مقال نشر في 2017/4/17
تناولت به كيف سوف تحتل أمريكا منابع النفط والموقف الروسي والوضع الإيراني والوضع اللبناني
نهاية حكم الاسد ولبنان الى الانفجار
كتبت هذا المقال قبل ايام وانتظرت ان يمر عيد الفصح لانشره فالالم الذي يعيشه عالمنا العربي لا يطاق وهو اشبه بجمعة الألآم إنما بصلبان كثيرة على مساحة وجع أمة ممسمرة بالاستعباد والجوع والخوف، فالشعوب العربية شبيهة قطعان الخراف التي تنتظر جزارها لذبحها وسلخها او ذئب يفترسها، وهذا الامر هو في كافة الاقاليم والجمهوريات والممالك العربية، فالحاكم او النائب وحتى السياسي اصبح لا يخجل من انقلابه على ذاته وكلامه حتى التنصل من وعوده والشعب او الاتباع هم شبه مغيبين عقليا وفكريا، فلا محاسبة ولا مسائلة ولا حتى التغيير احتراما للذات في مدلول علم الاجتماع، بمعنى أوضح أصبحت بلداننا العربية خارجة عن شرعة العقل وقيم الاديان والاعراف الانسانية وتحولت الى قبائل تتبع شيخ عشيرتها.
من هنا ابداء المقال بعد تعديلات طفيفة ادخلتها عليه بسبب المتغير الاسرع من توقعاتنا الزمنية، علما ان ما نشاهده اليوم من احداث داخلية واقليمية قد كتبت عنه حرفيا قبل 5 سنوات تحت عنوان مقال ( هل يسقط حزب الله مع وتيرة الارتفاعات الجيوسياسية بالمتغيرات السورية ) وقد تناولت حينها وتحديدا موضوع السياسة الداخلية وحلفاء حزب الله، ورغم انتقاد الكثيرين لمقالي بحينه الا انهم يقولون كانه كتب الان.
امريكا: بعد الضربة الامريكية على سوريا والصمت الروسي الذي حذرنا منه تغيرت قواعد اللعبة كثيرا، فالأمريكان والروس قرروا معا تغيير الشرق الاوسط واعني المنطقة العربية بطريقة تشبه الانتداب في القرن الماضي، حيث امريكا لن تقبل بعد اليوم بالبقاء لدول مارقة تغيب عنها انظمة التطور وتحكمها شريعة القائد الملهم، فالعالم لا يمكنه ان يبقى رهينة نزعة شيخ متطرف هنا او سياسي مجنون هناك، وخصوصا في ظل عولمة الاقتصاد والثقافة والانترنت، فأي بلد لا يحكمه دستور ويحارب الفساد ليحد من الاحتكار المالي والاقتصادي ويحتكم الى تداول السلطة وشرعة حقوق الانسان فهو بنظر امريكا اخطر من الارهاب ويجب اقتلاعه او تدميره على من فيه، وان كنا نتفق مع هذه النظرة ونواياها او لا فان هذا الامر هو ما سوف نسمعه قريبا عبر كافة الوسائل الاعلامية، فنظرية فار الانابيب اصبحت ممنوعة ومحرمة فلا يعقل ان يموت شعب باكمله في اي بلد ليتنعم 5% من ألاثرياء بخيراته ويتحول بقية الشعب الى قنابل موقوتة تفجر العالم بسبب الجوع والفقر والبطالة.
روسيا: الروس ان الادارة الروسية وجدت بان خطر التطرف الاسلامي الذي اصبح يدق ابوابها بعد رسالة التفجيرات الاخيرة التي استهدفت محطة مترو الانفاق، هو يشكل الخطر الاكبر على بقائها وخصوصا بعد انتهاء وتفكك الاتحاد السوفياتي كما انه لا يعقل ان تكون مع طرف دون الاخر وتبقى نفسها بعيدة عن هذه النيران التي ستلتهمها عاجلا ام اجلا، لذلك قررت ان تسير بالخطة الامريكية بعيدا عن ما يتناقله الاعلام العربي الذي يروج اخبارا لا تمت بصلة الى الواقع بل انه يخدع نفسه متوهما ان يصدق الروس الكذبة التي يريد ان يسوقها على طريقة الشعر في مدح الحكام العرب، فالروس يدركون القوة الامريكية كما انهم غير واثقين بالعرب والتاريخ خير شاهد على حقبة عمرها اكثر من مئة عام، وبما ان روسيا همها اقتصادها القائمة على انابيب الغاز فلا يهمها الا من يؤمن مصالحها وقد تم الاتفاق مع الرئيس ترامب على ان تاخذ امريكا النفط ويبقى الغاز من حصة روسيا.
اذا الاتفاق اصبح واضحا يضاف اليه الازمة العربية التي اكدت التطورات الاخيرة من الربيع العربي حتى استفحال الارهاب، بان العرب شعوب يحكمها الجهل والتخلف ولا امل بتطويرها او تحديثها لمواكبة المتغير عالميا وهي تشكل خطرا وجوديا على المشروع الاممي بعد نهوض الصين والازمة الكورية، كما انها خارج المعادلة الاقتصادية والسياسية في العالم وخصوصا بعد موجة النزوح الكبيرة من المنطقة العربية الى الغرب وما تركته من تداعيات على امن هذه البلدان اجتماعيا وامنيا.
