البشاير :
الأوراق كثيرة، وجيوب الحواة لا تخلو من حيلة جيدة وجديدة، لذلك لم يكن من السهل الحكم بانتهاء قضية سد النهضة لصالح الجانب الإثيوبي بشكل نهائي، لو كان الأمر كذلك لما تكبدت أديس أبابا عناء كل تلك التربيطات مع دول عربية وأفريقية للخروج من المأزق المصري.
قد يبدو رئيس الوزراء الإثيوبي «ديسالين» منتصرًا في الوقت الحالي، كل المعطيات تشير إلى ذلك، البناء في السد على قدم وساق لا شيء يعطله، المكاتب الفنية المفترض أن ترسل أول تقرير لها بعد شهرين من توقيع العقد أي في الشهر الجاري، لكنها لم ترسل شيئًا، والمفاوضات الفنية انتهت في انتظار تقارير المكاتب الاستشارية للسد.
وخلفًا للسعودية التي أعلنت بوضوح مساندتها لأديس أبابا – ولو مؤقتًا – اتخذت قطر نفس النهج بزيارة عدد من مسئوليها إلى العاصمة الإثيوبية للتعرف على احتياجات حكومتها لتكملة مشروع سد النهضة.
تلك الحالة التي تبدو انتصارًا إثيوبيًا لم تكن إلا صورة مصرية أو عربية أما في أديس أبابا ذاتها فيدور الحديث حول معركة أخرى مع القاهرة تأخذ شكلا عسكريا أكثر من أي شكل آخر. إريتريا هي الساحة المناسبة لتلك المعركة التي بدأت تظهر على السطح من خلال وسائل إعلام وشخصيات إثيوبية بدت تتحدث صراحة عن الاستعدادات العسكرية التي تقوم بها أديس أبابا لمواجهة أي تهديد مصري.
التحضيرات لتلك المعركة بدأت على لسان أيوب قدي، رئيس تحرير صحيفة العلم الإثيوبية، والذي زعم أن القاهرة منحت حركة «7 قمبوت» الإثيوبية المعارضة معدات عسكرية مرت عبر إريتريا وتم تفريغها في ميناء قدم التابع للبحرية الإريترية، وهو سبب هجوم أديس أبابا على القاهرة منذ أكثر من شهرين.
«قدي» زعم في كتابته التي نشرتها مواقع إثيوبية أن لدى مصر وإريتريا حلفًا عسكريًا وأمنيًا وثيقًا، وهذا ما يهدد تهديدًا مباشرًا مشروع بناء السد في حال استخدامه لتنفيذ ضربات عبر الأجواء والقواعد الإريترية.
ومن إريتريا إلى جنوب السودان الدولة التي تملك أكبر حدود مع إثيوبيا لم يتوقف الخوف الإثيوبي، بعد أن زعمت التقارير الإثيوبية الصادرة في صحف شبه رسمية مثل «والت إنفو» أن دعم مصر لجنوب السودان هو تهديد حقيقى لسد النهضة، وذلك لوجود معسكرات للمعارضة إثيوبية في جنوب السودان.
تلك التقارير التي تعتمد عليها أديس أبابا بجانب التحرك المصرى تجاه القارة الأفريقية، وخاصة بلاد دول حوض النيل كما ظهر في زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي لأكثر من دولة آخرها أوغندا دفع الحكومة الإثيوبية –التي تخفى توترها دومًا – إلى التحرك وكانت البداية من جنوب السودان حين أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي «ديسالين» أن بلاده ستدعم جنوب السودان بكل ما تملك من قوة ودعم مالي وعسكري.