بقلم : د. حسن بن فرحان المالكي-السعودية
أعجب منهم أناس يدعون أنهم يحبون النبي ويمدحون أشخاصاً أفنوا أعمارهم في حرب رسول الله(ص) وأهل بيته(ع) وصحابته على مدى ثمانين عاما فقد ولد معاوية قبل البعثة بخمس سنين، ورضع بغض النبي منذ الصبا، فأبوه أبو سفيان، وأمه هند بنت عتبة آكلة كبد حمزة، وعمته حمالة الحطب ، لقد كان معاوية في أول العهد المكي من أولئك الصبية الذين كانت قريش تسلطهم على أذية رسول الله(ص)، وشارك شبابهم في بقية العهد المكي، ثم اشترك مع أبيه في حرب النبي(ص) في تلك الحروب، وكان فيها مقتل أخيه حنظلة ببدر قتله علي(ع) ومقتل جديه عتبة وشيبة وخاله الوليد ثم أسلم نفاقاً يوم فتح مكة، واشترك في غزوة حنين منافقاً، فقد كان ممن اعتزل مع أبيه فوق تلّ وقال معه ، بطل السحر اليوم ، ثم قام هو وأبوه يوم حنين بسرقة جمل لعجوز مسلمة فاشتكتهما إلى النبي(ص)، فأنكرا وحلفا، فأخبر الوحي النبي(ص) بالمكان الذي أخفيا فيه الجمل، فوبخهما وردّ الجمل على العجوز وتألفهما على الإسلام ،
ثم كان معاوية في تبوك، وحاول مع أبيه اغتيال النبي (ص) في عقبة تبوك، ولكن الله سلم وقصة الاغتيال تلك ذكرها الله في كتابه بقوله (وهموا بما لم ينالوا) وكان مع أبي سفيان ومعاوية آخرون بلغوا أربعة عشر رجلاً، فلعنهم، ثم بعد عودة النبي(ص) من غزوة تبوك، أخرج الذين حاولوا اغتياله من المسجد، ولعنهم، وكان منهم أبو سفيان وابناه معاوية وعتبة ، والسند صحيح ، ثم في عهد عثمان اجتهد في كنز الأموال واضطهاد الصالحين والربا ، وفي عهد علي(ع)، قتل ٢٥ بدريا ونحو ٢٠٠ من أصحاب بيعة الرضوان بصفين ، ثم في عهده، لعن علياً(ع) على المنابر، واضطهد الأنصار، ونبش قبر حمزة، وأمر أحد العمال بضرب قدم حمزة الذي قتل جده عتبة، فانبعث الدم من قدمه ، وأراد تخريب منبر النبي مرتين، فأظلمت السماء، فترك ذلك، وذهب إلى الأبواء لينبش قبر أم النبي، ويطرحه في بئر، فأصابه الله باللقوة، فتوقف ،
ثم كانت خاتمته أنه تحقق فيه قول النبي (يموت معاوية على غير ملتي) والحديث صحيح على شرط مسلم، وقد صححت الحديث جامعة أم القرى وتحقق فيه الحديث الآخر (حديث الدبيلة) فأصابته الدبيلة قرحة كبيرة فانغرست في ظهره وخرجت من صدره، وبقي معذباً بها سنة كاملة ، وفي صحيح مسلم من حديث قيس بن عباد عن عمار ، ثمانية تكفيكهم الدبيلة ،مرض يظهر في ظهورهم فينجم من صدورهم وكان لا يستتقذ كل رداء، حتى أنهم جعلوا له رداء من حواصل الطير، فاستثقله وآذاه، ولما طال مرضه وأعياه، نصحه طبيب بلبس الصليب، والبراءة من دين محمد، ففعل ومات ، هذا هو معاوية الذي ملأتم بمدحه الدنيا كذبا وزورا وبهتانا على الله ورسولة (ص) واسبغتم عليه من الصفات ما لم ينزل الله به من سلطان حتى اسميتموه افتراء خال المؤمنين ، ولو لم يكن فيه إلا الحديث الصحيح (يموت معاوية على غير ملتي) لكفى بذلك ذماً ،
وهذا الحديث يقطع كل جدل، ورجاله ثقات أثبات سمع بعضهم من بعض، وصححه مجموعة من أهل الحديث على شرط مسلم، منهم المحدث محمد عزوز المكي وابن عقيل .