ترجمة خاصة بالموقع الإعلامي لضحايا الإرهاب :
الجزء الثاني :
مواقف المنظمة بعد انتصار الثورة الإسلامية:
أصبحت هذه المنظمة في الشهور الأولي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران تمجد الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) و تعبر عنه بعبارات مثل ” الإمام المجاهد الأعظم ” , و ” القائد المفتخر ” , و ” المجاهد العالم ” . و لكن علي الصعيد العملي كان لها موقف مخالفة لمواقف الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) و مناقضة لتصريحاتها في آن واحد .
و كان الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) يؤيد و يدعم الجيش و القوات المسلحة بشكل دائم , معتمدا علي مبدأ كون القسم الأكبر من الجيش ونسيجه كان متشكلا من أبناء الشعب المسلمين ماعدا القلة القليلة من القادة , و كون الجيش كان قد اصطف إلي جانب الشعب و أبناء الوطن . و لكن التيارات اليسارية كان ترفع شعاراتها منادية بـ ” حل الجيش ” . و أما منظمة مجاهدي خلق فعلي الرغم من أنها كانت تظهر ولاءها للإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) و تبدي أنها من أتباعه و لكنها كانت في عين الحال متناغمة مع التيارات اليسارية تريد حل الجيش .
و لم تدم طريقة النفاق هذه لمدة طويلة , و ما لبثت أن انفضحت , و خصوصا بعد تثبيت فكرة القيادة الروحية و مكانتها في الثورة , فبعدها قامت المنظمة بشكل ظالم و غير عادل بشن حملة إعلامية مضللة شعواء ضد جميع القوي الروحية و الشخصيات الدينية الهامة و ذوي الخبرات مثل ” آية الله الدكتور بهشتي ” , و ” آية الله السيد علي الخامنئي ” , و ” آية الله رفسنجاني ” و … الخ مستخدمة التهم الباطلة و المصلحات الاستحقارية و كل ذلك تحت شعار ” محاربة الرجعية ” . فهنا ابتعد القسم الأكبر من الشعب الإيراني عن هذه المنظمة و تنفر منها , مما أدي بالمنظمة أن تعلن أخيرا أن صراعها الرئيسي ليس مع الاستعمار و الإمبريالية الأمريكية , بل هو مع القوي الرجعية الحاكمة .
و قد كان تكتيك ” خط النفوذ ” , هو أكثر تكتيكات المنظمة استخداما من أجل تجهيز الأرضية لنسف نظام الجمهورية الإسلامية و إلغائه و السيطرة علي السلطة في البلاد . و كما قال السيد هاشمي رفسنجاني : ” إن مجاهدي خلق ادعوا لسنين أنهم كانوا القوة الأصلية بين المحاربين المسلمين و من ثم أنهم علي علم و دراية كاملة بوضع و أهمية الأفراد و طريق الوصول إلي بناء المؤسسات الهامة ” .
و في ظل تلك الظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت من انعدام وجود أي مؤسسة أمنية متشكلة و ناشئة عن الثورة , فقد تمكن بعض أعضاء منظمة مجاهدي خلق مستفيدين من علاقاتهم السابقة مع بعض مسؤولي الحكومة المؤقتة , و نهضة الحرية , و بعض رجال الدين المتنفذين آنذاك , فقد تمكنوا من اختراق بعض المراكز السياسية و القضائية الحساسة و النفوذ فيها , مثل : ” وزارة الداخلية ” , و ” رئاسة مجلس الوزراء ” , و ” النيابة العامة ” , و ” محكمة الثورة ” , و ” قوي الجيش ” , و ” قوي الأمن الداخلي ” , وحتي ” حزب الجمهورية الإسلامية ” ! .
و في ذات الوقت , بدأت المنظمة بتوسيع قاعدتها التنظيمية علي نطاق واسع , و كان بصدد إنشاء و تشكيل منظمات و قوي شبه عسكرية أو جيش خاص بها متكون من أعضاء المنظمة ذاتها .
ففي الأيام الأولي بعد إعلان انتصار الثورة المجيدة , لم يكن واضحا بشكل جلي نفوذ و اختراق المنظمة للمحاكم الثورية . ففما كان يثير العجب أنه و برغم التأكيدات المتكررة و المتلاحقة للإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) علي عدم التسرع في محاكمة و مجازاة المعتقلين , وتأكيده الدائم علي ترسيخ مفاهيم العفو و الرفق بالمتهمين , فقد كانت تحدث بعض الخروقات و الحوادث الغير مبررة ! .
” علي رضواني ” العضو السابق في منظمة مجاهدي خلق , والذي انسحب فيما بعد من تلك المنظمة , يتحدث حول هذا الموضوع قائلا : ” إن بعض عمليات الإعدام الأولي , جرت ظاهريا باسم ” الجمهورية الإسلامية ” , و لكنها في الحقيقة كانت تجري بناءا علي إرادة بعض الأشخاص المنتميين إلي كل التنظيمات و من بينها منظمة مجاهدي خلق , والذين كانوا أعضاء في تلك المحاكم , حيث كانوا يقومون بإعدام عناصر النظام السابق , حتي أنهم أحيانا كانوا يعدمونهم سرا ” . و هذا مثال آخر علي النشاطات و الممارسات العنيفة و المنافقة لمنظمة مجاهدي خلق بعد انتصار الثورة الإسلامية .
و رويدا رويدا , أظهرت المنظمة بشكل أكثر علنية مخلفتها و معارضتها لنظام الجمهورية الإسلامية تحت حجج مختلفة , و معتمدة علي أعضائها و مناصريها الذين كانت قد قامت بجذبهم في المرحلة الأخيرة , ومعتمدة أيضا علي الأسلحة و الذخائر التي كانت قد تمكنت من جمعها في مرحلة تلك الظروف الخاصة التي رافقت فترة ما بعد إعلان انتصار الثورة الإسلامية , و بدا هذا الأمر للعلن بشكل أكثر وضوحا و علانية خصوصا بعد اكتشاف عمالة و جاسوسية المدعو ” محمد رضا سعادتي ” عضو الهيئة المركزية للمنظمة , و إلقاء القبض عليه عند قيامه بتقديم التقارير المجدولة و المعلومات السرية إلي الملحق الأمني السوفييتي .
و مع انتخاب ” بني صدر ” ليشغل منصب رئاسة الجمهورية , انصبت المنظمة علي التعاون القريب و الموسع مع ” بني صدر ” لتستفيد منه كوسيلة لتوسيع دائرة الخلافات الداخلية للنظام الحاكم و الوقوف في وجه الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) و محاربته . و ” بني صدر ” و الذي كان بحاجة إلي قوة منسجمة و منظمة من أجل تصفية أصحاب و أعوان الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) و المقربين منه , فأبدي بدوره و جها حسنا للمنظمة .
و في الفترة الممتدة بين انتصار الثورة الإسلامية و انتخاب أول رئيس جمهورية , يعني ما يقل عن فترة سنة , لم يتمكن مرشحو المنظمة حتي الرجل الأول في المنظمة و الذي هو ” مسعود رجوي ” من أن يحققوا أي نجاح و لم يتمكنوا من الوصول , لا في انتخابات ” مجلس خبراء الدستور ” , ولا في انتخابات ” مجلس الشوري ” . ففي انتخابات المجلس لم يتمكن مرشحو المنظمة من الوصول إلي المجلس , برغم الدعم الذي كان مقدما لهم من قبل جميع التيارات اليسارية , بدءا من حزب ” الكتلة ” و مرورا بميليشيات خلق الفدائية و وصولا إلي حركة ” نهضة الحرية ” . و هذا ما شكل فاجعة كبري بالنسبة تلك المنظمة و التي كان هدفها الأول هو ” الوصول للسلطة ” . و لكن المنظمة التي كانت مستعجلة للحول علي دفة السلطة و القدرة لم يكن لديها الجلد و لم تستطع الصبر لتحصل علي قسم من السلطة والنفوذ بعد دوران عجلة الأحداث و المتغيرات الحرة و الديمقراطية , و بناءا علي رأي الشعب و مقرراته . فلم تكن هذه المنظمة تعرف طريقا للوصول للسلطة و القدرة إلا طريقا واحدا و أداة واحدة , و هي الاعتماد علي العنف و اللجوء للسلاح ! .
و بناءا علي هذا , و بعد انقضاء فترة من الزمن تقارب العامين بدءا من أوائل الستينات وفق التقويم الهجري الشمس الإيراني , و التي توافق بدايات الثمانينيات من القرن الماضي وفق التقويم الميلادي الشمسي , و عندما كانت البلاد تحترق بلهيب الحرب و عدم الاستقرار , استقدمت هذه المنظمة سيئة السمعة والصيت قدرتها و أسلحتها إلي الشارع في الداخل الإيراني , و علي مدار عامين بعد إعلان انتصار الثورة الإسلامية أثارت هذه المنظمة الفوضي و الخلل في كل يوم , و في كل أصقاع ايران , بالتعاون مع التيارات الأخري المعارضة للثورة .
و نشروا في جرائدهم و مجلاتهم سبابا و تعابيرا بذيئة سبوا و شتموا بها أعضاء و مسؤولي و أركان المؤسسات الثورية , و تبلوهم بتهم هم منها براء , و لكن القادة و مسؤولي الشعب تحملوهم بروية وصبر لألا تتسبب مجابهتهم بوقوع العنف .
و في طي هاتين السنتين قامت المنظمة بعد التخطيط و الإصرار و الترصد بإنشاء العديد من البيوت الآمنة و المراكز السرية لنشاطاتها , و جهزت نفسا للإجرام و اثارة القلاقل . و علي الرغم من تمكن المسؤولين رويدا رويدا من معرفة برامج و مخططات المنظمة و الإلمام بها , و لكن و من أجل الحفاظ علي حقوقهم المدنية و القانونية , أصدرت النيابة العامة للثورة في تاريخ 19 / 1 / 1360 هجري شمسي إيراني , الموافق لتاريخ 8 / 4 / 1981 ميلادي شمسي , أصدرت بيانا من عشرة بنود موجها إلي جميع الأحزاب و التيارات و المجموعات مطالبة إياها أن تعلن عن قياداتها بشكل رسمي , و أن تقدم عناوين مكاتبها أصولا , و مخطرة إياها بتسليم أسلحتها و ذخائرها إذا ما كانت تملك شيئا من هذا القبيل . و لكن منظمة مجاهدي خلق مبدية للتهديد و الوعيد مع الظهور بمظهر المظلوم , امتنعت عن الانصياع لطلبات النيابة العامة .
و كتبت جريدة ” مجاهد ” , أحد أجهزة منظمة مجاهدي خلق , في تحليل للبيان الصادر عن النيابة العامة , و نقلا عن لسان ” مسعود رجوي ” كتبت ما يلي : ” … سنقدم علي الخوض في حرب أهلية عندما … يكون هناك أقل خطر علي ” الثوريين ” … ” .
في الوقت الذي تتعرض فيه البلاد لهجوم خارجي شامل من قبل الأعداء الأجانب _ صدام حسين _ و في حين رضوخ قسم كبير من أرض الوطن لسيطرة و احتلال أجنبي , يتحدث ” مسعود رجوي ” عن الضلوع في خوض حرب أهلية !! .
و في اليوم العاشر من شهر ” أورديبهشت ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم الخميس في 30 من شهر ” نيسان / ابريل ” من العام 1981 ميلادي شمسي , وجه الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) انطلاقا من خصاله السمحة و حكمته الدائمة , نصيحة لكل المجموعات و التيارات المسلحة و من بينها منظمة مجاهدي خلق , لكي يعودون إلي حضن الشعب و الوطن , و يسلمون أسلحتهم و عتادهم .
و عندها ردت المنظمة علي النصيحة الأبوية الصادرة عن الإمام الخميني , برسالة جل فحواها الكذب و الظهور بمظهر المظلوم , و بلحن التهديد , تطلب منه فيها المقابلة . و لكن جواب الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) كان فحواها و مجملها أنه إذا احترمت المنظمة قوانين البلاد , و قامت بتسليم أسلحتها , فإنه سيذهب هو و بشكل شخصي للقاء أعضاء المنظمة .
بدء التمرد المسلح و عمليات القتل و الاغتيال :
في تاريخ ” 27 / 3 / 1360 ” هجري شمسي إيراني , و الموافق لـ تاريخ ” 17 / 6 / 1981 ” ميلادي شمسي ، صوّت مجلس الشوري الإسلامي الإيراني علي عدم كفاءة ” بني صدر ” السياسية و ذلك بسبب عدم الكفاءة , و إثارة التوترات , و ممارساته الغير قانونية ضد الإمام و الحكومة و المجلس , و بسبب عدم القدرة علي إدارة شؤون البلاد ضمن خطة الطوارئ . و في اليوم التالي أي ما يصادف ” 28 / 3 / 1360 ” هجري شمسي ايراني , الموافق لتاريخ ” 18 / 6 / 1981 ” ميلادي شمسي ، أصدرت منظمة مجاهدين خلق ” بيانها السياسي _ العسكري رقم 25 ” . و كان هذا البيان بمثابة إعلان رسمي ببدء العصيان المسلح ضد نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية , باعتباره ركنا منشقا عن المنظمة , ” إعلان الحرب الشاملة ضد نظام الجمهورية الإسلامية ” .
و عند عصر يوم السبت في 30 من شهر ” خرداد ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني , و الموافق لتاريخ 20 شهر ” حزيران ” من العام 1981 ميلادي شمسي , تم التصويت و الاعتماد في المجلس علي عدم كفاءة ” بني صدر ” سياسيا . و عندها و في تلك اللحظات أقدم أعضاء المنظمة و مناصريها علي العصيان المسلح و استخدام العنف في شوارع مدينة طهران و عدة مدن أخري . و طبقا لتقرير وكالة ” رويرترز ” بلغ تعدادهم في طهران 3000 شخص , و قاموا بإحراق العديد من الباصات , و السيارات , و الدراجات النارية التي تتبع ملكيتها لناس عاديين و التي كانت مركونة في الشوارع , كما و قتل العشرات من الأشخاص و جرح عدد آخر .
و منذ اليوم التالي لـ 30 شهر ” خرداد ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني , و الموافق لتاريخ 20 شهر ” حزيران ” من العام 1981 ميلادي شمسي , بدأت و بشكل رسمي الاشتباكات المسلحة و المتفرقة و عمليات التفخيخ و التحضير لعمليات اغتيال واسعة النطاق علي يد منظمة مجاهدي خلق . و بعد إقامة الانتخابات النصف مرحلية للمجلس في يوم الجمعة في الخامس من شهر ” تير ” هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم 26 من شهر ” حزيران ” ميلادي شمسي , دعا امام جمعة طهران ” حضرة آية الله الإمام الخامنئي ” في خطبة صلاة الجمعة ضمن عرض تحليلي توضيحي عن نشاطات هذه المنظمة , دعا جميع الشباب و المراهقين المناصرين للمنظمة للتعقل و الهدوء , و حذرهم من مغبة اتباع زعماء هذه المنظمة المتمردين .
و بالتنسيق بين ” بني صدر ” رئيس الجمهورية المعزول , و ” مسعود رجوي ” زعيم منظمة مجاهدي خلق , بدأت عمليات اغتيال رؤوس نظام الجمهورية الإسلامية و ذلك عبر الإقدام علي اغتيال ” آيت الله الإمام الخامنئي ” في اليوم السادس من شهر ” تير ” هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم 27 من شهر ” حزيران ” ميلادي شمسي . و أصيب الإمام الخامنئي , إمام الجمعة المحبوب لدي الشعب في طهران , بجروح بليغة اثر انفجار قنبلة كانت موضوعة في جهاز تسجيل صوت , كان موضوعا علي منبره في مسجد ” أبا ذر ” , الواقع في إحدي المناطق في أقصي جنوب طهران . و من بعدها أشارت الصحف و المطبوعات و المسؤولين أحيانا بصراحة و أحيانا بكناية عن مسؤولية منظمة مجاهدي خلق عن هذه العملية . و بعد مدة وجيزة تبين أن ” جواد قديري ” أحد أعضاء الهيئة المركزية للمنظمة , هو من كان مهندس عملية تفجير مسجد ” أبا ذر ” و اغتيال آية الله الخامنئي .
و في السابع من شهر ” تير ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم 28 من شهر ” حزيران ” من العام 1981 ميلادي شمسي , استشهد ” آية الله بهشتي ” برفقة أكثر من 72 شخصا من مسؤولي النظام علي أثر انفجار وقع في المكتب المركزي لحزب الجمهورية الإسلامية .
و كان منفذ هذا التفجير هو المدعو ” محمد رضا كلاهي ” أحد أعضاء المنظمة الفاعلين . و برغم أن هذه الضربة كانت ضربة قاسية و مرعبة بشدة و علي الرغم من تربص منظمة مجاهدي خلق و ” بني صدر ” بشكل شخصي و ” مسعود رجوي ” و تأملهم و انتظارهم لاهتزاز نظام الجمهورية الإسلامية و ترندحه و من ثم سقوطه , و لكن و بسبب الدعم الشعبي الشامل للنظام , و الحضور الواسع لمراسم تشييع الشهداء , فقد توسعت موجة الغضب و السخط علي المنظمة بين كل أفراد الشعب و المجتمع بسبب إقداماتهم و أعمالهم الإرهابية .
إن مشروع اغتيال ” آية الله بهشتي ” تم طرحه للمرة الأولي في عام 1354 هجري شمسي إيراني , المعادل لعام 1975 ميلادي شمسي , في دهاليز الهيئة المركزية للمنظمة , و لكن لم يبصر النور في تلك الأيام و لم يتم إجراؤه عمليا . و إن هذه الحساسية من قبل المنظمة حول ” آية الله بهشتي ” و السعي الدائم من أجل تصفيته جسديا و معنويا علي يد المنظمة , كانت من أحد أهم المواريث الأساسية للهيئة المركزية لمسعود رجوي عن الهيئة المركزية السابقة لتقي شهرام .
