كان مشروب الكوكاكولا الشهير مخلوطاً بنسبة كبيرة من الكوكايين، وكان هوغو بوس، صاحب شركة الأزياء الشهيرة خياطاً للقوات الألمانية النازية.
ليس هذا فقط، فلم تكن الشركتان الألمانيتان العملاقتان في صناعة الأحذية والملابس الرياضية أديداس وبوما تصنعان الأحذية وحسب، بل إن الأخوة المؤسسين للشركتين كانوا أعضاءً في الحزب النازي وكانوا يصنعون أحذية للجنود، وفق تقرير لصحيفة ديلي ميلالبريطانية.
يسرد علينا الكاتب مات مكناب Matt macnab المختص في التاريخ تفاصيل البدايات المشينة والمحجوبة لبعض من أشهر العلامات التجارية في عالمنا الحالي، وذلك في كتابه الجديد “التاريخ السري للعلامات التجارية، البدايات المظلمة والمنحرفة للعلامات التجارية التي نعرفها ونحبها”.
وفي كتابه يوضح مكناب بعض الحكايات المتعلقة ببدايات هذه العلامات التجارية “بطريقة لا تؤثر على الشركات الحالية التي تنتج هذه المنتجات”.
تطوف سطور الكتاب بين أروقة بعض من الشركات الأسطورية التي لا تزال ناجحة من الناحية الاقتصادية حتى يومنا هذا، بما في ذلك تاريخ شركة “باير” التي كانت تنتج عقار “الأسبرين” الشهير.
فقد دخلت إلى سوق منتجات زيت الثعبان في ألمانيا عام 1863 عبر منتج مخلوط بالهيروين، تم تسويقه بالخطأ على أنه منتج غير إدماني ذو وصفة علاجية شاملة – حتى للأطفال – وذلك لفترة طويلة من القرن العشرين.
وتتدفق بين دفتي هذا الكتاب الجديد حكايات تتعلق بمؤسسات موجودة منذ فترة طويلة وتشكل مراكز قوى اقتصادية في عصرنا الحالي، نستعرض بعضها هنا.
مبتكر كوكاكولا: المدمن الذي وضع الكوكايين في زجاجة
أصيب جون بمبرتون بجرح غائر في صدره خلال تأديته للخدمة العسكرية لصالح الولايات الكونفدرالية الأميركية خلال الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر. وكان يحصل على المورفين من أجل تخفيف الألم، إذ إنه كان مسكّن الألم الاعتيادي في هذه الفترة.
وقد تعهّد لاحقاً بصنع شراب قوي لا تقتصر قدرته على تسكين الألم، بل تمتد آثاره إلى تخليصه من إدمانه للمورفين.
توصل بمبرتون داخل صيدليته في مدينة كولومبوس بولاية جورجيا، وهي صيدلية “إيغل دراج آند كيميكال هاوس”، إلى أولى نجاحاته عبر ابتكار مشروب “بمبرتون من نبيذ الكوكا الفرنسي”.
وقد وصفه بأنه “أفضل مقوّ عصبي في العالم”، وبأنه “دواء لأي شيء يصيبك ويصفه أبرز خبراء الأدوية ويوصون به”.
يُذكر الكتاب أن هذا المشروب كان من المفترض أنه يعالج الإعياء البدني والعقلي، والأمراض المزمنة والأمراض المسببة للهزال، وسوء الهضم، ومشاكل الكلى والكبد، وأمراض القلب، المالنخوليا، والهستيريا، والألم العصبي، والصداع المرضي، ومشاكل الحلق والرئة، والأرق، واليأس”.
كان بمبرتون يبيع زجاجة الكوكا الواحدة مقابل دولار أميركي واحد، ما يساوي 20 دولاراً بسعر اليوم.
وكان المشروب الكحولي يحتوي في واقع الأمر على جوزة الكولا، وأوراق شجرة الداميانا، والكوكا، والكحول.
كانت جوزة الكولا هي مصدر الكافيين في هذا المشروب، وكانت أوراق الداميانة تحتوي على مواد تساعد في علاج القلق بحسب مبتكر المشروب. فيما تزود أوراق الكوكا المشروب بمادة الكوكايين التي تظهر بصورة طبيعية عبر عملية كيميائية.
