاقات لا تعرفها بسهولة، فرتب أمورك بتدبر هاديء، خذ الأوضح، فعندما يكرر القرآن الكريم ما يفيد أن الإسلام ضد التولي – في عشر آيات – فهذا خذه بقوة.. واعرف ما يقابل (التولي)، وهو الإقبال. ثم انتقل للضد الثاني للإسلام، وليكن الكفر,, واعرف ما يقابله – وهو التسليم مثلاً – فهذا ركن ثاني، ثم انتقل للثالث.. وهكذا..

اهدأ وتدبر بصدق، يعلمك القرآن.

لا تبحث من أجل أن تفاخر بعلمك بين أصدقائك، ولا في النت، ابحث لنفسك، أنت قل يا رب أريد أن أعرف فعلمني.. وتعلم أنت ترك العجلة، فهي فرع من الكبر.. لأن المستعجل يريد معرفة كل شيء دفعة واحدة.. كلا كلا.. المعرفة لا تتناهى… ليس هناك نهاية للمعرفة، فاحرص على التعلم والتطور وليس الإحاطة,,

حب الإحاطة فيه شيء دقيق من عمل الشيطان.. لأن الشيطان يوهمك بأنه ممكن أن تحيط بالعلم كله، وتصبح لا مثيل لك.. اترك هذه الشعور الشيطاني.. أنت اربط قلبك بالله، وثق أنه لن يحاسبك بما لم تعلم، ولا يطلبك منك العلم كله، هو يعرف أننا لم نؤت من العلم إلا قليلاً، فلا تعجل…

تعلم بهدوء!

ولا تراقب الناس كثيراً … وتقول أريد أن أنقل للناس هذا.. الناس يجهلون كذا وكذا .. الناس … احذف كلمة (الناس) من قاموسك.. ليس عليك هداهم.

لا تستعجل إصلاح الناس بإفساد نفسك، الناس قائمة عليهم الحجة في القطيعات من الإيمانيات والواجبات والمحرمات، فلا تنشغل بالحرص على إفادة الناس،

قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.. هل تظن أن هذا يخفى على الناس؟

حتى العامة هو لا يخفى.. فدعهم يقتلون تحت الكذب على الله.. ليس عليك هداهم

نفسك أولاً علمها، وبعد ذلك انقل ما تعلمته إلى الناس، ولا تهتم من أخذ به ومن تركه.. العلم لله وليس لك.. انشر هذا شهادة لله ولا تطلب جزاءً.

بلغة أخرى سهلة :

(اترك لله فرصة).. اترك له فرصة ابتلائهم، فهو يريد تمييز الخبيث من الطيب.. لا تحرص على هداهم جميعاً، فالله لا يريد ذلك..اسمع ماذا يريد الله:

(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)) [سورة المائده]

هل فهمت؟؟؟

ماذا آتانا الله؟

سمعاً وبصراً وعقلاً وقلباً وصحة وأموالاً … الخ..

ممتاز.. اترك لله فرصة أن يبتليهم فيما آتاهم، أنت انشر الحق وانس الموضوع.

مهمتك تتوقف عند مهمة الرسل (البلاغ المبين)..

هل تريد المزايدة على الرسل؟!

أنت مهمتك نتنهي هنا، اترك لله فرصة اختبارهم وتمييز الخبيث من الطيب.

اسمع أيضاً – وتدبر بهدوء – حتى تتجنب هذا الجهل بسنة الله:

(وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ (35)) [سورة الأنعام]

 فلا تكن من الجاهلين؟!

من أراد أن يهدي الناس جميعاً فقد سنة الله.. الله لا يريد ذلك..

فهمت؟

الله يعلمك أن مهمتك التعلم أولاً لنفسك، ثم البيان وترك الكتمان، وبعد ذلك خلاص…

انتهت مهتمك.. تبدأ هنا مهمة الله، فلا تحاول الاستيلاء عليها.

لذلك تعلم الهدوء وترك مراقبة الناس.. صحيح أنك قد تحزن على المساكين المغفلين.. لكن لا تجعل هذا الحزن ضاراً لك أنت.. علماً أو عملاً.

ولا تعرض نفسك بديلاً عن الله بأن هذا مسكين ما يستحق ولكن ضللوه.. القرآن مبين.. والقواطع فيه كالشمس.. ومن تمسك بها فقد فعّل ما آتاه الله.

هذه النعم (السمع والبصر والعقل والقلب) أمانات كبيرة جداً، وعليها يدور الدين كله (إما شاكراً وإما كفوراً)، فمن رسب في الاختبار فلا عليك منه، وثق في عدل الله (إنه لن يعذب إلا من يستحق) فالحجة لله على من يعذبهم، ولا حجة لهم، وسيشهدون على أنفسهم أنهم كانوا كافرين، هم يعرفون ذلك.

نعم.. لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالمتبلد المستحكم الغباء لا يكلفه الله فوق طاقته، بل قد لا يكلفه إلا بقدر ذلك العقل الممنوح له، فالله هو البصير بالعباد – لا أنت – دعهم لله .. أنت عليك أن تعلم نفسك ثم البلاغ المبين الواضح .. وفقط.. اترك عبادة الناس، خاصة أو عامة.

 

وأخيرا..

أركان الإسلام،… راقبوا المعنى لا العدد! ليس المهم أن تكون أركان الإسلام في القرآن أو الحديث خمسة أو ثمانية أو ركناً واحداً أو عشرات، إنما المهم – في أركان الإسلام – أن يكون المعنى معبراً عن معالم الإسلام – الموجودة في القرآن – هذا هو المهم، فلا يشغلكم الشيطان بالعدد.، بل حتى في الإسلامات المتعددة في الأحاديث، بعضها يكون ركناً أو ركنين، ولكنه أصح، مثل حديث (قل آمنت بالله ثم استقم)، هو أشمل من حديث ابن عمر.

حديث (قل آمنت بالله ثم استقم) ركنان للدين، ولكن معناه صحيح شامل، يشبه القرآن، وحديث عبادة بن الصامت (عشرة أركان)، ويشبه القرآن، فالمعنى هو المهم. ولكن حديث ابن عمر (بني الإسلام على خمس) ليس فيه شمول حديث (الركنين ولا العشرة)، ولا يشبه القرآن، ولذلك اشتهر بين المسلمين.

وكل الأحاديث الثلاثة في الصحيح، حديث (آمنت بالله ثم استقم) وحديث (الأركان الخمسة) وحديث عبادة بن الصامت (بيعة الإسلام)، فلماذا اخترنا الأضعف؟!

أقول هذا حتى لا يقال إنك تنكر الحديث، نحن نكرر:

لا ننكر الحديث، ولكن ننظر الحديث الأشبه بالقرآن الكريم..

والسؤال:

لماذا يتركون الأشبه بالقرآن؟

لا يشغلكم الشيطان بالصراع بين القرآن والسنة، كلا.. هما ليسا متصارعين، وإنما هناك أحاديث تشبه القرآن وأحاديث لا تشبهه، خذوا ما أشبه القرآن فقط.

الشيطان يشغلنا بالصراع، بالتفريق بين الله ورسوله، ليسلك بنا بين ذلك سبيلاً،

 

القرآن هو الأصل، والنبي متبع للقرآن لا يخالفه، تيقنوا من هذا.

 

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

مركز “الأزهر” للفتوى: المستوطنون بالأراضي المحتلة ليسوا مدنيين، بل هم محتلون للأرض

شفقنا : قال مركز ” “الازهر”  للفتوى”، إن المستوطنين في الأراضي الفلسطينية هم محتلون وليسوا …