"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

ألمانيا- نتائج وعواقب وخيمة للتعليقات والتغريدات المخالفة للقانون

شفقنا- كثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في ألمانيا، لا يعرفون أن تعليقا أو تغريدة أو نشر خبر كاذب يمكن أن تكون له نتائج قانونية ويعاقب صاحبه. فما هي النتائج والإجراءات القانونية المترتبة على ذلك؟

وأثارت مؤخرا السياسية الألمانية بياتريكس فون شتورش، نائبة رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا في البرلمان الاتحادي، جدلا بعد نشرها تغريدة أعربت فيها عن استيائها من تغريدة للشرطة هنأت فيها الناس بالعام الجديد 2018 بعدة لغات بينها العربية. فردت السياسية الألمانية بتغريدة تقول فيها “ماذا يحدث بحق الجحيم في هذا البلد؟ كيف يغرد موقع رسمي للشرطة من ولاية شمال الراين ويستفاليا باللغة العربية؟ هل تقصدون بهذا أن تسترضوا قطيع الرجال المسلمين البربريين، عصابات الاغتصاب؟”.

 

هذه التغريدة أثارت استياء شعبيا ورسميا واسعا، دفعت موقع تويتر إلى حذفها وحجب حساب فون شتورش لمدة 12 ساعة “لانتهاكها القواعد المتعلقة بمحتويات الكراهية”، وتلقت النيابة العامة مئات الدعوى ضدها تتهمها بالعنصرية والتحريض ونشر الكراهية.

هذه الواقعة أعادت الحديث عن إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل البعض ونشر أخبار كاذبة وتعليقات وتغريدات ذات مضامين عنصرية وتحرض على الكراهية والإساءة إلى الغير، خاصة بعد دخول قانون جديد في ألمانيا حيز التنفيذ مع بداية العام 2018، ينص على معاقبة ذلك. لكن أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو: من يقرر أن التعليق أو التغريدة ذات مضمون تحريضي ومخالف للقانون، المستخدم أم صاحب الموقع المسؤول عن إدارته؟ على ذلك تجيب المحامية الألمانية زامفيرا دلوفاني، بأن القانون هو الذي يقرر فيما إذا كان تعليق أو تغريدة ذات مضمون تحريضي وفيه كراهية، وتضيف لمهاجر نيوز أن “صاحب الموقع أو الجهة التي تديره مسؤولة عن مراقبة الموقع وعدم نشر ما يتضمن التحريض، إذ أن المستخدم غالبا لا يعرف ذلك”. وفي حال ثبوت أن المنشور يحض على الكراهية أو ذو مضمون عنصري أو تحريض على الغير، فتترتب عليه نتائج قانونية مثل أي جريمة أخرى ويمكن أن يعاقب صاحبه بالغرامة المالية والحبس أيضا، حسب كل حالة والنتائج والآثار التي تترتب عليها، تقول دلوفاني وتضيف أنه “في حال الانتماء إلى مجموعة معينة وتكرار نشر تعليقات مخالفة للقانون، ستكون العقوبة أشد ومتناسبة مع الفعل”.

 

والقانون الجديد في ألمانيا الذي دخل حيز التنفيذ مع بداية العام وبات معروفا باسم “قانون فيسبوك” رغم شموله لكل مواقع التواصل الاجتماعي، لا يتضمن عقوبات للمستخدم صاحب التعليق أو التغريدة فقط، وإنما للموقع ذاته أيضا مثل شركة فيسبوك أو تويتر، ويمكن أن تصل الغرامة المالية إلى 50 مليون يورو في حال عدم التزام الموقع بالقانون والاستجابة لطلب حذف المنشور المخالف للقانون.

 

وعن الإجراءات التي يمكن اللجوء إليها في حال تعرض المرء لإساءة من الغير عبر نشر تعليق أو تغريدة أو حتى صورة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تقول دلوفاني لمهاجر نيوز، بأنه دائما هناك مجال للجوء إلى القضاء ورفع دعوى، لكنها تنصح “بالتوجه أولا إلى صاحب الموقع وإخباره بالمخالفة، والذي عليه الاستجابة للطلب وفحص الأمر” أما في حال الرغبة في رفع دعوى “يجب إخبار الشرطة التي ستقوم بالتحقيق، وإذا وجدت أن هناك فعلا تحريض أو إساءة، فإنها ستقوم بتحويل الدعوى إلى النيابة العامة التي ستتخذ بدورها الإجراءات القانونية كما في أي جريمة أخرى”.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من الناس ومن بينهم اللاجئون، لا يعرفون أن نشر تعليق أو تغريدة أو صورة أو مقطع فيديو يتضمن تحريضا على الكراهية أو العنف أو ذو مضمون عنصري، يمكن أن تترتب عليه نتائج قانونية وعواقب وخيمة، ويجهلون أن “قانون فيسبوك” قد دخل حيز التنفيذ ويعاقب المخالفين.

 

الدستور يضمن حرية الرأي، ولكن!

 

وللتحقق من ذلك اتصلنا ببعض اللاجئين منهم، أحمد زينل (20 عاما) الذي قال لمهاجر نيوز إنه يعرف لدى نشر صورة أو فيلم يمكن أن يعاقب عليه عند خرق حقوق النشر والملكية الفكرية “لكن لم أعرف أن نشر تعليقات أوتغريدات أو أخبار كاذبة على فيسبوك أوتويتر يمكن أن يعاقب عليه المستخدم”.

 

أما عبد الله اصطيفي (27 عاما) فإنه لم يستغرب أن تكون للمنشور على مواقع التوصل الاجتماعي نتائج قانونية وعقابية، مؤكد لمهاجر نيوز أنه حذر في هذا المجال ويتجنب “الإساءة للغير في التعليقات أو إيذاء الآخرين في منشوراتي” لكنه لم يعرف أن هناك قانون في ألمانيا خاص بمواقع التواصل الاجتماعي ومعاقبة المستخدم على منشوراته التي تتضمن تحريضا أو أخبارا كاذبة.

 

بدورها تنصح المحامية زامفيرا دلوفاني المستخدمين وخاصة الشباب منهم بالاطلاع على القانون “وعدم مخالفته وتعريض أنفسهم للملاحقة القانونية والعقوبة. وبشكل عام يجب الحذر والتفكير قبل نشر أي شيء، وعدم نشر كل ما يخطر على البال”

 

لكن هناك من يرى القانون والمعاقبة على تعليق أو تغريدة، حدا وانتهاكا لحرية الرأي التي تقول دلوفاني إنها “مضمونة في الدستور وهي واسعة جدا. لكن هناك حدود أيضا لهذه الحرية في الدستور، وأصدرت المحكمة الدستورية الاتحادية العديد من القرارات المتعلقة بحرية الرأي وحدودها” وتضيف بأنه لا يمكن القول بشكل مطلق إن “حرية الرأي تمتد إلى هنا، لكن أعتقد أن المرء يشعر بالحد ويعرف أنه بدأ بالتحريض”. وتختم حديثها مع مهاجر نيوز بالقول “صحيح أن حدود حرية الرأي واسعة جدا وهذا جيد، لكن هذه الحرية يجب ألا تسيء للغير أو تمس كرامته أو تنتهك حقوقه”.

 

عارف جابو – مهاجر نيوز