بالصور هنا سار النبي موسى وقومه هربًا من فرعون لا تزال المياه تجري في مكان «مضرب العصا»
هنا مضرب عصا موسى ممر طبيعي مدهش، يتغلغل وسط الجبال الشاهقة في تبوك بالقرب من مقنا، و«محافظة البدع» الشهيرة والمسماة «مغائر شعيب».
ويقع هذا الوادي (مضرب) في مواجهة البحر الأحمر مخترقاً الجبال، ولا تزال المياه تجري في هذا المكان حتى يومنا هذا في عيون موسى وطيب وغيرها من العيون، كما تنساب المياه وسط الجبال بشكل دائم، فتنبت الأشجار الحولية والمثمرة ومتعددة الحمضيات في هذه المنطقة الخصبة للزراعة، حسبما جاء في «العربية.نت».
الهروب الأول لموسى ومغائر شعيب
ووفقاً للعديد من الباحثين، فهذا الموقع (مضرب عصا موسى) هو الذي عبر منه النبي موسى هرباً من فرعون، وأن النبي موسى عندما ضرب بعصاه انحسر الماء عن البحر، وظهر خليج العقبة، فسلك هذا الطريق في هروبه الأول ليعيش في البدع أو مغائر شعيب التي تبعد عن موقع الحجر (مضرب عصاه) 28 كيلومتراً.
الشق الكبير وجسور خشبية
ويذكر أن المنطقة كانت مفتوحة للدخول إليها عبر تصاريح يصدرها سلاح الحدود السعودي والمرور. وعند الوصول للموقع، تتوقف السيارات في مدخل الشق العظيم، ليتم السير مشياً على الأقدام وسط هذا الشق الطبيعي الكبير والممتد لمسافة كبيرة.
وتبدأ فوهة الجبل بجانب البحر مباشرة، حيث توجد جسور خشبية ضمن مشروع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، غير أن المنطقة لا تزال تفتقد للكثير من الخدمات.
الاسم القديم والنقوش الأثرية
المهتم بالآثار محمد الساعد، الذي سبق له تسليم قطع أثرية من هذا الموقع لهيئة السياحة، أشار إلى أن مضرب عصا موسى هو الاسم القديم للمكان، وأنه تم تغييره منذ فترة إلى «طيب»، وتسجيل الاسم الجديد في اللوحات. ودعا إلى إعادة الاسم القديم استناداً للتاريخ مع البحث والتقصي في المنطقة.
وبين الساعد أن مضرب عصا موسى ووجود العيون يرمز لعبور النبي موسى وقومه من هنا، مؤكداً وجود شواهد كثيرة على هذا العبور، منها جبل اللوز، ومغائر شعيب، ومضرب عصا موسى، وغيرها من المواقع والنقوش الأثرية على الجبال والحجر.
مضرب العصا وأودية «نيوم»
وإلى جانب وادي الديسة الكبير، والجبال العالية المطلة على خليج العقبة، والشواطئ البكر في المنطقة، يعد وادي مضرب عصا موسى أو طيب ضمن مشروع «نيوم» الذي أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة لاستغلال المنطقة الواسعة متعددة التضاريس، والتي تضم أودية شهيرة، ومناطق تاريخية، وجبالا بركانية وحرات طبيعية.
المصري اليوم
هناك حوادث دينية كثيرة تشترك فيها اليهودية والمسيحية والاسلام؛ فقصة الطوفان وسفينة نوح ونار إبراهيم عبر وأحداث تعترف بها الديانات السماوية الثلاث. وهروب بني إسرائيل عبر خليج السويس- حين انفلق كالطود العظيم- لايخرج عن هذا السياق.. وفي حين ينقسم الناس إلى مؤمنين (يسلمون بها) وملحدين (ينكرون حدوثها) يوجد فريق ثالث يقف في المنتصف محاولاً التوفيق بين الموقفين..
