مدير المخابرات السودانية السابق اتصالات مهمة بين السيسى والبشير

 حمّل الفريق حنفى عبدالله، مدير المخابرات السودانية السابق، وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى مسئولية تعكير صفو العلاقة بين الخرطوم والقاهرة، مطالبًا بمواجهة وسائل الإعلام والشخصيات التى تسىء للعلاقات بين البلدين.

ونفى مدير المخابرات السودانية السابق، ما وصفه بـ«الشائعات» حول تعمد السودان الإضرار بالمصالح المصرية، إذ إن الترتيبات السودانية التركية، المتعلقة بجزيرة سواكن، تأتى فى إطار سيادة الخرطوم على أراضيها، معتبرًا أن السودان يلعب دور الوسيط فى مفاوضات «سد النهضة»، ويسعى دائما لتقريب وجهات النظر بين القاهرة وأديس أبابا.

مواقع التواصل الاجتماعى مسئولة عن تبادل الإساءات والعلاقة بين البلدين لا يمكن أن تنقطع أو توقف تحت أى ظرف
الإخوان يدخلون الخرطوم طبقًا لـ«اتفاقية الحريات الأربع» ولا نساعد الجماعة حتى فى ظل التوتر
■ كيف تقيم المسار الحالى للعلاقات المصرية السودانية؟
– هناك عدد من الجهات الرسمية تلعب دورًا حقيقيًّا فى التكامل لصالح البلدين بالصورة المطلوبة، فاللجنة العليا على مستوى رئيس الوزراء هنا وهناك، تعقد اجتماعاتها بشكل دورى، واللجنة المشتركة التجارية بدأت عملها على أساس إعادة الوضع إلى ما كان عليه، ما سيؤدى إلى نتائج تعود بالنفع على الشعبين، وإنهاء المشكلات المتعلقة بالسلع، كاللحوم السودانية التى لا يستطيع المواطن المصرى الاستغناء عنها لرخص سعرها وجودتها، ومن الممكن زيادة الكميات لتحقيق أكبر نفع، وهناك اتفاقيات تأتى فى هذا الجانب.
أما المشكلات، التى حدثت فى مسألة استيراد الخضروات والفواكه المصرية، فيجب أن تعالج عن طريق اللجان الفنية بتقارير منضبطة، فالسودان عندما أوقف استيرادها لم يكن ذلك بغرض سياسى؛ لأن هناك دولا عديدة سبقته فى ذلك، ويجب أن يفتح البلدان صفحة جديدة فى ظل مصالح البلدين، ويكون هناك تكامل بينهما من الناحية الاقتصادية، فالشعب السودانى لا يستطيع أن يستغنى عن مصر، والعكس كذلك.
■ ما أسباب استدعاء الخرطوم لسفيرها فى القاهرة مؤخرا؟
– استدعاء السفراء معروف أنه إحدى أدوات العرف الدبلوماسى، للوقوف على دور السفارة ونشاطها وعلاقاتها بالجانب الآخر، والسودان غير مجبر رسميا على توضيح الأسباب لذلك، ولكن يجب أن نؤكد أن العلاقة بين البلدين يجب أن تكون فى حدود الاحترام المتبادل لرؤية كل بلد للآخر، ومحاولة إبعاد أى «منغصات» عنها، لأن ما يجمع بين الشعبين كبير، ويجب أن نستفيد من التاريخ الكبير بين البلدين بمزيد من العقل والصبر فى التعامل مع المواقف.
■ هل هناك علاقة تعاون بين الأجهزة الأمنية فى البلدين؟
– لست ناطقًا رسميًا للمخابرات السودانية، لكن بحكم عملى وتاريخى ومتابعتى للعلاقة، أرى أن العلاقة لم تقطع شعرة معاوية مع الجهاز المصرى فى أحلك الظروف، بل تظل العلاقة قائمة وفيها تواصل مشترك وتنسيق.
■ ألا يوجد تنسيق فى موضوعات مهمة مثل ملف سد النهضة؟
