صفات خوارج العصر من فتاوى علماء العصر

 تحصين :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة .

الخوارج لا يعرفهم كثير من الناس لأن أهل البدع بصفة عامة لا يستطيع تمييزهم عامة الناس إلا إذا كانوا أهل منعة وشوكة أو أن يكونوا منعزلين عن المخالفين لهم، قال شيخ الإسلام في كتاب النبوات (1/139): وكذلك الخوارج لما كانوا أهل سيف وقتال ظهرت مخالفتهم للجماعة حين كانوا يقاتلون الناس وأما اليوم فلا يعرفهم أكثر الناس.

وللخوارج لهم صفات يعرفون بها، لكن ينبغي أن يعلم أن بعض هذه الصفات عرفت عنهم بالتتبع والاستقراء وكلام العلماء، ولا يشترط في كل صفة تذكر عنهم أن يقروا بها، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (13/49): وأقوال الخوارج إنما عرفناها من نقل الناس عنهم لم نقف لهم على كتاب مصنف.

بل إن الباحث يجد أن الخوارج الأولين المتفق على ضلالهم قد استشكل أمرهم على أهل عصرهم فكيف بمن يظهرون الانتساب إلى السنة في هذا العصر وهم خوارج شعروا أم لم يشعروا.

وإليك أخي الكريم بعضاً من صفاتهم مستقاة من فتاوى علماء العصر:

التدين بالخروج على ولاة الأمر وعدم السمع والطاعة لهم بالعمروف

سئل سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز – رحمه الله –: بعض الأخوة – هداهم الله – لا يرون وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد، فما هي نصيحتكم سماحة الوالد؟ فأجاب رحمه الله:

«ننصح الجميع بالهدوء والسمع والطاعة – كما تقدم – والحذر من شق العصى والخروج على ولاة الأمور لأن هذا من المنكرات العظيمة، هذا دين الخوارج،هذا دين الخوارج دين المعتزلة، الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم في غير معصية، وهذا غلط خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع ولطاعة بالمعروف وقال: من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة وقال: من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه فلا يجوز لأحد أن يشق العصا أو يخرج على ولاة الأمور أو يدعوا إلى ذلك فهذا من أعظم المنكرات وأعظم أسباب الفتنة والشحناء والذي يدعوا إلى ذلك هذا دين الخوراج والشاق يقتل لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعوا إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة.» 

وقال – رحمه الله –:

«وهذه الدولة بحمد الله لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها، وإنما الذي يستبيحون الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب، ويقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان، وقد قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم إنهم: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وقال: أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة . والأحاديث في شأنهم كثيرة معلومة.» 

قال محدث العصر الإمام الألباني رحمه الله تعالى عند حديث بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة… بعد أن رد على الخوارج:

«والمقصود أنهم سنّوا في الإسلام سنةً سيئة، وجعلوا الخروج على حكام المسلمين ديناً على مر الزمان والأيام، رغم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم منهم في أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: الخوارج كلاب النار.

ورغم أنهم لم يروا كفراً بَواحاً منهم، وإنما ما دون ذلك من ظلم وفجور وفسق.

واليوم – والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون –؛ فقد نبتت نابتة من الشباب المسلم لم يتفقهوا في الدين إلا قليلا ورأوا أن الحكام لا يحكمون بما أنزل الله إلا قليلا فرأوا الخروج عليهم دون أن يستشيروا أهل العلم والفقه والحكمة منهم بل ركبوا رؤوسهم أثاروا فتناً عمياء وسفكوا الدماء في مصر وسوريا والجزائر، وقبل ذلك فتنة الحرم المكي فخالفوا بذلك هذا الحديث الصحيح الذي جرى عليه عمل المسلمين سلفا وخلفا إلا الخوارج.» 

