فقد دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، في تسجيل صوتي، الخميس 15 فبراير/شباط 2018، شباب الإخوان المسلمين المسلمين للتخلص مما سماها أخطاء الماضي والانضمام إليه.
وتأتي دعوة الظواهري التي تناولتها العديد من المواقع الجهادية بعد 5 أيام فقط من دعوة مماثلة تلقاها شباب الإخوان المسلمين من ولاية سيناء.
الظواهري يستميل الإخوان
وقال الظواهري إن “قيادات الإخوان لم تدرك أن الثورة لا بد أن تستأصل النظام الفاسد كي تنجح… وإن الثورة التي تصالحت قياداتها مع الجيش حكمت على نفسها بالإجهاض… القيادات التي منحت الأمان لعناصر وزارة الداخلية، وتفاهمت مع قيادات الجيش وعظّمت من شأن القضاء، أضاعت ثورة الشعب المسلم”.
وأضاف زعيم القاعدة “هذه القيادات تكتوي اليوم بنار الداخلية والجيش والقضاء. كل هذا صار واضحاً للجميع إلا لكثير من هذه القيادات ما زالت تنتظر رضا أميركا لتمنحها فرصة أخرى”.
وتابع: “هذه القيادات هي التي تنازلت عن مطلب الشريعة واقتصرت على المطالبة بشرعية محمد مرسي، ثم تحالف الكثير منها مع أعداء مرسي، واكتفوا بمطلب إزاحة السيسي فقط”.
وأضاف “ندعو الجميع إلى بداية جديدة تتخلص من أخطاء الماضي وإقامة حكم إسلامي يحكم بالشريعة، ويرد الحقوق، وينتصر للمستضعفين… نمد أيدينا فهل من مجيب؟”.
وتأتي دعوة الظواهري بالتزامن مع حرب شرسة يتعرض لها تنظيم داعش في سيناء، منذ الجمعة 9 فبراير/شباط 2018، من قبل القوات المسلحة المصرية ضمن حملة عسكرية موسعة أطلقتها الحكومة لمحاصرة التنظيم المتشدد والقضاء عليه، فيما تحقق القاعدة تقدماً ولو نسبياً في صحراء مصر الغربية التي استهدفتها الحملة العسكرية الموسعة “ضد الإرهاب”، ولم يتم الإعلان عن أي من العمليات الموجهة ضدها حتى الآن.
ونفَّذت القاعدة بقيادة ضابط الصاعقة المصرية السابق هشام عشماوي مجموعة من العمليات الإرهابية المؤثرة في منطقة الصحراء الغربية، أسفرت عن مقتل العشرات من ضباط الشرطة بحسب البيانات المصرية.
إخوان في صفوف داعش
والأحد 11 فبراير/شباط 2018، بثَّ تنظيم “الدولة الإسلامية” (ولاية سيناء) إصداراً مصوراً حمل عنوان “حماة الشريعة”، هاجم فيه كلَّ من شارك في العملية السياسية في مصر، محذرين فيه الشعب المصري من المشاركة في الانتخابات المصرية القادمة، لأنها ستكون هدفاً لعناصره.
وشنَّ التنظيم هجوماً على شعار “السلمية”، الذي رفعه الإخوان، بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، مؤكداً أنها “جلبت لهم الذل والهوان”.
وقالت داعش إن الانتخابات التي وصفها بـ”الشرك الأكبر”، ما جلبت لمن شارك فيها “إلا الويل والظلم والقهر من الله”.
وعرض الإصدار مقطعاً لعمر الديب، نجل أحد قادة الإخوان المسلمين الذين انضموا للتنظيم، وكلف بعمليات ضد الحكومة المصرية في محاولة من التنظيم المتشدد لاستمالة شباب الإخوان.
والإخوان هي أبرز معارضي النظام الحاكم حالياً، وتعتبرها السلطات المصرية جماعة إرهابية، منذ أواخر عام 2013، أي بعد أشهر من الإطاحة بمحمد مرسي المنتمي للجماعة من رئاسة الجمهورية.
وتقول الجماعة دائماً إنها تتمسك بالمنهج السلمي في مواجهة النظام المصري، إلا أنه عقب مجزرتي فض رابعة والنهضة، 14 أغسطس/آب 2013، تعالت بعض الأصوات وسط الشباب الغاضب للتخلي عن المنهج السلمي، وذهب البعض منهم إلى توجيه اللوم إلى قادة التنظيم الذي يصر على النهج السلمي في الوقت الذي زج فيها بنحو 40 ألف معتقل -وفق تقارير حقوقية- في السجون وتزايد ظاهرة الإخفاء القسري.