و بعد انقضاء شهر تواري ” بني صدر ” مع زعماء منظمة مجاهدي خلق عن الأنظار في البيوت السرية و المراكز الآمنة ، و كانوا علي انتظار أن تتدفق الحشود الشعبية إلي الشوارع داعمةً لهم و مؤيدة لحركتهم بعد ذلك التمرد المسلح و اغتيال رؤوس النظام ، و كان الأمل أن يقومون بإسقاط الحكومة بالاعتماد علي حركة شعبية واسعة النطاق . و لكن ردة فعل الشعب الواسعة علي نشاط الحركة و علي ذلك التمرد و تجسده في تظاهرات الشعبية و الاجتماعات التي كانت تقام لنصرة الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) و تأييداً له و لأصدقائه و أعوانه ، و تأكيداً علي موجة الرفض و الانزعاج الشعبي من تلك الأعمال الإرهابية التي قام بها ائتلاف ” بني صدر _ رجوي ” ، فإن هذه الأحداث أدت إلي هدم أحلام و تخيلات هذا الائتلاف , و خصوصا بعد المشاركة الشعبية الواسعة في انتخابات رئاسة الجمهورية في الثاني من شهر ” مرداد ” ، و التي أفضت ليصبح ” محمد علي رجايي ” رئيساً للجمهورية ، و بعدها لم يبق هناك أي أمل لهذا الائتلاف في أن يحقق أيا من أهدافه .
و عند الساعة الحادية عشرة من ظهيرة يوم الثلاثاء السادس من شهر ” مرداد ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني ، و الموافق لتاريخ 28 من شهر ” تموز ” من العام 1981 ميلادي شمسي ، قام ” بني صدر ” برفقة ” مسعود رجوي ” بالفرار من إيران مستفيدين من نفوذ المنظمة في القوي الجوية الإيرانية ، فقاموا بالهروب علي متن طائرة تزود بالوقود نفاثة من نوع ” بوينغ ” كان يقودها الطيار العقيد الطيار ” معزي ” الذي كان طياراً خاصا لدي الشاه .
و حطت هذه الطائرة لاحقاً في أحد مطارات باريس العسكرية ، و قامت الحكومة الفرنسية مباشرةً بمنح اللجوء السياسي لكل من ” بني صدر ” و ” رجوي ” و ” معزي ” . و بعدها أكد كل من ” بني صدر ” و ” رجوي ” أنّه لم يبق سوي شهرين كحد أكثر لنهاية كيان الجمهورية الإسلامية في إيران . و كان ” مسعود رجوي ” أيضاً قد نصب ” موسي خياباني ” ليكون نائبه في إيران .
و في اليوم الثامن من شهر ” شهريور ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني ، و الموافق ليوم 30 ” آب ” من العام 1981 ميلادي شمسي ، استشهد كل من ” محمد علي رجائي ” الذي كان قد انتخب مباشرةً بعد عزل ” بني صدر ” ليحل محله كرئيس للجمهورية ، و ” محمد جواد باهنر ” رئيس مجلس الوزراء ، علي أثر انفجار قنبلة كانت موضوعة في مكتب رئاسة الوزراء .
هذه القنبلة كانت قد وضعت علي يد أحد الأعضاء الفاعلين في منظمة مجاهدين خلق ، المدعو ” مسعود كشميري ” . و كانت الخطة الاولية للمنظمة تقضي بانفجار القنبلة المذكورة أعلاه في منزل ” الإمام الخميني ” ( رحمة الله عليه ) و لكن الخطة تغيّرت بعد فشلها لتستهدف بعدها مكتب رئاسة الوزراء .
و بعد ذلك أكد ” مسعود رجوي ” في لقاء سري مع الجنرال ” حبوش ” رئيس جهاز المخابرات العراقية قائلاً : ” . . . علي الرغم من معرفة البيت الأبيض و قصر الإليزيه الكاملة ، و كنا أيضاً علي ارتباط مع قصر الإليزيه و كانوا يعرون تماما من هو الشخص الذي فجّر الحزب الجمهوري في إيران ، و من كان الشخص الذي نفذ العليات السابقة ضد رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء . إنهم كانوا يعرفون حق المعرفة و لكن لم يطلقوا علينا صفة الإرهابيين . . . ” .
و بعد ذلك أقدمت المنظمة علي تنفيذ عمليات غريبة و عجيبة ذلك من أجل حقن أكبر كمية ممكنة من العنف بين العموم و في المجتمع ، فبالإضافة إلي عمليات الاغتيال المتفرقة التي كانت تقوم بها ، فقد كانت أيضاً تجمع العديد من الشباب المراهقين و الصغار في السن و المغرر بهم علي شكل مجموعات تحو ي علي 25 شخصاً كحد أعلي و تدفع بهم للقيام بمظاهرات مسلحة و إثارة العنف في الشوارع لكي يلتف الشعب حولهم و يقومون بـ ” الإطاحة بالنظام ” علي حد تعبيرهم .
و من جملة هذه العمليات أيضاً ، كانت تلك المظاهرات المسلحة في الخامس من شهر ” مهر ” لعام 1360 هجري شمسي إيراني ، و الموافق ليوم 27 من شهر ” أيلول ” من عام 1981 ميلادي شمسي ، و التي شارك فيها العديد من أعضاء و أنصار المنظمة بشكل مسلح و في العديد من النقاط و المواقع في طهران ، و التي تمّت محاصرتها بالتعاون بين الشعب و قوي الأمن الداخلي و تم خلالها اعتقال عدد كبير منهم .
و بفضل الدعم الشعبي الواسع للنظام من جهة ، و النفور الشعبي الواسع أيضا من هذه المنظمة و قياداتها من جهة ثانية ، استطاعت القوي الأمنية و قوي الأمن الداخلي السيطرة علي الاوضاع بشكل سريع و كشف تلك البيوت الآمنة و المراكز السرية التابعة للمنظمة واحدةً تلو الأخري ، و ذلك بفضل الدعم الاستخباراتي و التعاون الشعبي الواسع مع الجهاز الأمني .
و في تلك الفترة ، و في خضم جو اليأس و الإحباط الذي كان مسيطراً علي أذهان و عقول أعضاء و أنصار المنظمة ، كانوا يقدمون علي اغتيال الناس العاديين العزل ، ففي مدينة طهران لوحدها قتل عدد كبير من أبناء الشعب علي يد أعضاء هذه المنظمة ، و منهم التاجر ، و المعلم ، و العامل ، و غيرهم من طبقات الشعب الأخري الذين كان جرمهم الوحيد أنّ شكلهم كان يوحي بأنهم من أنصار ” حزب الله ” و أنهم من المتدينين . و في هذه الفترة من الزمن ، و علي سبيل المثال كان ذلك سبباً كافياً ليقوم أعضاء منظمة مجاهدين خلق بقتل بائع أو صاحب دكان فقط بسبب وجود صورة الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) في دكانه أو محله .
في طي عامي 1360 و 1361 هجري شمسي إيراني ، و الموافق لعامي 1981 و 1982 ميلادي شمسي ، فقد قتل 366 شخصاُ من الناس العاديين العزل في طهران علي يد أعضاء منظمة مجاهدين خلق .
53 بالمئة من هؤلاء الأشخاص كانوا موظفين في المؤسسات الحكومية ، بحيث كان 36 بالمئة منهم يعملون في الحرس الثوري ، و الجيش ، و منظمة البسيج و الشرطة . و بناءً علي هذا فقد كان 64 بالمئة من المغدورين ينتمون إلي طبقات الشعب العادية و يمارسون اعمال غير عسكرية و حرة ، فقد كان جرمهم الوحيد أن شكلهم كان يوحي بأنهم أناس متدينون أو تواجدهم بالقرب من الفرق المختصة باصطياد أعضاء منظمة مجاهدين خلق .
كما و استهدفت فرق الاغتيال التابعة للمنظمة أئمة صلاة الجمعة و شخصيات دينية أخري مثل ” آية الله صدوقي ” إمام الجمعة في مدينة يزد ، و ” آية الله دستغيب ” إمام الجمعة في مدينة شيراز ، و ” آية الله مدني ” إمام الجمعة في مدينة تبريز ، الذين تمّ اغتيالهم بينما كانوا في العقد السابع من العمر .
و لكنّ المنظمة يوما بعد يوم كانت تتقهقر و تنهار تحت ضربات قوي الأمن الداخلي و القوي الشعبية الرديفة . و في يوم 19 من شهر ” بهمن ” من العام 1360 هجري شمسي إيراني ، و الموافق ليوم 8 من شهر ” شباط ” من العام 1982 ميلادي شمسي ، اكتشف البيت السري الأصلي و المقر الأساسي للهيئة المركزية للمنظمة ، و قتل ” موسي خياباني ” الشخص الثاني في المنظمة ، و ” أشرف ربيعي ” زوجة مسعود رجوي ، و عدد آخر من أعضاء الهيئة المركزية للمنظمة في اشتباك مسلح وقع عند قيام عناصر الحرس الثوري بمداهمة مقرهم الأساسي . و مع هذا الحدث المهم فقد تم الحد بشكل تقريبي من وجود المنظمة في إيران ، و في عام 1361 هجري شمسي إيراني، و الموافق لعام 1982 ميلادي شمسي ، تم الكشف عن عدد قليل من المقرات السرية و العناصر المتبقية من المنظمة ، و تم إلقاء القبض عليهم .
و في خضم هذه الضربات , بدأت المنظمة نوعا جديدا من العمليات بغية نشر الرعب و الخوف , تحت مسمي ” العمليات الهندسية ” , كنوع حديث و مكمل لعمليات الاغتيال في الشوارع , كما بدأت المنظمة هذا النوع الجديد من العمليات بالقيام بتعذيب ثلاثة أشخاص مخطوفين تابعين لملاك الحرس الثوري الإيراني .
إن تفاصيل هذا النوع من العمليات و التي كانت بادية علي جثث الضحايا التي تم العثور عليها في بادئ الأمر , و التي كان عددها ستة جثث , إحداها تعود لحذاء , و الأخري تعود لمعلم , و الثالثة تعود لموظف , تلك التفاصيل و الجزئيات قد كانت مؤلمة و مؤثرة للغاية , لحد أنها كانت مؤثرة بشدة حتي علي أعضاء و مناصري المنظمة نفسها , و أثارت انفعالهم و غضبهم أيضا .
و علي طول و مدي تاريخ المجموعات السياسية المسلحة في العالم و حتي ذلك التاريخ , لم يكن قد تم توثيق أي نوع مشابه لهذه العمليات , و لكن منظمة مجاهدي خلق وثقت اسمها كأول مجموعة إرهابية تمارس هذا النوع من عمليات التعذيب في العالم .
و بعد اعتقالهم قام معذبو الأشخاص المخطوفين بالاعتراف بكل ما كانوا قد فعلوه و قدموا أيضا شرحا كاملا لكل تفاصيله و جزئياته . و في عام 1363 هجري شمسي إيراني , الموافق لعام 1984 ميلادي شمسي , تم نشر هذه الاعترافات علي الملأ و بالتفصيل عبر الراديو , و التلفاز , و المجلات , و الصحف , و كافة وسائل الإعلام . مما أثار ذهولا و ذعرا شاملا خيم علي الرأي العام و الفكر الشعبي آنذاك .
الحكومة الوهمية في باريس و بغداد :
و بعد استقرار تشكيلات منظمة مجاهدي خلق في فرنسا , تعاون ” أبو الحسن بني صدر ” رئيس الجمهورية المخلوع مع ” مسعود رجوي ” لمدة من الزمن .
و بني صدر هذا و الذي كان ما يزال يري نفسه أنه هو الرئيس القانوني و الشرعي لإيران , ” أصدر مرسوما ” عين بموجبه ” مسعود رجوي ” كرئيس وزراء مجلس المقاومة . و في ذات الفترة , زعيم مجاهدي خلق و الذي كانت زوجته قد قتلت في إيران , وجه نظره نحو ” فيروزة ” بنت ” بني صدر ” الصغيرة السن لتكون زوجة له , و هنا قام ” بني صدر ” بدوره بتزويج ابنته ” فيروزة ” لمسعود رجوي , رغم كل شعاراته التي كان يطلقها و يرددها حول معارضته و تحقيره لسوء استخدام العنصر النسائي كأداة لتحقيق المكاسب السياسية . و لكن عمر هذا الزواج لم يدم طويلا , حيث ما لبثت أن نشبت الخلافات بين ” مسعود رجوي ” و ” بني صدر ” , فبدوره قام ” رجوي ” أيضا بتطليق ” فيروزة ” .
و نتيجة الانتصارات العسكرية المتلاحقة و الدعم و التأييد الشعبي الواسع لنظام الجمهورية الإسلامية و بفضل الوحدة والتماسك الداخلي و القضاء الحاسم و بشكل شبه نهائي علي القوي المعارضة للثورة , ومن بينها قوي منظمة مجاهدي خلق , وصل النظام إلي مرحلة من الثبات بحيث لا يكن ممكنا بعدها قطع الوعود بالرجوع القريب إلي طهران و اعطاء التصريحات بأن النظام في إيران آيل للسقوط في غضون الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة و لا حتي العدة سنوات القادمة . و حتي أنه أصبحت عمليات اغتيال الشخصيات بعدها غير لافتة للانتباه و لم تكن ذات تأثير مطلقا .
و من ثم قام ” مسعود رجوي ” بابتداع خطة جديدة بغية اظهار نفسه و إشغال أعضاء المنظمة , و كانت نتائج هذه الخطة التي سميت بـ ” الثورة الإيديو لوجية ” , أن أدت إلي السيطرة علي ” مريم قجر عضدانلو ” زوجة ” مهدي ابريشم تشي ” و الذي كان الشخصية الثانية في المنظمة , و قد اعتبر ” مسعود رجوي ” و أنصاره أن هذه الخطوة هي خطوة متقدمة علي طريق الرقي بمستوي المرأة . و بناء علي الأوامر الصادرة من ” مسعود رجوي ” , قام ” مهدي ابريشم تشي ” بتطليق زوجته , و بعد طلاقها مباشرة و بدون مرعاة المسائل الشرعية كعدة الطلاق , تزوجت ” مريم قجر عضدانلو ” بمسعود رجوي .
و كان لهذه الحادثة القبيحة تأثير سيء جدا لدي الجميع , وحتي لدي المحافل في الخارج و المهجر . فعلي سبيل المثال , أعلن فصيل ” طريق العامل ” و الذي كان أحد التيارات الشيوعية , في أحد بياناته مصرحا : ” أن هذا العمل شكل ذعرا لدي الرأي العام , و تسبب بجرح عميق للأخلاق العامة ” .
و في ذات السياق , صرح ” مهدي ابريشم تشي ” قائلا : ” إن معارضة مشيئة مسعود رجوي , أكثر كفرا من معارضة مشيئة الله ” . و مكافئة لهذا التفاني و الإخلاص المقدم من ” مهدي ابريشم تشي ” . قام ” مسعود رجوي ” بتقديم ” مينا خياباني ” أخت موسوي خياباني , له كجائزة تقدير لإخلاصه المنقطع النظير , و سمح له بالزواج منها حيث كانت تصغره 12 عاما .
و بعد ذلك تم استبدال كلمة ” مسعود ” التي كانت تطرب ألسنة أعضاء و أنصار المنظمة عند ترديدهم لها , بالمصطلح التركيبي ” مسعود و مريم ” . و عبر ” مسعود رجوي ” عن هذه الحادثة في حفلة زواجه بوصفه إياها علي أنها ” انفجار الحرية ” , و عبر قائلا : ” نحن نتحدث هنا عن الإنفجار .. انفجار الحرية ! ” .
و قررت القيادة الجديدة لمنظمة مجاهدي خلق معتمدة علي تحليلها هذا أن القوي العظمي لن تسمح بأن تكون إيران هي المنتصرة في هذه الحرب , و لن يكون العراق هو الخاسر , قررت أن تظع المجاملات جانبا , و أن تنضم بشكل علني إلي صدام و نظامه في خوض حربه ضد إيران وطنهم الأم . و نقف هنا لنبحث في التاريخ السياسي لدول العالم , فإنه نادرا ما نجد نموذجا في التاريخ لإحدي المجموعات السياسية المعارضة لنظام بلدها , تقوم بالوقوف إلي جانب عدو شن حملة علي وطنها الأم , و احتل أراضيا من بلدها , فتقف بصفه و تتحد معه , و تبيع نفسها له !! .
و بعد فترة وجيزة من المفاوضات المبدأية بين ” مسعود رجوي ” و ” طارق عزيز ” في باريس , دخل ” مسعود رجوي ” بغداد في تاريخ 17 من شهر ” خرداد ” من العام 1365 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم السبت في 7 شهر ” إيار ” من العام 1986 ميلادي شمسي , و انتقلت بعدها مباشرة كافة تشكيلات المنظمة إلي بغداد .
و بعد ذلك تحول ” مسعود رجوي ” و تنظيمه بشكل تام , إلي خاتم بيد جهاز المخابرات العراقي , وتحولو إلي منفذ مطيع و صاغر لأوامر صدام حسين .
و كان أول عمل يقدم عليه ” مسعود رجوي ” في بغداد , هو تشكيل ” جيش التحرير الوطني ” . و بعد التمهيدات و الوعود و العهود الكثيرة , أتي العديد من أعضاء و أنصار المنظمة و بعض المغرر بهم و المخدوعين الغير من غير التنظيميين , أتوا إلي بغداد , واستقروا في معسكر يطلق عليه اسم ” معسكر أشرف ” , وهناك انصبوا علي التدريب لتعلم فنون القتال العسكرية و الحروب الكلاسيكية .