تكفير مرتكب الكبيرة

وسئل الإمام إبن باز رحمه الله: سماحة الوالد: نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ولكن هناك – للأسف – من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرا انهزاميا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير. فأجاب:

«هذا غلط من قائله، وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسه والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة.

فالخوارج كفروا بالمعاصي، وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنهم في النار مخللدون فيها. ولكن قالوا إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.

والذي عليه أهل السنة – وهو الحق – أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذ شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل؛ ولهذا قال فيهم النبي: إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرميه ثم لا يعودون إليه يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.

هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم، فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفوا مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبه والمشافهة، بالطرق الطيبة الحكيمة، وبالجدال بالتي هي أحسن، حتى ينجحوا، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.

هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ.

فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور، بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا لي دعوتهم بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم بظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إقامة الحق.

هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه: أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.» 

تهييج الناس وإيغار صدروهم على الحكام بذكر معايبهم والطعن فيهم والتظاهر ضدهم

سئل سماحة الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن المنشورات الوافدة من لندن، ومضمون كلام السائلين أنهم سمعوا كلاماً لبعض العلماء لكن يريدون الفتيا التي تصدرونها أنتم حتى نكون على بينة من أمرنا. فأجاب – رحمه الله –:

«أما المنشورات التي تصدر من المسعري ومن معه في لندن للتشويش على هذه الدولة وهذه البلاد، قد صدر منا غير مرة الوصية بعدم نشرها، أو بإتلاف ما يوجد منها، وأنها تجر إلى الفتن والفرقة والاختلاف، فالواجب إتلاف ما يصدر وعدم تداوله بين المسلمين، والدعاء لولاة الأمور بالتوفيق والهداية والصلاح وأن الله يعينهم على كل خير وأن الله يسدد خطاهم، ويمنحهم البطانة الصالحة، في الصلاة وغيرها؛ يدعوا الإنسان ربه في سجوده، وفي آخر صلاته، وفي آخر الليل، للمسلمين ولولاة الأمر بالتوفيق والهداية وصلاح الأمر والبطانة، أما نشر العيوب فهذا من أسباب الفتن، ولما نشرت الخوارج العيوب في عهد عثمان قام الظلمة والجهلة على عثمان فقتل حتى قتل علي بسبب هذه المنشورات الخبيثة، ما بين كذب وبين صدق لا يوجب الخروج على ولاة الأمور، بل يوجب الدعاء لهم بالهداية والتوفيق، هذه الأشياء التي سلكها المسعري وأشباهه هي من جنس ما سلكه عبد الله بن سبأ وأشباهه في عهد عثمان وعلي حتى فرقت الأمة، وحتى وقعت الفتنة وقتل عثمان ظلماً، وقتل علي ظلما وقتل جمع كثير من الصحابة ظلماً.» 

وسئل رحمه الله: يرى البعض: أن حال الفساد وصل في الأمة لدرجة لا يمكن تغييره إلا بالقوة وتهييج الناس على الحكام، وإبراز معايبهم؛ لينفروا عنهم، وللأسف فإن هؤلاء لا يتورعون عن دعوة الناس لهذا المنهج والحث عليه، ماذا يقول سماحتكم؟ فأجاب:

«هذا مذهب لا تقره الشريعة؛ لما فيه من مخالفة للنصوص الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف، ولما فيه من الفساد العظيم والفوضى والإخلال بالأمن.

والواجب عند ظهور المنكرات إنكارها بالأسلوب الشرعي، وبيان الأدلة الشرعية من غير عنف، ولا إنكار باليد إلا لمن تخوله الدولة ذلك؛ حرصا على استتباب الأمن وعدم الفوضى، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة وقوله صلى الله عليه وسلم: على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره في المنشط والمكره ما لم يؤمر بمعصية الله.

وقد بايع الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وعلى ألا ينزعوا يدا من طاعة، إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

والمشروع في مثل هذه الحال: مناصحة ولاة الأمور، والتعاون معهم على البر والتقوى، والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة على الخير، حتى يقل الشر ويكثر الخير.

