ضربة قاسية لهيبة إسرائيل والصناعة الأمريكية..أزمة إسقاط الطائرة الإسرائيلية جعلت نشوب صراعٍ يتجاوز حدود سوريا أمراً حقيقياً

هاف بوست عربي

ضربة قاسية لهيبة إسرائيل.. أزمة إسقاط الطائرة الإسرائيلية جعلت نشوب صراعٍ يتجاوز حدود سوريا أمراً حقيقياً

اشتبكت إسرائيل مع قواتٍ عسكرية سورية وإيرانية، السبت 10 فبراير/شباط، في سلسلةٍ من الضربات الجريئة عبر الحدود، والتي من المُحتمل أن تُمثِّل مرحلةً جديدة وخطيرة في الحرب الأهلية الطويلة في سوريا.

حسب تقرير صحيفة The New York Times فقد بدأت المواجهات، التي تُهدِّد بجرِّ إسرائيل بصورةٍ مُباشرة أكثر في الصراع، قبل الفجر، عندما اعترضت إسرائيل ما ذكرت أنَّها طائرة إيرانية بدون طيار كانت قد اخترقت مجالها الجوي آتيةً من سوريا. ومن ثَمَّ هاجم الجيش الإسرائيلي ما قال إنَّه مركز القيادة والتحكم الذي أطلقت منه إيران الطائرة من قاعدةٍ جوية سورية بالقرب من مدينة تدمر.

وفي طريق عودتها من المهمة، تحطَّمت إحدى المُقاتلات الإسرائيلية من طراز إف-16 شمالي إسرائيل، بعد تعرُّضها لنيران سورية شديدة مُضادة للطائرات. ويُعتقد أنَّ هذه هي أول طائرة إسرائيلية تسقط جراء نيران عدو منذ عقود.

أدَّى ذلك وفق The New York Times إلى موجة واسعة من الضربات الإسرائيلية ضد 12 هدفاً سورياً وإيرانياً في الأراضي السورية. وقال الجيش الإسرائيلي إنَّه أصاب 8 أهداف سورية، منها 3 بطاريات للدفاع الجوي، و4 مواقع إيرانية، وصفها الجيش الإسرائيلي بأنَّها “جزءٌ من التحصينات العسكرية الإيرانية في سوريا”.

ساحة قتالٍ بين إسرائيل وإيران

وهدَّدت الأحداث، بما في ذلك اشتباك إسرائيل المباشر مع القوات الإيرانية، بزيادة حدة الأزمة في سوريا، وأظهرت كيف تحولت إلى ساحة قتالٍ بين إسرائيل وإيران، الخصمين اللدودين في المنطقة.

قال روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “هذا بالتأكيد يُمثِّل تصعيداً خطيراً يُثيِر شبح الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران في سوريا، وهو وضع أكثر خطورة بكثير من رسم الخطوط الحمراء وعمليات تبادل إطلاق النار التي وقعت من قبل”.

وتوجد قوات من روسيا وتركيا والولايات المتحدة أيضاً على الأراضي في سوريا تقاتل جبهاتٍ وفصائل متعددة، بما في ذلك بقايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة.

الأسبوع الماضي، أُسقِطت طائرات من ثلاث دول أجنبية في الصراع: الطائرة الإسرائيلية، ومروحية تركية أُسقِطت يوم السبت أيضاً، بينما كانت تهاجم الميليشيات الكردية، وطائرة روسية سقطت فوق إدلب كانت تقصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وقد حذَّرت إسرائيل طويلاً من خطر نشوب صراع، في ظل وجود القوات الإيرانية وحلفائها، بمن فيهم حزب الله، وهو جماعة لبنانية مسلحة، على الأراضي السورية واقترابهم من الحدود عند الجزء الذي تحتله إسرائيل من مرتفعات الجولان. وتعمل إسرائيل، التي تعتبر إيران أقوى عدو لها في المنطقة وفق The New York Times على حشد القوى الدولية لإخراج هذه القوات من المناطق الحدودية.

وقد نفَّذت إسرائيل عشرات الضربات في سوريا في السنوات الأخيرة، استهدفت إلى حدٍّ كبير ما تقول إنَّها مخازن أسلحة متطورة أو قوافل تحمل أسلحة لحزب الله في لبنان المُجاور. وأُفيد أيضاً أنَّ إسرائيل ضربت مرافق للحكومة السورية تُستخدَم في تطوير الأسلحة وقاعدةً إيرانية قيد الإنشاء في سوريا.

ضربة قاسية لهيبة إسرائيل

وقال مُحللون إنَّ هذه كانت أول ضربة إسرائيلية على موقع توجد فيه القوات الإيرانية، وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إنَّ هذه هي أول مرة تخترق فيها طائرة إيرانية بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي في الحرب السورية. ولم تتوفر على الفور أي مؤشرات حول أنَّ الطائرة كانت مسلحة.

واتهم مسؤولون عسكريون إسرائيليون السوريين والإيرانيين بـ”اللعب بالنار”، لكنَّهم أشاروا إلى أنَّ إسرائيل تريد احتواء الوضع.