– الأجهزة الأمنية فى المجالات المتخصصة هى التى تلعب دورا لتقريب وجهات النظر بالسياسات المختلفة من خلال اللقاءات، ففى كثير من الأوقات حينما يكون هناك توتر فى ملف معين، تلعب أجهزة المخابرات دورا لتقريب وجهات النظر، عن طريق التأثير عليها، فجهاز المخابرات يجب أن يكون قريبا من رئيس الجمهورية، باعتباره مصدر المعلومات الصحيح له ومستشاره، ولم يعد عمل الجهاز مرتبطا فقط بالأمن والحراسة، بل أصبح يشمل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وتأمين الحدود، وكل هذه المسائل تخص الهيكل التنظيمى للجهاز، الذى تطور وتشعب وأصبح يشمل كل جوانب الحياة فى البلد.
أما بالنسبة لموضوع سد النهضة، فهذا الملف بخصوصيته له قنواته المتخصصة مثل وزارات الرى والكهرباء الموجودة فى الدول الثلاث، وهؤلاء لهم مستشاروهم الذين يستعينون بالخبرات الموجودة فى كل بلد، والمشكلة ليست فى الأجهزة الأمنية فقط، بل فى المنابر الإعلامية والفكرية، ومراكز الدراسات تلعب دورًا كبيرًا فى هذه الملفات.
■ كيف تنظر إلى الخلاف القائم بين البلدين بشأن الموقف من مفاوضات سد النهضة؟
– السودان فى ملف سد النهضة كان وسيطًا فى كثير من الأحداث التى جرت خلال المفاوضات، واستطاع التقريب بين مصر وإثيوبيا، وتذليل كثير من العقبات بينهما، وهو ما انتهى بتوقيع اتفاق فى الخرطوم، وموقفنا من سد النهضة واضح، ومبنى على مصالحنا الحيوية، وكل دولة لها ما ترى فى مواقفها، ولا يجب أن يكون للدولة انحياز لطرف آخر ضد مصالحها.
■ كيف تقيم العلاقة الحالية بين الرئيسين السيسى والبشير؟
– هناك تواصل واتصالات مستمرة ومهمة بينهما، ولقاءات ومبعوثون بشكل مستمر، وهناك حاليا بعثتان رسميتان فى مصر والسودان تعملان على توطيد العلاقات بين البلدين ومحو أى شائبة بينهما.
■ إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يحضر الرئيس السودانى المؤتمر الاقتصادى الإفريقى الذى عقد فى شرم الشيخ؟
– الرئيس كان لديه ترتيب لزيارة مسبقة مع إثيوبيا، لكن الإعلام ربط بين عدم حضوره إلى شرم والشيخ وذهابه إلى إثيوبيا، وأوّل ذلك بسوء العلاقات، وربطها بمسألة سد النهضة، وجميعها معلومات غير صحيحة، فلو كانت كذلك، لما وجهت رئاسة الجمهورية السودانية وزير التجارة بأن يعمل على ترتيب عودة العلاقات التجارية بين البلدين.
■ ما حقيقة لجوء الإخوان إلى السودان هربا من الملاحقة الأمنية لهم فى مصر؟
– هذه المسألة يضخمها الإعلام أكثر مما يلزم، فليس صحيحًا ما يتداوله الإعلام من أن أعضاء جماعة الإخوان مقيمون فى السودان، ولديهم تنظيمات واجتماعات، وينظمون مظاهرات، فتلك أخبار غير حقيقية، وكل ما فى الأمر أن السودان أعطى، حسب اتفاقية الحريات الأربع مع القاهرة، حق دخول المصريين للسودان دون تأشيرة، ولا نعرف إن كان كل واحد إخوان أو غير إخوان، فلا توجد رقابة على ذلك، والمفترض أن الجانب المصرى هو الذى يعرف كيف خرجت عناصر الإخوان من مصر إلى قطر وتركيا، والمعلومات التى يتم تداولها بأنهم خرجوا عن طريق السودان غير دقيقة، فالسودان لا يساعد جماعة الإخوان، ولم يلعب دورًا فى هذا، حتى فى ظل التوتر الذى كان بين البلدين.
■ ما الهدف من زيارة الرئيس التركى إلى السودان مؤخرا؟
– الوضع الطبيعى هو أن تكون هناك علاقات للسودان مع جميع الدول، وترتيب زيارة مع رئيس أى دولة يأتى وفقًا لمصالح الدولة، وفى إطار الأهداف المشتركة بين البلدين، وليس شرطا أن تكون بذلك خصمًا لأحد، لكن عددًا كبيرًا من أجهزة الإعلام فسر هذه الزيارة على أنها ترتيب لعمل معاد ضد مصر، باعتبار حساسية العلاقات المصرية التركية، لكن السياسة السودانية معروف أنها تتجه نحو تحقيق المصالح الواضحة للدولة، وفقًا من منطلق السيادة.
