هاف بوست عربي :
كيف حملت الثورة المدنية للجهاديين حلم الدولة الإسلامية؟
نشأ عبد الرحمن الخطيب في بيئة سورية متدينة؛ لذلك لم يكن غريباً أن يقنعه الخطاب الحماسي، والأناشيد التي تستخدمها المجموعات الجهادية، وأن يجعله يتوق إلى رؤية سوريا، دولة تُحكم بالشريعة، وكان الانضمام إلى الثورة بالنسبة له هو الخطوة الأولى.
اندلعت الثورة السورية في مارس/آذار من عام 2011، ورغم الشعارات المدنية التي رفعتها الثورة منذ أيامها الأولى، من مطالبات بالعدالة الاجتماعية والمساواة والديموقراطية، اجتذبت الحالة السورية، تحديداً، الجهاديين حول العالم. لبلاد الشام أهمية خاصة عند الإسلاميين، والجهاديين على وجه الخصوص، ولذلك رأى البعض فرصة في الثورة السورية لتحقيق أحلامهم بالدولة الإسلامية. فبعد 3 أشهر فقط من انطلاق الثورة المدنية، وتحديداً في يونيو/حزيران، أصدر أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، رسالة يدعو فيها لـ”الجهاد” في سوريا.
لم تكن رسالة الظواهري دعوة مباشرة لتأسيس دولة إسلامية في البلاد، فالربيع العربي الذي كان بعدُ أخضر، كان مهيمناً بخطابيه السلمي والمدني على المشهد، كما أن تجارب “القاعدة” المحلية التي فشل فيها التنظيم في تأسيس دويلات إسلامية، خاصة في العراق واليمن، لا تزال حاضرة. لكن خلال أسابيع فقط من دعوة الظواهري، وتحديداً في شهر رمضان الذي وافق أغسطس/آب، تحرك 7 جهاديين، من بينهم السوري الذي يُعرف باسم أبو محمد الجولاني، والذي كان قد انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق تحت قيادة أبي مصعب الزرقاوي، عبر الحدود العراقية-السورية إلى سوريا. وبعد 4 أشهر من خطاب الظواهري الأول إلى “أهل الشام”، نفذت جبهة النصرة أولى عملياتها بدمشق في ديسمبر/كانون الأول، ولتعلن عن تأسيسها تحت قيادة الجولاني بعد شهر تماماً.
وعكس فصائل “الجيش الحر” المختلفة التي كانت تقاتل النظام السوري في عدة نقاط ساخنة مثل درعا وحمص- تبنّت جبهة النصرة، في الأشهر الأولى من تأسيسها، تكنيكاً مختلفاً، اعتمدت على العمليات الانتحارية والعبوات المفخخة والاغتيالات الميدانية في مناطق سيطرة الحكومة السورية، لكن ذلك لم يستمر طويلاً، حيث تحولت إلي مكوّن رئيسي من مكونات القوات المناهضة للأسد من خلال نجاحها في بناء تحالفات مع فصائل أخرى، إسلامية غالباً، وفي إثبات نفسها كفصيل شرس في مواجهة الأسد.
أعضاء في جبهة النصرة عام 2013 بحي بستان القصر في حلب أثناء عرض عسكري يطالبون فيه بتأسيس دولة إسلامية
لم يغب حلم تأسيس الدولة الإسلامية عن أذهان قيادات “النصرة” قط، فبالتزامن مع النجاحات العسكرية للجبهة، قررت قيادتها البدء في تأسيس المكوّن المدني لمشروعها الجهادي بدافع من الرغبة في اجتذاب السكان . فمنذ أواخر 2012، بدأت الجبهة في تقديم الخدمات للمدنيين المقيمين بمناطق نفوذها مع تأسيس “قسم الإغاثة”. ففي شتاء العام نفسه، بدأت الحركة في السيطرة على المخابز وإنتاج الخبز المدعم، وتوصيل غاز التدفئة، ومياه الشرب، وكذلك تقديم الخدمات الصحية والخدمات المدنية الأخرى.