ويتحول نشطاء الإخوان الشباب وغيرهم ممن يشعرون بأنّهم خُدِعوا بوعود شيوخهم وبإخفاقات عهد مرسي إلى فريسةٍ سهلة لداعش، ويخشى قادة الجماعة من انحراف شبابهم عن المسار السلمي.
“حظر الإخوان”
وتسعى الحكومة المصرية إلى دفع الحكومة الأميركية إلى اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، وقد اعتبرت واشنطن مؤخراً حركتي حسم ولواء الثورة المسلحتين التي تتهم جماعة الإخوان المسلمين بالمسؤولية عنهما حركتين إرهابيتين.
لكن يبدو مستبعداً أن تتخذ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هذه الخطوة لأسباب متعلقة بـ”المصالح الأميركية وتعقيدات تنفيذ القرار، فضلاً عن وجود قناعة داخل مؤسسات صنع القرار الأميركية بسليمة فكر الجماعة، وفق محللين سياسيين وتصريحات أميركية.
ورغم استبعاد المحللين وقيادي في الجماعة أن تدرج واشنطن الإخوان على قائمة الإرهاب، إلا أن كل شيء يظل وارداً، في ظل وجود ترامب، صاحب القرارات المفاجئة، وفق قيادي إخواني آخر.
وفي يونيو/حزيران 2017، نقلت تقارير إعلامية عن تيلرسون أنه يرى أن وضع الجماعة، التي تضم ملايين الأعضاء وأجنحة متعددة، برمتها على قائمة الإرهاب هو أمر معقد، وذلك رداً على سؤال بشأن إمكانية تصنيفها “إرهابية”.
وجاء تصريح تيلرسون بعد نحو عام على تصريح له، حين كان مرشحاً لتولي حقيبة الخارجية في حملة ترامب الانتخابية، توعد فيه بأنه “فور الانتهاء من القضاء على (تنظيم) داعش كأولوية أولى، يجب مواجهة المنظمات الداعمة للإرهاب، على غرار القاعدة والإخوان”.
القيادي البارز في الإخوان، محمد سودان، المقيم بلندن، قال للأناضول إن “الجماعة تنبذ العنف”، واستبعد إقدام الولايات المتحدة على وصمها بالإرهاب، “كونها دولة مؤسسات، وليست دولة الرجل الواحد”.
وأضاف أنه “سبق وأن طالب نواب في الكونغرس اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، ولكن توصيات إدارة الأمن القومي والاستخبارات الأميركية رفضت ذلك لخطورته”.
واستبعد سودان أن يتجه الغرب إلى وصم الجماعة بالإرهاب، واستشهد بتقرير بريطاني، صدر نهاية 2015، حول نشاط الإخوان (انتهى بسلميتها)، وقرار من وزارة الداخلية البريطانية، في أغسطس/آب 2016، بمنح حق اللجوء السياسي لقادة الجماعة (حال إظهار أنهم عرضة للاضطهاد).
هل يدفعون الإخوان للعنف؟
وأعد عمرو دراج، وهو قيادي بارز في الإخوان، دراسة في فبراير/شباط 2017، حول الإدراج المحتمل، خلص فيها إلى “عدم ترجيح تصنيف الإخوان بشكل سريع، كما كان يخُطط له، إلا أنه وبرغم العوائق، لا يمكن استبعاد هذا الأمر بشكل نهائي، فقرارات ترامب ونوعية مستشاريه المقربين، غير قابلة للتنبؤ”.
وفي هذه الدراسة، وضع دراج ثلاثة أهداف للاستجابة للقرار “تتعلق بالداخل الأميركي نفسه، ومحاولة تحجيم المنظمات الإسلامية العاملة بقوة في أميركا، وحصار العمل الإسلامي حول العالم بقيود حظر الدخول والملاحقة المالية، والاستجابة لضغوط الحلفاء في الشرق الأوسط، مثل السعودية والإمارات ومصر”.
واستدرك: “إلا أنه يبدو أن مثل هذا التصنيف ليس بالأمر الهين لأسباب كثيرة”.
وذكر من هذه الأسباب، نقلاً عن أكاديمين وباحثين ومؤسسات حقوقية، أنه سيكون استهدافاً انتقائياً، فجماعة الإخوان ليست واحدة بالعالم، وسيفتح الباب أمام تحول شباب إلى العنف، وتعقيد واشنطن لعلاقاتها مع حلفاء في المنطقة رافضين لذلك.
وفي فبراير/شباط 2017، حذرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحقوقية الدولية من خطورة احتمال تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، وما يمكن أن يترتب عليه من تبعات تشكل انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية، سواء لمواطنين أو منظمات أميركية أو غيرها.