■ ألا يثير توقيت الزيارة بعض الشكوك؟
– أردوغان سبق له زيارة السودان قبل أن يكون رئيسًا، والزيارة كانت مرتبة منذ فترة، فى إطار العلاقة المتطورة بين البلدين، وتعتبر أول زيارة لرئيس جمهورية تركى للسودان منذ الاستقلال، وتأتى وفقًا لأهداف ومصالح استراتيجية للسودان، للاستفادة من موارده الأولية، من أراض خصبة وثروة حيوانية كبيرة وثروة معدنية، من خلال برامج الاستثمار الأجنبى، بالإضافة إلى التكنولوجيا والخبرات الأجنبية، ومعروف أن تركيا متطورة فى هذه المسألة، ونهضت بصورة كبيرة فيها، ففى فترة كان الدولار يعادل مئات الآلاف من الليرات التركية، أما الآن فأصبح يعادل ثلاث ليرات، وذلك بعد التطور التكنولوجى والاقتصادى الكبير الذى شهدته تركيا، وهذه الزيارة أثمرت عن العديد من الاتفاقيات وتبادل الخبرات فى البحث العلمى والمسائل المتعلقة بالصناعة والتجارة والاستثمار، فهناك اتفاقيات عديدة فى جميع المجالات بين البلدين، وهناك أكثر من مائتين من رجال الأعمال جاءوا إلى السودان فى هذه الزيارة للاستثمار والبناء فى السودان.
■ ما حقيقة الاتفاق الخاص بجزيرة سواكن؟
– من المعروف أن سواكن أرض سودانية، وكانت واحدة من مراكز الدولة العثمانية، إبان عهد السلطان سليم الأول، وهذه الجزيرة هدمها البريطانيون قديما، فأعطيت لتركيا لإعادة بنائها، كما كانت بنفس الطريقة، لتعود كمدينة ذات جذب سياحى، فى إطار التطوير والبناء والتنمية، وتم الاتفاق بين البلدين على ذلك. والسودان دولة ذات سيادة، ولها كل الحق على أراضيها، حتى لو باعتها، ليس لأحد سلطان على ذلك، لأنه شأن داخلى، والاتفاق مع تركيا على تسليم الجزيرة لمهلة معينة، متفق عليها بين البلدين، لإعمارها وعمل استثمارات فيها تفيد البلدين، وهو حق أصيل للسودان.
■ هناك من يخشى تحولها إلى قاعدة عسكرية تستهدف مصر فكيف تنظر إلى ذلك؟
– غير صحيح، بل إن هناك من يسعون لتعكير الأجواء لكى لا تكون هناك علاقة طبيعية بين البلدين.
■ ما حقيقة الاجتماع العسكرى الثلاثى بين رؤساء أركان السودان وتركيا وقطر؟
– كان معلنًا ومعروفًا، وأشار إليه الإعلام، وكان بهدف مناقشة العديد من القضايا الإقليمية المشتركة، وليس هناك شك فى أن ذلك حق تكفله السيادة للسودان، وتناول الإعلام هذا الاجتماع باعتباره ترتيبا للعدوان على مصر، لا يعقل وفى المقابل نجد أن الإعلام السودانى أو أيا من مسئولى السودان لا يعلق على التحركات السياسية المصرية، ولا الوفود واللقاءات العسكرية والأمنية التى تقام فى مصر بصورة يومية، لأن هذا وضع طبيعى وحق سيادى لمصر، وفقًا لمصالحها الاستراتيجية وأجندتها السياسية والعسكرية.
■ لماذا تكثر الشكوى من وسائل الإعلام المصرية؟
– لأن ما يربط بين الشعبين كبير، لكن ما يحدث يسعى إلى التأثير على هذه العلاقات، وهذه الإساءات لا بد أن تتوقف، حتى يفسح مكان للنوايا الطيبة من أجل تحسين العلاقات بين البلدين.
■ هل تُحمّل الإعلام مسئولية وجود مشكلات فى العلاقة بين البلدين؟
