أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ أَبُو الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ ، فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاثِ مِائَةٍ إِمْلاءً مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْخَوَاتِيمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ , عَنْ سُلَيْمٍ الْخَشَّابِ مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : لَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ أَخَذَ بِحَلْقَتَيْ بَابِ الْكَعْبَةِ , ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّاسِ , فَقَالَ : ” يَأَيُّهَا النَّاسُ ” , فَقَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَتْكَ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَلا انْتِحَابُهُ , فَقَالَ : يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ ، إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ إِمَاتَةَ الصَّلَوَاتِ , وَاتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ , وَالْمَيْلَ مَعَ الْهَوَى , وَتَعْظِيمَ رَبِّ الْمَالِ ” ، قَالَ : فَوَثَبَ سَلْمَانُ ,
فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَذُوبُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَمْشِي بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ بِالْمَخَافَةِ ” ، قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟
قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَكُونُ الْمَطَرُ قَيْظًا وَالْوَلَدُ غَيْظًا ، وَتَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضًا ، وَيَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضًا ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَلْمُؤْمِنُ يَوْمَئِذٍ أَذَلُّ مِنَ الأَمَةِ ، فَعِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا وَالْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا وَيُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ الأَمِينُ ، وَيُصَدَّقُ الْكَذَّابُ ، وَيُكَذَّبُ الصَّادِقُ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَكُونُ أُمَرَاءُ جَوَرَةً ، وَوُزَرَاءُ فَسَقَةً ، وَأُمَنَاءُ خَوَنَةً ، وَإِمَارَةُ النِّسَاءِ ، وَمُشَاوَرَةُ الإِمَاءِ ، وَصُعُودُ الصِّبْيَانِ الْمَنَابِرَ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ ، عِنْدَهَا يُلْهِيهِمْ أَقْوَامٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قَتَلُوهُمْ وَإِنْ سَكَتُوا اسْتَبَاحُوهُمْ ، وَيَسْتَأْثِرُونَ بِفَيْئِهِمْ وَيَطَئُونَ حَرِيمَهُمْ ، وَيُجَارُ فِي حُكْمِهِمْ يَلِيهِمْ أَقْوَامٌ جُثَاهُمْ جُثَى النَّاسِ . قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ : هُوَ هَكَذَا فِي الْكِتَابِ , وَالصَّوَابُ جُثَّتُهُمْ جُثَثُ النَّاسِ , وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ لا يُوَقِّرُونَ كَبِيرًا وَلا يَرْحَمُونَ صَغِيرًا ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، يَا سَلْمَانُ ، عِنْدَهَا تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْكَنَائِسُ وَالْبِيَعُ ، وَتُحَلَّى الْمَصَاحِفُ ، وَيُطِيلُونَ الْمَنَابِرَ ، وَتَكْثُرُ الصُّفُوفُ ، قُلُوبُهُمْ مُتَبَاغِضَةٌ وَأَهْوَاءُهُمْ جَمَّةٌ وَأَلْسِنَتُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَأْتِي سَبْيٌ مِنَ الْمَشْرِقِ يَلُونَ أُمَّتِي فَوَيْلٌ لِلضُّعَفَاءِ مِنْهُمْ ، وَوَيْلٌ لَهْمُ مِنَ اللَّهِ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَكُونُ الْكَذِبُ ظُرْفًا ، وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا ، وَتَظْهَرُ الرُّشَا ، وَيَكْثُرُ الرِّبَا ، وَيَتَعَامَلُونَ بِالْعِينَةِ ، وَيَتَّخِذُونَ الْمَسَاجِدَ طُرُقًا ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ ، عِنْدَهَا تُتَّخَذُ جُلُودُ النُّمُورِ صِفَاقًا ، وَتَتَحَلَّى ذُكُورُ أُمَّتِي بِالذَّهَبِ , وَيَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ ، وَيَتَهَاوَنُونَ بِالدِّمَاءِ ، وَتَظْهَرُ الْخُمُورُ ، وَالْقَيْنَاتُ ، وَالْمَعَازِفُ ، وَتُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ ” .