خلال وقت قصير نسبياً، استطاعت الحركة الحصول على دعم مدني بسبب نجاحاتها في قتال القوات الحكومية السورية ونظام بشار الأسد، إلى حد أنه في ديسمبر/كانون الأول 2012، أي بعد أقل من عام من تأسيس الجبهة. ومع إعلان الولايات المتحدة جبهة النصرة فرعاً لـ”القاعدة” في سوريا، أي اعتبارها بالتبعية منظمة إرهابية، خرجت التظاهرات في سوريا بعنوان “لا إرهاب في سوريا إلا إرهاب الأسد”، حيث اعتبرت قوى المعارضة السياسية أن وضع فئة تقاتل النظام على لائحة الإرهاب هو إساءة إلى الثورة السورية. بيد أن هذا الدعم المدني لا يمكن إرجاعه للاقتناع بمشروع جبهة النصرة، ولكن بسبب ضرباتها القوية ضد النظام السوري، والتي اعتبر بها العديد من السوريين “النصرة” طرفاً في الثورة، رغم الاعتراضات التي تم الإعلان عنها.
قامت الجبهة أيضاً، مستثمرةً الموقف المشترك من نظام الأسد بين الفصائل المختلفة، وعلاقاتها بعدد من العشائر في مناطق مثل دير الزور، وهي العشائر التي قررت التعاون مع “النصرة” لأسباب عدة يتعلق بعضها بخلافات جهوية وعشائرية تاريخية، قامت بتأسيس الهيئة الشرعية، التي يمكن اعتبارها المحاولة الأولى للمعارضة بسوريا في الإدارة المدنية.
هذه المحاولة أثارت استياء العديد من السوريين، وغالبية المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجبهة.
حلم الدولة الإسلامية ينقلب ضد الثورة
يعتقد عبد الرحمن الخطيب أن صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وإعلان التنظيم الخلافة أضرّا بمفهوم النظام الإسلامي، وقوّضا من جهود تأسيس كيان سُنّي في سوريا.
لا يحتفظ الخطيب بموقف مناهض لتأسيس دولة دينية من حيث المبدأ؛ ولذلك فموقفه من تنظيم الدولة موقف سياسيّ واضح. فقد اقتنع الخطيب، ابن حي سيف الدولة بمدينة حلب، قبل الثورة بعام تقريباً، بالذهاب لإحدى حلقات الدروس الدينية التي تقام في حي الصالحين.
لقد استمع الخطيب هناك لأشخاص يدعون لضرورة إقامة دولة إسلامية. لم يحضر الشاب سوى 3 جلسات؛ ومن ثم اتخذ قراراً بعدم الإكمال، بعد الشك والخوف اللذين ثارا داخله حول خلفية هؤلاء الأشخاص. يُرجع عبد الرحمن الفضل لعائلته ذات الخلفية المحافظة، في عدم الانجرار وراء الجهة التي دعته، بعدما أخبر شقيقه الأكبر ووالده بما حصل. لكن ظلت أفكار إقامة الدولة الإسلامية حاضرة في ذهنه منذ ذلك الحين.
في الحقيقة، وبحسب محللين، كانت نشأة داعش أكثر خطراً على مشروع “النصرة” من أي تهديد آخر. فقد شهد إعلان “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، في أبريل/نيسان 2013، الانقسام الأكبر في بنية جبهة النصرة، والذي كاد ينهيها تماماً، لكن الجبهة استثمرت إعلان بيعتها لتنظيم القاعدة، وعلاقاتها بشبكات الدعم الخارجية والجماعات السلفية المحلية في الحفاظ على صفها واستعادة تماسكها.
جاء تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم إعلانه الخلافة بمثابة ضربة قوية لتماسك السلفية الجهادية في سوريا
غير أن الخطيب يرى، وكذلك منتسبو جبهة النصرة بشكل عام، أن تأسيس دولة إسلامية يحتاج للكثير من التدرج في التنفيذ والتوسع. لكن هذا التدرج لم يستطع منافسة الصعود القوي والسريع لتنظيم الدولة والمكاسب التي حققها التنظيم بالعراق وسوريا في صيف 2014 والتي تبعها إعلان الخلافة من الموصل.