نسأل الله أن يصلح جميع ولاة أمر المسلمين، وأن يمنحهم البطانة الصالحة، وأن يكثر أعوانهم في الخير، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، إنه جواد كريم.»

وقال الإمام إبن عثيمين – رحمه الله –:

«بل العجب أنه وجه الطعن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، قيل له: إعدل وقيل له:هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، قيل للرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الرسول إنهيخرج من ضئضئ هذا الرجل من يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم، (ضئضئ أي: نفسه)، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام، لأن هذا ما أخذ السيف على الرسول، لكنه أنكر عليه وما يوجد في بعض كتب أهل السنة من أن الخروج على الإمام هو الخروج بالسيف، فمرادهم من ذلك الخروج النهائي الأكبر، كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام: الزنى يكون بالعين، يكون بالأذن، يكون باليد، يكون بالرجل، لكن الزنا الأعظم الذي هو الزنا في الحقيقة هو: زنى الفرج ولهذا قال: والفرج يكذبه، فهذه العبارة من بعض العلماء هذا مرادهم، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال، أنه لا يمكن أن يكون خروجاً بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول، الناس لا يمكن أن يحملوا السيف على الإمام بدون شيء يثيرهم، فلا بد من أنه هناك شيء يثيرهم وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجاً حقيقةً دلت عليه السنة ودل عليه الواقع، أما السنة فعرفناها، وأما الواقع فإننا نعلم عليم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لن يخرجوا على الإمام بمجرد (يالله أمش) خذ السيف لا بد أن يكون هناك شوكة وتمهيد وقدح للإمة وسلب لمحاسنهم، ثم تتمليء القلوب غيضاً وحقداً وحينئذ يحصل البلاء.» 

وسئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله –: هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط أم يدخل في ذلك الطعن فيهم وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم؟

ج: ذكرنا هذا لكم، قلنا الخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام، بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج.

وقال العلاّمة الفوزان عن الخوارج:

«وفي عصرنا ربما سمّوا من يرى السمعَ والطاعةَ لأولياء الأمور في غير ما معصية عميلاً، أو مداهنًا، أو مغفلاً. فتراهم يقدحون في وَليَّ أمرهم، ويشِّهرون بعيوبه من فوق المنابر، وفي تجمعاتهم، والرسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ: من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر؛ فلا يبدِ له علانيةً ولكن ليأخذْ بيدِه، فيخلوا به، فإن قَبِلَ منه فذَّاكَ، وإلا كان قد أدَّى الذي عليه .

أو إذا رأى وليُّ الأمرِ إيقافَ أحدِهم عن الكلام في المجامع العامة؛ تجمعوا وساروا في مظاهرات، يظنونَ – جهلاً منهم – أنَّ إيقافَ أحدِهم أو سجنَهُ يسوغُ الخروج، أوَلَمْ يسمعوا قولَ النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عوف بن مالك الأشجعي – رضي الله عنه –، عند مسلم (1855): لا. ما أقاموا فيكم الصلاة.

وفي حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – في الصحيحين: إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم فيه من الله برهان وذلك عند سؤال الصحابة واستئذانهم له بقتال الأئمة الظالمين.

ألا يعلمُ هؤلاء كم لبثَ الإمامُ أحمدُ في السجنِ، وأينَ ماتَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية؟!

ألم يسجن الإمام أحمد بضع سنين، ويجلد على القول بخلق القرآن، فلِمَ لَمْ يأمر الناس بالخروج على الخليفة؟!

وألم يعلموا أن شيخ الإسلام مكث في السجن ما يربو على سنتين، ومات فيه، لِمَ لَمْ يأمرِ الناسَ بالخروجِ على الوالي – مع أنَّهم في الفضلِ والعلمِ غايةٌُ، فيكف بمن دونهم –؟!