– ليس الإعلام وحده، بل مشكلتنا فى مواقع التواصل الاجتماعى، وتوظيفها بطريقة خطيرة تؤثر سلبا على العلاقات بين البلدين، ونحن فى الجانب السودانى نرد بشكل عملى، وكذلك الجانب المصرى يرد أيضًا على هذه الشائعات بصورة أكثر إيجابية، خاصة بعدما أطلق سراح المعدنين السودانيين المحتجزين لديه منذ أسابيع، ويبلغ عددهم حوالى ألف سودانى، وهذه المواقف وغيرها تؤكد على العلاقة الطيبة بين الرئيسين البشير والسيسى.
■ ماذا عن دور الجهاز الأمنى السودانى وهل هو كاف لحفظ وحدة وأمن البلاد؟
– أعمل فى الجهاز الأمنى كاستشارى، فهذا العمل بالنسبة لى أعتبره عملا وطنيا وجهادا فى سبيل الوطن، وأحد الأساسيات التى تعمل بها أجهزة المخابرات فى العالم هو ترتيب المصالح المشتركة التى تحفظ أمن البلد، وليس فى سبيل إحباط حقوق الآخرين لذلك، كما نقول، دبلوماسية المخابرات دائما الوسيلة الأنجح لحل الكثير من المشاكل؛ لأن الدبلوماسية السياسية العادية تلعب بالألفاظ وتعمل بالأساليب البروتوكولية بعيدًا عن الوقائع والحقائق، دون التعمق فى أصول المشكلة وأسبابها.
لكن عندما يجلس أهل الجهاز «المخابرات» من البلدين مع بعضهم، تكون كل الحقائق على الطاولة، فيدرسون الموضوع بأكمله من كل جوانبه، ويعملون كوحدة واحدة وشخص واحد، لذلك كل شخص يرمى بالحقائق المجردة المأخوذة من مصادر حقيقية وليست معلومات غير مؤكدة، فيكون الحل قاطعا والقرار صائبا، فالأجهزة الأمنية فى العصر الحديث الآن ليست هى التى «تعكنن» أو تتسبب فى إساءة العلاقة بين الدول، لكنها هى التى تحلها بعيدًا عن السياسة والدبلوماسية الخاصة بكل دولة.
■ ماذا عن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟
– قضية العقوبات هذه نتيجة القوانين فى أمريكا التى توقع العقوبات على أى نظام جاء بانقلاب عسكرى، وهذه العقوبات بدأت منذ عام ١٩٩٣، حين وضع السودان فى خانة الدول الراعية للإرهاب وحوصر اقتصاديًا، وهذا أثر بشكل كبير على الوضع فى البلاد من جميع النواحى، سواء الأحوال المعيشية أو التعليم والصحة، ولكن السودان قاوم هذه المسألة بموارده الذاتية واتجه نحو المعسكر الشرقي الماليزى والصينى حتى تم استخراج البترول. الولايات المتحدة تعهدت أنه فى حال السماح للجنوب بإجراء استفتاء لتقرير المصير سيتم رفع العقوبات، وقد وافقنا وقامت دولة الجنوب التى تم دعمها بموارد كبيرة جدًا وتواصلنا وقتها مع الجانب الأمريكى لكنه لم يقم برفع العقوبات واستمرت المطالبات لفترة طويلة حتى جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى السابع من أكتوبر الماضى برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية.
لماذا السودان على قوائم الإرهاب حتى الآن؟
– هذا نتيجة ضغط سياسى مقصود، فالسودان له جهود وسياسة معروفة وواضحة فى مكافحة الإرهاب، وقد وقعنا على كل الاتفاقيات الدولية فى مجال مكافحة الإرهاب، وعدلنا الكثير من القوانين المتعلقة بالإرهاب ووافقنا على كل طلبات مكتب المراقبة الأمريكية، ولكن الدافع الأساسى لبقاء السودان على قوائم الإرهاب – كما قلت – سياسى، فالحجج الوهمية هى التى تضعنا فى هذه الوضعية، ولكن قريبًا سيتم رفع العقوبات عن السودان.

الدستور

About مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

Check Also

أستراليا تتبنى قانونا يمنع استخدام الأطفال شبكات التواصل الاجتماعي

RT : أعلن رئيس الوزراء الأسترالي آنتوني ألبانيز تبنّي السلطات قانونا يحظر استخدام شبكات التواصل …