لم ينتظر الجولاني طويلاً، فالكثيرون من أبناء تنظيمه ينظرون بإعجاب إلى التقدم الذي يحرزه داعش، وبُعيد إعلان الخلافة في 29 يونيو/حزيران، تسرب شريط صوتي للجولاني يعلن فيه تشكيل إمارة إسلامية، وعلى الرغم من مسارعة “النصرة” لنفي صحة الشريط أو ما يعنيه، فإن المتابعين يقطعون بصحته. وفي الشريط، يوجه الجولاني رسالته إلى جنود الجبهة، قائلاً: “أنتم أصحاب المشروع، فلا يزايدنَّ عليكم أحد. (…) بيدكم هذا المفتاح (الإمارة)، لا ينازعكم أحد غيركم، لا في الشام ولا في خارجها”. ويتابع متحدثاً عن دولة داعش بتحفُّظ: “هذا الخليفة (أبو بكر البغدادي) باطل، حتى لو قام بإعلان الخلافة ألف مرة”.
في كل الأحوال، لم ينتشر الحديث عن تأسيس إمارة إسلامية مرة أخرى إلا في عام 2016، كما يقول أبو قتيبة السوري -وهو اسم مستعار- أحد القادة الميدانيين السابقين في جبهة النصرة، والذي تحدث لـ”هاف بوست عربي”.
النصرة تبدأ خطتها للدولة، والثورة تخسر من جديد
في بدايات 2016، يقول أبو قتيبة: “أخبرَت قيادة جبهة النصرة الصف الثاني من القادة لديها بنِيَّة الجبهة إقامة إمارة إسلامية في سوريا”. لكن هذه الإمارة ستتشكل على نطاق ضيق، يشمل فقط الشمال الغربي من البلاد. كان الإعلان الداخلي لهدف أساسي؛ وهو الحشد ضد رافضي فكرة إقامة إمارة إسلامية محلية تقتصر على سوريا، وأغلبهم من المقاتلين الأجانب، الذين تمسكوا بالإبقاء على سياسة جبهة النصرة المركزية مع تنظيم القاعدة.
لاحقاً، أصبح 28 يوليو/تموز 2016، هو التاريخ الرسمي لبدء جبهة النصرة الخطوات العملية لإقامة الإمارة الإسلامية، التي أصبح يطلَق عليها لاحقاً اسم “الكيان السنّي”، حينما أعلن قائدها العام، أبو محمد الجولاني، إلغاء العمل باسم جبهة النصرة والانفصال عن تنظيم القاعدة، وإعادة تشكيل جماعة جديدة تحمل اسم جبهة فتح الشام.
كان هذا الإعلان، بالنسبة لعبد الرحمن الخطيب، هو خطوة عملية اتخذتها جبهة النصرة لتنفيذ رؤية أغلب التيارات السلفية الجهادية في سوريا حول فكرة إقامة كيان إسلامي في البلاد، والتي ترى ضرورة الابتعاد عن المركزية وخلق نظام إداري جديد والتعامل بواقعية مع الحالة الدولية والإقليمية والداخلية؛ ومن ثم تجنيب أي جماعة إسلامية مسلحة وصمها بصفة الإرهاب.
لقد ساعد جبهة النصرة على هذه الخطوة، كما يقول القيادي السابق فيها أبو قتيبة السوري، طغيان العنصر المحلي السوري على العنصر الأجنبي داخلها، في حين تصطف العناصر الأجنبية (المهاجرون) ضمن كيانات خاصة تتبع للجبهة بشكل أو بآخر، وأن القيادات الأجنبية لا تستطيع التأثير بشكل كبير على العناصر الذين ما زال عامل المناطقية يسيطر عليهم. بالإضافة لما سبق، استطاعت جبهة النصرة توفير نوع من الاكتفاء الذاتي يغنيها عن “القاعدة”.
الجهاديون لا يستطيعون بناء تحالفات لدعم حلم الإمارة
ومن أجل الشروع في خطوات متقدمة بإقامة الكيان السنِّي، بذلت “جبهة النصرة” جهوداً كبيرة وفقاً لأبو قتيبة السوري، حيث توجهت في شهر أغسطس/آب 2016، إلى حركة أحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي، لتشكيل كيان عسكري جديد يحمل اسم “الهيئة السورية الإسلامية”، لكن الأطراف الثلاثة لم تستطع الاتفاق.
