تعرف على «لغز أقدم وقف مصري»

قبل ما يقرب من 431 عاما، قرر الأمير مصطفى عبد المنان التبرع بأرض مساحتها 420 ألف فدان كأرض وقف، يستخدم ريعها في الإنفاق على المصالح العامة والفقراء، وكان هذا الوقف هو أقدم وقف مصري، حسبما أكد الدكتور أحمد عبد الحافظ، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف فما قصة هذا الوقف.

بداية ولمن لا يعرف فإن أراضي وقف “المنان” تمثل ما بين 6: 7% من الأراضي الزراعية في مصر، ما جعلها محل نزاعات عديدة ومستمرة على مدار عقود طويلة، نظرا لموقعها الجغرافي المتميز الذي يطل على مصايف الدلتا الثلاث «رأس البر وبلطيم وجمصة»، بالإضافة إلى حقول البترول الجديدة وميناء ومدينة دمياط الجديدة، ومركزي كفر سعد وكفر البطيخ، وأكثر من 50% من مدينة دمياط عاصمة المحافظة.

تعود أصول وقف “عبد المنان” للحجة التي تستند عليها هيئة الأوقاف في تأييد موقفها، والتي تنسب للأمير مصطفى عبد المنان والصادرة في شهر رجب عام 1008 هجرية، ومصدق عليها من قاضى قضاة مصر، ووقع عليها فيض الله أفندي ناظر الوقف، بوقف هذه الأراضى لوجه الله والخير.

تظل مشكلة “وقف المنان” قائمة ومطروحة بقوة بين هيئة الأوقاف من جانب والمحافظات الثلاثة؛ الدقهلية ودمياط وكفر الشيخ، من جانب آخر، تظهر بوادرها بسرعة مع ظهور تصريحات أحد الطرفين، خاصة وأن وقف “المنان” يحتل مساحات كبرى من المحافظات الثلاث المذكورة ومقسمة على النحو التالي، 90 ألف فدان في محافظة دمياط، و74 ألف فدان بالدقهلية، و256 ألف فدان بكفر الشيخ، وهو ما دفع محافظي الأقاليم الثلاثة لأخذ موقف من حجة الوقف الخيري، التابعة للأوقاف ورفضها والتشكيك فيها.

تزوير الحجة الأصلية

حاول بعض الأشخاص تزوير الحجة الأصلية لوقف الأمير “عبد المنان” في نهاية التسعينيات، وردت الهيئة على الفور وأحالت البعض لنيابة الأزبكية في القضية رقم 4584 لسنة 1997 بعد أن أثبتت التقارير ما قام به البعض من تزوير حجة الوقف الأصلى من الأمير مصطفى عبد المنان إلى مصطفى بن عبد الله الكبير ولم تقف الأمور عند ذلك الحد، بل حاول البعض ادعاء ملكية الأراضى الداخلة ضمن أعيان وقف “المنان” وتصدت الأوقاف لتلك المحاولات بموجب الحجة الأصلية، والتي تؤكد أن الأراضي وقف خيري، وأن الهيئة تدير هذه الأوقاف منذ سنوات طويلة.

كما تصدت هيئة الأوقاف للعديد من الدعاوى القضائية من محافظي المحافظات الثلاثة “دمياط وكفر الشيخ والدقهلية”، على مدار سنوات طويلة، طبقا لحكم المادتين الثانية والخامسة من القانون رقم 80 لسنة 1791 أموال خاصة، وأن هيئة الأوقاف المصرية وحدها هي صاحبة الاختصاص في إدارة واستثمار هذه الأموال، واستنادا إلى أن أملاك الوقف الخيرى ثابتة بحجج شرعية.

ظل وقف «مصطفى عبد المنان» محط نزاعات واشتباكات وصل صداها لمستويات كبيرة، حتى طالت وزراء الأوقاف ومحافظي المحافظات الثلاثة على مدار سنين متواصلة أيضا وكان من بينها النزاع القانوني في عام 2007 ما بين فتحي البرادعي، محافظ دمياط الأسبق، والدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف حينها والذي استوجب تدخل أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق من أجل رأب الصدع، وإيقاف النزاعات والاشتباكات الإعلامية الحادة بسبب قرار محافظ دمياط ببيع 67 فدانًا موجودة على بحيرة «البرلس» لعدد من رجال الأعمال والمستثمرين؛ وهو ما دفع «زقزوق»، للرد على ذلك القرار بنشر إعلان في الصحف يحذر الجميع من أي تعامل على هذه الأراضى سواء بالبيع أو بالشراء، لاعتبارها مملوكة جميعا لوقف الأمير “مصطفى عبد المنان” بموجب الحجج والمستندات؛ واستمرت حرب التصريحات الإعلامية، مما دفع «نظيف» لعقد لقاءات بين الطرفين، والتوصل إلى حل يرضى جميع الأطراف.

تجديد الأزمة

تجددت الأزمة مرة أخرى في بداية عام 2013 بين وزير الأوقاف الذي ينتمى لجماعة الإخوان الدكتور طلعت عفيفي، واللواء محمد على فليفل محافظ دمياط الذي فوجئ بمطلب وزير الأوقاف بإحياء حجة الوقف الخاص بـ«مصطفى منان» مما دفع الأخير للرد عليه، بأن تلك الحجة قد سقطت بموجب مصادرة الأراضي في عام 1954، وفقا لقانون الملكية الذي صدر بعد ثورة يوليو؛ ليختفي الملف بعدها مرة أخرى.

خطة استثمارية

ومع بداية تولى د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الحالى في يوليو 2013 عمد على تغيير استراتيجية الأوقاف من الصدام والنزاع على وقف “المنان” مع محافظي المحافظات الثلاثة إلى سياسة الوفاق ووضع خطة استثمارية ولكن سرعان ما اختفى الحديث عنها وعن الملف الذي أصبح حبيس الأدراج من جديد، ولكن يظل الصراع والأزمة قائمة خلف الستار وينتظر وقف “الأمير مصطفى المنان” من يفتح ذلك الملف الشائك المحاط بالألغام ويحل جميع مشاكله العالقة والمتراكمة التي لا تنتهى ولم تحل بمرور الأيام والسنين!

من جانبه أكد المهندس سيد محروس، مدير عام هيئة الأوقاف المصرية لـ«فيتو» أن الهيئة وقعت عدة بروتوكولات تعاون بين محافظي المحافظات الثلاثة «دمياط والدقهلية وكفر الشيخ» والتي يقع عليها أقدم وقف في مصر، لكن لم يتم تفعيل أي شيء منها حتى الآن، ولكن مع تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة وفى ظل عمل الدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس مجلس الإدارة، سيتم حصر تلك الأوقاف وحل جميع المشكلات العالقة بذلك الوقف.

 فيتو

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمتابعة مستقبل العالم و الأحداث الخطرة و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم في العالم على الكلمة وترابطها بالتي قبلها وبعدها للمجامع والمراكز العلمية و الجامعات والعلماء في العالم.

شاهد أيضاً

يونسکو ترفض : طلب مصر إجراء تعديل لتقليص حدود القاهرة التاريخية المدرجة لديها

 شفقنا : يونسکو : مصر طلبت إجراء تعديل علی حدود القاهرة التاريخية أکدت لجنة التراث …