"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

بمناسبة عيد المرأة نقدم لكم نموذجا للمرأة المسلمة

الشهيدة الاديبة الاسلامية آمنة حيدر الصدر (بنت الهدى)
ولدت في مدينة الكاظمية ببغداد ، في عام 1937م، في عائلة علمية متدينة والدها أحد كبار علماء الإسلام في العراق الفقيه المحقق آية الله السيد (حيدر الصدر) توفي عنها وعمرها سنتان ووالدتها هي الأخرى من عائلة علمية بارزة، فهي كريمة العلامة الكبير الشيخ عبدالحسين آل ياسين، وهي أخت المرجع الديني المحقق الشيخ (محمد رضا آل يس)، وقد إلتزما أخواها المرحوم السيد إسماعيل الصدر والشهيد محمد باقر الصدر بتربيتها ورعايتها ، تعلمت الشهيـــــدة بنت الهدى القراءة والكتابة في البيت على يد والدتها ــ رحمها الله ــ فكانت الأم هي المعلم الأول ، وكانت والدتها تثني على ابنتها وقدرتها على التعلم والاستيعاب والفهم، ثم استكملت مراحل تعليمها القراءة والكتابة على يد أخويها ، وشمل ذلك العلوم العربية في أكثر جوانبها، حتى تمكنت من كتابة الشعر في السنوات المبكرة من عمرها، وحينما قرر شقيقاها الرحيل إلى النجف الأشرف لإكمال دراستهما ، رحلتآمنة الصدر معهما وكان عمرها آنذاك أحد عشر عاماً ، وهناك في النجف أخذت تدرس الكتب والدروس الخاصة باللغة وعلومها والفقه وأصوله والحديث وعلومه ، كما درست الأخلاق وعلوم القرآن والتفسير والسيرة النبوية. هذا إضافة إلى تلقيها العلوم الدينية ، حيث إنكبت آمنة (بنت الهدى) على مطالعة الكتب والمؤلفات ، فإتسعت معالم إطلاعها ومعرفتها بكثير من الأمور ، ومن ذكرياتها كما ترويها لأحد مريداتها إذ تقول: (حينما كنت صغيرة كانت حالتنا المادية ضعيفة جداً ، ولكن كانت لدي يومية مخصصة قدرها (عشرة فلوس) كنت أجمع هذا المبلغ اليومي البسيط ، ثم أذهب إلى السوق لشراء كتاب إسلامي ، وكانت لي صديقة تفعل كفعلي في جمع المبلغ اليومي لها ، ولكنها تشتري كتاباً آخر ، كي تقرأ كل واحدة منا كتاب صديقتها.

استمرت في التعلم حتى أمست الطبيب والحكيم الذي راح يدرس الطب ليكون معالجاً لمن اصابه المرض، والفقه الذي يعلم الفقه، فكانت في مستوى جيد حيث أهلتها الدراسة إلى الانتقال لمرحلة جديدة ، وهي دراسة المجتمع وتشخيص أمراض المرأة المسلمة في العراق والعالم الإسلامي ، بنت الهدى تفكر وتنظر وتكتب في كيفية الوصول بالمجتمع والأمة إلى أعلى مراقي السمو الإنساني من خلال الرسالة الإلهية العظيمة ، كانت تعيش الهم الرسالي في تفكيرها و اهتمامها وللكاتبة بنت الهدى آثار علمية أتحفت بها المكتبة الإسلامية والتي إمتازت بالعمق والأصالة والدعوة إلى الإسلام عن طريق هذه الآثار.
وقد تميزت فيما كتبت، فنجد كتاباتها تحمل روحاً جديدة وفكراً واضحاً وسلاسة وعذوبة ومعالجات لمشاكل معاصرة، وابتعدت كل البعد عن مظاهر الاستعراضات الفارغة التي تستهدف إبراز الشخصية وحب الظهور.

