ربَّما يصبح عبدالرحمن، المصري الذي عاش طوال عمره في ميشيغان، وجمعت حملته نحو مليوني دولار، أولَ حاكم ولاية أميركية مسلم في تاريخ الولايات المتحدة، وهو يُعَد أقوى منافس على بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري أمام المرشحة الديمقراطية غريتشن ويتمر، صاحبة أوفر الحظوط، قبل انتخابات الحزب التمهيدية، في أغسطس/آب المقبل.
ويوم الإثنين الماضي، الموافق 30 يناير/كانون الثاني، نشرت مجلة بريدج، وهي مجلة تصدر في ميشيغان، مقالاً يقول إنَّ الوقت الذي قضاه عبدالرحمن طالباً وأستاذاً للطب في جامعة كولومبيا في نيويورك، بين عامي 2013 و2016، يمكن استخدامه ضده، وقال المقال أيضاً إنَّ “الأسئلة حول (أهلية) السيد للترشُّح تُثار في أوساط الديمقراطيين، وخاصةً في جنوب شرقي ميشيغان”.
كيف بدأت الهجمة ضدّه؟
معظم الديمقراطيين والمحامين المتخصصين في الانتخابات الذين أجرت المجلة معهم مقابلات اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، لأنَّهم “لا يريدون أن يُزج بهم في جدل كهذا”. لكن الجدل أُثير رغم كل شيء، بعد أن سارعت صحافة مدينة ديترويت إلى التقاط القصة. وقال عبدالرحمن، في بريد إلكتروني لجمع التبرعات، إنَّ المقال جاء نتيجةً لـ”لجوء أعضاء قدامى بالحزب الديمقراطي إلى نوع من التكتيكات التي استخدمها معارضو باراك أوباما لتشويه سمعة حملته للترشح للرئاسة”.
ورداً على سؤال عن هذا النزاع، لم تُدِن حملة ويتمر الادعاءات الموجهة ضد عبدالرحمن ولم تؤيدها، ولم يكن لديها ما تقول عن رده.
وقالت آني إليسون، المتحدثة باسم الحملة، لموقع “ذي إنترسبت”: “إنَّ ويتمر لا تهتم بالثرثرة حول من سيدخل سباق (الترشح) أو سينسحب منه، وبصراحة أُلهينا كثيراً (عن الحديث) عن كيفية إصلاح طرقنا، وتنمية اقتصادنا، وحماية الرعاية الصحية لأسر ميشيغان. أي شيء يصرف التركيز عن كيفية حل المشكلات وجعل الشعب في مقدمة الاهتمامات في هذه الدولة ليس ممَّا توليه (مرشحتنا) اهتماماً”.
ينص دستور ميشيغان على أنَّ المرشح لمنصب حاكم الولاية يجب أن يكون “ناخباً مسجلاً في هذه الولاية” لمدة أربع سنوات قبل الانتخابات. نشأ عبدالرحمن في مدينة ديترويت، ولعب الرياضة في المدرسة الثانوية، والتحق بكلية الطب في جامعة ميشيغان. بعدها، أكمل تعليمه الطبي في نيويورك، قبل أن يعود إلى ديترويت في عام 2015، بعد أن عُيِّن مديراً لإدارة الصحة في المدينة. وقالت الحملة في بيان: “كنا نعلم أنَّ الهجمات ستنهال علينا، لكننا لم نتوقَّع أن تأتي من ديمقراطيين يستخدمون التكتيكات التي استخدمها ترامب للتشكيك في محل ميلاد أوباما”.
وقال المحامون والمسؤولون الديمقراطيون الذين قابلتهم مجلة بريدج، إنَّ الوقت الذي قضاه عبدالرحمن في نيويورك، وحصوله على رخصة قيادة في الولاية، يعني أنَّه لا يستوفي المؤهلات الأساسية للمنصب.
وقال مسؤول ديمقراطي منتخب للمجلة: “بالتأكيد ستُرفع ضده قضية في المحكمة. السؤال الوحيد هو من سيتصدَّى لمهمة إبعاده (عن سباق الترشح)”. وصاغ مسؤول آخر شكوكه حول أهلية عبدالرحمن في سياق قلق الحزب الديمقراطي، قائلاً إنَّ “أحد قادة الحزب قال إنَّه يخشى من سيناريو كابوسي يأتي فيه عبدالرحمن من الخلف، ويفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي في أغسطس/آب، ثم يُستبعد من الاقتراع العام حين تحل الانتخابات، في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن يرفع الجمهوريون دعوى قضائية ضده”.