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، يَا سَلْمَانُ ، عِنْدَهَا يَطْلُعُ كَوْكَبُ الذَّنَبِ , وَتَكْثُرُ السِّيجَانُ وَيَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ ” .
قَالَ سَلْمَانُ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : ” يَتَكَلَّمُ فِي الْعَامَّةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ ، وَيَحْتَضِنُ الرَّجُلُ للسُّمْنَةِ ، وَيُتَغَنَّى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُتَّخَذُ الْقُرْآنُ مَزَامِيرَ ، وَتُبَاعُ الْحكمُ وَتَكْثُرُ الشُّرَطُ ” .
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَحُجُّ أُمَرَاءُ النَّاسِ لَهْوًا وَتَنَزُّهًا ، وَأَوْسَاطُ النَّاسِ لِلتِّجَارَةِ ، وَفُقَرَاءُ النَّاسِ لِلْمَسْأَلَةِ ، وَقُرَّاءُ النَّاسِ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يُغَارُ عَلَى الْغُلامِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ ، وَيُخْطَبُ الْغُلامُ كَمَا تُخْطَبُ الْمَرْأَةُ ، وَيُهَيَّأُ كَمَا تُهَيَّأُ الْمَرْأَةُ ، وَتَتَشَبَّهُ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ ، وَتَتَشَبَّهُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ ، وَيَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ ، وَتَرْكَبُ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ , فَعَلَيْهِنِّ مِنْ أُمَّتِي لَعْنَةُ اللَّهِ ” .
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَظْهَرُ قُرَّاءٌ عِبَادَتُهُمُ التَّلاوُمُ بَيْنَهُمْ ، أُولَئِكَ يُسَمَّوْنَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ الأَنْجَاسَ الأَرْجَاسَ ” ،
( والتلاوم من الملامة قال تعالى فيما قاله إبليس لبني آدم فلا تلوموني ولوموا أنفسكم … الآية} أي أن هؤلاء لا يستمدون أعلميتهم ومكانتهم إلا بالطعن ولوم بقية المسلمين وتكفيرهم وتفسيقهم وتبديعهم وتضليلهم وتتبع عوراتهم فتجده في مسجد جماعة و يطعن على مساجد المذاهب والجماعات الأخرى )
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، تَتَشَبَّبُ الْمَشْيَخَةُ ” ، قَالَ : قُلْتُ وَمَا تَشَبُّبُ الْمَشْيَخَةِ ؟ قَالَ : ” أَحْسَبُهُ ذَهَبَ فِي كِتَابِي إِنَّ الْحُمْرَةَ هَذَا الْحَرْفُ وَحْدَهُ خِضَابُ الإِسْلامِ , وَالصُّفْرَةُ خِضَابُ الإِيمَانِ , وَالسَّوَادُ خِضَابُ الشَّيْطَانِ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَإِنِّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يُوضَعُ الدِّينُ وَتُرْفَعُ الدُّنْيَا ، وَيُشَيَّدُ الْبِنَاءُ ، وَتُعَطَّلُ الْحُدُودُ ، وَيُمِيتُونَ سُنَّتِي ، فَعِنْدَهَا يَا سَلْمَانُ لا تَرَى إِلا ذَامًّا وَلا يَنْصُرُهُمُ اللَّهُ ” ،
قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَهُمْ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمُونَ كَيْفَ لا يَنْصَرِفُونَ ؟ قَالَ : ” يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ نُصْرَةَ اللَّهِ الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَإِنَّ أَقْوَامًا يَذُمُّونَ اللَّهَ تَعَالَى وَمَذَمَّتُهُمْ إِيَّاهُ أَنْ يَشْكُوهُ وَذَلِكَ عِنْدَ تَقَارُبِ الأَسْوَاقِ ” ، قَالَ : وَمَا تَقَارُبُ الأَسْوَاقِ ؟ قَالَ : ” عِنْدَ كَسَادِهَا كُلٌّ يَقُولُ : مَا أَبِيعُ وَلا أَشْتَرِي وَلا أَرْبَحُ وَلا رَازِقَ إِلا اللَّهُ تَعَالَى ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنِّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا يَعُقُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ وَيَجْفُو صَدِيقَهُ ، وَيَتَحَالَفُونَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَحْلَفَ وَيَتَحَالَفُونَ بِالطَّلاقِ ، يَا سَلْمَانُ لا يَحْلِفُ بِهَا إِلا فَاسِقٌ ، وَيَفْشُو الْمَوْتُ مَوْتُ الْفُجَاءَةَ ، وَيُحَدِّثُ الرَّجُلَ سَوْطُهُ ” ،
قَالَ سَلْمَانُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ ؟ قَالَ : ” إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، عِنْدَهَا تَخْرُجُ الدَّابَّةُ ، وَتَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ , وَرِيحٌ حَمْرَاءُ ، وَيَكُونُ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهَدْمُ الْكَعْبَةِ ، وَتَمُورُ الأَرْضُ ، وَإِذَا ذُكِرَ الرَّجُلُ رُؤِيَ ” .