وعلى العكس من استنشاق الكوكايين، كانت الجرعة الكبيرة التي يقدمها نبيذ الكوكا تدوم لفترة أكبر وكان لها آثار جانبية على الإثارة الجنسية، فقد زعم بمبرتون أن اختراعه هو “أفضل منشط للأعضاء الجنسية”.
لكنه لم يعرف كيف يسوّقه، لذا توجه إلى مدينة أتلانتا، وبدأ عمله مع فرانك روبنسون لابتكار أول مشروب كولا على الإطلاق في مايو/أيار من عام 1886.
أطلق روبنسون على المشروب اسم “كوكاكولا”، وبدأ تسويقه في المركز الثقافي في هذا الوقت عبر ماكينات المياه الغازية. وكان بمبرتون مدمناً للمورفين، فاضطر أن يبيع براءة اختراعه إلى آسا كاندلر.
وظهر كاندلر وبدأ في التسويق بغزارة لمنتج الصودا الأكثر مبيعاً في الوقت الحالي، إلا أن الكوكايين ظل ضمن مكونات الكوكاكولا حتى تمت إزالته في بدايات القرن العشرين.
حصلت كوكاكولا على إعفاء خاص لاستيراد الكوكايين بعد تمرير قانون جونز ميلر في عام 1922 الذي منع استيراده إلى الولايات المتحدة. يقول مكناب في كتابه “إنهم لا يزالون يستوردون النبات المخدر حتى اليوم”.
لكن كوكاكولا -بحسب ماكناب- تتنصل من أي إشارات إلى كون مشروبها احتوى من قبل على مادة الكوكايين.
هوغو بوس: منتج القمصان البنية للجيوش النازية
أنتج كثير من المصانع الألمانية أزياء رسمية وأسلحة لصالح النازيين حتى يستطيعوا الإبقاء على عملهم، إلا أن هناك واحداً منهم صار فيما بعد صاحب علامة تجارية معروفة حول العالم: إنه هوغو بوس.
يقول مكناب في كتابه: “سُميت شركة هوغو بوس على اسم شخصية يلاحقها العار من خلال التهم الموجهة إليه باستخدام عمال بالسخرة وتقديم بوس نفسه فروض الولاء والطاعة للحزب النازي”.
كان بوس متفقاً مع الأفكار السياسية للحزب النازي، وكانت شركته تصنع الملابس الرسمية للقوات النازية ولقوات الغيستابو، البوليس السري الألماني، قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها.
وكان الرجل مسروراً بالصفقات الكبيرة التي حققها خلال أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ، والتي وصلت بالأرباح إلى ذروتها عام 1942، عندما حدد الرايخ الألماني الثالث تكاليف المصنعين المتعارف عليها.
وقد أنتج بوس قبل الحرب القمصان البنية القديمة، والبزات الرسمية السوداء لمنظمة شوتزشتافل التي كانت مختصة بحماية هتلر، كما أنتج أيضاً البزات الرسمية لمنظمة شباب هتلر، وأنتج خلال الحرب بزات رسمية لصالح القوات المسلحة الألمانية ولصالح منظمة “فافن إس إس” العسكرية.
إلا أن أسوأ ملامح تاريخ بوس -بحسب كتاب ماكناب- تتمثل في استخدامه عمالاً بالسخرة -وهم 140 عاملاً يعملون بالسخرة و40 أسير حرب فرنسياً- في مصانعه، وجميعهم كانوا في مدينة متزنجن داخل أحد المخيمات ولم يتح لهم سوى قليل من الطعام إضافة إلى قلة النظافة الصحية، على حد قول الكاتب.
ونتيجة لمعاناتها من الماضي المظلم لبوس، أمرت شركة الأزياء الشهيرة بإجراء دراسة تاريخية ونشرت اعترافاً بالخطأ بمعتقداته الرهيبة، وعبرت عن “أسفها العميق لهؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا للضرر والمحنة في مصنع بوس”، كما يذكر الكاتب.
