الانعكاسات الاعلامية على تنصيب بولتون : الرئيس المجنون يعين مجنونا مستشارا لأمنه القومي.. فما هي النتيجة؟

فارس نيوز :
ففي صباح الجمعة الماضية قامت الرئيس الاميركي، دونالد ترامب، وفي تغريدة له على تويتر، بإقالة هربت ريموند مكماستر من منصبه مستشارا للامن القومي في البيت الابيض، وعين بدلا عنه “جون بولتون” سفير أميركا الأسبق لدى منظمة الأمم المتحدة، ليصبح ثالث مستشار للامن يعينه ترامب، بعد استقالة مايكل فلين، وإقالة خليفته مكماستر.

وكان مكماستر مع وزير الخارجية الاميركي المقال “ركس تيلرسون” (الذي أقاله ترامب ايضا بواسطة تغريدة على تويتر) ومع جيمز ماتيس، وزير الدفاع يشكلون حلقة مستشارين ترامب، وهؤلاء الثلاثة ورغم مواقفهم المتشددة حيال ايران، الا انهم كانوا يدعمون بقاء أميركا في الاتفاق النووي. في حين تفيد التقارير ان أحد الأسباب الرئيسة لعزلهم من قبل ترامب يعود الى اختلافاتهم مع الرئيس الاميركي بشأن الاتفاق النووي النووي مع ايران.
تولى “بولتون” (70 عاما) منصب سفير الولايات المتحدة لدىة منظمة الأمم المتحدة من آب/أغسطس 2005 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2006، حيث استقال من منصبه لأن تنصيبه كان دون الحصول على ثقة مجلس الشيوخ، إذ كان يعلم انه لا حظ له في الحصول على ثقة هذا المجلس.
وعد “بولتون” من أكثر الساسة المحافظين الجدد معاداة لإيران في أميركا، وهو من أبرز المعارضين للاتفاق النووي بين ايران ومجموعة دول 5+1.. فقد شكى مرارا في مقابلاته ومقالاته أن استراتيجية ترامب بشأن الاتفاق النووي تأثرت بمواقف تيلرسون ومكماستر.
ولكن يبدو ان ترامب قرر ان يكمل حلقة مستشاريه قبل انطلاق المحادثات بين كوريا الشمالية وأميركا، الا ان تعيين بولتون دق ناقوس الخطر في آسيا، وباعتباره شخصية داعية للحرب ويدعم الاجراء العسكري ضد كوريا الشمالية، فهذا ما أصاب حتى حلفاء أميركا بالحيرة والاستغراب.
ومنذ أن كان مساعدا لوزير الخارجية الاميركي في شؤون الاشراف على التسليح وسفيرا لبلاده في منظمة الامم المتحدة، اعتمد بولتون نهجا متشددا حيال كوريا الشمالية.. ففي تلك الفترة كانت وكالة الانباء الرسمية لهذا البلد تصفه باستمرار بأنه “مصاص دماء” و”حثالة إنسانية”.. وفي موضوع له نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الاميركية اواخر شهر شباط/فبراير الماضي، صرح بولتون أن على أميركا أن لا تتلكأ لئلا تفقد الوقت لبدء الاجراء العسكري ضد كوريا الشمالية ويفوت الأوان.
ولقد أثار هذا التعيين المثير للضجة، ردود فعل ملفتة في أكثر وسائل الاعلام الغربية، والتي تناولت أغلبها نهج بولتون الداعي للحروب.
فذكرت صحيفة واشطن بوست الاميركية بهذا الخصوص، ان بولتون دعم لسنوات فكرة تغيير النظام في كوريا الشمالية، مؤكدا حتى لو تطلب الأمر يمكن اللجوء الى القوة لتنفيذ هذه الفكرة.
وتحت عنوان “هل ان جون بولتون خطر لها الحد؟” كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقريرها: قلّما وجد في أميركا أشخاص يشبهون جون بولتون يسيرون بهذا البلد نحو الحرب.. إن تعيينه يبين قرارا تحذيريا كسائر القرارات التي اتخذها ترامب حتى الآن. فتعيين بولتون مستشارا للامن القومي للبيت الأبيض والى جانب ترشيح “مايك بومبيو” المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية، لتولي حقيبة الخارجية، يبين الى أي مدى يريد ترامب التوغل في إلهاب المشاعر الوطنية في أميركا.. وبشكل خاص فأن بولتون هو من جملة الذين يعتقدون ان أميركا يمكنها القيام بأي إجراء شاءت دون الاكتراث بالقوانين والمعاهدات والالتزامات الدولية او حتى الالتزامات السياسية للحكومات السابقة في هذا البلد.
وتابعت نيويورك تايمز قائلة: ان صعود بولتون عصبي المزاج سريع الغضب، الآن وفي هذه البرهة الحساسة مع كوريا الشمالية، هو قرار مخيف.. وفي الظروف التي كان فيها ترامب يهدد كوريا الشمالية في الأغلب بعمل عسكري.. الا انه قبل دعوة “كيم جونغ اون” زعيم كوريا الشمالية لعقد اجتماع بوساطة رئيس كوريا الجنوبية، الذي يرغب بشدة بحل دبلوماسي لأزمة شبه الجزيرة الكورية.. وفي هذه الأثناء فإن بولتون صرح لفوكس نيوز ان هذه المحادثات لا فائدة منها ووصف الرئيس الكوري الجنوبي بأنه خاضع بشدة لنفوذ كوريا الشمالية..
وعلقت الصحيفة: ان نشوب حرب أخرى ليس فقط لأميركا، بل كذلك سيكون خطيرا لحلفائها ككوريا الجنوبية واليابان.
