شفقنا- تجاهر أميركا وبكل وقاحة أن وجودها في سوريا غير مقترن بزمن أو بمهلة وهو كما بات مؤكداً عليه في الموقف السوري الرسمي ووفقاً لقواعد القانون الدولي، هو وجود غير شرعي واحتلال بكل المعايير.
ويبدو أن الروس اكتشفوا متأخرين أو مؤخراً الهدف الحقيقي للولايات المتحدة في سوريا عبر ما تكرر من تصريحات روسية تؤكد أن الهدف الأميركي هو البقاء فيها للأبد، وبالتالي الاستمرار في محاولة التقسيم وهو ما أوضحه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالقول: «الولايات المتحدة لديها الرغبة بالبقاء إلى الأبد في سوريا والسعي لإنشاء شبه دولة فيها تمتد من شرق نهر الفرات وحتى الحدود العراقية».
الهدف الأميركي الذي تحدث عنه الروس كان معلوماً وواضحاً لسوريا حكومة وشعباً قبل بداية الأزمة ومنذ اللحظة الأولى لإشعال فتيلها قبل سنوات سبع وكانت وما تزال أفعال واشنطن تؤكد صوابية وصحة الموقف السوري من الولايات المتحدة، وما توصلت إليه موسكو، فالعدوان الأميركي أدى إلى تدمير واسع في سوريا وتهجير وقتل لشعبها.
وما ذلك إلا ترجمة للخطة الأميركية الصهيونية التي ترمي إلى الاستيلاء على سوريا وشرذمتها ومنع قيام الدولة القادرة القوية التي تحفظ استقلالها وذلك إما عبر التدخل المباشر كما تفعل واشنطن شمال شرق سوريا وإسرائيل عبر اعتداءاتها الداعمة للإرهاب أو عبر قوى محلية غرر بها أو خدعت أو تم تجنيدها بشكل ما لجعلها تنخرط بالمشروع الأميركي العدواني ضد وطنها ودولتها وشعبها.
لكن سوريا وبكل ما أوتيت من قوة وبكل ما لديها من طاقات ذاتية رفدت بمساعدات من حلفاء صادقين صمدت في وجه الإعصار العدواني ومنعت الخطط الخبيثة من النيل منها رغم ما أصاب بنيتها من جروح عميقة مؤلمة واستمرت سوريا في الميدان تواجه حتى علمت أميركا أن خططها العدوانية لن تنال من سوريا.
وبعد أن هزمت دمشق مع أصدقائها أدوات واشنطن اتخذت الأخيرة قراراً بالنزول إلى الميدان والتصدي المباشر بقواتها المسلحة للقوة الشرعية السورية والحليفة التي تدافع عن سوريا.
اقترفت أميركا أفعالاً عدوانية متعددة الأشكال تحت شعار محاربة تنظيم داعش، حيث ادعت أميركا أنها جاءت لمحاربته وتبين بعد ذلك وباليقين القاطع أنها هنا من أجل حمايته، وهذا ما أثبتته وقائع العدوان الأخير على القوات الحليفة للجيش السوري.
والآن وما إن دخل داعش طور التصفية النهائية حتى جن جنون أميركا وتمسكت أكثر بقناع تتخفى خلفه لاحتلال أرض في سوريا وبسط نفوذها على منطقة مهمة منها ثم تعطي لنفسها ما تدعيه أنه الحق بالدفاع المشروع عن هذا الاحتلال، لكن إسقاط طائرتها من نوع إف 16 التي تقدمها لإسرائيل هدايا ومساعدات، فرمل الانجراف الأميركي نحو مزيد من التهور لإعادة حساباته وفق معطيات جديدة فرضتها معادلة الردع السورية الجديدة، فقد خشي خبراء عسكريون أميركيون أن تتعرض طائرات سلاح الجو الأميركي في سوريا للملاحقة وتكون مستهدفة من وسائط الدفاع الجوي، وظهرت مخاوف من احتمال تعرض الطائرات الأميركية لحوادث إطلاق النار بعد أن أسقطت وسائط الدفاعات الجوية السورية الطائرة الإسرائيلية «إف16».
والآن يمكن أن يجيء على الأميركيين الدور في التعرض إلى الحوادث حسبما أشارت جريدة «أوترو» الروسية التي ذكرت «بعدما تعرضت قوات سوريا إلى القصف الجوي، فقد يتغير الموقف من الطيران الحربي الأميركي ولاسيما أن السوريين يملكون الوسائط القادرة على إسقاط الطائرات الحربية الأميركية الحديثة».
ومع كل ما سبق تصر أميركا بمنطقها المجافي للمنطق السليم على ارتكاب عدوان صارخ فيه من الوقاحة والتحريف ما لا يمكن لأحد أن يتقبله وخاصة عندما ادعت أن لها الحق بالدفاع عن نفسها وحلفائها في شرقي الفرات، ولكن ومهما ادعت أميركا واختلقت من أكاذيب مغايرة أو مناقضة للقواعد القانونية فعليها أن تعلم أنها في سوريا تمارس احتلالاً وأنها تدعم خونة خرجوا عن الشرعية الوطنية وأن سوريا التي أتقنت في السابق كيف تحدد أهدافها وتعمل على تحقيقها تعرف أيضاً متى وكيف تواجه هذا العدوان وليس مثل إسقاط طائرة الـ«اف ١٦» ببعيد.
* ميسون يوسف ـ الوطن