هنري فورد: النازي المعادي لليهود على الطريقة الأميركية
كان هنري فورد، مؤسس شركة فورد الشهيرة للسيارات، المهندس العبقري الذي ساعد على إنتاج أكثر من 8 ملايين سيارة بحلول عام 1926، والتي سمحت في وقت لاحق للأميركيين بالسفر لقضاء عطلاتهم في جميع أنحاء البلاد، كما ساعد الآخرين لامتلاك السيارات للمرة الأولى، إلا أنه كان مدفوعاً بمعتقداته المعادية للسامية والكراهية للأغنياء.
فبحسب الكتاب كان فورد مهووساً بإجبار العمال المهاجرين على تحقيق رؤيته للمواطن الأميركي المثالي، وأراد أن يجردهم من ثقافتهم الأجنبية. وأنشأ فورد قسماً اجتماعياً لمراقبة الحياة الشخصية للعمال والتحقق من مستويات النظافة في منازلهم.
كما كان معارضاً للنقابات العمالية، حيث أراد فورد دائماً تحقيق السيطرة الكاملة على كيفية تشغيله لمصنعه، ولضمان ذلك -يقول الكاتب- إن فورد استأجر رجل البحرية السابق هاري بينيت للقيام بدوريات في المصنع مع عصابة مسلحة من أجل “إجبار الموظفين على الخضوع بالقوة”، وكبر فورد مملوءاً بجنون العظمة والغضب وهو الأمر الذي أخذ يتزايد معه. وكان يُصر دائماً -خاصة بعدما تقدم في العمر- على أن اليهود اضطهدوه.
واشترى فورد صحيفة أسبوعية محلية في ديربورن بولاية ميتشيغان، حيث أخذ في نشر أفكاره وآرائه المعادية للسامية والحديث حول “مؤامرة واسعة وسرية في جميع أنحاء العالم للسيطرة اليهودية”.
وتم تداول 700 ألف نسخة، وطُلب أكثر من 7000 وكيل لفورد لنشر معاداته للسامية، التي نُشرت أيضاً في كتاب “اليهودي العالمي”، الذي حمّل فيه اليهود كل شيء سيئ حدث في العالم، بما في ذلك الحرب العالمية الأولى، وعمليات التهريب غير القانونية، وموسيقى الجاز وحتى الثورة البلشفية، التي وقعت عام 1917. كما حملت قصص وخيالات فورد المؤامرة اليهودية الدولية التي تأمل في الاستيلاء على الموارد الزراعية والبستانية في أميركا وتجويع مواطنيها.
هذا الخطاب المعادي للسامية وصل بحسب الكتاب إلى هتلر الذي اعتبر فورد ملهماً واحتفظ بصورة له بجانب مكتبه.
وكان لفورد نشاط صناعي في ألمانيا حيث بدأ تصنيع قطع غيار السيارات في هامبورغ في وقت مبكر من عام 1912، ثم برلين وفي نهاية المطاف يتم تجميع النموذج T في كولونيا. وأنتجت أنشطة فورد في ألمانيا -بحسب كتاب ماكناب- مركبات وأسلحة لقوات هتلر العسكرية طوال الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1938، مُنح فورد الصليب الكبير، وهو أعلى تكريم يمنحه الحزب النازي لأجنبي.
أديداس وبوما: منافسة علنية تخفي الحب المشترك للنازي
بدأ الأخوة داسلر، الذين أخذوا الأسماء التجارية لأديداس وبوما، في إنتاج الأحذية في عشرينيات القرن الماضي في مسقط رأسهم من هيرتسوجينوراش، بألمانيا، التي تُعد مدينة صناعة الأحذية في إقليم بافاريا، حيث تضم أكثر من 100 صانع أحذية.
ما تميز به الأخوان رودولف وأدولف -الذي كان يُطلق عليه اسم “إدي داسلر”- لم يكن مجرد استعدادهم لأن يصبحوا أعضاء في الحزب النازي، لضمان نجاح أعمالهم تحت سيطرة الرايخ، لكن طموحاتهم بحسب الكتاب كانت كبيرة. فأثناء دورة الألعاب الأولمبية المقامة في ألمانيا عام 1936، تسللوا إلى القرية الأولمبية لإقناع العدّاء الأميركي جيسي أوينز، نجم الأوليمبياد في الولايات المتحدة، بارتداء الحذاء الرياضي المزين الذي صنعه إدي.