إنَّ هذه الأفكارَ والأعمالَ لم تأتِ إلينا إلا بعدما أصبحَ الشبابُ يأخذون علمَهم من المفكِّرِ المعاصرِ فلان، ومن الأديب الشاعرِ فلان، ومن الكاتبِ الإسلامي فلان، ويتركونَ أهل العلمِ، وكتبَ أسلافِهم خلفَهم ظهريًا؛ فلا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله.» 

فائدة:

وقال عبد الله بن محمد الضعيف – أحد أئمة السلف –: قَعَدُ الخوارج هم أخبث الخوارج .

قال ابن حجر في وصف بعض أنواع الخوارج: والقَعَدية الذين يُزَيِّنون الخروجَ على الأئمة ولا يباشِرون ذلك .

تكفير من لم يحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً:

سئل الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله –: متى يكفر الحاكم بغير ما أنزل الله؟

فقال الشيخ ابن باز – رحمه الله –: إذا كان مستحلا له أو يرى أنه ماهو مناسب أو يرى الحكم بغيره أولى، المقصود أنه محمول على المستحل أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله، أما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه يكون عاصيا مثل من زنا لهواه لا لاستحلال، عق والديه للهوى، قتل للهوى يكون عاصيا، أما إذا قتل مستحلا، عصى والديه مستحلا لعقوقهما، زنا مستحلا: كفر، وبهذا نخرج عن الخوارج، نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع ولا – بتشديد اللام بمعنى أو – وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج، وهو الذي شبه على الخوارج هذا، الاطلاقات هذه .

وسئل في نفس الشريط: هل ترون أن هذه المسألة اجتهادية؟

فقال الشيخ ابن باز: والله أنا هذا الذي اعتقده من النصوص يعني من كلام أهل العلم فيما يتعلق في الفرق بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة، خصوصا الخوارج، أن فعل المعصية ليس بكفر إلا إذا استحله أو دافع عن دونها بالقتال .

سئل الإمام محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عمن يكفر حكام المسلمين، فقال: هؤلاء الذين يكفّرون؛ هؤلاء ورثة الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –، والكافر من كفّره الله ورسوله، وللتكفير شروط؛ منها: العلم، ومنها: الإرادة؛ أن نعلم بأن هذا الحاكم خالف الحق و هو يعلمه، وأراد المخالفة، ولم يكن متأولاً… .

فائدة:

قال الإمام الشاطبي في الاعتصام (٢/٧٣٦):

«استشهاد الخوارج على كفر الحاكم بقوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  وهذا الاستشهاد ليس وليد عصرنا، بل خوارج عصرنا رووه بالإسناد المتصل إلى شيوخهم الخوارج الأوّلين، الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه تشابهت قلوبهم…

أخرج ابن وهب عن بُكير أنه سأل نافعاً: كيف راي ابن عمر في الحرورية (أي: الخوارج)؟قال: يراهم شرار خلق الله، إنهم انطلقوا إلى آيات أُنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.

فسُّر سعيد بن جبير من ذلك، فقال: مما يتّبع الحرورية من المتشابه قوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ويقرنون معها: ثم الذين كفروا بربهم يعدلون فإذا رأو الإمام يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر، ومن كفر عدل بربه؛ ومن عدل بربه فقد أشرك، فهذه الأمة مشركون. فيخرجون – أي: الحرورية – فيقتلون ما رأيت، لأنهم يتأولون هذه الآية

تكفير الحاكم بحجة أنه عطّل الجهاد:

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله –: هناك من يقول: إن ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفر بالله، فما هو رأيكم في كلامه؟

ج: هذا كلام جاهل، يدل على أنه ما عنده بصيرة ولا علم وأنه يكفر الناس، وهذا رأي الخوارج والمعتزلة، نسأل الله العافية، لكن مانسيء الظن بهم نقول هؤلاء جهال يجب عليهم أن يتعلموا قبل أن يتكلموا أما إن كان عندهم علم ويقولون بهذا القول، فهذا رأي الخوارج وأهل الضلال .