و هنا كان ” مسعود رجوي ” يسعي محاولا أن يظهر أن المنظمة قد قطعت مرحلة الاغتيالات و حرب المدن , و أنها الآن تقدمت إلي مرحلة يمكنها فيها القيام بالحروب الكلاسيكية , مثل الحروب بين بلدين . و قام كيان صدام حسين بتقديم كافة أشكال الدعم الفني و التقني لهم . و بعد الثورة الإيديو لوجية الذاخرة بالأحداث , تمتعت الكثير من نساء المنظمة في معسكر أشرف بصلاحيات واسعة و كبيرة .
و في الفترة الممتدة بين عامي 1364 هجري شمسي إيراني , و الموافق لعام 1985 ميلادي شمسي , و حتي عام 1372 هجري شمسي إيراني , و الموافق لعام 1993 ميلادي شمسي , وقعت أربع ثورات إيديو لوجية في داخل المنظمة , و في كل مرة و تحت عناوين مختلفة كان يتم قمع معارضي ” مسعود رجوي ” بالقوة , و بعضهم كان يتم تصفيته جسديا , أو كان يختفي بشكل قسري . و تم إجراء استعراضات عسكرية و تم التطبيل و التزمير لها إعلاميا , حتي يتم ترميم حقيقة الماهية المتزلزلة و المكسورة للمنظمة عند أنصارها و بنظرهم , ويتم الحفاظ علي بقاء و استمرارية تشكيلات المنظمة .
حتي أن زيارة وارث تم التلاعب فيها , فأصبحت كالتالي : ” السلام عليك يا مسعود , السلام عليك يا مريم ” , و تم نشرها بشكل علني في داخل المنظمة و في منشوراتها العامة .
و صل ” مسعود رجوي ” إلي مرتبة القائد الأعلي , كما حصلت ” مريم رجوي ” علي منصب قيادة جيش التحرير , و من ثم رئيسة مجلس المقاومة , و أخيرا نصبت كرئيسة للجمهورية . و بين الحين و الآخر تجلس أيضا إحدي أعضاء المنظمة مجتمعة بمجلس نسائي علي منصة القيادة العامة للمنظمة و تشغل أعضاء المنظمة المتشائمين لفترة من الزمن بسرد المقدمات و الخواتم و التقارير و الأحداث و تحليلاتها و ما إلي ذلك .
كتب أحد عناصر المعارضة اليسارية في الخارج حول وضع مجاهدي خلق في مثل هذا النوع من التصرفات , كتب ما يلي :
” إن حب مجاهدي خلق لسلطة الدولة , ليس له علاقة بالأرض . هو أفتتان نصف طائفي _ نصف طفولي . . . السلطة الحكومية تمثل حلما جذابا بالنسبة لأي عضو في المنظمة . . . إن كلمات كمثل : ” رئيس الجمهورية ” , و ” زعيم المنظمة ” , و ” رئيس الوزراء ” , و ” مجلس الوزراء ” , و ” وزير ” , و ” قائد ” , و مثل هذه الكلمات تلقي صدي عجيبا بين هؤلاء و في مسامعهم . و بشكل دقيق كالأطفال الذين يستفون ألعابهم و دماهم , و يلعبون مع أحلامها . إن هؤلاء علي الأغلب مشغولون بلعبة ” الحكومة ” . . . و في هذه الجولة الأخيرة التي من المقرر فيها أن تكون مريم رئيسة للجمهورية . . . حتما لن تكون اللعبة الأخيرة . غالبا و باحتمال قوي ما سيكون آخر هذه الأحداث هو إعلان الزعامة , و إقامة مراسم تتويج ” .
في تلك الحكومة الذاتية لمنظمة مجاهدي خلق في العراق و الواقعة تحت سلطة صدام , قامت المنظمة بإنشاء مصغرات من الوزارات المختلفة , و لكن لدي هذه الدولة الخيالية و الممتدة علي مساحة معسكر أشرف .. 12 كيلو متر في 10 كيلو متر .. هناك آكثر من 35 سجن و مجمع اعتقال .. !
عمليات ” مرصاد ” :
لم يتمكن ” جيش التحرير الوطني ” أن يفعل شيئا سوي القيام ببعض عمليات المضايقات البسيطة في المناطق الحدودية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية . و كان أهم عمل و اقدام لرجوي و جيشه الصغير أو جويشه أو أكثر أعمالهم حماقة هو قيامهم بتنفيذ عمليات ” فروغ جاويدان ” أو ” النور الأبدي ” .
في الأيام الأخيرة للحرب المفروضة , و بعد أن قبلت إيران قرار وقف اطلاق النار , و بالتزامن مع اعتداءات نظام صدام حسين علي المناطق الجنوبية و الغربية للبلاد باستثناء القوي الجوية و سلاح المدفعية , قامت مجموعة من أعضاء المنظمة و أنصارها المخدوعين المغرر بهم , معتمدة علي الأسلحة و التجهيزات العسكرية التي كان قد قدمها لهم صدام حسين , قامت بركوب العديد من حاملات الجنود المدرعة و التي كان منقوشا عليها رمز منظمة مجاهدي خلق , و دخلت البلاد مخترقة الحدود عبر طريق ” خسروي – قصر شيرين ” , و بدأت بالتقدم مسرعة نحو طهران عبر ذلك الطريق المعبد بالإسفلت . هم كانوا قد تلقنوا و صدقوا أنهم في أي مكان سيضعون فيه أقدامهم , فإن الشعب سيلتحم معهم , و أنهم سيتمكنون من الزحف حتي طهران معتمدين مساعدة الشعب لهم و القوة العظيمة المدعومة من منظمة مجاهدي خلق .
و لكن القوي العسكرية الإيرانية و القوي الشعبية الرديفة كانت لهم بالمرصاد , و تمكنت من دحرهم و هزيمتهم بمجموعة عمليات أطلق عليها اسم ” مرصاد ” , و تم ذلك في غضون الأيام المتراوحة بين تاريخ 3 حتي 6 من شهر ” مرداد ” من العام 1367 هجري شمسي إيراني , و الموافق للأيام من 25 إلي 28 من شهر ” تموز ” من العام 1988 ميلادي شمسي .
فشلت عمليات ” فروغ جاويدان ” أو ” النور الأبدي ” , و تفرق جيش مجاهدي خلق الصغير . و كان مصير المشاركين من المنظمة في عمليات ” النور الأبدي ” إما الموت , أو الاعتقال علي يد أبناء الشعب أو القوي العسكرية الإيرانية . و بما أن ” مسعود رجوي ” كان علي دراية كاملة بمصير الفشل المحتوم الذي كان يحيط بهذه العمليات , فقد قام بذلك بإرسال العديد من أعضاء المنظمة المخضرمين الذين كان يشك بمعارضتهم له , ليلقون حتفهم بمشاركتهم في تلك العمليات المعروفة المصير مسبقا .
و بناء علي قول أحد أعضاء السابقين في منظمة مجاهدي خلق , فإن الهيئة المركزية لمنظمة مجاهدي خلق و بعد الخسارة و الفشل الذريع في تلك العمليات , تعرضت لانتقادات حادة و لاذعة , و كان يجب عليها أن تقدم جوابا و تفسيرا لتلك الأحداث الغير منطقية .
و هنا استبق ” مسعود رجوي ” الأحداث , و سعي لإشغال أعضاء المنظمة مرة ثانية عما حدث , عن طريق إطلاق المرحلة الثالثة من ” الثورة الإيديو لوجية ” . كما طلب ” مسعود رجوي ” من أعضاء المنظمة أن يقدمون كل ما يملكون فداءا له : ” كانو يعلموننا أن نهب أنفسنا لقائد , و نتطلع إليه , أن نمشي علي خطاه … أوكلوا بذنوبكم إليه , هو يعفو عنكم ” . و قد أطلق علي هذه المرحلة من استغباء أعضاء و مناصري المنظمة اسم : ” العبور من المضيق ” , و سميت بهذا الاسم نسبة لمضيق ” جهار زبر ” أو مضيق ” مرصاد ” الذي وقعت فيه خسارتهم في عمليات ” النور الأبدي ” .
و بعد ذلك , تحول تقديس و عبادة ” مسعود رجوي ” إلي الأصل الأساسي و المحوري لمعتقدات أعضاء المنظمة , و تحولت المنظمة من تيار سياسي ذو إيديو لوجية خاصة إلي فرقة ذات عقائد و معتقدات خاصة . و في هذه المرحلة انفصل الرجال عن النساء , تطبيقا لأوامر ” مسعود رجوي ” , و هنا انتهي مفهوم الارتباط بن الرجل و المرأة علي أساس الزواج في المنظمة .
و بعد عمليات ” المرصاد ” و آثارها السلبية علي حالة المنظمة , سعي الكثير من أعضاء المنظمة و المرتبطين بتشكيلاتها في العراق و أوروبا لكي ينفصلون عن المنظمة , و لكن سعيهم هذا جوبه بالعنف من داخل المنظمة , و تعرضوا أنفسم للإيذاء و المضايقات بطرق مختلفة من بينها القيام باعتقالهم و إرسالهم إلي سجون حزب البعث المرعبة , كسجن ” أبو غريب ” , حتي أن بعض منظمات حقوق الإنسان الغير رسمية هرعت لمساعدتهم , و بدأت بمساعي واسعة و كبيرة من أجل انقاذ ضحايا تلك المنظمة .
و يؤكد الأعضاء المنشقون عن المنظمة و الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا , أنه و بعد خسارة المنظمة في عمليات ” النور الأبدي ” , فقد تحولت المنظمة بشكل كامل لمجموعة مغلقة و مخيفة , لم يبقي لأعضاء تلك المنظمة أدني فسحة ضوء للعيش بحرية .
و نورد هنا بعض الأعمال الإجرامية الموثقة التي ارتكبتها هذه المنظمة الإرهابية بحق أبناء الشعب الإيراني و بعض البقع السوداء و اللطخات المظلمة في تاريخها :
عملية اغتيال علي ” اكبر بختياري ” :
منفذ العملية : حسن قدس .
المساعد : مجيد حشمتي خاه .
متزعم الخلية الإرهابية : حميدي (اسم مستعار) .
تقرير منظمة مجاهدي خلق عن هذا الاغتيال : إعدام أحد عناصر الحرس الثوري في الشارع .
تاريخ العملية: …
مكان العملية : نواب ، شارع دامبزشكي .
ساعة التنفيذ: الثانية بعد الظهر .
السلاح المستخدم: مسدس من عيار 45 ملم – 5 رصاصات .
عدد المنفذين : شخصين .
تفاصيل العملية:
استغرق تنفيذ العملية 4 ساعات من الوقت ( من الواحدة حتي الخامسة بعد الظهر ) . خلال هذه الفترة تمت عملية الرصد و الاستطلاع بالإضافة إلي عملية التصفية . ففي الثانية بعد الظهر شاهدنا عضو في لجان الثورة ( الإسلامية ) يرتدي ملابس صينية و بنطلون اخضر علي نمط باقي أعضاء لجان الثورة , و كان واقفا لوحده في محطة الباص . تجولنا بالقرب منه لثلاث مرات , و في المرة الأخيرة أطلقنا عليه ثلاث رصاصات , لم تصبه إلا واحدة .
ردود الأفعال : لم يتبين .
التجارب:
الملاحظات: العملية كانت ناجحة و المكلفين عادوا إلي مقرهم سالمين.
عملية اغتيال ” كريم فاتح داريان ” :
جمشيد ضرغامي :
الاسم المستعار: مهرداد جمشيدي .
قائد الوحدة الإرهابية
مجيد يحيوي آزاد :
الاسم المستعار : صمد .
عضو في الوحدة الإرهابية .
مسعود رجبي :
الاسم المستعار : حميد مسعودي .
عضو في الوحدة الإرهابية .
اعترافات ” مجيد يحيوي آزاد ” احد منفذي عملية اغتيال الشهيد ” فاتح داريان ” :
” أثار شكوكنا راكبين يركبون دراجتين ناريتين بالقرب من الطريق السريع الذي يصل الي ساحة ” آريا شهر” الثانية وقبل ان يظهروا أية ردة فعل فتحنا الرشاشات عليهم , ” مهرداد ” , ” صمد ” , ” جمشيد مسعودي ” و بسرعة هربنا من مكان الحادثة بالسيارة .
تصريحات محمد رسول بيات عضو في الوحدة الإرهابية قسم التنظيم العسكري لمجاهدي خلق في تبرير مثل هذه الجرائم :
يقول رضا ( قائد الفريق الإرهابي ) حول المواطنين العاديين : ” عندما نريد القيام بعمليات من الممكن أن يقتل أو يصاب فيها أشخاص عاديون , و هذه المسالة طبيعية لا نستطيع أن نفعل شيء , وذلك بسبب الثورة . و الشيء الآخر أن أهل الضحية و ورثة دمه يصبحون أعداء للنظام , و تقام عادات و مراسم ذكري أسبوع وفاته و الأربعين و مثل هذه العادات والمراسم , و تقضي علي النظام لاحقا ! ”
إطلاق مجاهدي الخلق النار علي مراهق في العقد الثاني من العمر :
تاريخ الثورة الإسلامية في إيران شاهد علي الكثير من الجرائم التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية و التي لا يمكن تبريرها أو الدفاع عنها . تلطخت أيادي تلك الجماعات بدماء عدد هائل من الشيوخ و النساء و الأطفال .
إحدي هذه الجرائم البشعة ، كانت إطلاق النار علي طفل مراهق في الـ 13 من العمر اسمه ” علي كاظمي ” عندما كان يصلي في بيته .
نشرت صحيفة كيهان في الخامس من اكتوبر عام 1981 تفاصيل هذه الجريمة المروعة :
منافقي خلق أطلقوا النار علي مراهق في الـ 13 من العمر أثناء الصلاة .
تعرض أحد أفراد عائلة في منطقة ” آبكنار ” إلي إطلاق نار من قبل إرهابيي عصابة منافقي خلق . هاجم عدد من عناصر عصابة منافقي خلق الإرهابية بيت أحد المواطنين المتدينين في ناحية ” آبكنار ” في قضاء بندر ( ميناء ) ” انزلي ” – شمال البلاد – بقنبلة يدوية لم تنفجر , و بعد مشاهدة ذلك دخل الإرهابيون إلي البيت , و أطلقوا الرصاص علي المراهق ” علي كاظمي ” عندما كان يصلي صلاة الفجر , و من ثم لاذوا بالفرار . و علي اثر الحادث الغادر الجبان تعرض علي إلي إصابات في الظهر و الفخذ .
هل تشمل اتفاقية جنيف الرابعة منظمة مجاهدي خلق ؟ ! :
كثيرا ما تستند منظمة مجاهدي خلق الإرهابية , و المدافعون عنها , و أنصارها إلي معاهدة جنيف الرابعة بغية تبرير بقائها في العراق , و لكن هل تنطبق هذه الاتفاقية علي منظمة مجاهدي خلق أم لا ؟
في يونيو عام 2004 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن عناصر منظمة مجاهدي خلق محميون بحسب معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 ، لأنهم كانوا محايدين خلال حرب العراق . معاهدة جنيف الرابعة تنص علي توفير الحماية للمواطنين خلال وقوع عمليات عسكرية بهدف احتلال بلاد ما , و حين سيطرة القوي المحتلة علي ذلك البلد . هذه الاتفاقية تنص علي الحفاظ علي الأشخاص المحميين و عدم تسليمهم إلي البلد الذي سيضغط عليهم بسبب عقائدهم الدينية أو السياسية .
فيما يخص البلد المحتل ، تعتبر اتفاقية جنيف سارية المفعول حتي عام واحد بعد نهاية العمليات العسكرية و الاحتلال , و بعد ذلك إذا لعبت سلطات الاحتلال دور الحكومة في ذلك البلد فتكون الاتفاقية لا تزال جارية . أما احتلال العراق انتهي رسميا في 30 يونيو عام 2004 ، لذلك لا تنطبق معاهدة جنيف الرابعة علي عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المتواجدة في العراق حاليا .
مجزرة مستشفي مدينة ” إسلام آباد ” , و قتل كل عامليه و إحراق جثهم :
إن هجوم عناصر منظمة مجاهدي خلق الإرهابية علي مستوصف الإمام الخميني ( رحمة الله عليه ) في مدينة ” إسلام آباد ” غربا , و قتل جميع العاملين و المصابين و المرضي , و سحل جثامينهم إلي باحة المستوصف , و من ثم إحراقها جميعا ، يعتبر من المشاهد المرة و الأليمة إبان الحرب البعثية المفروضة علي إيران .
سمعنا قصصا مروعة و كثيرة عن جرائم زمرة مجاهدي خلق ( المنافقون وفق تسمية الشارع الإيراني لهم ) , ففي المناطق الغربية للبلاد بعد قبول قرار رقم 598 الصادر من مجلس الأمن . ” حسين دهنوي ” هو مقاتل مناضل كان متواجد آنذاك في تلك المناطق و يروي لنا بعضا من الجرائم البشعة التي ارتكبتها منظمة خلق الإرهابية :
بعد قبول إيران القرار رقم 598 الصادر من مجلس الأمن الدولي في 18 من يوليو عام 1988 ، شنت القوات البعثية هجوما شاملا علي البلاد من الجنوب و الغرب ، اشتبكت كتيبتنا مع القوات البعثية في مدينة ” سربل ذهاب ” . و بعد تقدم قوات العدو البعثي ، نزلت عناصر منافقي خلق من معسكر اشرف في الخامس و العشرين من يوليو 1988 نحو إيران . وصلت قواتها في اليوم التالي إلي مدينة ” إسلام آباد ” , و في السابع و العشرين من يوليو حصلت الاشتباكات مع منافقي خلق في مضيق ” مرصاد – جهار زبر “.
