الغارديان تنصح من يدعم احتجاجات إيران: لا تتمنوا تغيير النظام في طهران
ولكن تبدو الآمال في أن تؤدي الاضطرابات إلى انهيار النظام، وهو ما جرى التعبير عنه علناً في الولايات المتحدة وإسرائيل، سابقة لأوانها. إذ أن أي إضعافٍ حقيقي أو مُتصوَّر لقبضة الحكومة الإيرانية قد ينبئ بتصعيدٍ خطير للتوتُّرات الإقليمية، وفق ما ذكر التقرير.
وقد أكسبت الجهود التي قامت بها إيران من أجل نشر قوتها في أرجاء الشرق الأوسط إيَّاها الكثير من الأعداء. وسارت سياستها التوسُّعية بوتيرة سريعة بعدما تخلَّصت من أغلالها الاستراتيجية في نهاية الحرب الباردة، وتسارعت في أعقاب الإخفاق البريطاني – الأميركي في العراق بعد عام 2003.
وتُعَد إيران الآن فاعلاً رئيسياً في العراق ما بعد صدام حسين، وكذلك في سوريا ولبنان. وتتسبَّب تلك التجاوزات المُتصوَّرة من جانب إيران في استياءٍ كبير، ليس فقط في معقل السُنَّة العراقيين إلى الشمال والغرب من بغداد، بل أيضاً، وبصورةٍ خاصة، في مركز الإسلام السُني، السعودية.
وقد اتهم المسؤولون الإيرانيون بالفعل السعوديين بإثارة الاحتجاجات. وحين حمَّل نائب محافظ لورستان المسؤولية لـ”المجموعات التكفيرية” و”أجهزة الاستخبارات الأجنبية”، كان يعني ضمناً الرياض بحسب ما ذكرت الصحيفة البريطانية.
وحتى وقتٍ قريب، كانت فكرة أنَّ السعودية تتآمر سراً ضد النظام في إيران ستبدو غريبة. لكنَّ التوتُّرات بين البلدين وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، لا سيما بعدما اتهم السعوديون إيران بالمسؤولية المباشرة عن هجومٍ صاروخي استهدف مؤخراً قصر الملك في الرياض. وقد أُطلِق الصاروخ من اليمن، حيث يقاتل التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من طهران.
يمتد التنافس إلى لبنان، حيث دبَّر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ما خلُص الكثير من المراقبين إلى أنَّه كان انقلاباً فاشلاً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بهدف تقليص نفوذ حزب الله المدعوم من طهران، وهو حزبٌ وميليشيا سياسية لبنانية شيعية.
وفي مسعاه للتصدي لإيران، ودفع قطر والبلدان الخليجية الأخرى لاتباع نهجه، وتأكيد سيطرته في الداخل السعودي، حاز بن سلمان الشاب سُمعة بأنَّه متهوِّر. ولا يعرف أحدٌ على وجه الدقة إلى أي مدى بن سلمان مستعد للذهاب، على الرغم من تعهُّده في الماضي بـ”نقل المعركة إلى إيران” ووصفه المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بأنَّه “هتلر الجديد في الشرق الأوسط”.
جذب بن سلمان قاعدةً شعبية مُتحمِّسة وانتشر مؤخراً وعلى نطاقٍ واسع فيديو محاكاة يُصوِّر غزواً عسكرياً سعودياً لإيران.
ويتمتَّع بن سلمان بدعمٍ قوي من صديقه جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره للشرق الأوسط. كما أنَّ عداء ترامب لما يُسمِّيه “النظام المارق” في إيران ورغبته في رؤيته يسقط ليس سراً.
أما الأمر الذي يُعَد مفاجأةً هو الاندلاع المفاجئ للاحتجاجات، التي لا يبدو لها مُحفِّز داخلي واضح. وقد عبَّر ترامب ونائبه مايك بنس عن آمالهما في سقوط “النظام القمعي” في إيران، متجاهلين حقيقة إعادة انتخاب حسن روحاني رئيساً بطريقةٍ ديمقراطية قبل أقل من عام.
يشعر الساسة الإسرائيليون هم أيضاً بالحماسة حيال تغيير النظام في إيران. فقال وزير التعاون الإقليمي، تساحي هنغبي، إنَّ المحتجين الإيرانيين “يخاطرون بأرواحهم بشجاعةٍ في سبيل الحرية”، ودعا “العالم المتحضر” لدعمهم.
وحثَّ بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي بنى حياته المهنية على شيطنة إيران باعتبارها خطراً وجودياً، الساسة الإسرائيليين على الصمت، على ما يبدو بسبب قلقه من أنَّ القادة الإيرانيين قد يُحوِّلون غضبهم صوب إسرائيل. وإن كان نتنياهو يخشى ردة فعلٍ عنيفة، فربما يكون ذلك أمراً حكيماً، لأنَّ إسرائيل، بخلاف ترامب وبنس، ستكون في مرمى النيران إن خرجت الأمور عن السيطرة.
إذ تقول إسرائيل إنَّ إيران زادت إمداداتها من الصواريخ والأسلحة إلى حزب الله في لبنان. وهي تشعر بقلقٍ متزايد بشأن الأمن في مرتفعات الجولان التي تُمثِّل، بحكم الأمر الواقع، حدودها مع سوريا. وقد تلجأ إيران المُضعَفة والجريحة إلى الهجوم فجأة. وقد يَثبُت أيضاً أنَّ إيران، بتلك الوضعية، شريكٌ خطير لا يمكن التنبؤ به لكلٍ من العراق وسوريا، فضلاً عن تركيا وروسيا، وهم حلفاء طهران الوقتيون حالياً.
على الصقور الأميركية والسعودية والإسرائيلية الجارحة أن تحذر مما تتمنى.