التفجير:

قال الإمام ابن عثيمين في حادث تفجير الخبر: لا شك أن هذا العمل لا يرضاه أحد، كل عاقل، فضلا عن المؤمن، لأنه خلاف الكتاب والسنة، ولأن فيه إساءة للإسلام في الداخل والخارج.. ولهذا تعتبر هذه جريمة من أبشع الجرائم، ولكن بحول الله إنه لا يفلح الظالمون، سوف يعثر عليهم إن شاء الله، ويأخذون جزاءهم، ولكن الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث، منهج الخوارج الذي استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين .

تجويز قتل رجال الأمن:

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله –: انتشر بين الكثير من الشباب منشورات تفيد جواز قتل رجال الأمن وخاصة «المباحث» وهي عبارة عن فتوى منسوبة لأحد طلاب العلم وأنهم في حكم المرتدين، فنرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي في ذلك والأثر المترتب على هذا الفعل الخطير؟

ج: هذا مذهب الخوارج، فالخوارج قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر وعمر وعثمان، فالذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا يقتل رجال الأمن؟؟ هذا هو مذهب الخوارج، والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم نسأل الله العافية .

من أقوالهم أن الإمام من يجتمع عليه جميع المسلمين في أنحاء المعمورة من الشرق إلى الغرب

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله –: هل هذا القول صحيح ان الإمام من يجتمع عليه جميع المسلمين في أنحاء المعمورة من الشرق إلى الغرب؟

ج: هذا كلام الخوارج، الإمام من بايعه أهل الحل والعقد من المسلمين، ويلزم الباقين طاعته. وليس بلازم أنه يبايعه كلهم من المشرق والمغرب، رجالاً ونساء، هذا ليس منهج الإسلام في عقد الإمامة.

وبـعـد:

هل يوج خوارج في هذا الزمان؟!

سئل العلاّمة الفوزان – حفظه الله –: هل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج؟ فقال الشيخ:

«يا سبحان الله، وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج، وهو تكفير المسلمين، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم، هذا مذهب الخوارج.

وهو يتكون من ثلاثة أشياء:

  • أولاً: تكفير المسلمين.
  • ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر.
  • ثالثاً: استباحة دماء المسلمين.

هذه من مذهب الخوارج، حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً، صار خارجياً، في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه.» 

ذكر بعض الأحاديث الصحيحة الوارد في الخوارج

  • عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

    «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسماً، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل.

    فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟

    فقال: دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون  من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر إلى نصله  فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه  فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه – وهو قدحه  – فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه  فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم ، آيتهم  رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة  تدردر ، ويخرجون على حين فرقة  من الناس.»

    قال أبو سعيد:

    «فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته. قال: فأنزلت فيه: وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ

  • وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال:

    «بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهبية ، فقسمها بين الأربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب، فغضبت قريش والأنصار، قالوا: يعطي صناديد  أهل نجد ويدعنا، قال: إنما أتألفهم. فأقبل رجل غائر العينين  مشرف الوجنتين ، ناتئ الجبين، كث اللحية  محلوق، فقال: اتق الله يا محمد، فقال: من يطع الله إذا عصيت؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني.

    فسأل رجل قتله – أحسبه خالد بن الوليد – فمنعه، فلما ولى قال: إن من ضئضئ هذا، أو: في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الومية ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد .»

  • وعن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبا سعيد الخدري، فسألاه عن الحروريَّة:أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال:

    «لا أدري ما الحروريَّة؟ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في هذه الأمة – ولم يقل منها – قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم، أو حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرميَّة، فينظر الرامي إلى سهمه، إلى نصله، إلى رصافه، فيتمارى في الفوقة، هل علق بها من الدم شيء

  • وعن سعيد بن جُمْهان قال:

    «أتيتُ عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلّمت عليه، قال لي: مَن أنت؟فقلت: أنا سعيد ابن جمهان، قال: فما فعل والدك؟ قلت: قتلَتْه الأزارقة ، قال:لعن الله الأزارقة! لعن الله الأزارقة! حدَّثنا رسول الله ﷺ أنهم: كلاب النار.