فقال العميد رونين مانيلس، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “إنَّنا مستعدون لانتزاعِ ثمنٍ باهظٍ للغاية مِن كل مَن يتحرك ضدنا. لكنَّنا لا نسعى إلى تصعيد”.

وشكَّل تحطم الطائرة ضربةً قاسيةً لهيبة إسرائيل، وقد تُمثِّل تغييراً كبيراً بعد سنوات عملت فيها ضد الأهداف في سوريا بحصانة نسبية.

ففي الماضي، ادَّعت سوريا، كذباً، أنَّها أسقطت طائرة إسرائيلية. ويبدو أنَّ آخر مرة تسقط فيها طائرة إسرائيلية على يد خصمها كانت في أوائل الثمانينيات.

وقال حزب الله، السبت، إنَّ إسقاط الجيش السوري لمُقاتلة إسرائيلية من طراز إف-16 يُمثل “بداية مرحلة استراتيجية جديدة”، ستحد من الاستغلال الإسرائيلي للمجال الجوي السوري. وقال الحزب الشيعي اللبناني في بيانه: “تطورات اليوم تعني بشكل قاطع سقوط المعادلات القديمة”.

وفي سوريا، نُظِر إلى أحداث الأمس باعتبارها مُتغيِّراتٍ محتملة لقواعد اللعبة. واحتفى مؤيدو الحكومة في شوارع دمشق، وقدَّموا الحلوى، مُشيدين بالأسد والجيش.

وتُعد هي المرة الأولى التي يبدو فيها أنَّ الحكومة السورية قد وفَّت بوعودها بإسقاط الطائرات الإسرائيلية، بعد سنواتٍ من التهديدات ضد إسرائيل والجيوش الأجنبية الأخرى التي قامت بمختلف الطلعات الجوية فوق سوريا دون إذن.

وقال حيدر (30 عاماً)، وهو من مؤيدي الحكومة، بينما يُوزِّع الحلوى وسط المدينة: “أنا سعيد للغاية. إنَّني فخورٌ لأنَّني أرى رداً سورياً، وإسقاط الإف-16 الإسرائلية. ننتظر منذ سنواتٍ رد فعلٍ سوري ضد الانتهاكات الإسرائيلية والضربات الجوية”.

ثقة سوريا بنفسها تزايدت

لكن في الوقت نفسه الذي بدا أنَّ ثقة سوريا بنفسها تزايدت حسب The New York Times . يقول محللون إسرائيليون إنَّ إسرائيل أيضاً بعثت برسالةٍ قوية عن طريق موجة ضرباتها الواسعة يوم السبت. وأشار المحللون إلى أنَّ هذه هي المرة الأولى في السنوات الأخيرة التي تضرب فيها إسرائيل الأراضي السورية في وضح النهار، وقالوا إنَّ إسرائيل قد ألحقت أضراراً جسيمة بنظام الدفاع الجوي السوري. فرغم إطلاق المزيد من النيران السورية المضادة للطائرات، عادت جميع المُقاتلات الإسرائيلية إلى قاعدتها بسلام من المهمة الثانية، بعد فقدان المُقاتلة الأولى، وفقاً للجيش الإسرائيلي. ويُعتقد أنَّ سوريا أطلقت ما لا يقل عن 10 صواريخ مُضادة للطائرات هبط حُطام أحدها في لبنان.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت المُقاتلة الإسرائيلية من طراز إف-16، قد أصُيبت مُباشرةً بالنيران السورية المضادة للطائرات. ويقول المُقدم جوناثان كونريكوس، وهو مُتحدثٌ آخر باسم الجيش الإسرائيلي، إنَّ التقييمات المُبكرة تشير إلى أنَّ ذلك هو ما حدث، لكنَّه أضاف أنَّ أي شيءٍ لم يتأكد رسمياً.

وقال الجيش الإسرائيلي إنَّ الطيارين قفزا من الطائرة التي كانت تسقط “بحسب الإجراءات المعمول بها”. وأصيب أحد الطيارين إصابة خطيرة.

وأمضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معظم يوم السبت في مُباحثاتٍ مع وزير دفاعه، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ومسؤولين عسكريين آخرين.
وأسهمت روسيا، جنباً إلى جنب مع إيران، في دعم حكومة الرئيس بشار الأسد في سوريا، وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً يدعو فيه “كافة الأطراف المعنية بالتحلي بضبط النفس، وتجنُّب جميع الأعمال التي قد تؤدي إلى تعقيد الوضع أكثر”.

وأضافت الوزارة: “من غير المقبول على الإطلاق خلق تهديدات على حياة وأمن الجنود الروس الموجودين بالجمهورية العربية السورية بناءً على دعوة الحكومة الشرعية للمساعدة في المعركة ضد الإرهاب”.

وقال نتنياهو إنَّه تحدَّث إلى بوتين، حول ما حدث يوم السبت، واتفقا على استمرار التنسيق الأمني بين البلدين. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضاً، إنَّه تحدث إلى وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، بشأن المواجهات التي اشتعلت السبت.