سوريا: مع بداية الهجمة على سوريا سوف يقوم ترامب بابتزاز ايران بملفها النووي واعادته الى المربع الاول حيث ينقلب على اتفاقيات وتعهدات اوباما، مما يضعف صلابة موقف الايرانيين الداعم لرئيس الاسد وخصوصا ان الادارة الروسية سوف تراقب من بعيد هذه المتغيرات دون تدخل واضح بانتظار لعبة من المنتصر، وهذا الامر سوف يحد من الاندفاع الايراني ويجعلها تبحث عن اي مكاسب جديدة بالملف السوري او استبداله بالملف اللبناني لحماية حليفها حزب الله والطائفة الشيعية وخصوصا ان الازمة السورية انهكتها اقتصاديا واتعبتها اجتماعيا وجرت عليها ويلات واحقاد عربية واسعة، شعبيا وسياسيا مع دول الجوار.
لبنان: ان حزب الله الذي قرا جيدا المتغير في السياسة الامريكية وربما كان السباق في المنطقة لفهم عقلية الرئيس ترامب اراد ان يقطع الطريق على الادارة الامريكية وان يمنع الفراغ الدستوري في لبنان ليحميه من الانزلاقات التي اشرنا اليها في بداية المقال ولكن يبدو ان بعض حلفائه لهم حسابات مختلفة وهذا الامر اشعر حزب الله بان هناك من يريد ابتزازه لذلك اصبح حزب الله امام خيارين لا ثالث لهما اما ان يذهب الجميع الى النسبية الكاملة او ما يعرف بالمؤتمر التاسيسي، فحزب الله مدرك بان النسبية الكاملة تسلبه بعض نوابه الا انه مصر على قيام حاضنة شعبية تؤكد تمثيله الوطني بعيدا عن الطائفية وزواريب المحاصصة بين مقعد نيابي بالناقص او وزير بالزائد، كما ان تراجع حزب الله عن النسبية الكاملة هو علامة تراجع نفوذه السياسي وسياخذ عليه انه فشل بقيام سلطة سياسية تبادله نفس الموقف مما يعتبر قصر نظر بالسياسة وهذا الامر كفيل بفتح شهية الغرب للمطالبة بنزع سلاحه، وخصوصا بعد انحسار دوره الداخلي، وامام هذا المتغير المتمثل بالتحالف القواتي والتيار الوطني الحر يجد حزب الله نفسه ملزما بالتوجه الى البعد الاسلامي السني مطالبا بالمثالثة فلا يعقل ان يقدم كل ما يملك من اجل شراكة غير عادلة عدديا ومن هنا قال السيد نصرالله في خطابه الاخير عندما تكلم عن الجمهورية الاسلامية ولعبة الديمقراطية ( ليعرف كل واحد حجمه ) على قاعدة لكم حقوقكم كاملة ولنا حقوقنا كاملة فلا يعقل ان تطالب بكل ما لك ويمنع على البقية ان يطالبوا بما لهم، وان يقبل بالمحاصصة لينال 30% من الشعب اللبناني نفس حجم ما يناله 70% من الشعب اللبناني كما انه من غير المسموح ان يظلم 70% من الشعب من اجل مقعد نيابي هنا او مقعد وزاري هناك لذلك النسبية كاملة او المؤتمر التاسيسي ولا حل ثالث.
النتيجة : قررت امريكا اجتياح سوريا عسكريا من اجل اقتلاع الرئيس الاسد وما كلام السيد مقتدى الصدر من فراغ واعادة قيام حكم شبيه بحكم بريمير للعراق انما مع فوارق ادركتها الادراة الامركية من تجربة العراق التي سوف تاخذ نفطه كما وعد الرئيس ترامب، وفي لبنان العمل سياسيا وامنيا على توتير الاجواء مع تعزيز الانقسام الداخلي وخلق الازمات لمحاصرة حزب الله وابعاده عن اي حرب محتملة مع العدو الاسرائيلي مما يعني تعنت وتصلب لدى كافة الاطراف والاصرار على مواقفهم والتوجه نحو انفجار دستوري وفوضى عارمة مع رضى تام وقبول عارم من قبل الاطراف الفاسدة التي نهبت الوطن مما ينقذها من المسالة والمحاسبة بعد ما جفف البلد تماما من السيولة النقدية، ولكن الانفجار الدستوري في هذا الوقت هو لصالح الشعب اللبناني لبناء دولة قوية وسلطة ديمقراطية وشعب وطني متماسك بإرادته الذاتية يبعد عنه نار الطائفية التي تاكل العالم العربي، وخصوصا بظل انشغال كافة الاطراف الاقيليمة بمشاكلها الداخلية، فايران تستعد لحكم الرئيس احمدي نجاد وازمة ملفها النووي الذي سيعود الى مربعه الاول، والسعودية تبحث عن مخرج من الازمة اليمنية يحفظ ماء وجهها وهيبة حلفائها العرب وخصوصا بعد ما لمحت امريكا بإنهاء هذا الملف بسبب مشاركتها الحرب على سوريا بطريقة مباشرة وهي بغنى عن ازمة اضافية.
ناجي امهز