    قال:

    «قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بلى الخوارج كلها.

    قال:

    «قلت: فإن السلطان يظلم الناسَ ويفعل بهم، قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال: ويحك يا ابن جمهان! عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فأْتِهِ في بيته فأخبره بما تعلم، فإن قَبِل منك وإلا فدَعْهُ؛ فإنك لست بأعلم منه».

  • وعن أبي غالب قال:

    «كنت بدمشق زمن عبد الملك فأتي برؤوس الخوارج فنصبت على أعواد فجئت لأنظر هل فيها أحد أعرفه؟ فإذا أبو أمامة عندها فدنوت منه فنظرت إلى الأعواد فقال: كلاب النار ثلاث مرات شر قتلى تحت أديم السماء ومن قتلوه خير قتلى تحت أديم السماء قالها ثلاث مرات ثم استبكى

    قلت: يا أبا أمامة ما يبكيك؟

    قال: كانوا على ديننا ثم ذكر ما هم صائرون إليه غداً.

    قلت: أشيئاً تقوله برأيك أم شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

    قال: إني لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً إلى السبع ما حدثتكموه أما تقرأ هذه الآية في آل عمران: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه إلى آخر الآية وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون.

    ثم قال: اختلف اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة، واختلف النصارى على اثنتين وسبعين فرقة في النار وواحدة في الجنة، وتختلف هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة. فقلنا: انعتهم لنا، قال: السواد الأعظم

  • عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: سيكون في أمتي اختلافٌ وفرقةٌ، قومٌ يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدِّين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتدَّ على فوقه، هم شرُّ الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب اللّه وليسوا منه في شىء، من قاتلهم كان أولى باللّه تعالى منهم. قالوا: يارسول اللّه، ما سيماهم؟ قال: التحليق. وفي رواية عن أنيس قال: سيماهم التحليق والتسبيد فإذا لقيتموهم فأنيموهم. قال أبو داود: التسبيد: استئصال الشعر.
  • عن عقبة بن وساج قال:

    «كان صاحب لي يحدثني عن شأن الخوارج وطعنهم على أمرائهم فحججت فلقيت عبد الله بن عمرو فقلت له: أنت من بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جعل الله عندك علماً وأناس بهذا العراق يطعنون على أمرائهم ويشهدون عليهم بالضلالة فقال لي: أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقليد من ذهب وفضة فجعل يقسمها بين أصحابه فقام رجل من أهل البادية فقال: يا محمد والله لئن أمرك الله أن تعدل فما أراك أن تعدلفقال: ويحك من يعدل عليه بعدي فلما ولى قال: ردوه رويدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في أمتي أخا لهذا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرجوا فاقتلوهم ثلاثا

  • عن أبي برزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم، هديهم هكذا يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون إليه ووضع يده على صدره سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم! هم شر الخلق والخليقة.
  • وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: ينشأُ نَشْءٌ يقرؤون القرآن لا يُجاوِز تراقيهم، كلما خرج قرنٌ قُطِع قال ابن عمر: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: كلما خرج قرنٌ قُطع أكثر من عشرين مرة: حتى يَخرج في عِراضهم الدَّجَّال.
  • رابط

https://no-terrorism.com/aljamaeat-alirhabiya/khawarij-aleasr/sifat-khawarij-aleasr-min-fatawa-eulama-aleasr.html

About مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

Check Also

مصر المقدسة (نسخة مزيدة)

بقلم : كاتب وباحث خالد محيي الدين الحليبي  مركز القلم للأبحاث والدراسات  الكتاب بصيغة pdf …