أما صحيفة “هافينغتون بوست” الاميركية فقد أشارت في تقرير لها الى تولي “جون بولتون” منصب مستشار الامن القومي الجديد في اميركا، ومواقفه المتشددة، وكتبت: الجنون، هو المصطلح الذي يتبادر للذهن للإشارة الى بولتون.. فلقد ساهم المساعد السابق لوزير الخارجية الاميركي في هندسة حرب العراق الكارثية، ومرة اخرى برز الى مقدمة الاخبار من خلال نشره خطة بشأن كيفية  القضاء على الاتفاق النووي والتحريض على حرب أهلية في ايران.. والمهم أن علينا أن لا نغطي أهمية ما يقترحه.. فعلى أميركا وبدلا من تركة الحرب والموت والخيانة، ان تحترم الاتفاق النووي، وان تكرس الدبلوماسية في الشرق الاوسط.. فلقد آن الأوان لإنهاء خطة بولتون التي طرحها منذ عقود لزعزعة استقرار المنطقة.
كما وصفت صحيفة “غارديان” البريطانية، بولتون بأنه من “صقور السياسة الخارجية” والذي يدعم الحرب ضد ايران وكوريا الشمالية، مؤكدة ان “مستشار الامن القومي الجديد لترامب، سيسوق البيت الأبيض في مسار هجومي على منطقتين حساستين.. وإذ يفتح ملفا حقوقيا من اجل الهجوم الاستباقي على كوريا الشمالية، يؤمن ان السبيل الوحيد لوقف قنبلة ايران يتمثل في قصف ايران”. ويبدو ان الرئيس الاميركي قام بتعيين بولتون وهو علم تام بمواقفه السياسية وأدائه الإعلامي، فإذا كان بولتون يبدو كرجل متوحش في إدارة جورج بوش الجامحة والمجنونة، الا أنه قد يتحول في إدارة ترامب، الى أكبر المجانين في أرض المجانين.
وفي تحليل لها بشأن تعيين بولتون في البيت الابيض، أشارت صحيفة وول ستريت جورنال الى مواقفه الداعية للحرب وخاصة ضد ايران، وكتبت: لقد وصف بولتون الاتفاق النووي مع ايران بأنه هزيمة دبلوماسية كارثية، والآن إذ نقترب من المهلة التي حددها الرئيس الاميركي بشأن تمديد تجميد الحظر ضد ايران ضمن هذا الاتفاق، يبدو أن ترامب لديه هذا الشعور بأن الوقت قد حان لينتقي أعضاء فريقه الجديد.. لكن بولتون يمثل مرشحا يعارضه الديمقراطيون وبعض الجمهوريين، إذ أنهم يرون أفكاره تتعارض مع السياسة الخارجية لإدارة ترامب.. ان بولتون هو شخص مازال يعتقد ان الحرب على العراق كانت فكرة جيدة، وأن خيار تغيير النظام كان خيارا مناسبا..
وفي مقال آخر لها، أشارت “وول ستريت جورنال” الى أنه لعل أهم اسباب تسرع ترامب في هذه الإقالم وهذا التنصيب الجديد، يتمثل في المذاكرات القادمة مع كوريا الشمالية.. فجون بولتون بإمكانه ان يغير معادلة كوريا الشمالية – أميركا، وتعيينه قد يكون متغيرا غير قابل للتكهن بهدف التأثير على الاجتماع القادم بين كوريا الشمالية وأميركا.. فبعد موافقة ترامب مع هذه المحادثات، وصف بولتون في مقابلة تلفزيونية اقتراح بيونغ يانغ للحوار بأنها خدعة لشراء الوقت.. في حين يرى بعض المحللين السياسيين والمسؤولين السابقين في كوريا الجنوبية ان هذا التنصيب قد يعرض جهود سيئول للوساطة في المحادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ للخطر.. وأن الرئيس الاميركي ومن خلال اختياره بولتون الى جانب بوميو في منصبيها الجديدين، قد كوّن فريقا أكثر “صقورية” من الفريق السابق.
وفي استعارة لافتة، كتبت صحيفة “تلغراف” البريطانية: اذا أردتم السلام استعدوا للحرب.. هذا ما يقوله جون بولتون المكلف بوضع الاستراتيجيات باعتباره المستشار الجديد لدونالد ترامب في الامن القومي.. وبهذا التغيير يبدو انه لابد ان نتوقع سياسة خارجية أميركية أكثر صرامة.
ورغم المشتركات العديدة التي لديه مع الرئيس الاميركي، فإن بولتون لديه ايضا اختلافات معه في وجهات النظر.. فهو يدعم المزيد من العقوبات ضد روسيا، ويرى ان حرب العراق كانت مبررة تماما، والأن فإن تعيينه في هذه البرهة، قد تبرز مرة اخرى الشرخ بين الديمقراطيين والجمهوريين بشكل اعمق، لأن الديمقراطيين يعتبرون بولتون بأنه من أكبر دعاة الحرب، في حين يتحدث الجمهوريون عن تجاربه في السياسة الخارجية.
وبالتالي، ليس معلوما ما هي التوجهات التي سيعتمدها وما هي المشورات التي سيقدمها بولتون كمستشار للامن القومي لترامب، ولكن ما يمكن استشفافه من الشواهد أن العناصر الجديدة في الفريق الاستشاري لترامب، قد تم انتقاؤهم بشكل، ليؤيدوا وجهات نظر الرئيس الاميركي ويحثونه أكثر فأكثر في درب “الصقورية” الذي اعتمده.

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

الانتخابات الأمريكية.. هل تنبأ برنامج “عائلة سيمبسون” بنتيجتها؟

RT : ثبت أن برنامج “عائلة سيمبسون” يتمتع بقدرة خارقة على التنبؤ بدقة وبشكل صادم …