لا يخفى على احد أن الحرب على سوريا كانت أهم حلقة فى العلاقة بين انقرة والرياض، قبل أن يدب الصراع بين امراء وملوك غرفة «الموك» بالادرن على من يجلس بالمقعد الاول لادارة وتوجيه التنظيمات الارهابية بسوريا، فكان الخلاف العلني بين السعودية وقطر، والتي انحازت فيه تركيا الى قطر مع الحفاظ على شعرة معاوية مع السعودية، وهو الامر الذي حرصت عليه الرياض ايضا، برغم تخلي تركيا عن السعودية فى حرب اليمن، ثم انحيازها لطهران، برغم ما تحصلت علية تركيا من السعودية خلال زيارة العاهل السعودي لها عام 2016.
ولكن تبقى هناك حالة صراع وشد وجذب حتى وإن كان غير مرئي للعين المجردة او مستتراً بين السعودية وتركيا، فى ظل سعي تركيا ان تعود كزعيمة للعالم الاسلامي، الامر الذي يمثل ازعاج لارض الحرمين بجانب طموحات اميرها الشاب التي تخطط ان يكون الرجل الاول بالمملكة وبات يفكر كيف يكون الرجل الاول بالمنطقة، في ظل التقارب الاردني الهاشمي (الذى يحرص دوما على ترديد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بقول كلمة النبي العربي الهاشمي) مع تركيا العثمانيون الجدد.
وبعد ما أثار من تصريحات نارية على لسان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان أثناء زياراته للقاهرة ولقائه بالاعلاميين المصريين تجاه تركيا وايران وقطر، ووصف تركيا بأنها احد اضلاع مثلث الشر فى الاقليم، وهو امر تراجعت ونفته السفارة السعودية بتركيا، انطلقت بعدها النيران بجميع الصحف التركية الموالية لحزب العدالة والتنمية ضد الامير محمد بن سلمان، حتى وجه الصحفي الكبير بجريدة «يني شفق» التركية نصائح أشبه بالتهديد فى صحيفته لولي العهد السعودي، وكان فى مقدم تلك النصائح الابتعاد عن الشيخ محمد بن زايد والعودة للحضن التركي في ظل قيادة قائد الامة الجديد اردوغان، وهي النصائح التي جاءت بمقال مطول لرئيس تحرير الصحيفة، في المقال الذي جاء بعنوان «هذا النداء موجه لك يا ولي العهد محمد بن سلمان لن تستطيع حماية الكعبة بالتعاون مع محتلي القدس»، والحال لم يختلف كثيرا بصحيفة الصباح التركية، والتى غرد احد كتابها قائلا: «لم ينقصنا غيرك ايها الطفل العربي».
وهنا كان علينا أن نلقي نظرة جديدة في التاريخ، فكثيرا ما كان التاريخ يجيبنا على اسئلة الحاضر، ويفك لنا العديد من الشفرات، ودعونا نعد النظر فى طبيعة وحقيقة العلاقة بين الاتراك والعرب بصفة عامة، وبين الاتراك والسعودية بصفة خاصة، فلتركيا تاريخ دموي مع العرب، والتاريخ يقول الكثير عن هذا، فليس غريباً على أذهاننا ما ارتكبه العثمانيون على مدار قرون ضد العرب، سواء بالجزيرة العربية أو الشام أو شمال افريقيا، فكلما غرَز العثمانيون سيوفهم فى ارض العرب، كنا نتأخر فيها عن العالم بسنة، وكانوا يتقدمون عنا بسنة، بعد أن تم سبي خيرة العرب في كل المجالات، حتى افرغوا أغلب بلادنا من المبدعين كى تتزين إسطنبول بثوب الحضارة على يد أبنائنا، ولتركيا مع أرض الحرمين تاريخ خاص من الحقد اللامنتهي، ولنا في ما ارتكبه العثمانيون 1915 من تهجير قسري لأهل المدينة المنورة، في محاولة اقتطاع المدينة المنورة عما حولها واخضاعها لاسطنبول، وجعلها ثكنة عسكرية بعد أن تعدى الاتراك على قدسيتها تمهيدا لتتريكها عبرة.
ولكن ماذا بعصرنا الحالي، فبعد أن وصل حزب العدالة والتنمية للحكم بداية 2003 لم يتردد الحزب القابع تحت مظلة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين فى أن يكون البوابة الأوسع للولايات المتحدة فى تدمير العراق، وهو الأمر نفسه الذي يتكرر فى سوريا، كما حاولت تركيا الدخول في اليمن من باب مصالحها الخاصة، وان تضع قدما لها بميناء عدن، وليس لاعادة الاستقرار والهدوء لليمن، كما حاولت وما زالت على تدمير ليبيا بمساعدة ذراعها القطري.
وللحديث بقية …

الديار