"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

زيارة أردوغان .. في ظاهرها الجزائر وباطنها ليبيا ومعركة الغاز

الديار :

فى ظل صراع الغاز في شرق البحر المتوسط، احتفل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعيد ميلاده الرابع والستين في الجزائر بصحبة عقيلته ووفد رسمي ضخم من بلاده، بعد أن بدأ أردوغان جولته الافريقية بزيارة للجزائر يوم 26 شباط، والتي تشمل كلا من موريتانيا والسنغال ومالي أيضا.
وزيارة الجزائر في ذلك التوقيت يعني أولا: «الغاز والنفط» بحكم انها المورد الاول لتركيا بالغاز (وهو أمر سيزعج الروسي جدا)، وثانيا: «ليبيا» بحكم الجوار في ظل قطع سلاح البحرية اليوناني الحبل السري الرابط بين موانئ تركيا ومصراتة، درنة، سرت، طرابلس.
وحقيقة الامر ان مصر لم تتأخر في تقديم الهدية للخليفة العثماني أردوغان الاول، بل واشعلت الشموع بنفسها، والاولى كانت بتوقيع اتفاق مبدئي مع نيقوسيا (قبل زيارة اردوغان للجزائر بيومين) لمد خط أنابيب لضخ الغاز من قبرص إلى مصر، بعد أن وضعت قدمها بقوة كي تكون مركز اقليمي للطاقة وتوجة الغاز الاسرائيلي للتسييل بمحطتي ادكو ودمياط المصريتين (مصر الوحيدة بالاقليم التي تمتلك محطات تسييل للغاز)، والثانية جاءت على لسان السفير المصري بالجزائر أثناء تواجد أردوغان بالجزائر، واعلان السفير المصري أبو عيش من الاقتراب من إنشاء شركة مصرية جزائرية مشتركة للتنقيب عن البترول في الدول الاخرى، فمن الواضح أن القاهرة لم تنس هداية اردوغان التى لا تحصى، وأخرها عندما صرح أردوغنا أثناء أحد مؤتمراته الحزبية قائلا: «تم ارسال دواعش الرقة لصحراء سيناء».
وبالتأكيد فى ظل ذلك الصراع الدموي لن تغيب أعيننا عن قطر فهي أكثر وأول المتضررين، نعم فاللعبة من البداية لعبة غاز، والا لماذا لم يخرج داعش من البادية السورية الا بعد معارك طاحنة، ولماذا قالت واشنطن سنبقى في سوريا حتى بعد رحيل داعش، ولماذا أتت بالاكراد؟ الم يكونوا حراساً لها على نفس تلك المواقع الاستراتيجية بعد هزيمة داعش فيها على يد الجيش العربي السوري، ولماذا كل ما يحدث لليبيا التي يحمل باطن ارضها احتياطات من النفط والغاز ربما ما يعادل ما تستخرجه قارة افريقيا بكاملها.
فأردوغان الان يحاول أن يجد له مكاناً فى شرق المتوسط بعد ان فشل في وجود غاز بمياه تركيا الاقليمية، فذهب للاصطدام مع قبرص ومنعها من التنقيب، فوجد سلاح البحرية الايطالي يحمي سفن استكشاف شركة ايني الايطالي بمياة قبرص، فذهب للجزائر لضمان احتياجاته من الغاز في ظل شعوره الدائم أن واشنطن تحضر لنسخة ثانية من تموز2016، وأن موسكو قد تتخلى عنه في اي لحظة.
جدير بالذكر أنه منذ أربعة أعوام كانت تركيا القت بثقلها في الاعتماد على الغاز الجزائري، عبر عقود طويلة الأمد في مجال الغاز، حيث تمد الجزائر تركيا بنحو 4 مليارات متر مكعب سنويا من الغاز لعقد يمتد إلى عام 2024م، ويمثل مشروع مركب النسيج سيدي خطاب بغليزان أهم الاستثمارات التركية في الجزائر، حيث تقدر قيمته الاستثمارية بـ155 مليار دينار أو ما يعادل 1.35 مليار دولار، على أساس شراكة بين المجمع الصناعي للنسيج والألبسة عن الجانب الجزائري والمجمع التركي «تايبا»، ويرتقب أن يساهم المشروع الذي يشغل 25 ألف شخص في تغطية جزء كبير من حاجيات السوق وتصدير ما قيمته ملياري دولار في غضون 2019/2020م، ومن بين المشاريع الكبرى التي جسدها الأتراك مجمع الحديد والصلب «توسيالي الجزائر» بوهران، الذي أضيف له مصنع للأنابيب ببطيوة، وتقدر قدرة إنتاج المركب بمليون طن سنويا، ساهمت في استرجاع النفايات الحديدية وتقليص الواردات، كما يبلغ عدد المؤسسات التركية التي تعمل بالجزائر يقدر بـ988 مؤسسة يشغلون أكثر من 30 ألف عامل، مقابل استثمارات تقدر بمليار دولار.
وخلال زيارته للجزائر، صرح اردوغان ان شركة النفط والغاز الجزائرية سوناطراك اتفقت مع شركتي رونيسانس وباييجان التركيتين على إقامة منشأة بتروكيماويات قيمتها مليار دولار في تركيا، وإن المنشأة ستقام في محافظة أضنة بجنوب تركيا وستقلل من اعتماد البلاد على البتروكيماويات المستوردة من الخارج بنسبة 25 بالمئة.