أري أن الفرصة سانحة ومهيأة لتدعيم العلاقات المصرية-السورية التي قطعت في حقبة الرئيس مرسي والإخوان المسلمين. و رغم إدراكي أن هناك قوي تعرقل عودة العلاقات فأن مما لاشك فيه أن هناك خطوات متواضعة يمكن اتخاذها فورا مثل عودة رحلات مصر للطيران إلي دمشق وربما لمدن أخري مثل اللاذقية.
هناك فوائد جمة ستعود علي مصر جراء ذلك فقد بدأت سوريا مرحلة البناء والتعمير ولاشك أن هناك من الشركات المصرية ورجال الأعمال من يرغب في المشاركة في هذا النشاط. صحيح أن السفر الي هناك مفتوح عبر بيروت ولكن الطيران المباشر يوفر الوقت ويغني عن ضرورة الذهاب لبيروت ثم الانتقال الي دمشق عبر الطريق البري.
شاركت مؤخرا في ندوتين سياسيتين بدمشق حول مستقبل سوريا وهي علي مشارف اكتمال الانتصار. الندوة الأولي كانت بمناسبة مرور مائة عام علي وعد بلفور نظمتها مجموعة “وثيقة وطن”. والندوة الثانية نظمتها مجموعة “تجمع سورية الأم”. وفي كلا اللقائين كان هناك نقاشا حرا حول مسار المستقبل وركائز النهضة التي من بينها التمسك بالاستقلال والانتماء الوطني و إرساء لقواعد العدالة الاجتماعية واتباع منهج الاعتماد علي الذات والتنمية المستقلة وتوظيف العلم بشكل أساسي في التنمية والتصنيع المحلي المعتمد علي التكنولوجيات المتقدمة، وتوسيع دوائر الحوار وضمان حرية النقد. تحدثت في اللقاء الثاني حول مخاطر الارتباط باقتصاد العولمة والالتزام بآلية السوق التي تؤدي إلي اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء وتتسبب في مشاكل اجتماعية جمة علي راسها الإرهاب والعنف.
كان هناك في المناسبة الأولي لقاء الرئيس بشار الأسد مع مجموعة صغيرة من المشاركين اتسم بالحيوية والتلقائية والجدية.
مما لاشك فيه أن هناك زخم ثقافي وطني تولد نتيجة الصمود والانتصار ضد الارهابيين والمتآمرين علي الدولة والشعب في سوريا. وكمواطن عربي من الإقليم الجنوبي، مصر العزيزة، كانت تغمرني سعادة كبيرة، فالانتصار السوري هو انتصار لكل الوطن العربي. لقد أدركت من الوهلة الأولي لبدأ الأزمة، والتي تطورت وأصبحت حرب وعدوان بالوكالة باستخدام جحافل الارهابيين، إن هذا الاستهداف كان نتيجة مباشرة لرفضها الإملاءات الأمريكية التي عرضها كولن باول بعد احتلال العراق، فكان العدوان الذي قادته الإدارة الأمريكية مع القوي العدوانية الأخري. كانت ثقتي كبيرة بالانتصار القادم رغم شراسة الارهاب حتي قبل الدعم الروسي الذي جاء بعد خمسة سنوات من المواجهة. وكمواطن مصري أؤمن تماما بالعلاقة الاستراتيجية بين مصر وسوريا كما أدركت حتشبسوت ملكة مصر العظيمة منذ فجر التاريخ، كما أؤمن أن الإقليم الشمالي علي مشارف انتصار عظيم وهو الآن يتأهب لمعركة كبيرة أخرى هي معركة البناء والاعمار فهل يشارك المصريون فيها؟
أ.د.محمد أشرف البيومي
أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الإسكندرية وجامعة ولاية ميشجان سابقاً 30 ديسمبر 2017