اتهم الأربعاء المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة النظام السوري بالتخطيط لما يشبه “نهاية العالم”، وذلك في إشارة لتصعيد العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية. واعتبر زيد رعد الحسين أنه “من الملح… إحالة ملف سوريا على المحكمة الجنائية الدولية”. على الصعيد الميداني، أرسل النظام السوري تعزيزات إضافية للغوطة قبل ساعات من جلسة طارئة يعقدها مجلس الأمن لبحث وقف إطلاق النار في سوريا.
وصف المفوض الأعلى لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين الأربعاء النزاع السوري بأنه دخل “مرحلة رعب” جديدة هذا الشهر، وأعاد وصف الأمين العام (للأمم المتحدة) الغوطة الشرقية بأنها “جحيم على الأرض”.
وإزاء تصعيد العمليات القتالية هناك، اتهم زيد رعد الحسين، خلال عرض تقريره السنوي في الأمم المتحدة في جنيف، النظام السوري بالتخطيط لما يشبه “نهاية العالم” في بلاده، مضيفا أنه “في الشهر المقبل أو الذي يليه، سيواجه الناس في مكان آخر نهاية العالم، نهاية عالم متعمدة، مخططا لها وينفذها أفراد يعملون لحساب الحكومة، بدعم مطلق على ما يبدو من بعض حلفائهم الأجانب”.
كلمة مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين
وفي نفس السياق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في بيان الثلاثاء أطراف النزاع إلى “السماح فورا بوصول آمن وخال من العوائق لكي يتاح لقوافل أخرىإيصال المواد الأساسية لمئات آلاف الأشخاص الذين هم بأمس الحاجة إليها”. وشدد على ضرورة “إنجاز توصيل المساعدات إلى دوما، بما في ذلك المواد الطبية ومستلزمات النظافة، في موعدها المقرر في 8 آذار/مارس (…) بحسب ما تم الاتفاق عليه سابقا مع السلطات السورية”.
وتبنى مجلس الأمن بالإجماع قرارا في 24 شباط/فبراير يطالب بوقف لإطلاق النار لمدة 30 يوما للسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعمليات إجلاء المرضى والجرحى. ودخلت أول قافلة مساعدات الغوطة الشرقية الاثنين، إلا أن العملية توقفت بسبب الغارات الجوية على المنطقة والتي تسببت بمقتل 68 مدنيا على الأقل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن.
تعزيزات حكومية جديدة في الغوطة الشرقية
وفي وقت سابق من نهار الأربعاء، أرسلت قوات النظام السوري المزيد من التعزيزات العسكرية إلى الغوطة الشرقية، تزامنا مع تضييقها الخناق على الفصائل المعارضة في آخر معاقلها قرب دمشق، قبل ساعات من جلسة طارئة يعقدها مجلس الأمن لبحث وقف إطلاق النار في سوريا.
وتشن قوات النظام منذ 18 شباط/فبراير حملة عنيفة على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، يتخللها قصف جوي وصاروخي ومدفعي كثيف. ما تسبب بمقتل المئات وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويؤكد المرصد أن طائرات روسية تشارك في القصف، الأمر الذي تنفيه موسكو.
وبموازاة حملة القصف، بدأت قوات النظام هجوما بريا الأسبوع الماضي وتمكنت بموجبه حتى الآن من السيطرة على 48 بالمئة من مساحة المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، وفق المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن “قوات النظام أرسلت 700 عنصر على الأقل من الميليشيات الأفغانية والفلسطينية والسورية الموالية لها مساء الثلاثاء إلى جبهات الغوطة الشرقية”. وانتشر هؤلاء المقاتلون وفق المرصد على جبهات الريحان، الواقعة شمال شرق الغوطة الشرقية، وفي بلدة حرستا، الواقعة غربها والتي يحاول النظام التقدم منها باتجاه مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة.
وبحسب عبد الرحمن، تسعى قوات النظام إلى فصل معقل الفصائل المعارضة الى جزئين، لتعزل بذلك القسم الشمالي حيث تقع دوما عن القسم الجنوبي، وذلك من خلال التقاء قواتها من جهتي الشرق والغرب. وباتت قوات النظام الأربعاء على مشارف بلدات عدة أبرزها مسرابا وبيت سوى وجسرين وحمورية، وفق المرصد.
لا تفاوض مع روسيا
وبث التلفزيون السوري صباح الأربعاء مشاهد مباشرة من مزارع مسرابا بينما تتصاعد أعمدة الدخان من المدينة. وقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل في جسرين الأربعاء جراء غارات طالت بحسب المرصد بلدات عدة، وجاءت غداة نشر قوات النظام لمئات المقاتلين الموالين لها في المنطقة. ومنذ بدء الهجوم، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 810 مدنيين بينهم 179 طفلا، وفق المرصد.
وسمع في مدينة دوما الأربعاء دوي الغارات من البلدات المجاورة، ووصل نازحون منها في حالة من الذعر هربا من القصف. وكان الناس يقودون سياراتهم داخل دوما بطريقة جنونية من شدة الخوف وخشية من تجدد القصف، بحسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
وتستمر الغارات الجوية على الغوطة الشرقية على رغم سريان هدنة يومية أعلنتها روسيا منذ أكثر من أسبوع تستمر لخمس ساعات فقط. وكانت روسيا أعلنت سابقا أنها طلبت من الفصائل المعارضة مغادرة الغوطة الشرقية على غرار ما حصل في مدينة حلب في نهاية العام 2016، الأمر الذي ترفضه الفصائل. وأعلن الجيش الروسي الثلاثاء أن “الممر الإنساني” عبر معبر الوافدين الذي كان مخصصا للمدنيين خلال هدنة الساعات الخمس “فتح هذه المرة (…) للمقاتلين مع عائلاتهم” على أن يكتفوا بسلاحهم الفردي. ولم يسجل وفق المرصد خروج أي من المدنيين أو المقاتلين.
وقل المتحدث باسم “جيش الاسلام”، أكبر فصائل الغوطة، حمزة بيرقدار “فصائل الغوطة ومقاتلوها وأهلها متمسكون بأرضهم وسيدافعون عنها”. وأكد المتحدث باسم “فيلق الرحمن”، ثاني أكبر فصائل المنطقة، وائل علوان على أنه “لا يوجد أي تواصل مع الروس، مباشر أم غير مباشر. ولا يوجد مباحثات عن الهدنة ولا المعابر”.
جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي
ويعقد مجلس الأمن الدولي بطلب من فرنسا وبريطانيا الأربعاء عند الساعة 15,00 (ت غ) جلسة طارئة مغلقة لبحث وقف إطلاق النار في سوريا، نتيجة “تدهور الوضع على الأرض في سوريا وعدم تطبيق” الهدنة التي طالب بها مجلس الأمن لمدة شهر في أنحاء سوريا.
فرانس24/ أ ف ب