وحركة أحرار الشام، هي حركة جهادية تعمل “على إرساءِ نظامِ حُكْمٍ إسلاميٍّ عادلٍ راشدٍ بوسائلَ مشروعةٍ و برؤيةٍ استراتيجيةٍ”، ويصفها المتابعون بأنها تتبنى خطاً ملتبساً بين الهوية الثورية والجهادية. أما حركة نور الدين الزنكي، فهي حركة إسلامية تجمع بين الهويتين المدنية والعسكرية، كانت من أوائل الحركات المسلحة التي تأسست بعد اندلاع الثورة السورية.
لاحقاً، حاولت الجبهة مرة أخرى؛ إذ قادت في نهاية يناير/كانون الثاني 2017، تحالفاً جديداً تحت اسم هيئة تحرير الشام، يضم إلى جانبها كلّاً من حركة نور الدين الزنكي وجيش الأحرار، وهو جناح محافظ منشق عن حركة أحرار الشام. لكن بسبب سيطرة جبهة النصرة على قرار السلم والحرب داخل الهيئة، بحسب الخطيب وأبو قتيبة السوري، انشقت حركة نور الدين الزنكي وكذلك جيش الأحرار عن هيئة تحرير الشام.
لكن قبيل انشقاق حركة نور الدين الزنكي وجيش الأحرار عن هيئة تحرير الشام، قامت هذه الأخيرة بإصدار عدة بيانات أعلنت فيها بشكل صريح عن هدفها، وكان أهم هذه البيانات، الذي حمل عنوان “الثورة مستمرة” في 23 يوليو/تموز 2017، حيث قالت إنها “توقن بضرورة تأسيس مشروع سنّي ثوري جامع، يحفظ الثوابت ويحقق الأهداف المرجوة، بمشاركة جميع أطياف الثورة وأبنائها من الكوادر المدنية والنخب السياسية في الداخل والخارج، إلى جانب الكتل العسكرية لجميع الفصائل والمجموعات”. وكانت الخطوة العملية الأولى في هذا الصدد، أن قامت الهيئة بعقد اجتماعات ومشاورات مع المجالس المحلية في الشمال ومع وجهاء عشائر ريفي حلب الجنوبي وإدلب الشرقي، واتفقت معهم على مشروع إقامة إدارة مدنية مشتركة بالشمال السوري.
بالتزامن مع ذلك، شنت الهيئة معركة شاملة ضد فصيل “جند الأقصى” في 12 فبراير/شباط 2017، والذي كان قد اقترب من تشكيل منطقة نفوذ له تمتد في أرياف حماة. وأنهت أيضاً سيطرة أحرار الشام على الشمال في يوليو/تموز 2017، وقوضت من نفوذها، بعدما بدأت الحركة بالعمل على إطلاق مشروع لقيادة الشمال، حيث أعلنت في 16 يوليو/تموز 2017، عزمها إطلاق مشروع “الإدارة الموحدة للشمال السوري”، ولحقه اعتمادها القانون العربي الموحد.
حاولت حركة أحرار الشام الإسلامية تأسيس إدارة موحدة في الشمال السوري، إلا أن معركة هيئة تحرير الشام معها قوضت تلك الجهود
وبسبب هذه المعركة التي شنتها الهيئة ضد حركة أحرار الشام، أعلن عدد كبير من أعضائها الانشقاق عنها، بعد أن وجدوا المعركة غير مبررة، ومن هؤلاء عبد الرحمن الخطيب، وكذلك عمرو النجار، وهو شاب سوري تحدث لـ”هاف بوست عربي” عن أنه انفصل عن جبهة النصرة بعد أن رأى “أنها لا تسعى إلا إلى السلطة” بلا أي نظر إلى مصالح السوريين.
أبو قتيبة السوري، الذي قاد بعض معارك جبهة النصرة في دير الزور والحسكة وحمص والشمال، توصل إلى القناعة ذاتها؛ وهي أن “النصرة” لا تريد سوى مشروع الكيان السنِّي كوسيلة لتحصيل سلطة ومساحة سيطرة بطابع إسلامي، بعد أن رأى أن المعارك التي تخوضها “النصرة” لا تؤدي إلى الإضرار بالنظام قدر إضرارها بالثورة السورية. ولذلك، فقد انشق عن الجبهة منضماً إلى فصيل عسكري آخر، رآه أكثر اعتدالاً؛ وهو “فيلق الشام“، أحد أكثر فصائل المعارَضة السورية المسلحة اعتدالاً والذي يحارب تنظيم داعش، ويضم في صفوفه كتائب من مختلف المناطق السورية.