كان عبدالرحمن قد حصل على رخصة قيادة في عام 2013 حين عاش في نيويورك؛ ما يعني أنَّه اضطر إلى التخلي عن رخصته المُصدرة من ميشيغان. لكن صحيفة ديترويت فري برس استفسرت من سكرتير الدولة في الولاية، وقال إن عبدالرحمن، مع صحة القول بأنَّه لم يصوت في ولاية ميشيغان بين عامي 2013 و2016، لم يُزل اسمه من سجل الناخبين في الولاية.
وأدلى فريد وودهامز، أحد موظفي الإعلام في مكتب سكرتير الدولة بالولاية، بتعليقات مماثلة لموقع “ذي إنترسبت”، وأضاف أنَّ المكتب لا يمكن أن يصدر حكماً نهائياً قبل أن يُقدم عبدالرحمن رسمياً أوراق الترشح، في 24 أبريل/نيسان المقبل.
لم يقدم عبدالرحمن أوراق الترشح لمنصب حاكم الولاية حتى الآن
وتابع وودهامز في بريد إلكتروني: “أستطيع أن أؤكد أنَّ عبدالرحمن، وفقاً لسجلات الناخبين في الولاية، كان مسجلاً بشكل مستمر للتصويت منذ عام 2003. لم يقدم عبدالرحمن أوراق الترشح لمنصب حاكم الولاية حتى الآن؛ لذا فليست لدينا تعليقات أخرى”.
وقد تسببت السنوات الثلاث التي قضاها عبدالرحمن في نيويورك في تغيير حالته في سجل الناخبين إلى حالة “العد التنازلي للإلغاء”، ولكن بسبب تصويته في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 في ميشيغان، أُعيدت حالته إلى وضعها الطبيعي، بالإضافة إلى أنَّه كان يملك مسكناً في أحد أحياء الولاية حتى في أثناء إقامته في نيويورك.
وعارض جيمس ألين، وهو محامٍ يعمل مع حملة عبدالرحمن، الاعتراضات على مؤهلات المرشح في بيان لموقع “ذي إنترسبت”، جاء في نصه:
“خلاصة القول هي أنَّ عبدالرحمن ناخب يتمتع بحقوقه، وبالتالي فهو مؤهل للترشح لمنصب الحاكم، لأنه كان مقيماً باستمرار في الولاية حتى الآن، وهو مسجل في قواعد بيانات الناخبين.
هناك دائماً خطر في محاولة الناس طرح دعوى قانونية دون معرفة الحقائق كاملة؛ إنها محاولة كطرح تشخيص لمرض دون رؤية المريض. حَافَظ عبدالرحمن على اتصاله بولاية ميشيغان كناخب مسجل، وظلَّ محافظاً على الإقامة القانونية في الولاية بين عامي 2011 و2015 (أي في السنوات التي يقتضيها القانون ليكون ناخباً متمتعاً بحقوقه).
وأصدر روبرت لينهارد، الرئيس السابق للجنة الانتخابات الفدرالية، الذي يعمل مستشاراً لحملة عبدالرحمن، بيانا مماثلاً، جاء فيه:
“لقد دققنا البحث في هذا السؤال، ونثق بأن عبدالرحمن مؤهل للترشح لمنصب حاكم ولاية ميشيجان. إنه مقيم دائم في ميشيغان طوال عمره؛ وُلِد هنا، وذهب إلى المدرسة هنا، وتزوج هنا. كان صاحب ملكية، ودافع ضرائب، وناخباً مسجلاً ومقيماً في ميشيغان طوال فترة التأهل بموجب قانون الولاية. قانون ميشيغان لم يذكر أنَّ التغيب عن الولاية بغرض الدراسة أو العمل يؤدي إلى سحب صفة الإقامة. هذا الادعاء كلام فارغ غرضه التشويش”.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن ويتمر تحرز تقدماً بأكثر من 10% على المرشحين الديمقراطيين الآخرين في السباق، وقد جمعت تمويلاً لحملتها أكثر من عبدالرحمن بمليون دولار. وأظهر استطلاع للرأي، في ديسمبر/كانون الأول، أنَّ المرشح الجمهوري المحتمل بيل شويت يتقدم بـ3% على ويتمر في الانتخابات العامة. ومع ذلك، فقد حظت حملة عبدالرحمن باهتمام كبير من وسائل الإعلام، وضمنت سياسته التقدمية دعم القائمين على حملة المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز في انتخابات الرئاسة الأميركية في 2016. عبدالرحمن ابن يبلغ من العمر 33 عاماً لمهاجر مصري، وقد شُبِّه بأوباما لكونه شاباً ولتمتعه بالكاريزما في ظهوره العام، لكن عبدالرحمن، في الواقع، ينتقد الرئيس السابق بشدة.
وستجرى الانتخابات الحزبية التمهيدية يوم 7 أغسطس/آب المقبل.