وقد حقق أوينز 4 ميداليات ذهبية لفريق الولايات المتحدة الأميركية في هذه الأولمبياد، ما أثار غضب هتلر بحسب ما يوضح ألبرت سبير، المهندس المعماري للفوهرر، الذي يقول إنه كان “منزعجاً للغاية من سلسلة انتصارات العداء الأميركي الملون الرائع”.
وقال هتلر: “هؤلاء الأشخاص الذين انحدرت أسلافهم من غابات إفريقيا.. يمتلكون قوة بدنية رائعة ويجب استبعادهم من الألعاب الأولمبية في المستقبل”.
لكن أوينز أصبح عدّاء القرن.
ومع استمرار الحرب العالمية الثانية وفي ديسمبر/كانون الأول 1943، حول هتلر العمليات التجارية المدنية إلى التصنيع العسكري. وبدلاً من صنع الأحذية الرياضية، أنتجت داسلرالأحذية للجنود الألمان تماماً كما لو كانوا “بازوكا بانزر شريك” في مصانعهم. (و”بانزر شريك” هو الاسم السائد للبندقية القاذفة المضادة للدروع).
وكان كل من الأخوين قد دعي لتلبية نداء الواجب الوطني خلال فترة الحرب فانضم رودولف إلى الجستابو أو البوليس السري الألمان، وظل في الخدمة حتى نهاية الحرب، بينما خدم إدي لعام واحد فقط.
وعندما وجد رودولف نفسه في معسكر اعتقال أميركي، كان يعتقد أن شقيقه هو من وشى به وأنه مشغولٌ في ذلك الوقت بصناعة أحذية لاعبي البيسبول وكرة السلة الأميركيين.
وبدأت العداوة بين الأخوين، وقد ظلت تلك العداوة بينهما على مدى الحياة. وانقسمت الشركة الواحدة – وأسس إدي شركة “أديداس” في حين أطلق رودولف على شركته اسم “بوما”.
كوكو شانيل: جاسوسة نازية استفادت من احتلال بلدها
لم تكن مصممة الأزياء الراقية الفرنسية الشهيرة غابرييل كوكو شانيل سيدة أعمال طموحة فحسب، بل كانت أيضاً شخصية شريرة وخبيثة إلى أقصى الحدود، ومؤيدة للنازية، بل وجاسوسة نازية في نهاية المطاف، بحسب المؤلف، ارتبط طموحها بجذورها المتواضعة، وولادتها في أحد المستشفيات الخيرية – فقد كانت والدتها تعمل في غسيل الملابس في الأحياء الفقيرة، وكان والدها بائعاً متجولاً.
وقد أرسلها والدها وهي في سن الثانية عشرة إلى دار لإيواء الأيتام بعد وفاة والدتها، واستمرت في هذه الدار حتى بلغت الثامنة عشرة، وتعلمت في دار الأيتام مهارة الحياكة من الراهبات – وهو ما غير مصيرها إلى الأبد.
ولأن السيدات اللاتي لا يتزوجن يستطعن كسب مزيد من المال في فرنسا، فضلت شانيل أن تظل دون زواج، وبدأت بالغناء في الملاهي الليلية الفرنسية، واستخدمت فيها اسم “كوكو”.
كتب ماكناب: “هناك الكثير من المعلومات المضللة حول حياة كوكو شانيل، معظم هذه المعلومات روجتها كوكو بنفسها” – وذلك من أجل أن تجعل حياتها تبدو أكثر سعادةً.
لم تكن شانيل متحفظة في علاقاتها الجنسية، فقد اتخذت كثيراً من العشاق. ومن ثم، أصبحت إحدى النساء المحظيات بين عشيقات إتيان بيلسون وهو شاب بارز في المجتمع آنذاك – ومن ثم أصبحت مهووسة بما فيه الكفاية بالتفكير بما يمكن الحصول عليه واكتنازه.