امكانياتنا و معداتنا العسكرية لم تكن كافية لمواجهة 30 لواء مشاة لمنافقي خلق . هاجموا المدينة كالرعد و البرق . و بعد دخولنا في مرحلة حرب العصابات كنا نشاهد هروب الناس من منازلهم خوفا من منافقي خلق . الزمرة كانت تطلق النار علي الأهالي بصورة عشوائية ، لذلك استشهد و أصيب عدد كبير من الناس .
كنا منشغلين بالرد علي منافقي خلق و لم تكن لدينا الفرصة لجمع جثامين الشهداء و الجرحي . كنا نشاهد بأم أعيننا عناصر منافقي خلق كيف كانوا يفرشون الناس علي الأرض و يطلقون ” رصاصة الرحمة ” عليهم .
إحدي الحوادث المريرة في هجوم عناصر منافقي خلق علي مدينة ” إسلام آباد ” ، هي اقتحام مشفي ” الإمام الخميني ( قدس سره ) ” ، حيث قتلوا جميع العاملين , و الجرحي الراقدين فيها , و من ثم سحلوهم إلي باحة المستوصف و أحرقوهم جميعا .
بالإضافة إلي أهالي مدينة ” إسلام آباد ” استشهد أيضا عدد من أهالي مدينتي ” كرند ” الغربية , و ” سربل ذهاب ” الذين كانوا قد لجؤوا إلي المدينة .
بعد تلك العمليات الهمجية و الوحشية ، وصلت عناصر خلق إلي مضيق مرصاد و تهيأت أحد كتائب ” لواء الأنصار ” في ” همدان ” للتصدي لهم . ومن ثم بدأت العمليات , و بعد ذلك وصلت قوات الدعم إلي المنطقة , و هزمنا تلك العناصر بإرادة الهية .
بعد يومين من المجزرة التي ارتكبتها عصابة مجاهدي خلق ، دخلنا مدينة ” إسلام آباد ” . و شاهدنا صورا مروعة و مؤلمة . أراد منافقو خلق أن يلقوا الرعب في قلوب الناس . لذلك قاموا بقتل الكثير من الأهالي . فعلي سبيل المثال شاهدنا رجل دين شاب أعدم بعمامته , و شنق من الطابق الثالث في الساحة المركزية بالمدينة .
التاسع و العشرون من يوليو كان اليوم الأخير من عملية ” مرصاد ” . في اليوم التالي قمنا بتمشيط المنطقة ، ثم جاءت العوائل من المناطق المحيطة لاستلام جثامين شهدائها .
دور المنافقين في قمع و قتل الأكراد :
مؤخرا انتهي إعداد الملف المتعلق بقيام صدام بقتل مئة ألف من أكراد شمال العراق فيما عرف بقضية ” الأنفال ” , وقدم هذا الملف إلي المحكمة لتنظر فيه خلال إحدي جلساتها المخصصة لمحاكمة ” صدام ” .
و انطلاقا من أن دور منظمة مجاهدي خلق ( جماعة المنافقين ) في هذه المجزرة غير قابل للإنكار ، و بالنظر إلي وجود معلومات كافية عن الزوايا الخفية لهذه الجريمة الكبيرة التي قامت بها منظمة ” رجوي ” الإرهابية ، و من أجل تقديم توضيحات و حقائق مفيدة عن هذا الموضوع نستعرض لكم هنا حوارا مع أحد المنشقين عن المنظمة , و الذي كان قد شارك في العمليات الإرهابية التي عرفت بقضية ” الأنفال ” في العام 1991 :
• في البداية عرفنا عن نفسك وعن كيفية دخولك إيران .
– اسمي غلام رضا يوسفي ، التحقت بالمنظمة في العام 1989 وبقيت هناك 15 عاما ، وفي شهر مايو ( أيار ) من عام 2004 التجأت إلي أحد معسكرات الأمريكيين في العراق ، و اليوم مضي علي خمسة أشهر في إيران , و طبعا عودتي إلي إيران كانت بطوع إرادتي .
• في العام 1991 وأثناء حرب الخليج الثانية , كانت القوات العراقية متمركزة في جنوب العراق ، في تلك الفترة جرت عملية ” مرواريد ” أو الـ ” الأنفال ” ضد الأكراد ، وحركة الأكراد هذه الساعية إلي الاستقلال في الشمال كان يجب أن تقمع ويقضي عليها بشكل من الأشكال ، و بالنظر إلي ضعف حكومة بغداد في الشمال ، ماذا كان دور منظمة المجاهدين باعتبارها ذراعا عسكرية للدولة المركزية في شمال العراق ؟ هل أعطي صدام أوامر مباشرة لبدء العمليات ؟ أم أن قيادات المنظمة هي التي اقترحت تكليفها القيام بهذه العملية ؟
– في العام 1991 و في نهاية حرب الكويت , كانت القوات العراقية مشتتة تماما , و حتي في الجنوب لم يكن هناك حجم يذكر من القوات ، و بالإضافة إلي شمال العراق كان هناك ثورات ضد صدام في مدن الناصرية , و البصرة , و الكوت .
لقد تبعثر جيش صدام , و الجزء الأكبر من أفراده بعضهم قتل في المعارك والبعض الآخر لاذ بالفرار , و ترك الجيش ، و الأكراد في ذلك الوقت الذين كانوا يحاولون منذ سنوات الحصول علي حقوقهم الاجتماعية , عمدوا إلي التحرك باتجاه مدن كركوك , و خانقين , و كلار , ليتمكنوا بعدها من الوصول إلي بغداد ، و في تلك الظروف كانت قوات المنظمة متمركزة في منطقة تسمي ” نوجول ” , تقع بالقرب من مدينة ” الكفري ” ، و عند بداية الهجوم كان فحوي تبريرات المنظمة أن القوات التي سنواجهها هم ” جنود أتوا من إيران ” بقصد مهاجمتنا ، و بهذا الأسلوب بدأت المواجهة الأولي مع الأكراد في مدينة ” توز ” , أولئك الأكراد الذين جاؤوا من أجل التفاوض .
في ذلك الوقت كنت في مجموعة حراسة قيادة المحور ، و بعد مدينة ” توز ” انتقلت المواجهات إلي مدن ” سليمان بيك ” , و ” الكفري ” , و بعد تلك المواجهات تحرك أكثر قوات المنظمة إلي معسكر أشرف , و هناك و بعد إعادة التجمع و التنظيم جاءت الأوامر لنتحرك إلي مدينة ” جلولا ” .
حينها قال لنا قادة المنظمة أنه بعد هزيمتنا للقوات الإيرانية سوف نتحرك باتجاه الحدود ، لكن الحقيقة لم تكن كذلك أبدا فصدام و ” رجوي ” كانا قد اتفقا علي القضاء علي حركة الأكراد في شمال العراق وارتكاب مجازر بحقهم .
• هل كانت المعلومات التي لديك باعتبارك أحد أفراد حرس قادة المنظمة تختلف عن المعلومات لدي عناصر المنظمة الآخرين ؟ أرجو أن توضح لنا تفاصيل الاتفاق الذي كان قد عقد بين صدام و “رجوي ” قبل بدء العمليات ، و ما هي الامتيازات التي كانت ستعطي للمنظمة مقابل هذه الخدمة الكبيرة التي ستقدمها لصدام ؟ .
– في ذلك الوقت أثناء سير العمليات , و حتي قبل ذلك , أنا أيضا لم أكن أعرف الكثير من الأشياء , و لكن باعتبار أني كنت في مجموعة حراسة قيادة للمحور , و أننا كنا نغير مكان المحور , و ننقله إلي أماكن مختلفة , فعلمنا من خلال ذلك أن هذه العمليات كانت تتم بالتوافق و التنسيق مع القوات العراقية , و الأمور كانت تسير بحسب أوامرهم ، فمثلا أثناء المواجهات في مدينة ” توز ” كانت الأوامر تصل إلي قائد العمليات في المنظمة من قبل أحد الضباط العراقيين الذي كان برتبة لواء , و هو نفسه كان ينسق مع المدفعية العراقية ، لأنه كان من المقرر أن تقوم المدفعية العراقية بالتمهيد لقوات المنظمة و تغطيتها ، و في اليوم التالي لذلك ليوم تحركنا باتجاه مدينة ” الكفري ” التي لم ندخلها بل بدأت المواجهات علي مشارفها ، و كذلك في عمليات تغيير مكان قيادة المحور , كان ذلك القائد العراقي يتردد علي معسكر أشرف ليوجه الأوامر لرجوي ، في الحقيقة لم يكن هناك أي قوات للعراقيين في المنطقة حتي تحارب الأكراد , و لكن الخطة العامة كما قلت كانت توضع من قبلهم .
• كم كانت المسافة بين معسكر أشرف و أول نقطة مواجهة ؟
– مكان عناصر المنظمة منتشرين في منطقة ” الكفري ” , و ” نوجول ” , و كان من المقرر أن يتحركوا باتجاه معسكر أشرف ، و في تلك المناطق أمرونا بالقتال , فكانت المواجهات الأولي .
لو كانت تلك القوات قوات إيرانية لانتهت المواجهات في نفس تلك المناطق ، و لكن هناك سؤال هنا و هو لماذا أمرت القوات بالعودة مجددا إلي معسكر أشرف ؟ و بعد إعادة التجمع و التنظيم قامت بالمشاركة بمواجهات في مدن ” الخالص ” , و ” بعقوبة ” , و ” جلولا ” , و بعدها في ” خانقين ” , و ” كلار ” ؟
هنا يجب أن أقول : كيف يمكن أن تكون هذه القوات قد جاءت من إيران , و سلسلة هذه المدن جغرافيا لا تنتهي إلي الأراضي الإيرانية ؟؟ ، مع العلم أنه في نفس المنطقة لم يكن يوجد هناك أي قوات فيها ما يشير إلي أنها قوات قادمة من إيران ( مدن ” توز ” و ” سليمان بيك ” ) ؟؟
جرت استعدادات واسعة في معسكر أشرف , و بدأت عمليات التطهير , و الهجوم الرئيسي . في تلك الأيام كانت مدن ” الخالص ” , و ” بعقوبة ” , و ” جلولا ” في أيدي الأكراد , و قوات المنظمة بدأت بتطهير تلك المناطق من الأكراد ، أي أن بعض قواتنا تمركزت في جهة ” قره تبه ” حتي لا نباغت في ذلك الاتجاه من جهة ” الكفري ” و ” توز ” ، و القسم الآخر الذي كان بقيادة ” مهوش سبهري ” – الذي أصبح فيما بعد المسؤول الأول في المنظمة – فقد تحرك لتطهير مدينة ” الخالص ” , و بعدها مدينة ” بعقوبة ” , و من ثم ” جلولا ” , ثم “خانقين ” لتتوقف فيما بعد في منطقة ” كلار ” .
• ما هي الفترة الزمنية الفاصلة بين طلب صدام القيام بهذه العمليات و بين البدء فيها ؟
– ليس عندي علم بتلك الترتيبات , و لكن كان هناك 48 ساعة بين الإعلان عن العمليات و بدء تنفيذها بشكل ضارب ، لأنه في غير هذه الصورة كان الأكراد سيتمكنون من إحكام السيطرة علي ” بعقوبة ” التي لا يفصلها عن بغداد سوي ما يقارب 50 أو 60 كيلو مترا .
• بالإضافة إلي الإدعاء أن القوات التي ستواجهونها هي قوات إيرانية ما هي الأمور الأخري التي كان يستعين بها ” رجوي ” من أجل بداية العمل و تشجيع المقاتلين ؟؟ ، و ما هي جوانب الدعم و المساندة التي كان يقدمها الجيش العراقي للمنظمة ؟ ؟ .
– بالإضافة إلي التبريرات التي ذكرتها كان ” رجوي ” يقول أنه بسبب الأوضاع غير المستقرة في العراق فإنه علينا التحرك باتجاه الأراضي الإيرانية ، في الحقيقة كان هذا هو الدافع لحركة المقاتلين المترددين .
و في تلك الظروف , و بالنظر إلي الأوضاع السائدة في ذلك الوقت وعدم استقرار المنطقة ، كانت مسألة الدفاع عن النفس كحد أدني كافية لتحريك المقاتلين ، و لكن في مرحلة العمل و التطبيق , فإن كثيرا من المعادلات التي كانت مرسومة في أذهان العناصر فقدت بريقها .
كان هناك القليل من قوات المدفعية العراقية التي كانت تدعمنا بنيرانها ، و كان هناك ضباط برتب ملازم و نقيب وعقيد يقومون بمساندتنا بمدافعهم من عيار 120 ملم , و بصواريخ الكاتيوشا .
عندما انتهت العمليات , و عادت القوات كان ” رجوي ” يتحدث عن لقائه بصدام و “عزت إبراهيم ” , و أن الثاني قال في ذلك اللقاء : « عندما أردنا التحرك إلي كركوك لم نكن نملك أكثر من 3 دبابات ، و لكن عندما رأيت لواء المجاهدين المدرع جرت الدموع من عيناي أسفا علي تلك السنوات التي كان لدينا مثل هذه القوة و لم نكن نهتم بها » .
بالإضافة إلي أنه خلال العمليات فتح لنا العراقيون مخازن الذخيرة ، و كان مجموع قوات الدعم العراقية 200 إلي 300 عنصر ، و لكن في المقابل لم يكن لدي الأكراد إلا الرشاشات و قواذف الـ ” آر بي جي ” , و عدد عناصرهم التي كانت تحمل السلاح كان أقل من عدد عناصرنا .
• بالنظر إلي أن محور العمليات كان في منطقة مرتفعات ” مرواريد ” ، فهل قامت المنظمة بتسمية العمليات قبل البدء بها أم بعد ذلك ؟
– لقد وضعت هذه التسمية بعد انتهاء العمليات و قتل الأكراد من قبل قوات المنظمة , و كما ذكرت فقد جاء الاسم من اسم المنطقة التي حصلت فيها المواجهات .
• كيف كانت طبيعة الهجوم علي الأكراد ؟؟ و من هم الأفراد الذين كانوا يتعرضون للهجوم و للنيران ؟؟ .
– علي ما أذكر أثناء العمليات لم يخرج الناس من بيوتهم , و لكن إذا ما كان يحصل إطلاق نار من أحد المنازل كان ذلك المنزل يقصف بقذائف الدبابات , دون الاهتمام باحتمال وجود نساء وأطفال داخله .
عندما بدأت العمليات كان جميع الأكراد يقاتلون قوات المنظمة ، حتي أن أصوات إطلاق الرصاص كانت تسمع من الحقول و التلال ، في الحقيقة كان الأكراد يستخدمون الأسلحة التي وزعها صدام علي العراقيين من أجل الدفاع عن العراق في حرب الخليج الثانية ، و لكن في مقابل تلك الزخات من الرصاص قام المجاهدون بإحراق المزارع ، لقد كانوا يردون علي مصادر الرصاص بنيران شديدة , و بأقسي شكل ممكن . قبل دخولنا إلي إحدي القري , جاء اثنين من كبار أهل تلك القرية ليتحدثوا إلي قوات المنظمة ، و لكن تم تحذيرهم بأنهم يجب أن يخلوا القرية خلال 24 ساعة ، طبعا الأكراد لم يخلوا القرية لأنه لم يكن هناك مكان آخر يلجؤون إليه .
• كم يوما بالضبط استمر الهجوم ؟
بدأ الهجوم في 21 من ” آذار /مارس ” واستمر حتي 2 ” نيسان/ ابريل ” .
• ماذا كانت مكافئة صدام للمنظمة بعد هذا النصر الظاهري ؟
كان لديهم معسكرين في مدينة ” جلولا ” , قاموا بتقديمهما للمنظمة ، و قاموا بإعادة تأهيل جميع المدرعات القديمة أو المصابة ، و تولت قوات صدام الأمور اللوجستية للمنظمة ، و كذلك أعطيت المنظمة معسكرات في ” البصرة ” و ” الفلوجة ” ، لقد فتحوا أبواب مستودعاتهم للمنظمة , و كنا نستخدم مصفحاتم و آلياتهم ، كما أنه أعطي أموالا لرجوي , و قد علمنا ذلك فيما بعد ، طبعا لم تصرح المنظمة مطلقا بأنها تتلقي أموالا من العراق ، و استمر ” رجوي ” طويلا بالحديث عن المساعدات التي قدمت للمنظمة بعد العمليات ، و بعد هذه الخدمة الكبيرة تم توسيع معسكر ” أشرف ” و الذي كانت أبعاده 7 كيلو متر , فمن 7 كيلومتر لتصل إلي ثلاثين كيلو مترا , و ذلك عن طريق السطيرة علي الأراضي الزراعية المحيطة به ، و أيضا بدؤوا يقدمون تدريبات أكثر لقواتنا , و كذلك حركة قواتنا أصبحت أكثر حرية , و لم يكن أحد يمنعنا من الحركة في كل العراق , و كنا نذهب حيث نشاء , بل كنا نحمل السلاح أيضا بحرية ، كما قام ” رجوي ” مرارا بشكر صدام علي هذه العطايا مستخدما عبارة السيد الرئيس .
