أعادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فتح ملف محتجزي فندق “الريتز كارلتون” في العاصمة السعودية الرياض، حيث احتجز عشرات الأمراء ورجال الأعمال ووزراء سابقون، بزعم محاربة الفساد، وأظهرت تفاصيل لم تُنشر عن ممارسة القهر وألوان التعذيب ضد المعتقلين، بهدف الاستحواذ على مليارات الدولارات منهم.
كما كشف تقرير الصحيفة الأمريكية الذي نشرته مؤخراً، وجود بعدٍ شخصيٍّ في حملة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ضد أبناء عمومته الأمراء، وأظهرت المعلومات الدقيقة وجود صراع أجنحة داخل الأسرة السعودية الحاكمة، التي يعيش غالبية أمرائها اليوم في حالة رعب، وبعضهم ممنوع من السفر، وبعضهم الآخر يسمح له بسحوبات أسبوعية محددة من أمواله المودعة في بنوك المملكة.
– أسرار قتل الجنرال القحطاني
في شهر ديسمبر 2017 كشفت معلومات مسربة عن مقتل اللواء علي بن عبد الله القحطاني، مدير مكتب أمير منطقة الرياض السابق، من جراء التعذيب في “الريتز″، بعد اعتقاله في نوفمبر من نفس العام، وأشارت معلومات صحفية إلى أن عائلته وجدت صعوبة في التعرف على ملامحه عند تسلم جثته، بسبب آثار التعذيب التي تعرض لها.
“نيويورك تايمز″ كشفت معلومات مهمة في 12 مارس الجاري، عن تعرض القحطاني لتعذيب ممنهج تسبب في النهاية بموته، ونسبت المعلومات إلى من وصفته بـ”مسؤول أمريكي وطبيب يعرف بحالة الجنرال” ولم تسمه، أشار إلى أن التعذيب ترك آثاره على جسده، وأنه تعرض لكسر الرقبة.
وينقل التقرير عن أحد الأشخاص الذين شاهدوا جثة القحطاني، أن “رقبته كانت ملتوية بشكل غير طبيعي كما لو أنها كسرت، وكانت الكدمات والجروح منتشرة في أنحاء جسده، بينما غطت جلده آثار التعذيب”.
الغريب أن اللواء السعودي لم يكن شخصاً ثرياً ليتم اعتقاله أسوة بمعتقلي “الريترز″، لكن الضابط بالحرس الوطني في الستين من العمر، وكان صندوق أسرار الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز، نجل الملك الراحل والحاكم السابق لمنطقة الرياض، حيث كان من كبار مساعديه، ويرجح مراقبون أن يكون السببُ وراء الاعتقال الضغطَ عليه للإفصاح عن معلومات تتعلق برئيسه الأمير تركي.
وفي 25 ديسمبر كشف الحساب الشهير على تويتر، الذي يحمل اسم “العهد الجديد”، أن “سبب تعذيبه كانت مكالمات بينه وبين تركي وعبد العزيز أبناء عبد الله”، وأشار إلى أن المحققين الذين عذبوه يحملون الجنسية المصرية.
وتقول الصحيفة إن السلطات في المملكة لم يصدر عنها حتى الآن ما يشرح ملابسات وفاة الجنرال، في حين التزم أفراد عائلته، وكذلك أفراد عائلة الملك الراحل عبد الله، الصمت خشية ما يمكن أن يحيق بهم من إجراءات عقابية أو انتقامية إذا ما تحدثوا علانية عن ظروف وفاته، وهذا ما أكده عدد من الأشخاص الذين تحدثوا إليهم.
– التعذيب الممنهج
منذ نوفمبر الماضي، كشفت صحيفة “الديلي ميل” البريطانية عن قيام محققين أمريكيين من مرتزقة “بلاك ووتر” الأمريكية سيئة الصيت بالتحقيق مع معتقلي “الريتز-كارلتون” بالسعودية الذي ضم أمراء ووزراء ومسؤولين سابقين وحاليين.
وبحسب المصدر، فإن أعضاء في الأسرة السعودية من الأمراء تعرضوا للاستجواب من قِبل مرتزقة “بلاك ووتر”، حيث تم تعليق أقدامهم وضربها، ومن بين هؤلاء الذين تعرضوا للتعذيب الوليد بن طلال، ورجل أعمال آخر تبلغ ثروته نحو 7 مليارات دولار.
ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية قولها، إن المعتقلين تعرضوا للضرب من قِبل مرتزقة “بلاك ووتر”، وضربوا على الأقدام أيضاً في إطار عملية الاستجواب التي يخضعون لها.
وأضاف المصدر أن “المعتقلين يتعرضون للتعذيب والصفع والإهانة، إنهم يحاولون أن يكسروهم”.
– تقطيع أجنحة منافسي بن سلمان
تكشف المعلومات الجديدة عن وجود بُعدٍ شخصي لدى الأمير محمد بن سلمان في حملة “الريتز″؛ حيث استهدف أبناء عمومته فرع الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، إذ يعتقد أنهم أشد المنافسين له على عرش السعودية.
وهذا ما دفع الصحيفة إلى استنتاج أن بن سلمان سعى للاستيلاء على ثروة ذرية الملك عبد الله، وما يؤكد ذلك أن الملك سلمان وابنه ولي العهد لم يدخرا وسعاً منذ أن تسلما الحكم في تهميشهم بل وفي إقصائهم، فالأمير تركي بن عبد الله أقيل من منصبه كحاكم للرياض عام 2015، وأقصي شقيقه الأمير متعب من منصبه في رئاسة الحرس الوطني في شهر نوفمبر، وكلا الرجلين اعتقلا في فندق ريتز كارلتون، وكان ذلك أيضاً مصير عدد من أشقائهما.
وتنقل الصحيفة عن ثلاثة من المقربين من عائلة الملك عبد الله، أن العاهل الراحل ترك وراءه عشرات المليارات من الدولارات ضمن “مؤسسة الملك عبد الله” والتي كان من المفترض أن تمول مشاريع تنفذ باسم الملك وتشكل في نفس الوقت بالنسبة لورثته ما يشبه الحصالة.
ولذلك، وبمجرد وفاته عام 2015 دفعت المؤسسة مليارات الدولارات لأبنائه وبناته الذين يربو عددهم على الثلاثين، بما معدله 340 مليون دولار لكل واحد من أبنائه الذكور، وما يقرب من 200 مليون دولار لكل واحدة من بناته، ويسعى بن سلمان، حسب ما ينقل تقرير نيويورك تايمز عن أشخاص مطلعين على عملية المفاوضات، لم يسمهم، إلى استعادة كل تلك الأموال.
وتبين الصحيفة أنه “لا يزال الأمير تركي معتقلاً بينما يُحظر على معظم أشقائه وشقيقاته وأفراد عائلاتهم السفر خارج المملكة، إلا أن بعضهم الآن في لندن وفي أماكن أخرى، ويخشون العودة إلى المملكة”.
وبلغ التضييق على أبناء الملك عبد الله إلى حد تقييد حريتهم المالية، من خلال تحديد مبالغ محددة يحق لهم سحبها من أرصدتهم في البنوك، وتنقل الصحيفة عن أقارب ومعارف لعائلة الملك الراحل عبد الله قولهم إنه يسمح لأبنائه بسحب ما يعادل 26 ألف دولار في الأسبوع لكل واحد منهم من حساباتهم الشخصية لتغطية نفقاتهم. (الخليج اونلاين)