ومن مؤلفاتها

1. كتاب (كلمة ودعوة)، وهو أول كتاب صدر للشهيدة في أوائل الستينات.

2. كتاب الفضيلة تنتصر، وهي قصة إسلامية طويلة تبين فيها انتصار الفضيلة والتقوى على الرذيلة والفاحشة، وصدرت من خلال سلسلة (من هدي الإسلام)، في النجف الأشرف.

3. المرأة مع النبي وقد صدر لها ضمن سلسلة (من هدي الإسلام) أيضاُ.

4. إمرأتان ورجل وهي قصة إسلامية طويلة خيالية تحمل معاني كبيرة في التربية والتوجيه.

5. صراع من واقع الحياة مجموعة قصصية.

6. الباحثة عن الحقيقة قصة طويلة كتبت عام 1979.

7. ذكريات على تلال مكة كتبتها بعد ذهابها إلى الحج سنة 1973 وكانت بصحبة ست نساء، تروي فيها كيفية أداء مناسك الحج .

8. رحلة الحج.

9. لقاء في المستشفى.

10. الخالة الضائعة، مجموعة قصصية، كتبتها عام 1974.

11. ليتني كنت أعلم.

12. بطولات المرأة المسلمة.

بدأت مسيرة المواجهة الجهادية للسيدة الشهيدة منذ الاعتقال الأول للسيد ــ رضوان الله عليه ــ عام 1971م.

ثم جاءت انتفاضة صفر عام 1977م تعرض السيد الشهيد للاعتقال ، وكانت تلك الأيام من الأيام العصيبة في تاريخ النجف حيث عم الخوف والرعب كل مكان ، وكانت حشود السلطة في كل مكان تعتقل كل من يقع في قبضتها . أما بنت الهدى فكانت البطلة التي وقفت دون خوف في رباطة جأش وشجاعة غريبة حتى عاد السيد الشهيد ــ رضوان الله عليه ــ من بغداد.

عندما خرج السيد مع مدير أمن النجف خرجت معه وسبقتهما إلى حيث تقف السيارة وخطبت في الجموع منددة بجلاوزة النظام وما يفعلونه صارخة ومرحبة بالموت إذا كان في سبيل الله.

وفي صباح يوم السابع عشر من رجب 1399هــ (1979)م، تم الاعتقال للشهيد فقامت الشهيدة بنت الهدى بالذهاب إلى حرم الإمام أمير المؤمنين بالنجف الأشرف ونادت بأعلى صوتها:

“الظليمة الظليمة يا جداه يا أمير المؤمنين لقد اعتقلوا ولدك الصدر.. يا جداه يا أمير المؤمنين، إني أشكوا إلى الله وإليك ما يجري علينا من ظلم واضطهاد”

ثم خاطبت الحاضرين فقالت:

“أيها الشرفاء المؤمنون، هل تسكتون وقد اعتقل مرجعكم، هل تسكتون وإمامكم يسجن ويعذب؟ ماذا ستقولون إذاً لجدي أمير المؤمنين إن سألكم عن سكوتكم وتخاذلكم ؟ اخرجوا وتظاهروا واحتجوا..”

وبعد لحظات نظمت تظاهرة انطلقت من حرم الإمام علي (ع) ساهمت فيها المرأة مع الرجل ، وأدت إلى إجبار السلطة على الإفراج عن السيد الشهيد الصدر.

وبعدها بفترة تم اعتقال السيد محمد باقر الصدر و ثم اعتقلت اخته بنت الهدى و تم حجزهما و تعذيبهما لحين مجيء اليوم المشؤوم الذي تم فيه اعدامهما باطلاق الرصاص وتم بعده قطع التيار الكهربائي من قبل السلطة الحاكمة عن مدينة النجف الأشرف. وتم دفن جثتي الشهيدين محمد باقر الصدر و اخته بنت الهدى في مقبرة وادي السلام في 9 نيسان عام 1980.