• كيف كانت ردة فعل عناصر المنظمة عند ما اكتشفوا أنه قد تم خداعهم من قبل قادة المجاهدين ؟
لقد اكتشفنا كل شيء مع شروع العمليات ، لم يكن الطرف المقابل لنا إلا الأكراد بلباسهم التقليدي , و حتي بنعالهم البلاستيكية ، أنا نفسي اعترضت و قلت بأن هؤلاء ليسوا إيرانيين و ليسوا من قوات الحرس الثوري ، لقد رأيت بعيني الكثير من الأفراد الذين قتلوا , و كانوا جميعا من الأكراد ، كان هناك الكثير من العناصر الذين رفضوا القتال بسبب هذا الأمر , فتم نقلهم إلي معسكر أشرف حيث سجنوا هناك . عندما سألت قائد العمليات أجابني بأنه لا مجال للسؤال في أثناء العمليات , وعليك القيام بعملك فقط . الكثير من عناصر المنظمة كانوا أكرادا و اعترضوا علي الأعمال التي قمنا بها , و كانوا يقابلون بالسجن و التعذيب ، و في العام 1994 و في قضية ” رفع إبهام ” تم تعذيب عدد من العناصر المعترضين , و تم قتل عدد آخر .
• كيف كان انعكاس القضية في العالم ، هل سجلت باسم صدام أم باسم المجاهدين ؟
علي ما أتذكر , و لأن جو المنظمة كان مغلقا جدا , و لم يكن هناك أي وسائل إعلامية , و كل ما كان يمكن أن نعرفه هو ما نسمعه عن طريق مكبرات الصوت الموجودة في المعسكر ، و لكن في الخارج كان هناك ضوضاء كثيرة , و بحسب ردود الفعل أدركنا أن المنظمة تتعرض لضغط شديد . فمثلا حدث أن قوات أمريكية شاهدت حوامات المنظمة و هي تقصف مدينتي ” جلولا ” و ” الكفري ” , و لكن المنظمة كانت تحاول التنصل من الموضوع عن طريق حركات إعلامية ، بالإضافة إلي ذلك فإن العناصر التي انفصلت عن المنظمة و لجأت إلي أوربا بين عامي 93 و94 , كشفوا ما كان خافيا , و اعترفوا أن المنافقين هم من قام بعمليات قتل الأكراد في العراق ، و لكن المنظمة كما هي عادتها اتهمت هؤاء الأشخاص بأنهم عملاء لوزارة الاستخبارات ، و لكننا علمنا أن مسألة قتل الأكراد قد أصبحت مسألة عالمية و ” رجوي ” كان يخشي هذا الأمر كثيرا .
• من المقرر أن يتم طرح قضية قتل الأكراد في محاكمة صدام ، هل تعتقد أن بيان الاتهام يجب أن يتضمن إشارة إلي منظمة المجاهدين ؟؟ و كيف سيكون ذلك برأيك؟
لا أعلم إذا ما كان صدام سيتكلم عن المجاهدين أم لا ، و لكن إلي الآن , لا هو و لا أتباعه لم يقولوا شيئا ، أما هذه المسألة فمن المؤكد أنه سيتم طرحها في المحكمة ، في الحقيقة إن المنظمة تسعي للربط بين قضية قتل الأكراد و بين العمليات التي حصلت في العام 1984 , ففي ذلك الزمان حصلت مواجهات متفرقة بين قوات المنظمة و الأكراد ، لكن الحقيقة أن مسألة قيام قوات المنظمة بقتل الأكراد في عملية ” مرواريد ” هي أوسع بكثير من المواجهات مع الأكراد عام 84 ، و ” مسعود رجوي ” كان يقول دوما أننا قوات ثورة , و نحن في حالة حرب مع النظام الإيراني ، و الأكراد كانوا يعتقدون بهذا الأمر أيضا في البداية , و لكن ما الذي حصل حتي تقوم المنظمة بهذه الأعمال ؟ , و كيف يمكن لعناصرها أن يعملوا كمرتزقة عند صدام و يقوموا بقتل الأكراد ؟ .
كان الأكراد يهدفون إلي استعادة حقوقهم من صدام ، و في ذلك الوقت أنقذ المجاهدون صدام من هذه الحركة الثورية , و بعد هذه الخدمات قام صدام بدعم المنظمة بشكل كامل , حتي أن ” مريم رجوي ” كانت كثيرا ما تشير إلي هذه المساعدات في مقابلاتها و تقول : ” لقد كنا قوات مشاة ثم تحولنا إلي قوات مدرعة ” .
مرحلة انعطاف مجاهدي خلق نحو الماركسية :
قضي المرحوم ” آية الله محي الدين انواري ” سنوات طويلة من عمره المبارك في محاربة نظام الشاه الملكي , كما امضي سنوات من حياته في السجون .
في جزء من مقابلة أجراها في أوائل الثورة حيث تم الحديث عن تجربته في سجون نظام الشاه الملكي , و انحرافات المنافقين جاء ما يلي : ” صادفنا هنا في السجون شبانا مضحين كانوا واقعين تحت تأثير الماركسية , وفهموا الإسلام بشكل خاطئ , حيث تكلموا كلاما يأسف لأجله الإنسان في الحقيقة .
ففي عام 1972 بعد مقتل عدد من مجموعة مجاهدي خلق , احضروا عددا من الأشخاص المؤيدين لهذه المنظمة إلي السجن , و كان أغلب هؤلاء الشبان من المتفانين , و أنا في الحقيقة أحببتهم وهم أحبوني أيضا و وثقوا بي , و أحيانا كانوا يسألونني عن الأمور و المسائل التي تتعلق بالفقه أو القران التي لم يفهموها . المشكلة هنا عيش ميليشيات فدائيي خلق و منظمة مجاهدي خلق في السجن مع بعضهم البعض .
نحن أعضاء حزب الائتلاف الإسلامي نعتقد أن الاختلاط مع الماركسية غير صحيح , لأنه يوجد اختلاف من جهة الأسس و المبادئ , و الاتحاد معهم بالأساس لا يمكن لان الاتحاد يتم فقط بين المجموعات التي لها أهداف مشتركة .
قال البعض في الواقع هدفنا محاربة الامبريالية و الاستبداد الداخلي , و عندما ننتصر سيذهب كل شخص في طريقه , و نحن اعتقدنا أن ذلك غير صحيح , و هم تحت ستار وحدتهم مع المجموعات الإسلامية سيأخذون مكانة في المجتمع , و عندما تنتصر الثورة سيقفون في وجه الايديو لوجية و الحكومة الإسلامية , و يجب القيام بثورة أخري لإزالتهم .
نحن لا نقبل الاتحاد مع غير المسلمين , و قلنا من اجل تحقيق الأهداف الإسلامية يجب اختيار الطرق التي يعترف بها الإسلام و امر القرآن المسلمين من اجل تحقيق أهداف المسلمين عدم قبول مساعدة من غير المسلمين .
و أنا شخصيا و بالاستناد إلي آيات القرآن من حيث قاعدة معصومية الوحي و عدم وجود لبس فيه , فقد وصلت إلي هذه النتيجة .
أظهر التغيير الايديو لوجي لمنظمة مجاهدين خلق في سنوات 53 و54 أن هذا التنبؤ كان صحيحا و للأسف فإن المساعدات التي كانت تقع بأيدي المنظمة كانوا يعطونها لميليشيات فدائيي خلق .
ثم قام ” تقي شهرام ” و آخرون بخدعة أدت الي نتيجة كارثية , و استشهد معارضي التغيير الايديو لوجي للمنظمة مثل الشهيد ” شريف واقفي ” و ” صمدية لباف ” . أذكر إلي ذلك اليوم الذي خرجنا فيه من السجن مقتل سبعة أو ثمانية أشخاص ممن رفضوا التعامل معهم …
• كيف أصدرت الفتوي المشهورة داخل السجن؟؟ و من هم الأشخاص الذين كان لهم دور في هذه الفتوي ؟؟ و ماذا كان تأثيرها ؟
– اتهم أعضاء من منظمة مجاهدي خلق و اليساريون أشخاصا متدينين مثل السيد ” طالقاني ” , ” مهدوي كني” , ” لاهوتي” , ” هاشم رفسنجاني” , ” منتظري” , ” رباني شيرازي ” بتهم عجيبة في سجن ” ايفين ” , وعندما تشاورنا مع البعض , و طالعنا كراساتهم , و درسنا أخطائهم , وصلنا إلي هذه النتيجة أن الطريق الوحيد الموجود هو الانفصال الكامل لجميع المجموعات الإسلامية عن المجموعات الماركسية , و من وجهة نظر الشيعة فإن قطع العلاقات مع الشخص الذي ليس لديه أي اعتقاد بالله و الميعاد هو أمر ضروري .
و من وجهة النظر السياسية يعتبر تسللهم بين صفوف المسلمين خطيرا .
الضربات التي تلقيناها منهم بعد الثورة كانت نتيجة توهم بعض الأشخاص الذين كانوا يعتقدوا أنه يجب الحفاظ علي الوحدة معهم من اجل تحقيق الثورة .
شهادة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس عن مجاهدي خلق :
منظمة مجاهدي خلق جزء من المعارضة الإيرانية التي أدرجتها وزارة الخارجية الامريكية عام 1997 كمنظمة إرهابية خارجية .
مجاهدي خلق التي ما زالت توسم بالإرهاب حتي الآن , تستخدم أسماء أخري مثل ” جيش التحرير الوطني ” (الجناح السياسي للمجاهدين ) , و ” مجاهدين خلق إيران ” , و ” المجلس الوطني المقاوم ” , و ” المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ” , و ” الجمعية الطلابية الإيرانية ” , ذلك من اجل جلب الدعم المادي . كما صنف الاتحاد الأوروبي في شهر أيار عام 2002 الجناح العسكري لمجاهدي خلق كمنظمة إرهابية .
تأسست مجاهدي خلق في الستينات من القرن الماضي , و ايديولو جيتها عبارة مزيج من الإسلام و الماركسية , و في عقد السبعينات كانت مشغولة بالإرهاب ضد المصالح الأمريكية , و في البداية دعموا الثورة الإيرانية عام 1979 .
و في يونيو عام 1981 قاموا بتمرد غير ناجح علي النظام الإسلامي , و سجن العديد من أعضاء هذه المنظمة , و هرب البقية إلي خارج البلاد .
كتب ” يرواند ابراهاميان ” في عام 1989 في كتابه ( الإسلام المتشدد : مجاهدي ايران ) : ” كانت منظمة مجاهدي خلق عام 1981 حركة شعبية , و في عام 1987 تحولت إلي منظمة لها كل خصائص الفرقة بمعني الكلمة ” . فرئيس منظمة مجاهدي خلق ” مسعود رجوي ” أصبح يسمي بالقائد و إمام الزمان .
هاجمت منظمة مجاهدي خلق قادة النظام الإيراني من منفاها في العراق , و أدي انفجار عام 1981 إلي مقتل ” محمد علي رجايي ” رئيس الجمهورية , و ” محمد جواد باهنر ” رئيس الوزراء .
في عام 1992 هاجمت هذه المجموعة 13 سفارة إيرانية , و كانت السبب في هجمات بالقذائف و السعي وراء اغتيالات في إيران .
رئيس جمهورية العراق المخلوع ” صدام حسين ” أعطي اللجوء لمجاهدي خلق في العراق , و ساعدت مجاهدي خلق بدورها صدام حسين في قمع تمرد الشيعة في جنوب العراق و الأكراد في الشمال لذلك ليس لديهم أي قبول أو مصداقية في العراق الآن .
و حارب مجاهدي خلق القوات الإيرانية في حرب العراق و إيران , و هذا الأمر أدي إلي عدم احترام و قبول مجاهدي خلق بين الشعب الإيراني , و في شهر مايو 2003 بعد عمليات تحرير العراق وافق مجاهدو خلق علي تسليم أسلحتهم إلي القوات الأمريكية , و مع مرور الوقت انحصر و جودهم في مكان واحد ( معسكر اشرف ) .
كما وضع أعضاء مجاهدي خلق تحت حماية معاهدة جنيف في يوليو عام 2004 , و أعطت حكومة إيران مرارا العفو لمسؤولي و جنود المنظمة حتي يعودوا إلي إيران , و لكن لم يشمل العفو قادة المنظمة .
و تعلن أحيانا حكومة إيران عن خبر عودة مجموعات من أعضاء سابقين من المجاهدين إلي إيران , و لكن كيفية التعامل معهم غير واضحة .
بعض النقاد السياسيين ( الخبراء ) في الولايات المتحدة الأمريكية طالبوا بحذف مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب , و الاستفادة منها بعنوان حركة مقاومة مسلحة ضد إيران , كما اقترح البعض أيضا أن يتم تعليم عناصر مجاهدي خلق كحركة استطلاعية معلوماتية حتي تستطيع المشاركة كحركة إصلاحية في إيران .
و احتمال كون أعضاء مجاهدي خلق مورد ثقة بعيد جدا , لأن بعض المصلحين حاربوا عناصر مجاهدي خلق في الحرب و أسس البقية مؤسسات أمنية , و أكثرهم الآن جزء من النظام السياسي .
منافقي خلق ذات الباع الأطول و صاحبة الجذور الأقوي في الإرهاب :
قامت جامعة ” مريلاند ” الأمريكية بتجميع اكبر قاعدة بيانات للعمليات الإرهابية GTD. هذه القاعدة تشتمل علي معلومات كاملة عن 98 عملية إرهابية في كافة نقاط العالم منذ عام 1970 حتي 2010 . هذه القاعدة الموسعة تقدم معلومات دقيقة لكل عملية ، مثل تاريخ العملية ، مكان التنفيذ ، السلاح المستخدم , بالإضافة إلي عدد القتلي و المصابين , و اسم الجماعة أو الشخص المسؤول عن العملية . القاعدة تتضمن معلومات عن 43 ألف عملية تفخيخ ، 14 ألف عملية اغتيال , و 4700 عملية اختطاف منذ عام 1970.
هذه المعلومات تم جمعها من خلال 3 ملايين و 500 إلف مادة خبرية , و 25 ألف مصدر إخباري منذ عام 1998 حتي عام 2010.
فيما يخص منظمة مجاهدي خلق ، هذه القاعدة سجلت 49 عملية إرهابية لهذه الجماعة منذ عام 1970 حتي عام 1990 , نفذ 42 منها في المدن الإيرانية، 3 في بيروت ، عملية واحدة في كل من ” مدريد ” ، ” أوسلو ” ، ” واشنطن ” و ” هامبورغ ” .
26 من العمليات الإرهابية لهذه الجماعة التي نفذت بين أعوام 1970 حتي 1990 تعود إلي قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران , و 23 عملية بعد انتصار الثورة .
بين أعوام 1991 حتي 2001 ، 62 عملية إرهابية ، 55 منها في المدن الإيرانية ، 5 في العراق , و عملية واحدة في كل من ” الولايات المتحدة ” و ” ألمانيا “.
عملية اغتيال الشهيد ” كبكانيان ” :
اعترافات محمد رسول بيات أحد منفذي عملية اغتيال الشهيد ” صفوي ” و الشهيد ” كبكانيان ” :
(( … القائد ” مهدي ” كان مسلح بمسدس وقنبلتين يدويتين و سم السيانور . ” فرهاد ” كان مسلح بـ جي 3 و مسدس و قنبلتين يدويتين , و أنا أمسكت السلاح لأول مرة , و كان معي كلاشينكوف و مسدس و قنبلتين يدويتين , و استطلعنا المنطقة لساعتين و نصف , ثم اتصلنا بالمقر , و عند ما عاد القائد ” مهدي ” من الاتصال قال لنا : ” أخبرونا عن طريق الهاتف انه يجب ألا ترجعوا إذا لم تقوموا بعملية الاغتيال . و مرة أخري قمنا بجولة استطلاعية في أطراف شارع ” دكتر فاطمي ” , حينها رأي القائد ” مهدي ” شخصان يشبهان قوات التعبئة , يعني كانا يرتديان بنطالين عسكريين و قميصين لونهما اخضر كما كانا ملتحيين , فقال : ” يجب أن نغتال هذين الشخصين ” . ثم قمنا بملاحقتهما إلي شارع فرعي يصل إلي ساحة “غلها ” الذي يصل إلي ساحة ” ولي عصر ” . نزل هذان الشخصان من الدراجة النارية , و قرعا جرس الباب , و بينما صاحب البيت مشغولا بالتكلم معهم من نافذة المنزل في الأعلي عندها توقفت سيارتنا , و أمرنا مهدي بإطلاق النار عليهما … )) .
اعترافاته :
“… قبل أن نطلع إلي جولة الاستطلاع ، قدم رضا بعض التوضيحات حول الجولة , و قال أنتم مخيرون باغتيال أي شخص تظنوا بتدينه و انتمائه للنظام…”
المرحوم ” عسكر أولادي ” و منظمة مجاهدي خلق.. و حادثة اغتياله :
كان المرحوم ” حبيب الله عسكر أولادي ” من المناضلين الذين كافحوا في فترة مليئة بالأزمات , من زمن نشاط الفدائيين الإسلاميين بقيادة الشهيد ” نواب صفوي ” , حتي فترة تأسيس حزب مجلس الائتلاف الإسلامي بأمر من الإمام الخميني ( ر ه ) و تحت رعاية و إشراف رجال الدين .
و بعد اغتيال رئيس الوزراء ” حسن علي منصور ” علي يد حزب مجلس الائتلاف الإسلامي تم اعتقال ” حبيب الله عسكر أولادي ” و عدد من أعضاء الحزب علي يد ” السافاك ” و صدر بحقه حكم السجن المؤبد . إن قضاءه لسنوات طويلة من عمره في سجون نظام الشاه , و تعامله مع مجموعات و تيارات مختلفة ساعده علي اكتساب المعرفة , حيث كان موسوعة من المعلومات عن الجماعات التي كانت في البلاد في تلك الفترة , و في تلك الأثناء تعرف علي أعضاء من منظمة مجاهدي خلق ( منافقي خلق ) في السجون , و المعرفة التي حصل عليها و حتي توعية الكثير من القوي الثورية كان مثيرا للإعجاب .