يقول الكاتب إن كوكو “استخدمت فيما بعد الفوائد المالية التي تحصلت عليها من علاقاتها الغرامية، في إطلاق إمبراطورية أزيائها الخاصة” – فقد أطلقت خط إنتاج لتصميم القبعات الفاخرة، وأنتجت عطر “Chanel No. 5″، وبعد ذلك اتجهت إلى هوليود عام 1931 – لتصميم أزياء نجوم السينما.
وعندما اجتاحت القوات الألمانية فرنسا في مايو/أيار من العام 1940، وقعت فرنسا هدنة للاستسلام وتقسيم مدينة باريس والجزء الشمالي من فرنسا الذي تم احتلاله من قبل النازيين، وتشكلت حكومة عميلة، معادية للسامية لتسيير الأمور من قبل النازية، سُميت “نظام فيشي”.
قام هذا النظام بالقبض على جميع اليهود، والذين بلغ عددهم تقريباً 15 ألف شخص، وأودعوهم في استاد أوشفيتز الرياضي لمدة أسبوع – دون توفير طعام ولا ماء ولا مرافق صرف صحي لهم.
سنحت الفرصة لشانيل في ذلك الوقت للاستفادة من السيطرة الألمانية على الشركات المملوكة لليهود. فقد كانت تشعر بالمرارة تجاه اليهود، والتي بدأت عندما اضطرت للجوء إلى عائلة فرتايمر من أجل الحصول على دعم مالي يمكنها من توسيع قاعدة عملاء عطر Chanel No. 5.
وكان هذا الاتفاق يقضي بمنح 70% من أصول الشركة لعائلة فرتايمر، و20% لوسيط إبرام الصفقة، و10% فقط من أصول الشركة تذهب لشانيل من أجل إتمام التراخيص والمعاملات. وكتبت شانيل خطاباً للنازيين تطلب منهم الحصول على الملكية الكاملة لشركة عطور شانيل.
كانت شانيل آنذاك تعيش في فندق ريتز الفاخر الذي يؤمه أبناء الطبقة الراقية من المجتمع الفرنسي، ومن ثم، سعت بجهد حتى وصلت إلى سرير الجاسوس العسكري، البارون “هانز جونثر فون دينكلاجي”، الملحق الخاص بالسفارة الألمانية في باريس عام 1933.
وسمحت لها علاقتها الغرامية بالاستمرار في العيش والتمتع بتناول أشهى المأكولات بفندق ريتز، بينما يتضور باقي سكان باريس جوعاً.
وقد كشفت وثائق الاستخبارات الفرنسية التي تم الكشف عنها مؤخراً، أنها “لم تنخرط في تعاملها مع النازيين إلى هذا الحد فحسب، بل تم تصعيدها لتصبح جاسوسة نازية بالفعل”.
وبحسب هذه الوثائق كانت شانيل جاسوسة نازية، حملت اسماً سرياً هو “ويستمينستر”، في إشارة إلى علاقتها السابقة مع دوق ويستمينستر. وكان رقمها السري كعميلة استخبارات F-7124، بحسب السجلات التي أفرج عنها أرشيف وزارة الدفاع الفرنسية.
وبحسب الكاتب كان من ضمن مهام شانيل التي كلفت بها من قبل النظام النازي، السفر برفقة المتآمر النازي، والخائن الفرنسي، البارون دي فو فريلاند، لمساعدته في التغطية على تحركاته لتجنيد الجواسيس.
وقد توفيت شانيل في فندق ريتز عام 1971 عن عمر يناهز 87 عاماً.
باير للأدوية: تجارب غير إنسانية في معسكرات الإبادة
يرجع تاريخ شركة باير إلى عام 1863، حيث تم تأسيسها في مدينة بريمن بألمانيا.
وكان الفضل في اكتشاف الأسبرين- أشهر منتجات شركة باير – ينسب لفيليكس هوفمان، ولكن هذا الادعاء تم دحضه من قبل الكيميائي اليهودي آرثر إيتشيغرون، عندما ساءت علاقة الشركة مع النازيين.
ويقال إن هوفمان كان يبحث عن بديل للكودايين الذي يسبب الإدمان، وأنه وجد واحداً في الهيروين بينما كان يعمل كطبيب كيميائي لصالح باير، التي كانت – بحسب ما كناب وكتابه- رائدة في تسويق الهيروين في جميع أنحاء العالم كـ”بديل طبي للمورفين والكودايين لا يسبب الإدمان”.