فقبل أيام مثلا حاول عالمان روسيان إيجاد تفسير علمي لعبور بني إسرائيل البحر هرباً من فرعون وجنوده.. فمن المعروف أن موسى هرب ببني إسرائيل في جنح الظلام حتى وصل إلى ساحل البحر الأحمر (عند خليج السويس) فوقف منتظرا. وحين سمع فرعون بهذا أرسل (في المدائن حاشرين ان هؤلاء لشرذمة قليلون) فجمع قرابة المليون رجل للحاق بهم. وحين نظر بنو إسرائيل خلفهم ورأوا فرعون قالوا ياموسى (إنا لمدركون قال كلا إن معى ربي سيهدين) فضرب البحر (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) فأمرهم باقتحامه. وحين اقترب فرعون نظر إلى البحر منفلقاً فقال لأصحابه: الا ترون إلى البحر قد فزع مني فانفتح لي فاقتحم خلف بني اسرائيل فأطبق عليهم فكانوا من المغرقين..
واليوم يحاول عالمان من أكاديمية سانت بيترسبيرج تفسير ماحدث لموسى وقومه. إذ يدعي (نايوم فولزنجر) وشريكه (اليكسي اندرسوف) أن الفرع الشمالي للبحر الأحمر كان- حتى الفي عام مضت- ينفتح بهذه الطريقة تحت ظروف جوية خاصة. فحتى ذلك الوقت كانت مياه الخليجين (السويس والعقبة) ضحلتين وقليلتي العمق. ويشهد على ذلك أن الترسبات المرجانية فيهما لاتزال قليلة وأن قاع البحر- حسب الرواية التوراتية- كان قريبا من السطح.
ومن خلال الحسابات التي قاما بها اتضح أن مياه البحر في تلك البقعة يمكن أن تنفصل إلى جزئين في حالة هبت عليها الرياح بسرعة ثلاثين مترا في الثانية. وبحساب السرعة التي يمشي بها البشر احتاج اليهود إلى أربع ساعات لقطع سبعة كيلومترات تفصلهم عن الضفة الأخرى من سيناء.. وهذا الوقت يعد كافيا لوصول فرعون وجنوده إلى منتصف البحر- في الوقت الذي يوشك فيه بنو اسرائيل على الخروج من الجهة المقابلة.. وخلال نصف ساعة فقط يمكن للريح أن تتوقف فيعود منسوب المياه إلى الارتفاع لأكثر من مترين- تكفي لإغراق البشر..
ويفترض فولزنجر واندرسوف أن موسى كان على علم بهذه الظاهرة- خصوصا أنه سافر مرتين من هذه المنطقة- فأخذ بني إسرائيل إلى النقطة المناسبة لعبور الخليج. وحين أتت اللحظة الحاسمة هبت الريح في موعدها المعتاد فانقشعت مياه البحر فاقتحم مع قومه إلى الضفة الأخرى..
ولإثبات إمكانية حدوث هذه الظاهرة تم بناء نموذج مصغر لهذا القسم من البحر الأحمر في أكاديمية سانت بيترسبيرج للعلوم. وبالتوفيق بين طبيعة القاع والعمق المناسب- وسرعة الريح الموجهة- انفلق الماء إلى قسمين عموديين في النموذج المصغر!!
بقي أن أشير إلى معلومة جيولوجية مهمة قد تؤيد هذه الفرضية؛ فمن المعروف أن البحر الأحمر (بأكمله) لم يكن موجوداً قبل ملايين السنين. غير أنه بدأ بالظهور كشق طويل (وأخدود عظيم) بسبب الابتعاد المستمر لجزيرة العرب عن قارة أفريقيا.. ومنذ ذلك الحين وهو يتوسع باستمرار- ويتوقع مستقبلا أن يتسع لدرجة اتصال خليج السويس مع البحر الأبيض المتوسط (بدل قناة السويس الاصطناعية الحالية).. وعلى هذا الأساس يفترض ان خليج السويس- والعقبة- كانا أقل عمقا وطولا زمن موسى وفرعون (وبالتالي إمكانية اقتحامهما في مناطق معينة أو في حالة الجزر الشديد)!!