و بعد تقديمنا لأحر التعازي لأسر شهداء الإرهاب و ضحاياه , و في ذكري رحيل هذا المناضل الثوري و رفيق الإمام و القائد , نستعرض لكم بعضا من ذكريات المرحوم ” عسكر أولادي ” عن فترة النضال و السجن في سجون نظام الشاه و تعامله مع المنافقين :
عندما كنا في سجن مشهد وصل أحد قادة منظمة مجاهدي خلق بصحبة أحد خبراء الشؤون الإسلامية الذي كان أهل ثقة إلي النجف حيث كان الإمام .عرف خبير الشؤون الإسلامية القائد علي الإمام وطلب من الإمام أن يستمع إلي كلام هذا القائد . قال هذا القائد : ” الكل في إيران يؤيدوننا , و كذلك أيدنا الكثير من العلماء و المراجع مثل السيد ” شريعت مداري ” , و إن أيدتنا أنت أيضا يكون الأمر منتهيا ” . أجابه الإمام : ” يجب أن تشكرني كثيرا لأني لا انتقدك , و يجب أن انتقدك و لكن لا انتقدك لأن عددا كبيرا من شبابنا انخدعوا بكم , يجب أن نقوم بعمل ما حتي ننقذهم من خداعكم ” . كذلك في أحد الأيام أحضروا رجلا كبيرا في السن إلي سجن مشهد , كان يشرف بشكل غير قانوني علي حملة لتهريب عدد من المتدينين إلي العتبات المقدسة في العراق , و في طريق عودته تم اعتقاله . أحضروه إلي قسمنا _ يعني السجن السياسي _ بذريعة أنه أراد العمل في الزنزانات السياسية في الطابق الثاني و الثالث . عرفت زمرة منافقي خلق بإحضار شخص جديد إلي السجن , فذهبوا للتحدث إليه , و عندما عرفوا أن تهمته الدخول بشكل غير قانوني إلي العراق أرادوا أن يحصلوا منه علي بعض المعلومات , و لكنه لم يقل لهم شيئا , و جاء إلينا و أخذ يسرد ذكرياته عن السفر إلي العراق . و قال عن أحد ذكرياته : ” في بعض أسفاري إلي العراق , ذهبت مع بعض المسافرين عند الإمام كي يدفعوا خمسهم , و رأيت أن معلومات الإمام الخميني أفضل بكثير من معلومات العلماء الإيرانيين أنفسهم اللذين كانوا في إيران ” . و أكمل قائلا : ” هذه كانت المرة الأخيرة لذهابي إلي العراق , و في طريق عودتي اعتقلت مع أحد محبي الإمام الذي أراد دفع الخمس إلي الإمام . هذا الرجل طلب من الإمام الإذن لمساعدة المسجونين , و سأل : ” هل تسمح أن نساعد أعضاء مجاهدي خلق المسجونين من حصة الإمام المعصوم ؟ ” , فأجاب الإمام : ” لا ” . ثم تابع الرجل : ” هل تسمح بمساعدة أهاليهم ؟ ” فأجاب الإمام : ” لا ” . و مجددا سأل : ” هل تسمح أن أسدد ديونهم , أو أن اقضي حوائجهم الضرورية ؟ ” , فقال الإمام: ” لا ” . ثم سأل هذا الرجل للإمام مجددا : ” إذا كيف قلت أنه يجوز مساعدة السجناء السياسيين من سهم الإمام ؟ ” . فقال الإمام : ” أنا أعطيت تلك الفتوي للمسجونين المسلمين الذين سجنوا للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و أنت الآن تتحدث عن مجاهدي خلق الذين لا يعرفون ما هو المعروف و المنكر ناهيك عن أن يأمروا بالمعروف و ينهوا عن المنكر ” .
حول المنافقين و ميليشيات فدائيي خلق يجب القول إنهما بالظاهر منظمتان منفصلتان عن بعضهم البعض , و لكن خلف الكواليس يعملان مثل جزأين لمنظمة واحدة , و حتي خارج السجن يتعاونان مع بعضهما البعض . لم يفهم السياسيون خارج السجن هذه الحقيقة , أما نحن في السجن كنا نعرف و نعتبرهم يعملون بعنوان الجزء الأيمن و الأيسر , و لكن في الحقيقة كانوا قسما واحدا . و رغم ذلك و لكي يكونوا مؤثرين , و يقطعوا دوابر تلك العقيدة كانوا ينتهجون أشد الأساليب في تعاملهم تجاه بعضهم البعض . في الواقع أرادا أن يكونا مثل شفرتي السيف حيث يقضيان علي كل تنظيم موجود حتي يكونان علي رأس التيارات السياسية , و يتمكنان من إنشاء نظام مقبول من قبل الأمريكيين في إيران .
و في صباح أحد الأيام كنت مشغولا بممارسة التمارين الرياضية إذ جاء ” آية الله واعظ طبسي ” إلي الساحة بحالة سيئة , و هو عادة لا يخرج إلي الساحة في الهواء البارد , و لكن ذلك اليوم كانت العصا تهتز في يده من شدة انزعاجه. ذهبت باتجاهه و سألته : ” هل أنت متضايق” , فقال : ” نعم ” . قلت : ” لماذا ؟ هل أستطيع القيام بعمل ما ؟ ” , قال : ” لا ” . و سكت قليلا ثم قال : ” حصل ما كنت تتوقعه . فقد أعلن البارحة مجاهدو خلق بدءا من اليوم أنهم لن يصوموا , و في الليلة السابقة لم يصلوا ” .
بعد الثورة كان المرحوم ” عسگر أولادي ” دائما من رواد نشر الثورة و خدمة الناس . في العشرين من يوليو 1981 كان مدافعا عن انتخابات رئاسة الجمهورية , و بعد شهر من دخول منافقي خلق إلي المرحلة المسلحة حاول هؤلاء الإرهابيون اغتياله , و لكن من حسن الحظ فشلوا بذلك و أصيب فقط ونقل إلي المستشفي .
عمليات الاغتيال في إقليم ” كركان ” :
بعدما أعلنت منظمة مجاهدي خلق العصيان المسلحة في كافة أرجاء البلاد , و من ضمنها گرگان , بدأت بإغتيال شخصيات هامة . ففي 19 أيلول عام 1981 أغتيل المرحوم ” أية الله طاهري ” لذلك ظننا أنها فرصة مناسبة للحوار مع ” غلام رضا خار كوهي ” , المؤرخ و المدير المسؤول في مجلة ” الثورة ” الأسبوعية حول هذه الاغتيالات في المحافظة .
كتب ” خاركوهي ” عدة كتب حول مسائل الثورة الإسلامية , و من ضمنها : ” محافظة كلستان نقلا برواية وثائق الثورة ” ، ” حماسة 26 نوفمبر” ، ” محافظة كلستان في نهضة الإمام الخميني ” ، ” مذكرات آية الله طاهري و آية الله نور مفيدي ” .
قال غلام رضا خاركوهي في تفاصيل اغتيال المرحوم طاهري : ” عندما بدأ المنافقون ( مجاهدي خلق ) الحرب المسلحة رأوا أن هناك شخصيتين هامتين يجب اغتيالهما في الدرجة الأولي ، أحدهما كان المرحوم ” آية الله طاهري ” , و الآخر ” آية الله نور مفيدي ” .
و اغتيل السيد ” نور مفيدي ” في 11 أغسطس 1981 , في ساحة ” ولي العصر ” ( كاخ ) بعد مرور 50 يوما من إعلان الحرب المسلحة ، كما استشهد اثنان من مرافقيه و أصيب آخر و أصبح معاقا , و استشهد في السنوات الأخيرة علي اثر تلك الإصابة .
وبعد مضي 40 يوما علي اغتيال السيد ” نور مفيدي ” , و في 19 أيلول 1981 , اغتيل أيضا ” آية الله طاهري ” في الجهة اليمني من ساحة “مازندران ” و هو عائد من مسجد ” آذربايجاني ” .
و كانوا يراقبون كل تصرفاتهم وتحركاتهم حيث قال السيد طاهري : ” جاءت إلي امرأة قبل الحادثة و سألتني عن موضوع و كأنها أرادت معرفة بعض المعلومات لتوصلها إلي مسؤولي الاغتيال.
كان برفقة السيد ” طاهري ” أحد طلابه , و اسمه ” سيد كريم شهيد حسيني ” , و ” سيد كريم ” هذا بنفسه أضاف كلمة ” الشهيد ” لكنيته , في ذلك اليوم كان السيد ” كريم ” عائدا من المسجد برفقة السيد ” طاهري ” , فأصيب بعيار ناري و استشهد , كما أصيب الشهيد ” طاهري ” بعدة رصاصات و أصابت إحداها فكه . و في تلك اللحظة التي وقع فيها الشهيد ” طاهري ” علي الأرض أتي أحد الإرهابيين لفوق رأسه و أراد إطلاق النار عليه , و لكنه عندما رأي أن السيد طاهري لم يواتي بأية حركة تصور الإرهابي انه استشهد . و قال السيد طاهري بهذا الخصوص : ” عندما أتي ذلك الإرهابي و وقف فوق راسي , شعرت به و لكنني لم أبدي أية ردة فعل , و من ثم أتي الناس و أوصلونا إلي المستشفي ” . بعد مدة استرد عافيته ولكن بقي معاقا بنسبة 35 في المئة .
قال هذا المؤرخ المعاصر حول هدف هذه الاغتيالات : ” كان هدف منظمة المنافقين ( مجاهدي خلق ) توجيه ضربة للثورة , و خلق الرعب و الخوف , و رسم نظرة خاطئة بين الناس عن نظام الجمهورية الإسلامية , و بناء علي اعترافات أحد أعضاء ” المنافقين ” كان لديهم هدف آخر , و هو خلق صراع بين مؤيدي ” آية الله طاهري ” من جهة , و مؤيدي ” آية الله نور مفيدي ” من جهة أخري ” .
أعطي ” خاركوهي ” إحصائية حول الاغتيالات في كافة أرجاء البلاد , حيث قال :” استشهد في كل البلاد حوالي 17 ألف شخصا علي يد المجموعات الإرهابية , و من بين هؤلاء الـ 17 ألف شخص اغتيل 12 ألف شخصا علي يد ميليشيات المنافقين , و في كركان 15 شخصا استشهدوا علي يد هذه المجموعات . و فشلت بعض اغتيالات الأشخاص و أدت فقط إلي إصابتهم بجروح . عدد من الأشخاص الذين اغتيلوا كانوا سياسيين و مثقفين , و بعضهم الآخر كانوا من عامة الناس .
مؤلف كتاب ” مذكرات المرحوم آية الله ” تحدث عن تفاصيل اغتيالات منظمة مجاهدي خلق وقال : ” كان لمنظمة المنافقين ( مجاهدي خلق ) 3 أنواع من الاغتيالات : أحدها اغتيال الأشخاص من الدرجة الأولي , و نوع آخر هو اغتيال النشطاء السياسيين المخالفين للمنافقين , و نوع ثالث هو اغتيال أعمي حيث يتم اغتيال عوام الناس لا علي التعيين .
المدير المسؤول لمجلة انقلاب الأسبوعية شرح انواع اخري من الاغتيالات التي تمت في كركان : ” احد الأشخاص الآخرين الذين اغتيلوا في كركان السيد ” حسن سيد رضايي ” , الذي اغتيل في 8 ايلول 1981 , او مثلا ” يوسف علي ستوده ” مع اخيه في 19 ديسمبر 1984 , عندما اصيب “يوسف ” اراد اخوه اظهار ردة فعل فاصيب ايضا برصاصة اردته شهيدا , و شخص اخر اغتيل ايضا في نفس العام 1981 , و ” السيد احمد مير حيدري ” مسؤول مخابرات الحرس الثوري في كركان حيث اغتيل في نفس الحرس في 17 اغسطس . ” قنبر علي عرب حسنخاني ” الذي كان مسؤولا عن نشر مؤلفات الشهيد مطهري تعرض هو أيضا علي يد المنافقين لمحاولة اغتيال , و لكن هذا الاغتيال فشل و جرح ” قنبر علي ” فقط , و بعد فترة من الزمن اعتقل الشخص المتهم بهذا الاعتداء , و عندما اظهر ندمه عفي عنه السيد ” حسنخاني ” , و من الجدير بالذكر أن من الأشخاص الذين تعرضوا للاغتيال كان ” محمد سيد نجاد ” , طفل عمره 10 سنوات , حيث استشهد في تاريخ 31 يوليو 1981 عند انفجار قنبلة يدوية , و اعتبر اصغر شهيد في محافظة ” جلستان ” .
” بتول نوعي باهوش ” و ” مهناز صحرا نورد كانتا ” خالة و ابنة اختها , كانتا ذاهبتان لشراء عدة و لوازم عروس , و استشهدتا في زقاق ” نعل بندان ” . هاتين السيدتين أيضا كانتا من نساء كركان الواتي كن ضحية الاغتيال و الإرهاب .
عملية تفجير قنبلة في صلاة الجمعة في طهران :
استشهد في حادثه صلاة الجمعة بطهران 14 شخص و جرح 88 شخصا . في ذلك الوقت كان القائد المعظم ” آيه الله الخامنئي ” رئيسا للجمهورية , و امام جمعه طهران وكان يلقي خطبة الصلاة .
و بعد انفجار القنبلة استمر بكل ارادة وحزم بخطبته مما سبب رفع الروح المعنوية وتقوية عزيمة المصلين و عوائل الشهداء في مجابهة الولايات المتحدة الأمريكية و أعوانها .
في تلك الفتره حذر النظام البعثي الناس من الذهاب الي صلاة الجمعة وهدد بقصف صلاة الجمعة بالصواريخ , و في نفس الوقت لم يجلس المنافقون ( مجاهدي خلق ) متفرجين , و بالمخطط الذي تم تنسيقه من قبل و بالتعاون مع النظام العرااقي استشهد 14 شخص و جرح 88 آخرين في 15 آذار 1985 .
كتبت صحيفة ” كيهان ” في 16 آذار 1985 : ” علي اثر انفجار قنبلة في صلاة جمعة طهران في الساعة 12 و 29 دقيقة يوم امس استشهد وجرح عدد من المصلين ” .
و في وقت سابق اعتبر النظام العراقي السابق ان الصواريخ التي اصابت ” كركوك ” و ” بغداد ” علي اثر القصف الإيراني ما هي إلا قنابل , و قرر في ذات الوقت ان يدعي ان القنبلة التي انفجرت في المصلي هي ليست قنبلة بل قصف جوي ! نتيجة تحليق الطائرات الحربية العراقية في سماء طهران . و قرروا ان في وقت الانفجار ستحلق تلك الطائرات , و لكن لم تصل الطائرات عند انفجار القنبلة , بل تأخرت نصف ساعة و فشلت خطة البعثيين و مجاهدي خلق .
في هذه الحادثة استشهد : ( ” سيد محمد شاه مرادي” , ” سيد مجيد محمدي” , ” لطفي عرفاني” , ” ابراهيم سياهي عروجي” , ” سيد مهدي رضوي نيا” , ” محمد حاجي هاشمي” , ” رجب علي تلكاني ” , ” برويز شعباني” , ” عباس رايكان” , ” زكريا فرجي بيكي” , ” مهدي ابراهيمي” , ” محمدغفاري” , ” حاج مجتبي توانكر دهقان” , ” علي احمد بور فيروز ابادي” , و ” محسن ظهيري .. ونقل الجرحي الي مستشفيات ” مصطفي خميني ” , ” فيروزكر” , ” سمية ” , ” سينا ” , ” امام خميني ” , و ” دكتر شريعتي” ) .
اضاف الحاج ” فضل الله فرخ” احد اعضاء لجنة صلاة الجمعة حول هذه الحادثهة : ” في ذلك الوقت كان صدام يهدد اسبوعيا بقصف صلاة جمعة طهران , و كلما اعلن هذا الخبر ازداد عدد المصلين , و حتي من المدن الآمنة كانوا يأتون لصلاة الجمعة في طهران , و من الملفت للانتباه انه عند حضور مصلين من المدن الاخري لم يكن هناك اي قصف , و كان عدد من المصلين قد لبسوا كفنا و جلسوا يرددون شعار نحن جاهزون , و الاسبوع الذي حصل فيه الانفجار كان من الاسابيع التي ادعي فيها صدام قائلا : ” سنقصف صلاة الجمعة ” , و نحن بالطبع كنا منتظرين و اعطينا احتمال 90 بالمئة ان يقصف لانه لم يكن عنده خوف من هذه الاشياء , وعدة مرات حلقت طائراته حول مصلي صلاة الجمعة و كانت الاسلحة المضادة للطيران في ميدان فلسطين و اطراف ميدان الثورة تراقب صلاة الجمعة و تحميها ” .
يوم الحادثة تحدث صدام بكل جدية عن قصف صلاه الجمعة حيث كنت جالسا وراء المنصة عندما سمعت صوت الانفجار ثم نهضت و رأيت اشياء تسقط الي الارض . في البداية فرحت لظني ان بقايا طائرات العدو تسقط , وعندما نظرت الي البقايا رأيت اجزاء من جسم انسان .
وعرفت فورا ان ما حصل هو نتيجه انفجار قنبلة بين المصلين , علي الرغم من تفتيشنا الدائم عند الابواب .
لم يكن باستطاعتهم ادخال اي شي الي داخل المصلي . فقط سجادة الصلاة كانت مسموحة , و تم السعي الي وضع القنبلة بالقرب من المنصة حيث يتواجد عدد من المسؤولين أو امام صلاة الجمعة , و بالصدفة كان امام الجمعة في ذلك الاسبوع ” آيه الله الخامنئي ” , و غالبا كان يأتي من الجبهة الي صلاة الجمعة .