وقالت هيذر نويرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، في بيانٍ، إنَّ “الولايات المتحدة تشعر بقلقٍ بالغ إزاء تصاعد أعمال العنف على الحدود الإسرائيلية. إنَّ تصعيد إيران المحسوب للتهديد، وطموحها في فرض سيطرتها وهيمنتها يُعرِّض جميع شعوب المنطقة، من اليمن وحتى لبنان، للخطر”.

وقال المايجور أدريان رانكين غالاوي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إنَّ الجيش الأميركي يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وصرَّح المايجور في بيان أيضاً: “نتشارك مخاوف الكثيرين في المنطقة حيال الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران، والتي تهدد الأمن والسلام الدوليين، ونسعى كذلك لإيجاد تصميمٍ دوليّ أكبر لمواجهة تلك الأنشطة الإيرانية الخبيثة”.

وبوجود العديد من القوى الأجنبية في سوريا، تصبح مخاطر نشوب صراعٍ يتجاوز حدود سوريا أمراً حقيقياً، لكنَّ المحللين قالوا إنَّ جميع الأطراف لديها مصلحة في ضمان عدم تطور الأحداث التي جرت السبت إلى شيءٍ أكبر.

فقال ستيفين سيمون، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بكلية أمهرست، والذي كان مسؤولاً كبيراً بمجلس الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس باراك أوباما: “أعتقد أنَّ الأمر سيجري احتواؤه في الوقت الراهن. لكن الوضع متقلب للغاية”، مضيفاً أنَّ “الأوضاع مضطربة منذ فترة والأمور على وشك الغليان”.

وأضاف سيمون أنَّ أحد الأسئلة المهمة هو ما إذا كان البيت الأبيض سينصح بضرورة ضبط النفس.

وتابع: “الولايات المتحدة وإسرائيل ربما تنظران إلى عملياتهما بسوريا باعتبارها مطرقة وسندان، تقع إيران وقواتها الوكيلة وسطهما. وإن صحَّ ذلك، فإنَّ القتال سيتصاعد”.

وأشار عاموس يدلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق والمدير التنفيذي حالياً لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بجامعة تل أبيب، إلى أنَّ سوريا وإيران وروسيا ستبدو غير مهتمة بالدخول في صراعٍ شامل مع إسرائيل.

موقف حكومة الأسد الذي يتحسن يُؤخَذ أيضاً بعين الاعتبار

وأضاف يدلين: “تمتلك إسرائيل القدرة على تدمير مشروع روسيا وإيران لإنقاذ نظام الأسد. فهذه ليست المعارضة السورية الضعيفة. هذه إسرائيل القوية”.

وفي حين أنَّ القوة العسكرية الإسرائيلية تُعد عاملاً مهماً في أي رد، إلا أنَّ موقف حكومة الأسد الذي يتحسن يُؤخَذ أيضاً بعين الاعتبار.

قال ستيفن سليك، الرئيس السابق لفريق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) بإسرائيل، وحالياً مدير مشروع الدراسات الاستخباراتية بجامعة تكساس في مدينة أوستن: “لا يوجد حافز لدى الإيرانيين أو السوريين أو الروس لجلب الإسرائيليين إلى وضعٍ عسكري يتحرك لصالحهم منذ بعض الوقت”.

وقد نفت وزارة الخارجية الإيرانية اختراق طائرة بدون طيار للمجال الجوي الإسرائيلي، ورفضت التقارير حول أنَّ إسرائيل اعترضت طائرة بدون طيار أنطلقت من سوريا، واصفةً إياها بأنَّها “مثيرة للضحك”.

ووفق موقع المنار الإخباري، قال مسؤولون في الجيش السوري، إنَّ الطائرة كانت تقوم بمهمة روتينية في المجال الجوي السوري ضد داعش.

وأصرَّ الكولونيل جوناثان كونريكوس على أنَّ الطائرة كانت “في مهمة إيرانية محددة”، وأنَّها أُسقِطَت في الأراضي الإسرائيلية.

مع ذلك، لم يستبعد بعض المحللين الإسرائيليين احتمالية عبور تلك الطائرة الإيرانية إلى إسرائيل بسبب عطلٍ بها.

فعبَّر إيهود يعاري، وهو محلل تلفزيوني إسرائيلي للشؤون العربية وزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يقيم في إسرائيل: “أعجز عن فهم منطق إيران وراء إرسال طائرة بدون طيار إلى إسرائيل، فهم لديهم أولوياتهم الأخرى في سوريا الآن”.

وأضاف يعاري أنَّه بمجرد عبور الطائرة للمجال الجوي الإسرائيلي، لا يوجد خيار أمام الإسرائيليين سوى الرد.

وتابع: “الاحتكاك المستمر بين الوجود الإيراني في سوريا والقوات الإسرائيلية يُسبِّب الكثير من الخسائر”.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

شاهد أيضاً

إقالة غالانت من وزارة الدفاع تخلص نتنياهو من شوكة في خاصرته

العربية : القدس – رويترز نشر في: 06 نوفمبر ,2024: 12:47 م GSTآخر تحديث: 06 نوفمبر ,2024: …