?بقلم : أبو محمد الصوفي
يصف الكثيرون من الساسة الرئيس صالح بأنه إعتمد خلال فترة حكمه على سياسة التلاعب بالمتناقضات وإشعال الصراعات وتأجيج الاختلافات , خاصة المتعلقة بالجوانب الدينية وذلك من أجل توطيد نظام حكمه , فهو يقدم قليل من الدعم لهذه نكاية بهذه , ويعطي بعض الرعاية لهذه كي تقوى لكسر جماح الأخرى , وهكذا ……
إلا أننا وبعد البحث والتحري وجدنا أن دعمه الأكبر انصرف لرعاية الفكر الوهابي وجماعة الإخوان , والسبب في ذلك إما أنه وجدها ضالته المنشودة وحصان طرودة , التي إستغل جشعها المادي واستعدادها لتقديم التضحيات في سبيله لتحقيق مآربه بخلاف بقية الحركات والمذاهب , وإما أن يكون صالح هو احد المنتمين لإحدى الجماعات الوهابية سراً .
فالحركة الوهابية بشتى مسمياتها كانت قبل تربع صالح على كرسي السلطة تعاني من الضعف والتهميش وعدم القبول بل والازدراء في كثيرا من الأحيان ,حيث لم تكن تحضا بأي قبول سواء على الصعيد الشعبي أو السياسي .
لكن ما أن إعتلى صالح سدة الحكم حتى تغير ذلك الوضع فبعد تدثر صالح بعباية الوهابية الإخوانية التي إحتمى بها من خصومه سواء في الأحزاب اليسارية أو القومية حيث جعل من رجال الوهابية الإخوانية في اليمن يده التي تبطش بكل مخالفٍ له ,وسيفه الذي يجتز به رقاب معارضيه , وساعده الذي يهدم به بناء كل من يخالفه الرأي .
وفي سبيل تمكينهم من اليمن قدم لهم وزارة التربية والتعليم مكافأة على خدماتهم له ,فتم إنشاء ما يعرف بالمعاهد العلمية والتي كانت وعاء السم الذي إنتشرت منه الوهابية في ربوع اليمن .
فبسيطرة الوهابية على تلكم الوزارة الحساسة تمت صياغة المناهج المدرسية بأيدي وهابية صرفة , ثم تلا ذلك استغلال الوظيفة العامة من خلال توظيف الكثيرين من خريجي المعاهد العلمية والتي كانت أشبه بثكنات عسكرية ومزارع لتفريخ الوهابيين وتوزيعهم على الكثير من مدراسنا العامة بهدف التأثير على الجيل القادم .
وفعلاً حصلت الوهابية على بغيتها حيث تحول ذلك الرفض الشعبي لهذا الفكر التكفيري إلى القبول بعد السيطرة على غالبية عقول جيلنا المدرسي الجديد , فتوسعت بذلك دائرة المد الوهابي فاجتاح المدن والقرى , فيما إنحسر تأثير المدارس التقليدية التي كانت تسود اليمن منذ قرون سواء الزيدية في الشمال ,والصوفية في مناطق تهامة و أب وتعز والمناطق الجنوبية .
ولم يكتف الرئيس صالح بذلك ,بل عمل على افتتاح ورعاية أكبر جامعة وهابية في العالم الإسلامي وهي جامعة الإيمان , فقدم لها الأرض التي بُينت عليها ,وقدم لها وللعاملين فيها ولخريجيها الكثير من الامتيازات ,وسمح لها بإفتتاح الكثير من الفروع في عدد من المحافظات اليمنية , وظل يتعهدها برعايته وزياراته المتكررة لها، هذه الجامعة التي كانت من أكبر روافد الفكر الوهابي في المنطقة بل والعالم الإسلامي , حيث تخرج منها الكثير من حملة راية الإرهاب العالمي .
وأما ما يخص الجانب العسكري فقد عمل صالح على مكافأة الإرهابيين العائدين من أفغانستان بالرتب العسكرية , وتعين الكثيرين منهم قادةً في جيشه , ولا يستطيع احد أن ينكر ذلك .
وأما ما يتعلق بالمؤسسات الخيرية والاجتماعية ذات الصبغة الوهابية فقد كان لصالح الدور الأكبر في إنشائها ودعمها دعما ًسخيا يكاد يفوق الخيال ,فمثلاً كان صالح الداعم الرئيسي لجمعية الإصلاح سواء بالدعم المباشر منه أو من خلال اعتماد مبلغ معين من الزكاة التي تقوم الدولة بتحصيلها لتسليمها إلى هذه الجمعية نهاية كل عام , وكم ويا كم من الجمعيات الوهابية التي كانت تتلقى الدعم الشهري من مؤسسة دار الرئاسة بسخاءٍ لا نظير له .
أضف إلى ذلك قيامه برعايته الشخصية المباشرة لأنشطة مؤسسة الوحيين القادمة من مملكة الشر لتكمل مسيرة الشر عبر ابن أخيه طارق محمد عبدالله صالح ذي الانتماء الفكري الوهابي والذي سهل لهذه الجمعية تنظيم الدورات في الكثير من وحدات الجيش اليمني بما فيها الحرس الخاص .
ولم يكتف صالح بما قدمه للفكر الوهابي الإخواني في اليمن بما سبق , بل إختار لمسجده الخاص في دار الرئاسة في النهدين خطيباً اخوانيا وهابيا وهو محمد هاشم الذارحي أحد ابرز قادت الإخوان في اليمن وقد إستمر ذلك حتى أحداث 2011 م , حيث تركه الذارحي , لتنتقل الخطابة إلى إخواني أخر وهو الشيخ المطري .
وأما مسجده العام المسمى بمسجد الصالح ومن خلال متابعتنا لخطب الجمعة التي كانت تُلقى فيه فقد كان جُل الصاعدين على ذلك المنبر هم من الجماعة الوهابية .
وهكذا كان صالح هو أب الوهابية في اليمن وأمها وإمامها , فبه استقام عودها , وانتشرت أشواكها ,فأصاب الجميع فسادها وإفسادها , وبرحيله فقد كُسر جناحاها , وأصابها اليُتم , وعما قريب سوف تجتث شجرتها بسواعد الرجال من جيشنا ولجاننا الشعبية .