لم يستطع حامل القنبلة تخطي نقطة التفتيش الثانية , وكانت الفاصلة عن المنصة كبيرة جدا , و فوضعت القنبلة في المساحة الخضراء , و من المثير للاهتمام عدم فرار اي شخص من المصلين في ذلك اليوم , و أشار الإمام الخميني الي هذه النقطة اكثر من مرة : ((… عندما كنت اشاهد التلفاز انتبهت انه مع حصول الانفجار لم يهرب احد , و كان الجميع جالسين و استمر امام الجمعة بقوة في خطبته و لم يتغير لحن صوته .. )) . و جلس الناس في اماكنهم و رددوا شعار ( الحسين شعارنا و الشهادة فخرنا ) , و بعد الانفجار قلت لعناصرنا اجلسوا في اماكنكم لا يتدخل احد , فقط بدا عدد محدود بجمع جثامين الشهداء و نقل الجرحي , و استمع الناس الي الخطبه و أقاموا الصلاة .
الدسائس الشيطانية الستة لمنظمة مجاهدين خلق ” المنافقون ” :
مدخل : الغايات الشيطانية :
عداء منافقي خلق للإسلام و للثورة الإسلامية هو أمر لا يخفي علي أحد ، فالأسس الفكرية لهؤلاء مبنية علي مجموعة ملغومة من العقائد المادية الماركسية المغلفة بغطاء اسلامي بالظاهر ، و من هنا لم يكن للمنافقين أن يقبلوا بالحكومة الإسلامية , فكانوا كما الحركات الأخري يسعون لإسقاط هذا النظام الإلهي ، و لكن بعد انتصار الثورة الإسلامية و لأسباب مختلفة لم يتمكن منافقوا خلق من الحديث عن عقائدهم بشكل علني , و لم يكن بإمكانهم أن يفعلوا ما فعلته بقية الحركات الأخري من محاربة للنظام بشكل مباشر .
المخاطر المبدئية المترتبة علي النفاق :
في تقييم عام لظروفهم و لأوضاع المجتمع بعد انتصار الثورة الإسلامية يكتب المنافقون :
« إن أصغر خطأ سياسي – استراتيجي في عملية تقييم القوي يمكن أن ينتهي بنتائج وخيمة » «إن عدم الإهتمام بالأراء و بالأفكار التي يحملها مؤيدو النظام و التي طرأ عليها تغيير كبير و مختلف عن الماضي سيكون سببا لخطأ فادح في الحسابات السياسية » , و أيضا في إجابتهم عن السؤال حول نقطة الضعف الأساسية الموجودة لديهم يقول منافقوا خلق : « للأسف لم نصل إلي الآن إلي الوضع الذهني اللازم لتحقيق النصر » , و « إن ضعف المنظمة و ضعف هيكلها أدي إلي تعقيد الأمور أكثر و أكثر » .
و هذا الكلام عن ضعف المنظمة تجلي في الجواب الذي قدمه المنافقون لبعض الأطراف التي طلبت منهم المشاركة بشكل أكثر فاعلية في أعمال التخريب في ” كردستان ” ، فكتب المنافقون :
« إذا ما نظرنا إلي تعقيدات هذه المسائل من جهة , و من جهة أخري إلي الضعف و النقص في كوادر و مسؤولي منظمة صغيرة فالنتيجة لن تكون إلا ما قد فعلناه ، عندما لا يكون لديك مسؤولون و كوادر من الدرجة الأولي بحيث يصبحوا مسؤولين محترفين لمنطقة ما ، و عندما يكون لديك عناصر و أفراد ضعيفي التجربة و يقدمون أداء سيئا في تعاملهم مع المسائل المعقدة المختلفة ، و عندما تكون التوقعات أكثر مما يمكن أن تقدمه ، فهنا لا يسعك أن تفعل شيئا » .
و بناء عليه , و كما يظهر من كلمات المنافقين السابقة نستنتج أن المنافقين في بداية الثورة كانوا عاجزين عن إعلان المواجهة مع النظام , و ذلك للأسباب التالية : الدعم الشعبي الهائل الذي يحظي به نظام الجمهورية الإسلامية ، و عدم وجود استعداد ذهني لديهم ، و افتقارهم للاستعداد و الجهوزية السياسية و النضج السياسي ، و افتقارهم للقادة و الكوادر و المؤيدين من أصحاب التجربة و الثقافة . إذا كل هذا دفعهم لتجنب مواجهة النظام و الاتجاه إلي تحسين ظروفهم و أوضاعهم علي مختف الأصعدة .
و هذه الحقائق اعترف بها قادة المنافقين فيما بعد ، فقالوا : « لقد تعمدنا أن نؤخر المواجهة المباشرة حتي نتمكن من تجميع القدر الأكبر الممكن من الاستعدادات الشعبية و الاجتماعية و السياسية و العسكرية « , لأن « النظام في الجمهورية الإسلامية كان قويا جدا ، فنحن إذا تجاهلنا المقياس العسكري ، و بحثنا بالمعايير و المقاييس الشعبية و السياسية و الإجتماعية فالحقيقة التي سنجدها هنا ستقول أن أكثر من تسعين بالمئة من الشعب كان راضيا في البداية عن وصول هذا النظام إلي الحكم » .
إن عملية تأخير مواجهة النظام , أو بالأصح عملية تأخير السقوط الحتمي للنفاق , و التي اعتبرها المنافقون مهارة و تكتيكا , كان هدفها الوصول إلي الحد الأكثر من التعبئة الإجتماعية و التنظيمية , لكن تنفيذ هذه الخطة أجبر المنافقين علي إخفاء وجههم الحقيقي و لأن يظهر بشكل آخر أمام الناس , لأنهم لو أعلنوا أفكارهم منذ البداية لكانوا جلبوا الدمار و البلاء لأنفسهم , و من هنا و بأسلوبهم الثقافي المستمر يقولون بأنهم ليس من واجبهم أن « يعلنوا بصراحة عن كلما لديهم من أفكار حول جميع المواضيع » , « ما يهمنا هو أن يكون كلامنا مؤثرا حتي لو اضطررنا لارتداء ثياب النساء » .
لقد كان منافقو خلق يعانون من نقاط ضعف كثيرة , و كل ما كانوا يتمنونه هو الخلاص منها ، و هنا يمكن أن نلخص نقاط الضعف هذه في البنود التالية :
1) افتقارهم إلي التأييد و الدعم من قبل الشعب الإيراني المسلم .
2) عدم امتلاكهم للكوادر المناسبة لتنفيذ أهداف المنافقين الإجرامية.
3) افتقارهم إلي الجهوزية العسكرية لمواجهة الجمهورية الإسلامية .
4)عدم وجود أي حليف لهم في الداخل الإيراني .
5)عدم وجود حليف خارجي .
6) الظروف العامة غير المناسبة للبدء في أعمالهم الإجرامية .
فوجد المنافقون أنفسهم ملزمين بأن يخطوا ستة خطوت , و بتعبير آخر أن يصنعوا تحولات في عدد من المجالات و الأبعاد لتصبح مساعدة و مناسبة لتنفيذ خططهم ، هذه الخطوات هي عبارة عن :
1- السعي لإيجاد شعبية و قبول بين أبناء الشعب .
2 – إنشاء تشكيلات مناسبة .
3- الوصول إلي الجهوزية العسكرية .
4- ايجاد حلفاء في الداخل أو تشكيل جبهة مناهضة للثورة .
5- التحالف مع الاستكبار العالمي .
6- تهيئة فضاء المجتمع لإشعال أعمال التخريب و الشغب .
و قد اعتقد المنافقون أنهم إذا ما وصلوا إلي هذه الأهداف فهذا يعني وصولهم إلي « الاستعداد الكامل » , و منه سيتمكننون من تحقيق هدفهم الخبيث في إسقاط نظام الجمهورية الاسلامية ، لكن التاريخ بين بوضح أن نصيبهم من كل سعيهم لم يكن الاستعداد الكامل و إنما كانت الفضيحة الكاملة .
اغتيال ” آية الله الشهيد بهشتي ” وكلمة السر ” الله اكبر ” ! :
” مهدي اصفهانيان ” الذي كان ينشط في زمرة مجاهدي خلق منذ عام 1969 , في لجنتها المركزية بدء يعارض ” مسعود رجوي ” و منهجه عقب التغييرات الايدو لوجية و التطورات التي اعقبت ذلك في المنظمة , ففي نهاية الامر انشق نهائيا عن المنظمة في عام 1988 .
بحسب تقرير صحيفة المشرق ان ” اصفهانيان ” الذي ساهم في تخطيط و تنفيذ الكثير من المخططات العدائية و الارهابية ضد نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية , و من ضمنها تفجير مكتب حزب الجمهورية الاسلامية , و عملية ” فروغ جاويدان ” أو ” النور الأبدي ” الفاشلة ، بعد ان استقر في اوروبا صار ينتقد استراتيجية الكفاح المسلح , و يقوم بتنوير رفاقه القدامي من خلال تأليف الكتب و كتابة المقالات و اجراء حوارات مختلفة .
ان حادث تفجير مكتب حزب الجمهورية الاسلامية الذي وقع في 27 يونيو من عام 1981 , كان من تخطيط و تنفيذ زمرة ” مسعود رجوي ” الارهابية الذي ادي الي مقتل 72 من مسؤولي نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية , و اصابة 28 اخرين , و يعتبر هذا الحادث من اهم الاحداث التي وقعت في مطلع العقد الاول من انتصار الجمهورية الاسلامية .
كان هذا الحزب من اهم التنظيمات الاسلامية التي تكونت بعد انتصار الجمهورية الاسلامية , اذ كانت الخلية الاولي التي اسست هذا الحزب هم السيد الدكتور ” محمد حسين حسيني بهشتي ” ، و اية الله ” سيد علي الخامنئي ” ، و اية الله ” سيد عبد الكريم الموسوي الاردبيلي ” ، و ” اكبر هاشمي رفسنجاني ” , و الشهيد ” محمد جواد باهنر ” .
في مقابلة لـ ” شاهسفندي ” في خصوص تطورات ما بعد مايو 1981 , تحدث عن خبايا و اسرار حول تفجير مكتب حزب الجمهورية الاسلامية , و استشهاد امين عامه , و جمع من الاعضاء الرئيسيين رغم ان رفاق الثورة تحدثوا مرارا و تكرارا حول هذا الموضوع لكن قد يكون حديث احد العناصر الرئيسية في عملية التفجير المؤلمة هذه ، جديرا بالقراءة :
الانتقام من رفاق الثورة :
النموذج الابرز الذي يمكن وصفه بتلك الشخصية الذي سعت منظمة مجاهدي خلق اثناء تلك المرحلة بما تسمي السياسية , عرضته كوجه مرعب و غير مرغوب فيه هو ” اية الله بهشتي ” في حين نقرأ بعد ذلك في مذكرات أولئك الذين ما كانت المنظمة تشتبك معهم , و كانوا بالمناسبة ذوي دور هام و فاعل , نقرأ بان اثناء مقابلات ” رجوي ” و ” خياباني ” مع اية الله ” بهشتي ” في اجتماعات هيئة الثورة , طلب منه ايت الله ” بهشتي ” اثناء توليه منصب رئاسة المحكمة العليا , ان يسمح بالقاء القبض عليهم اثناء خروجهم من هيئة الثورة , و ان يقتلعوا رأس الفتنة لكنه كان دائما يعارض ذلك . . . . ” . النموذج الثاني هو اية الله ” مهدوي كني ” و انه سواء اثناء مرحلة قبيل 19 يونيو 1981 او ما بعد ذلك فقد كانت له معاملة لينة معهم . . . . كما يمكن لنا ذكر مساعي السيد رجائي لمنع اعدام سعادتي .
. . . قلنا بان المعركة المسلحة مع السلطة تطول ما بين ثلاث الي ستة اشهر . التطورات سريعة و متتالية الي درجة بحيث مكنتنا من اعداد موجز للقضايا و تجميعها . و حتي أولئك الذين كان في داخلهم الشك و الترديد تجاه خط الكفاح المسلح , كان الحماس و الشباب و ايضا الحقد ازاء ” اعدام اعضاء المنظمة ” كان بقدر كبير بحيث عندما كانوا يشاهدون تلك المشاهد كانت الموجة تجرفهم ، و اما كانت حينها لتجرفهم الموجة لتذهب بهم الي البعيد , او كانوا تذهبون معها الي مسافة بعيدة .
كانت الاجواء العامة في تلك الايام لمنظمة مجاهدي خلق بهذا الشكل , من الاسفل الي الاعلا و حتي مستويات القيادة و الزعامة . . . لكن في تلك الايام و الشهور من قبلها , ما كان في الامكان تنظيم تجمهرات تنظيمية كبري . كما أنه و لم يكن ممكنا عقد الاجتماعات أيضا علي مستوي الخلية المركزية و المكتب السياسي و الكوادر و المسؤولين . و كان كل من الاعضاء الرئيسيين الخمسة في المكتب السياسي , أي ” مسعود رجوي ” , ” موسي خياباني ” ، ” علي زركش ” ، ” مهدي ابريشمجي” , و ” عباس داوري ” كان يتواجد في مكان . و مع تلك التطورات التي كانت تحصل بسرعة ايضا ما كانت هناك امكانية التواصل من خلال الهاتف بين هؤلاء الاعضاء في المكتب السياسي . حيث كانت هناك مخاوف من مراقبة خطوط الهواتف , و لذلك كانت الاتصالات تتم من خلال المراسيل , و لهذه الأسباب فقد كان كل ركن من أركان المنظمة يغني و حيدا علي ليلاه و يطير في السرب علي هواه .
باعتقادي ان مخطط تفجير ال ” 27 من يونيو ” , و التفجيرات الاخري يمكن تحليلها باعتبارها ” عمل انتقامي اعمي ” يفتقر الي استراتيجية مدونة و محددة المعالم .! .
كتب ” هاشمي رفسنجاني ” في الصفحة 536 و 537 من مذكراته حول حادث تفجير 27 يونيو تحت عنوان ” العبور من الازمة ” , قائلا : ” ان اعداء الثورة رغم كل الامكانيات التي كانت تحت تصرفهم اصيبوا بنوع من الضياع وفقدان البرمجة و ان الله جعلهم مربكين حيث فشلوا من استثمار الفاجعة . . . . و بدل التحرك ضمن سياق البرمجة و باستراتيجية , اصيبوا بانفعال و حركات منفعلة … . . هم كانوا يملكون في مكتب رئاسة الوزراء , و في بيت الامام , و في محكمة الثورة , ورفي مبني العدلية , و مجلس الشوري الاسلامي , و امكنة اخري الكثير من العناصر المتنفذة ,و كانت لديهم عناصر انتحارية علي اهبة الاستعداد . . . . . و نظرا الي النقاط التي ذكرناها , اذ لو كانت لهم خطة واضحة لكان بامكانهم من خلال العمليات الاجرامية المتواصلة عرقلة الامور و عرقلة التعادل لدي المسؤولين . فما تبقي من الأركان الناجية اجتمعوا في نفس اليوم في مكتب رئاسة الوزراء ، اي جنبا الي جنب مع ” مسعود كشميري ” عنصر المنظمة المتنفذ في مكتب رئاسة الوزراء . و لو كانوا علي خطة واضحة و جاهزة لاستطاعوا وقتها بتنفيذ تفجير اخر ان يكملوا فاجعة تفجير مكتب حزب الجمهورية الاسلامية , و الاكثر فاجعة من ذلك بيت الامام . . . لكنهم لم يقوموا بذلك ليس لانهم لم يكونوا يريدون ذلك او كانت لهم حسابات آخري , بل كان ذلك لانهم كانوا يفتقرون حينها الي اي محاسبات دقيقة و برامج صحيحة . . . . . ” .
اختراق مراكز النظام الحساسة :
بعد 19 يونيو و بدء الإعدامات في سجن ايفين عكفت منظمة مجاهدي خلق علي القيام بعمليات عسكرية عن طريق عناصرها المتنفذة . يجدر ان اقول هنا بان من كانت له الخبرة القليلة بالقنابل و السلاح و الرمانات و القنابل اليدوية ، كانت الصورة لديهم شاقة و صعبة . و من وجهة نظرهم كان الجانب التكتيكي و الفني اكثر غموضا من سائر الجوانب . في حين ان الجانب الفني و التكتيكي هو الجزء الابسط من العمل , بينما الجانب المعلوماتي و امتلاك المعلومات و العناصر النفوذية و المضحية هو اهم الجوانب من العمل . . . . . احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 هو خير نموذج لذلك حيث خاطفي الطائرات قاموا بعمليتهم باستخدام السكاكين و الشفرات , فهنا نجد أنه في حقيقة الامر ما تحدثنا عنه من أمر التنظيم و التنسيق يمكنه خلق قوة تحول الغير ممكن ممكنا .
. . و اما بالنسبة الي الحادث السابق ( حادث تفجير حزب الجمهورية ) كان علي النحو التالي : اعتمادا علي شخص باسم ” محمد رضا كلاهي ” من اهالي طهران , و طالب سنة اولي في فرع الكهرباء في جامعة العلوم و الصناعة , كان من انصار منظمة مجاهدي خلق , و بعد ذلك و وفق توصيات المنظمة غير من مواقفه و اصبح من انصار حزب الجمهورية الاسلامية . فبدء نشاطه في المرحلة الاولي كحارس في لجنة الثورة الاسلامية الواقعة في ساحة ” ولي عصر ” في شارع ” باستور ” , و من ثم دخل الي تنظيمات المكتب المركزي لحزب الجمهورية الاسلامية .