و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ثم أخذ بحلقة باب الكعبة قال : أيها الناس ألا أخبركم بأشراط الساعة ؟
فقام إليه سلمان رضي الله عنه فقال : أخبرنا فداك أبي وأمي يا رسول الله.
قال : إن من أشراط الساعة إضاعة الصلاة ، والميل مع الهوى ، وتعظيم رب المال .
فقال سلمان : ويكون هذا يا رسول الله ؟
قال : نعم والذي نفس محمد بيده ، فعند ذلك يا سلمان تكون الزكاة مغرما والفيء مغنما، ويصدق الكاذب ، ويكذب الصادق ، ويؤتمن الخائن ، ويخون الأمين ، ويتكلم الرويبضة .
قال : وما الرويبضة ؟
قال : يتكلم في الناس من لم يتكلم ، وينكر الحق تسعة أعشارهم ، ويذهب الإسلام فلا يبقى إلا اسمه ، ويذهب القرآن فلا يبقى إلا رسمه ، وتحلى المصاحف بالذهب..
وتتسمن ذكور أمتي وتكون المشورة للإماء ويخطب على المنابر الصبيان وتكون المخاطبة للنساء..
فعند ذلك تزخرف المساجد كما تزخرف الكنائس والبيع ، وتطول المنائر وتكثر الصفوف ، مع قلوب متباغضة وألسن مختلفة وأهواء جمة .
قال سلمان : ويكون ذلك يا رسول الله ؟
قال : نعم والذي نفس محمد بيده ، عند ذلك يا سلمان يكون المؤمن فيهم أذل من الأمة يذوب قلبه في جوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره..
ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية البكر..
فعند ذلك يا سلمان يكون أمراء فسقة ووزراء فجرة وأمناء خونة يضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات ، فإن أدركتموهم فصلوا صلاتكم لوقتها .
عند ذلك يا سلمان يجي سبي من المشرق وسبي من المغرب جثاؤهم جثاء الناس وقلوبهم قلوب الشياطين لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا ..
عند ذلك يا سلمان يحج الناس إلى هذا البيت الحرام تحج ملوكهم لهوا وتنزها وأغنياؤهم للتجارة ومساكينهم للمسألة وقراؤهم رياء وسمعة .
قال : ويكون ذلك يا رسول الله ؟
قال : نعم والذي نفسي بيده ، عند ذلك يا سلمان يفشوا الكذب ويظهر الكوكب له الذنب ، وتشارك المرأة زوجها في التجارة وتتقارب الأسواق.
قال : وما تقاربها ؟
قال : كسادها وقلة أرباحها ، عند ذلك يا سلمان يبعث الله ريحا فيها حيات صفر فتلتقط رؤساء العلماء لما رأوا المنكر فلم يغيروه..
قال : ويكون ذلك يا رسول الله ؟
قال : نعم والذي بعث محمدا بالحق”