شفقنا-خاص- امريكا تدعي انها اقوى بلد في العالم ، حتى ان هناك من الدول من تنظر الى امريكا على انها القوة التي بامكانها ان تفعل كل شيء دون ان تعترضها قوة اخرى ، الا المتتبع لمواقف وتصريحات وتغريدات وسلوكيات رئيس هذا البلد ، يجد صعوبة في قبول ان هذا الرجل يقود اقوى بلد في العالم.
منذ دخوله الى البيت الابيض قبل عام من الان ، تحول ترامب الى مادة للسخرية داخل امريكا قبل خارجها ، فالرجل لا يغرد ولا يصرح ولا حتى يتحرك الا ويثير موجة من السخرية وردود الفعل السلبية عل مصالح امريكا في العالم ، حتى اصبح شعار الاعلام والنخب الامريكية “من مصلحة امريكا ان يصمت ترامب”.
كثيرا ما تقوم الجامعات ومراكز الابحاث الامريكية باستطلاعات راي حول راي الشعب الامريكي في تغريدات وسلوكيات ترامب ، والتي تاتي نتائجها متقاربة كالعادة ، حيث تدعو غالبية المستطلعين ترامب الى الكف عن التغريد والتصريح ، ففي استطلاع أجرته جامعة “كوينيبياك” الأمريكية قال 64% من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع، إن على ترامب أن يحذف حسابه تماما من موقع التغريدات القصيرة تويتر ، كما كشف الاستطلاع أن 51% من الأمريكيين يشعرون بالخجل لأن ترامب هو رئيسهم.
يبدو ان نتائج الاستطلاعات ونصائح الصحافة والنخب السياسية الامريكية ، لم تفل من عزم ترامب على مواصلة التغريدات المضحكة وغير المألوفة والبعيدة كل البعد عن الكياسة والدبلوماسية ولا حتى الاتزان النفسي، والتي زادت من جمهور الضاحكين على الرجل الذي يدعي قيادة اقوى بلد في العالم.
تغريدات جديدة لترامب قالها في الايام الاولى من السنة الميلادية الجديدة 2018 ، اخترنا عدد منها عشوائيا ، تكفي لتاكيد ما ذهبنا اليه بشان عقلية الرئيس الامريكي ، التي اثارت علامات استفهام كبيرة حول طبيعة الديمقراطية الامريكية التي تسمح بوصل مثل هذه النماذج غير المتزنة لقيادة البلد ، الذي يدعي الامريكيون بانه اقوى بلد في العالم.
في تغريدة جديدة ردا على الزعيم الكوري الشمالي قال ترامب بالنص: أن “كيم جونغ أون قال إن لديه زر نووي موجود بشكل دائم على مكتبه ، هل من أحد في نظامه المستنزَف الذي يتضور جوعا أن يخبره من فضلكم أنني أملك أيضا زرا نوويا، لكنه أكبر وأقوى كثيرا من زره، وزري يعمل”.
وكان زعيم كوريا الشمالية قد حذر ترامب من أنه يمسك بزر إطلاق الصواريخ النووية وهي دائما على أهبة الاستعداد، معلناعن ثقته بأن الولايات المتحدة لن تتمكن من شن حرب ضد كوريا الشمالية.
ولما كان ترامب سمسارا قبل ان يصبح رئيسا لامريكا ، فانه يرى العالم من خلال الدولار ، وعلى قاعدة ان المال يفعل كل شيء وشراء كل شيء ، وانطلاقا من هذه القاعدة غرد ترامب قبل ايام قائلا :” إن واشنطن تعطي الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنويا ولا تنال أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل” مؤكد ان بلاده لا تدفع بعد الآن للفلسطينيين في ظل “عدم استعدادهم للمشاركة بمحادثات السلام”.
على الفور رد المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم على ترامب بالقول ان التهديدات تعكس السلوك الأمريكي الهمجي وغير الأخلاقي في التعامل مع عدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
اما المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة فقال : “ان القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين ليست للبيع لا بالذهب ولا بالمليارات”.
وفي هجوم جديد على باكستان غرد ترامب بذات المنطق السقيم وقال :”الولايات المتحدة منحت باكستان بحماقة أكثر من 33 مليار دولار في شكل مساعدات على مدى 15 عاما وهم لم يمنحونا سوى الأكاذيب والخداع معتقدين أن زعماءنا حمقى” ..” قادة أمريكا كانوا حمقى عندما فعلوا ذلك، لأن باكستان توفر ملاذات آمنة للإرهابيين الذين نحاربهم في أفغانستان”.
وزير الخارجية الباكستاني، خواجة محمد آصف، رد بتغريدة على تغريدة ترامب بالقول:”الرئيس ترامب قال إن 33 مليار دولار قدمت لباكستان خلال السنوات الـ15 الماضية، يمكنه توظيف شركة تدقيق مقرها الولايات المتحدة، وعلى نفقتنا، للتحقق من هذا الرقم، ولندع العالم يعرف من الكاذب ومن المخادع”.
ترامب كان قد استخدم السمسرة حتى مع الامم المتحدة والدول الاعضاء فيها عندما هدد بوقف المساعدات المالية عن الدول التي صوتت لصالح مشروع قرار يرفض قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة ل”اسرائيل” في الجمعية العامة ، ونفذ تهديده عندما خفض ميزانية الامم المتحدة بمقدار 250 مليون دولار.
وفي موقف كوميدي بائس ، اعلن ترامب عن مكافأة الدول التي صوتت ضد قرار الجمعية العامة ، بدعوتها الى مأدبة عشاء!! ، والتي ستقام اليوم في واشنطن!.
والمعروف انه على خلفية استخدام الولايات المتحدة “الفيتو” ضد مشروع القرار الذي تقدمت به مصر في مجلس الأمن الدولي لرفض خطوة ترامب، تم رفع الوثيقة لمناقشتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي صوتت الأغلبية الساحقة من أعضائها (128 دولة)، في 21 من كانون الاول الماضي، لصالح القراروعارضت 9 دول القرار وهي الولايات المتحدة، و”اسرائيل”، وغواتيمالا، وهندوراس، وجزر، مارشال، وميكرونيسيا، وناورو، وبالاو، وتوغو، بينما امتنعت 35 دولة عن تأييد أو دعم الوثيقة، فيما لم تعرب حوالي 20 دولة عن موقفها من خلال عدم الضغط على الزر.
هذه هي بعض جوانب سياسة ترامب ودبلوماسية ادارته في التعامل مع العالم وازماته ، والتي تعكس عقلية طفولية تتصرف غريزيا دون ان تلحظ تداعيات هذه السياسة على العالم وعلى بلاده ، ظنا منها ان القوة وامتلاك المال ، بمقدورهما ازالت كل ما يعترض المصالح الامريكية في العالم ، لذا كان الامريكيون على حق في دعوتهم لرئيسهم لالتزام الصمت ، فانه يجعلهم يشعرون بالخجل امام شعوب العالم كلما فتح فاه .