كيان سني بنفوذ تركي .. والمدنيون لا يريدون
منذ وقت مبكر، حاولت حركات إسلامية مختلفة حشد المواطنين السوريين من أجل دعم مشاريعها المحلية، من خلال السيطرة على المنصات الخدمية المختلفة. أسامة الحسين، وهو الرئيس السابق لمجلس سراقب المحلي بريف إدلب، قال لـ”هاف بوست عربي” إن حركة أحرار الشام أنشأت إدارة الخدمات العامة في السنوات السابقة، قبل أن تسيطر عليها هيئة تحرير الشام وتجعلها نواة لمشروع الإدارة المدنية للخدمات. “في البداية، كانت الحركات تعتمد القوة الناعمة، لكن منذ منتصف 2017، لجأت هيئة تحرير الشام إلى القوة الصلبة من أجل السيطرة على المجالس المحلية”.
المشارَكة في الإدارة المدنية تهدف بالأساس إلى تكوين حاضنة شعبية تدعم مشروع الإمارة، حيث يقول ياسر الحجي، مدير مكتب العلاقات العامة في الحكومة السورية المؤقتة التي ما زالت تعمل ضمن مناطق الشمال السوري ووجود جبهة النصرة، إن هذه الأخيرة تقوم بفرض ضرائب والسيطرة على مؤسسات العمل الخدمي، بغرض تحصيل أموال واستغلال الطبقة الفقيرة؛ لكسب تأييدها مشروع الكيان السنّي.
لكن السوريين لا يؤمنون بالكيان السنّي ولا بمشروع الجهاديين في سوريا.
طلاب جامعة حلب الحرة، على سبيل المثال، يقول حجّي “كانوا قد رفضوا إغلاق جامعتهم من قِبل حكومة الإنقاذ وقاموا بالتظاهر عدة أيام في بلدة الدانا حيث مقر الجامعة”، كذلك تلقى الطلاب أكثر من محاضرة خارج مبنى الجامعة بعد سيطرة عناصر من هيئة تحرير الشام عليه.
يرى محمد سرحيل، وهو صحفي متابع لشؤون الجماعات الإسلامية المسلحة، أن الدعم الظاهري لمشروع الكيان السُني هو استجابة مؤقتة للخداع الإعلامي الذي تقوم به مجموعات السلفية الجهادية تجاه القضية السورية. “تقدم المنصات الإعلامية الجهادية الحرب باعتبارها ضد الهوية السنّية”، يقول سرحيل. ولذلك، فإن مبرر بقاء هذه الفصائل وتأسيس الكيان السني هو حماية هذه الهوية. “بمجرد زوال تلك الأسباب عن الحاضنة الشعبية، سيزول هذا الموقف معها”.
الآن يبدو الواقع في الشمال السوري أكثر تعقيدًا بالنسبة للجهاديين والمدنيين على السواء. فالشمال تحول إلى مناطق نفوذ متنازع عليها، تهيمن تركيا عليها، بشكل كامل تقريبًا، على الرغم من الرفض الإيديولوجي الجهادي للنمط السياسي الذي تقوم عليه الدولة التركية. أما المدنيون، فالوضع المعيشي السيء، والمناوشات المستمرة بين الأطراف المتصارعة لا تساعدهم على توقع الأفضل على المدى القريب، خاصة مع ارتباط اسم الدولة الإسلامية برد فعل التحالف العالمي الذي تشكل ضد تنظيم داعش، والذي قد يتكرر في الشمال إذا ما قام هذا الكيان.
لقد اطلع عبد الرحمن الخطيب وعمرو النجار وأبو قتيبة السوري على تعليق محمد سرحيل. وجميعهم يعتقدون أن الكيان السُني لن يستطيع أن يحل مشاكل السوريين في المستقبل حال قيامه