بقلم ناجي امهز
هناك معضلة كبيرة بعالمنا العربي لا حل لها إلا بفنائنا او تبديل تلك المفاهيم البالية القديمة العفنة المقيتة التي تعشعش في عقولنا، منذ ان نطقت الجاهلية لأول مرة العربية، وتسمرت خلف حرف العين بصوت عواء الكلاب المسعورة, فاعتقدت انها تكتب نثرا وتنشر شعرا في عبادة آلهة من تمر وخشب وحجر.
وأنا اتكلم عن الجميع دون استثناء، عن كبار السن في أي موقع سياسي او اجتماعي كانوا، والذين لم تعلمهم سنون حياتهم الا ان لهم الحق (بفعل) ما يشاءون وفرض أفكارهم التي يظنون إنها حكمة بسبب الموروث التقليدي على صغارهم من الأتباع او أبناؤهم الذين بدورهم يتعلمون فن الكذب والتمثيل مبكرا هربا من الإرهاب الفكري وسطوة كبارهم، وهكذا استمرت هذه العاهة الفكرية بإنتاج أجيال من البشر راضخة مستعبدة لم تعرف يوما ان تعبر عن ذاتها او تقول لا، وبحال قررت ان تفرض شخصيتها تتجه نحو الصراع من اجل تحقيق الأنا ومن هنا دخل العالم العربي في نفق تحقيق الذات من خلال السلطة او الإرهاب.
وبسبب هذه العقدة النفسية، تحول الغني الى مجرد مريض بمرض الفقر يبحث عن المزيد من الثروة والمال ظنا منه انه يحقق غاية وجوده فحرم نفسه جمال الحياة ونعمة العطاء بل أصبح ياخذ من الفقراء بطريقة (المنفصم) شخصيا فيشعر ان سعادته هي بخلق التعاسة للاخرين ظنا منه انهم سوف يتوسلون اليه فتتحقق غايته، ومن هنا خلق في قلب الفقير نقمة تتعارض مع الله في عدالته، وفي الختام يأتي من يخبره عن الوطن والدين فينظر الفقير حوله فلا يجد من الدين الا انه عليه ان يدفع الزكاة ومن الوطن الا الضرائب، فيكفر بالاديان والاوطان.
حتى المتعلمين الذين هم اساس التحرر قيدوهم بتقاليد وأعراف، فاصبح المتعلم غير قادرا على اللعب والضحك وممارسة طفولة روحه ظنا منه ان هذه العفوية قد تنقص من هالته او تحجم من وضعه ومكانته الاجتماعية، فيصاب بداء الانتفاخ ومرض الفوقية والتعالي، وعندما يجد احد البسطاء فرحا سعيدا بنمط حياة معين، ياتي اليه بكل مفرداته اللغوية ويستفرغ عليه حالة الكبت النفسي فينعته بالجاهل ظنا منه ان هذه الميزة التي ترفع شانه على حساب ربطة العنق، وهنا يتحول الجاهل الى ناقم على المتعلمين فيذهب الى القوة للبحث عن السلطة دفاعا عن الانا فيجد نفسه بدوامة الصراع.
وهكذا دمرنا الامة والاوطان من خلال كتب ومفاهيم ما انزل الله بها من سلطان، وتحول صراع البقاء الى صراع فناء لن ينتهي الا بنهاية العالم العربي الغارق بالظلمات والجهل.
وعندما تنقل هذه الحقيقة على مساحة العالم العربي المختصرة بدمار ودماء واقتتال لا ينتهي، تارة دينيا وطورا وطنيا، المهم ان يستمر القتال لإثبات الذات يأتي احدهم ويقول لك يا اخي انت متشائم
تقول له أخبرني ماذا يجري بفلسطين وسوريا والعراق ومصر ولبنان والسعودية والاردن واليمن، يتلو عليك نظرية الصراع العربي الإسرائيلي، ويضيف على المفاهيم مفهوم التكفير ضد الاعتدال، وانعكاسهم على وحدة الامة العربية والاسلامية، والمخطط الاستراتيجي لازالة اسرائيل.
تصغي اليه ساعات وفي الختام تسأله عجبا عرب يقتلون عرب ومسلمين يقتلون المسلمين، مئات الملايين يموتون وتدمر اوطانهم وحياتهم ومع ذلك لم نسمع ان جنديا اسرائيلا قتل بسبب هذه المعركة، او انه جعلنا اسرائيل تتراجع شبرا واحدا،
وتخبره ان هناك مقاومة تعدادها بضعة آلاف حررت بلادا وصنعت توازن من الرعب مع هذا الوحش الأسطوري الذي تسمونه إسرائيل، اذا المشكلة ليست بالانسان العربي، كما ان هناك جمهورية اسلامية في إيران استطاعت ان تخلق مفهوم للحرية يتماشى مع القيم الاسلامية، ويتسابق علميا وينتج صناعيا دون ان يغير بالمفاهيم الدينية، اذا المشكلة ليست بالاسلام.
فاذا به يعود ليخبرك عن العرب والعروبة والأعراف والتقاليد واللغة والدين والطوائف؟؟؟
ويبرر قوله ان مشكلة هذه الامة بدأت منذ ان قتل سيدنا يزيد ابن معاوية رضي الله عنه سيدنا الامام الحسين بن الامام علي رضي الله.
اذا المشكلة ان لم نخرج من دائرة القتال هذه سوف نبقى نتقاتل رضي الله عنا حتى نفني أنفسنا.
العربي يقتل العروبي باسم العروبة رضي الله عنهم، والمسلم يقتل مسلم اخر باسم الله الذي يشهد الاثنين انه اله واحد بمفاهيم استنبطت من القران الواحد الذي انزل على النبي الذي يعترف به الاثنين انه نفس النبي، وفي الختام يهجم الجميع على الجميع بلغة عربية صرف هاتفين الله اكبر ليموتوا جميعا رضي الله عنهم.