"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

المصريون يحتفلون بمولد السيدة نفيسة (ع)

أحيا المصريون بالأمس مولد الحبيبة الغالية الطاهرة، السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب، زوجة إسحق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق… إنها (نفيسة العلم والمعرفة)، (الطبيبة)، (نفيسة الدنيا والآخرة)، (نفيسة مصر والمصريين).

شدت الرحال من المدينة المنورة، بعدما آتاها جدها الرسول الأعظم، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، في المنام وأخبرها بأنها ستموت في مصر، وما أن وصلت حتى استقبلها المصريون بحفاوة تليق بها، وبارتباط أهل المحروسة بآل بيت النبوة، وسكنت في بيت هو نفسه المقام عليه مسجدها ضريحها، حيث حفرت قبرها في البيت بنفسها، وكانت تنتظر أجلها الذي لم يأت إلا بعد استقرارها في مصر لسبع سنوات. وتقول السيدة زينب بنت يحيى المتوج: خدمت عمتي السيدة نفيسة أربعين سنة فما رأيتها نامت بليل ولا أفطرت بنهار، إلا العيدين وأيام التشريق، فقالت لها: أما ترفقين بنفسك ؟ فقالت: (كيف أرفق بنفسي وقدامي عقبات لا يقطعها إلا الفائزون).

وتقول الروايات أن المصريين شكوا إليها ظلم حاكمهم، فأعدت له رقعة ووقفت في طريقه، فلما رآها عرفها وترجل لها عن فرسه، وأخذ منها الرقعة، وكان مكتوبا فيها: ( ملكتم فأسرتم وقدرتم فقهرتم, وخولتم ففسقتم، ودرت عليكم الأرزاق فقطعتم، وقد علمتم أن اسهام الأسمار نافذة، ولاسيما من قلوب أوجعتموها، وأجساد عريتموها، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون. وجوروا فإنا بالله مستجيرون. واظلموا فإنا منكم متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.). ويقول الرواة إنه عدل عن ظلمه..

لكن الطريف أن الواقعة هذه كانت وفق الروايات عام 198 للهجرة، في فترة الصراع بين الأمين والمأمون، وهي الفترة التي أسست فيها أول دولة مصرية مستقلة عن الخلافة العباسية، وقد أسسها الوالي (السري بن الحكم).

ونظرا لأن غالبية المصريين لا يعرفون السري بن الحكم، فقد اعتقدوا أن الواقعة كانت مع أحمد بن طولون، مع أنه بدأ حكمه عام 250 هجرية، أي بعد رحيل السيدة نفيسة إلى الدار الآخرة باثنين وأربعين عاما..

ومع ذلك رسخ في ذهن المصريين خطأ وقوع المواجهة في زمن بن طولون، فظلوا لمئات السنين يكرهون الصلاة في مسجده رغم أنه تحفة معمارية فريدة.

* (تجميع بتصرف من كتابات الأديب الكبير الراحل جمال الغيطاني)