نظرا الي تخصصه الفني من جهة , و التنظيم و الدقة التي كان يتمتع بها ، سرعان ما اصبح محطا للانظار , و صار مسؤولا عن اقامة الاجتماعات و المؤتمرات في الحزب . بالاضافة الي مسؤوليته عن امن الصالة . و كان ينقل اخبار الحزب الداخلية من جملتها معلومات عن موعد عقد الاجتماعات الدورية للجنة المركزية و غيرها من برامج ديوان الحزب الي المنظمة .
عملية الاحد الدامية :
كانت واحدة من الجلسات عقدت في مساء يوم الاحد 27 يونيو . و كان الموضوع الرئيسي للنقاش كيفية مكافحة و احتواء الغلاء , لكن تغير محور النقاش اثر ازاحة بني صدر و تقرر ان تتم مناقشة مرحلة ما بعد بني صدر . و طبعا السيد ” بهشتي ” و باعتباره الشخصية الاولي في حزب الجمهورية الاسلامية الايرانية كان اول المتحدثين .
باتت قيادة المنظمة تعمل علي تدبير عملية تفجير . تم توجيه كلاهي بواسطة مسؤوله في قسم المعلومات في المنظمة , و نوره عملياتيا , و عقد معه عدة اجتماعات توجيهية . نظرا الي سهولة تنقله في الاجتماعات المهمة قرر له ان يقوم بوضع قنبلتين قويتين احداها في السلة بجانب المنصة و الثانية الي جانب العمود الرئيسي في الصالة .
” كولاهي ” هو من كان يتولي اخبار الشخصيات بمواعيد الاجتماعات و كان سعيه ان يدعوا عددا كبيرا من الاشخاص لحضور هذا الاجتماع . و قد كان متواجدا في الصالة لحد اللحظات الاخيرة , و الهدف كان اقتياد أكبر عدد ممكن الي الصالة من جهة و ايضا الاشراف علي المرحلة الاخيرة من المخطط ( تفجير الحزب ) من جهة أخري , طبعا كان عدد من عناصر المنظمة من قريب و من بعيد يراقبون الوضع بشكل مخفي للتأكد من تمكنه من القيام بالعملية لوحده .
اغتيال ايت الله بكلمة سر ” الله اكبر ” :
و بعدها ظهر ” موسي خياباني ” من اجل التأكد من صمامات القنابل , و كان قد تفقد عدد كبير من الصمامات في داخل الحمام و بحسب ” رجوي ” كانت كلمة السر ” الله اكبر ” و موعد العملية كان راس الساعة التاسعة .
يوم قبل عملية التفجير , اي في 26 يونيو حدث تفجيرا في مسجد ” ابا ذر ” . كانت القنبلة موضوعة في جهاز التسجيل الصوتي حينما كان السيد ” الخامنئي ” يلقي بكلمته حدث التفجير و اسفر ذلك عن اصابته بجروح , خاصة من ناحية اليد اليمني . و قبيل ايام من هذا الحادث التفجيري كان المرحوم ” تشمران ” استشهد في جبهة الحرب , و تلك الايام كانت متزامنة مع يوم تأبينه السابع .
كانت هذه هي المعايير التي طرحت في المنظمة كعوامل مانعة :
مخاوف المنافقين من تحركات جماعة فرقان :
كان تفجير مسجد ” ابا ذر ” من صنع جماعة فرقان و التي لم تكن تنسق مع المنظمة و كانت المنظمة قلقة من ان اجتماع القادة و الاعضاء في حزب الجمهورية الاسلامية لن يعقد بعد حادث 26 يونيو , لكن هذا الاجتماع تم حيث كانت التنسيقات و المقدمات مكتملة لعقده .
لكن في الاتصالات في داخل المنظمة تم طرح مزاعم ليست متطابقة مع الواقع . من جملتها ان مسعود رجوي كان قد أعلن عن استعداده بانه فيما اذا ووجهت الخطة بالفشل سيقوم حينها بعملية انتحارية و تفجير نفسه في القاعة . و قيل بعدها بأن ” علي زركش ” و ” موسي خياباني ” منعوه من ذلك !! . و انا بدوري اعلن من هنا ان هذه الامور بعيدة كل البعد عن شخصية ” مسعود رجوي ” رغم ان هذه الاقوال تتناقل و تطرح خارج البلاد .
مؤشرات الانتصار في العملية :
اتذكر في ليلة العملية كنت انا و زوجتي ” منصورة بيات ” ، و ” علي زركش ” ( الشخص الثاني في زمرة مجاهدي خلق الارهابية الذي تمت تصفيته داخل المنظمة بعد اعتداءات الزمرة علي حدود البلاد و احتلالها لمدينة اسلام اباد في عام 1987 ) ، و ” عليرضا معدنجي ” ، ” احمد شادبختي ” و زوجته ، و “محمد علي جابر زاده الانصاري ” ، و عدد اخر كنا متخفين في شقة واقعة في الطابق الرابع و الخامس من مبني كان يقع في بداية طريق ” عباس اباد ” السريع . كان ” زركش ” قد اخبر عدد منا قبلها بتنفيذ مثل هذه العملية , و كنا نحن نتنصت علي المراسلات اللاسلكية الصادرة من اللجان الثورية و حرس الثورة الاسلامية . فكان مقتل ( استشهاد ) اية الله ” بهشتي ” مؤشرا لنجاح العملية , و كان مقتله هو فقط مؤشرا لنجاحها .
وقع التفجير عند الساعة التاسعة مساء . و قبيل لحظات التفجير خرج من القاعة السادة ” رفسنجاني ” ، و ” بهزاد نبوي ” ، و ” عسكر اولادي ” لانشغالهم بأمور و أعمال . و كان “كولاهي ” موجودا في القاعة حتي اللحظات الاخيرة , و غادر القاعة قبيل التفجير . و بهذا النحو و علي هذا الشكل تم تنفيذ عملية تفجير 27 يونيو بواسطة متفجرات تمت مصادرتها من المعسكرات . و اظهرت عمليات التنصت علي الأجهزة اللاسلكية للحرس الثوري و اللجان الثورية بانهم كانوا يحاولون معرفة ما اذا كان السيد ” بهشتي ” في عداء القتلي ( الشهداء ) ام لا , و تبين فيما بعد . . . بان الهدف الرئيسي من التفجير ( تفجير مكتب حزب الجمهورية الاسلامية ) هو السيد ” بهشتي ” , و القنبلة كانت مخبئة تحت المنصة الذي القي بكلمته من خلفها . شدة التفجير و قدمة المبني اديا للتسبب في انهيار السقف و تساقط الحطام . و معظم الخسائر كانت جراء هذا التساقط .
بالضبط بعد يوم 27 يونيو , و وفق برنامج معد مسبقا , و وفق التنسيقات التي نسقت مع امين عام الحزب الديمقراطي الكردستاني ( عبد الرحمن قاسملو ) توجهت انا و ثلاثة اشخاص اخرين باعتبارنا المؤسسين لاذاعة مجاهد , الي مدينة ” مه اباد ” و محافظة ” كردستان ” بمرافقة عنصر ارسله الحزب معنا . بعد شهر او شهرين ارسلت المنظمة شخصا الي كردستان لحمايته , و لم تكن هوية هذا الشخص واضحة للجميع , لكنه لم يكن ذلك الشخص الا ” محمد رضا كولاهي” .
العيش تحت مضلة الخوف و التهرب :
كان ” كولاهي ” لفترة يعمل في قسم الاذاعة في محافظة ” كردستان ” . و ما كان له عمل مثمر و حقيقي هناك , اذ أن نقله الي ” كردستان ” كان من اجل ” المحافظة عليه ” , و بالطبع كان من ضمن عمله هناك مسح و اعداد اخبار مختلف الاذاعات أيضا . و من ثم قابلته بعد ذلك في بغداد مرارا . . . و اخر ما سمعته عنه انه هو ايضا تغير من الناحية العقائدية , و ابتعد عن المنظمة او همش , لكنه لا يستطيع العيش بحرية باعتباره متورطا في حادث 27 يونيو ( السابع من شهر تير ) , و يعيش الآن بشكل متخفي , فالمهمة التي اوكلت اليه من قبل المنظمة اكملت دائرة العنف التي غطت المجتمع لعقد من الزمان . . . .
و وفق بيان صادر عن منظمة مجاهدي خلق ( المنافقين ) أعلنت فيه أنها اغتالت ما يزيد عن 10 آلاف من عناصر حزب الجمهورية الإسلامية خلال ستة أشهر فقط .
نتائج العمالة و التبعية و الخيانة :
علي مدار سنوات تواجد ” مسعود رجوي ” في العراق , كان يتعاون بشكل كامل مع جهاز المخابرات العراقي . و بعد سقوط صدام حسين , و في خضم وقوع الكثير من المستندات السرية في أيدي أبناء الشعب , تم الحصول من بينها علي مقاطع فيديو حول لقاءات ” مسعود رجوي ” المتكررة مع مسؤولي الجهاز الأمني العراقي رفيعي المستوي . هذه المقاطع التي كان قد تم تسجيلها بشكل سري و بالخفاء علي يد جهاز الأمن العراقي بغية استخدامها في الوقت المناسب مستقبلا , و تم لاحقا عرض مقتطفات تلك المقاطع و بثها عبر شبكات التلفزة العالمية , كما تم أيضا نشر النصوص الكاملة لمفاوضات ” مسعود رجوي ” مع المسؤولين الأمنيين في نظام ” صدام حسين ” و أشخاص آخرين , تم نشرها في أوروبا علي شكل كتاب . ( يمكن تحميل المستندات الكاملة لهذه الاتصالات عن طريق الشبكة العنكبوتية للمعلومات ” انترنت ” و المعنونة حاليا تحت اسم ” گرگ ها ” أو ” الذئاب ” ) .
و علي طول سنين الحرب , كان مجاهدو خلق يقدمون للمسؤولين العراقيين أية معلومة كانوا يتمكنون من الحصول عليها حول الحالة العسكرية لإيران . و كانوا يقومن باغتيال أشخاص بسيجيين عاديين من عامة الشعب كالتجار الصغار و الحرفيين الذين كانوا يقاتلون علي الجبهة و من ثم كانوا قد اعتزلوا القتال و عادوا ليمارسون حياتهم الطبيعية في محلاتهم و دكاكينهم و أماكن كسبهم , فقد كان مجاهدو خلق يقومون باغتيال هؤلاء و يذهبون إلي بغداد يدعون أمام المسؤولين العراقيين أنهم قاموا بقتل أحد القادة العسكريين الميدانيين الإيرانيين , حتي يتمكنون بهذه الجرائم و الخيانات أن يحصلوا علي النقود و الدعم من صدام حسين .
و في عام 1377 هجري شمسي إيراني , و الموافق لعام 1998 ميلادي شمسي , بدأت موجة جديدة من عمليات التخريب و الاغتيال علي يد منظمة مجاهدي خلق مرة أخري تنفيذا لأوامر ” صدام حسين ” , طامعين باستغلال الأوضاع السياسية المتوترة داخل البلاد لصالحهم .
ففي 12 من شهر ” خرداد ” من العام 1377 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم الثلاثاء 2 من شهر ” حزيران ” من عام 1998 ميلادي شمسي , تم تنفيذ عمليات تفخيخ و إطلاق قذائف في ثلاث نقاط في مدينة طهران , تحت اسم : ” بداية المقاومة الثورية المسلحة ” . و في اليوم الأول من شهر ” شهريور ” من العام 1377 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم الأحد 23 من شهر ” آب ” من عام 1998 ميلادي شمسي , استشهد ” سيد أسد الله لاجوردي ” , النائب العام الأسبق لمحاكم الثورة , و الرئيس السابق لمنظمة مصلحة السجون , علي يد عنصرين مرسلين من قبل منظمة مجاهدي خلق , و ذلك عندما كان منشغلا بعمله في سوق طهران منفردا دون وجود عناصر حراسته الشخصية بجانبه . هذا الشخص كان قد سجن عدة مرات في أيام الكفاح ضد الكيان البهلوي , و كانت المرة الأخيرة في عام 1353 هجري شمسي إيراني , و الموافق لعام 1974 ميلادي شمسي , و عندها تم الحكم عليه بثماني عشرة سنة من السجن .
ففي 21 من شهر ” فروردين ” من العام 1378 هجري شمسي إيراني , و الموافق ليوم السبت في 10 من شهر ” نيسان ” من عام 1999 ميلادي شمسي أيضا , استشهد اللواء ” صياد شيرازي ” بعملية إرهابية أخري , عندما كان متجها إلي عمله و حيدا و بدون حراسة شخصية . و كان هذا الرجل علي مدي سنوات الحرب المفروضة يقدم خدمات جمة و يظهر رشدا و شجاعة قل نظيرها , و تم اصدار أمر اغتياله من قبل كيان صدام حسين . و ما يجب ذكره و التذكير به أن هذه المنظمة حتي الآن قتلت 12000 شخص من أفراد الشعب الإيراني , من النساء و الرجال , و العجزة و الشباب , و الأطفال و اليافعين , و أدت لاستشهادهم كلهم .
و بعد حرب الخليج الأولي , شارك أعضاء منظمة مجاهدي خلق بشكل فاعل في قمع الثورة الشعبية في جنوب العراق , كما شاركوا أيضا في قمع الشعب الكردي . و كانوا يعملون هناك بمثابة قوات خاصة تابعة لصدام حسين . و قد تعاملوا مع الشيعة و الأكراد في هذه العمليات بطريقة قاسية و وحشية و فظيعة , و كانت وحشيتهم هذه منقطعة النظير إلي حد أن الشعب العراقي بعدها و أعم من الشيعة و الأكراد , قد تمكنوا من نسيان الجيش العراقي و جهاز المخابرات العراقي و لكنهم لم يتمكنوا من نسيان مجاهدي خلق , و ما زالوا يحملون لهم في قلوبهم حقدا دفينا و شديدا لا يمكن نسيانه أبدا .
و بعد الحملة الأمريكية علي العراق , معسكر أشرف و الذي كان مقر قوي منظمة مجاهدي خلق العسكرية آنذاك , أصبح واقعا تحت حماية و حراسة مكثفة و قوية من قبل القوات الأمريكية . و علاوة علي ذلك كله أصبح الكادر الأصلي للمنظمة أيضا واقعا تحت الحماية العسكرية و الأمنية و السياسية و الدعم اللوجستي المباشر للولايات المتحدة الأمريكية .
و أصبحت منظمة مجاهدي خلق في العراق بشكل رسمي تحت حماية الجيش الأمريكي , و أصبحت قوات المنظمة تقوم بتأمين الخدمات اللازمة للقوات الأمريكية بحكم إتقانها للغلة الفارسية و معرفتها و إلمامها بثقافة الشعب المسلم و شيعة العراق .
أما و بعد عقدين من الارتباط العميق و التنسيق الكامل بين كيان صدام حسين , و منظمة ” مسعود رجوي ” , فلم يعد الآن بالإمكان تصور إمكانية وجود حياة مستقلة لهذه المنظمة المتشرزمة و المنهارة .
و أيا كانت بقايا هذه المنظمة تعمل بشكل مؤقت لصالح الجيش الأمريكي أو لصالح قواته الأمنية , فهذا لا يعني أنه ما يزال هناك تواجد حقيقي لمنظمة مجاهدي خلق في الخارج . و إن التواجد الافتراضي و الوهمي لاسم هذه المنظمة و الظهور الإعلامي المتقطع بين الفينة و الأخري بغية استعمالها كأداة ضد الدولة الإيرانية , فهذا أيضا لا يمكنه أن يغير تلك الحقيقة آنفة الذكر .
منظمة مجاهدي خلق , و صلت إلي نهايتها التاريخية , و لكنها تركت خلفا إرثا كبيرا من الألم و العذاب و الدم و العبرة لتاريخ إيران المعاصر .
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
المصادر لمن يرغب بمطالعة أوسع :
… تنويه : المصادر الأصلية باللغة الفارسية و العناوين هنا مترجمة:
• منظمة مجاهدي خلق, من النشوء حتي النهاية ( 1344 – 1384 ) , بجهود مجموعة من الباحثين , 3 مجلدات , مؤسسة الدراسات و الأبحاث السياسية , الطبعة الثالثة , 1387 . ( هذا الكتاب هو نتيجة أكثر من 4 سنوات من البحث المبني علي 12000 فيش من 1200 عنوان كتاب و 4000 ورقة و مستند و يعتبر هذا الكتاب أهم و أشمل الكتب و المراجع من نوعه و التي تنصب بالبحث و التحقيق حول هذه المنظمة ) .
• نهضة الإمام الخميني , سيد حميد روحاني , المجلد الثالث , مطبوعات مركز وثائق الثورة الإسلامية , 1372 .
• مجاهدي خلق في مرآة التاريخ , علي أكبر راستكو , مطبوعات مركز وثائق الثورة الإسلامية , 1384 .
• القوة و لا شيء آخر , ( 20 سنة مع منظمة مجاهدي خلق ) , طاهرة باقر زادة , مطبوعات جريدة الملومات , 1372 .
• الحركات و المنظمات الدينية السياسية في إيران , رسول جعفريان , مركز وثائق الثورة الإسلامية , الطبعة الخامسة , 1383 .
• تحليل عن منظمة مجاهدي خلق , ع حقجو , مطبوعات أوج , 1358 .
• مذكرات أحمد أحمد , بجهود محسن كاظمي , الحوزة الفنية لمنظمة الدعوة الإسلامية , 1379 .
• منظمة مجاهدي خلق من الداخل , ( مذكرات الدكتور محمد مهدي جعفري ) , منشورات نظرة اليوم , 1383 .
• مذكرات عزت شاهي , بجهود محسن كاظمي , سورة الرحمة .
ترجمة : مهدي داؤود.