ووصف الهيروين بأنه علاج معجزة للسعال، وأشاد به العلماء لأنه أكثر فاعلية من الكودايين بعشرة أضعاف مع بعض الآثار الجانبية، وكان يطلق عليه “المخدر العجيب”. وفي عام 1898 بدأ تسويقه في جميع أنحاء العالم.
وكانت الشركة أيضاً – بحسب ماكناب – لاعباً رئيسياً في مجموعة الأدوية، إيغ فاربن، خلال الحرب العالمية الثانية، التي دخلت في عمل مع هتلر، و”تمتعت بعلاقة طويلة مع الدكتاتور”.
واستخدمت إيغ فاربن السجناء في معسكر الاعتقال الشهير “أوشفيتز” في بولندا، لبناء مصنع جديد بالقرب من المخيم الذي بدأ ليس كمخيم للإبادة ولكن كمعسكر عمل للرقيق، وفقاً للكاتب.
وقد أنشأت إيغ فاربن مجمعاً صناعياً على الأرض بالقرب من أوشفيتز لإنتاج المواد الكيميائية يعمل به “30 ألف عامل من العبيد، ماتوا هناك”. كما شملت التجارب التي شاركت فيها إيغ فاربن الاختبار الإجباري للمخدرات على السجناء.
وقد أدت مشاركة فاربن في فظائع الحرب إلى حجز مقاعد في محاكمات نورمبرغ الشهيرة لـ 24 عضواً في الشركة.
مبتكر الكورن فليكس.. منتجات غذائية لتهدئة النشاط الجنسي
ابتكر الدكتور جون هارفي كيلوغ وشقيقه الأصغر، ويل كيث، الكورن فليكس (رقائق الذرة) سوياً، وهي رقائق غذائية عادية، تساعد الشخص على أن يعيش حياة نقية وصحية.
كان دكتور كيلوغ -الذي يقف وراء اختراع تلك الرقائق- ذا نزعة صفائية ويؤيد بحماسة شديدة “التعفف عن الاستمناء، والإثارة الجنسية، وأي نوع من أنواع الممارسات الجنسية”.
وكان الأخوان كيلوغ متابعين مخلصين لكنيسة الأدفنتست التي تؤمن بالمجيء الثاني للمسيح، وكان دكتور كيلوغ مهووساً بمعتقداته عن التمتع بصحة جيدة. وقد استولى على معهد الإصلاح الصحي الغربي في باتل كريك، بميتشيغان، وغيّر اسمه إلى مصحة “باتل كريك”.
وهناك، استطاع التركيز على الأمور التي يسعى وراءها، والتي تشمل إعلانه الحرب على قولون الإنسان، قائلاً إنه “يجب أن تتم إزالته، أو إصلاحه بسبب حالته الفاسدة الميئوس منها، بسبب الطفيليات”.
كما اخترع كيلوغ بعض البدع الطبية المثيرة للجدل، ومنها سرير تمرينات المعالجة الكهربائية وآلة التدليك بالصفع وغير ذلك الكثير.
وقد اخترع الدكتور كيلوغ وشقيقه منتجاً قمحياً هو الرقائق وكانا يأملان -بحسب كتاب ما كناب- أن يتسبب في إفقاد المرضى في مصحته الشهية الجنسية، إلا أن ذلك لم يحدث.
وهكذا ظهرت رقائق الذرة إلى الوجود عن طريق الصدفة، بعد أن فشلت الحبوب في تخفيف النزوات.
كما كان كيلوغ ناشطاً ومؤيداً للاعتقاد بضرورة تحسين النسل، وهي مجموعة عنصرية، تروج لفكرة النسل النقي، “حتى إن كيلوغ نفسه يزعم أنه لابد من إنشاء سجل يقوم بتحديد الأزواج المناسبين للتكاثر، ويشجع السيطرة على الجنس الأبيض والمحافظة على كونه نقياً غير مُختَلِط”.
لم يكمل كيلوج هو وزوجته زواجهما، إلا أنه تبنّى أكثر من ٤٠ طفلاً.