ماذا بعد انكشاف الأجندة السياسية للرياض اتجاه تحالفها مع العدو الصهيوني؟ وكيف ستواجه انعكاسات سلسلة الفشل والهزائم المتتابعة في اليمن والعراق وسوريا والبحرين؟

وما هي تأثيرات ذلك كله على الشأن الداخلي في “السعودية” سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً ، خصوصاً بعد انكشاف العجز الشامل للرياض عن تحقيق أي منجز سياسي, هذا ما نحاول استشرافه في الجزء الثاني من حوار “مرآة الجزيرة” مع الدكتور محمد صادق الحسيني, الباحث في الشؤون الإقليمية والخبير في الأمن القومي العربي..

في الشأن الخليجي نجد الرياض تتهم قطر بأنها تنحاز إلى إيران وكثيراً ما تُعبر عن انزعاجها اتجاه استمرار علاقات الدوحة الدبلوماسية، والإقتصادية، والسياسية مع طهران، في حين أنها تصمت عن العلاقات الإيرانية مع كل من الإمارات، وعُمان، والكويت، كيف تفسر هذه الإزدواجية، وعلى ماذا تتكئ الرياض في مواقفها السياسية الخليجية؟ ما يسمى بالصراع السعودي القطري ليس سوى عاصفة رعدية ترامبية لمزيد من استحلاب الأموال الخليجية، وهي لعبة أمريكية ماكرة تديرها وترعاها ادارة ترامب ولن تسمح لها بالصعود الى حالة التفلت، كما أنها  لن تتركها تهدأ وهي لعبة تدير من خلالها الإدارة الأمريكية إضافة إلى ما سبق إدارة التحشيد الإستراتيجي الأمريكي ضد إيران، وروسيا، والصين.

طبعاً ثمة مساحة ممنوحة إلى “آل سعود” للتعبير عن نزقهم وطموحاتهم الإقليمية الضيقة بخصوص رغبتهم في الهيمنة على كل عناصر القوة الخليجية بما فيها الكويتية والعمانية وهو ما لن تستطيع دويلة بن سلمان تحقيقه على أرض الواقع. طبعاً واحدة من أبعاد هذا الصراع هو فشل مشروع سيدهم الكبير في سورية والعراق ما يجعلهم يتنابزون بالألقاب حول من هو المتسبب بهذا الفشل، كما يقول المثل الإيراني الشهير “اذا ما اصطدمت محاريثهم بالصخور تناطحت أبقارهم بالقرون”..!

مرآة الجزيرة: المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز في حديث إلى الصحفيين، أشارت إلى وجود مساعي لفتح منفذ عبر ميناء اليمن، ودعا ترامب “بالسماح الكامل بوصول الوقود والمياه والأدوية إلى الشعب اليمني” هل هذه مؤشرات إنتهاء حرب الرياض وأمريكا على اليمن بعد مقتل علي عبد الله صالح، أم هو تسويق إعلامي لحماية محمد بن سلمان جرّاء مسؤوليته عن ما آلت إليه الحرب من قتل المدنيين من نساء، وأطفال، وشيوخ بالإضافة إلى إنتشار مرض الكوليرا الذي يهدد ملايين اليمنيين؟

هو سيناريو إعلامي ترويجي أمريكي لإدامة إدارة المستنقع اليمني الذي أدخلت أمريكا الرياض فيه، وهي لم تكن تتوقع النجاح الباهر لأنصار الله بالتخلص من الفتنة ووأدها وهو ما أذهلهم، لانهم كانوا يعدون العدة ولا يزالون للبننة اليمن ومحاولة إظهار إدارة بن سلمان وكأنها الحريصة على إيجاد الحلول السياسية لليمنيين، وإظهار اليمنيين وكأنهم يعيشون حرباً أهلية في مقدمة لإعلانهم دولة فاشلة والتبرير للتدخل الأمريكي المباشر.

وهذا ما لن يكون لهم لأن ما حصل هو العكس تماماً إذ تخلّصت أنصار الله من خلال الحماقة الأمريكية الإسرائيلية الإماراتية، من عقبة علي عبد الله صالح الذي كان بمثابة الورقة الأخيرة التي حاول العدوان الدولي على اليمن اللعب بها، وهكذا يكون أنصار الله قد انتقلو عملياً إلى مرحلة أفضل وأرقى في إدارة الدفاع المقدس عن بلادهم ووحدتهم الوطنية وهم يتجهون لإنجاز كبير قريباً ينهي الحرب لصالحهم وهزيمة مدوية لأل سعود قد تخرجهم من المسرح السياسي تماماً وينقل اليمن من دولة ضعيفة فاشلة إلى دولة أساسية ولاعبة بامتياز في الخليج والجزيرة العربية.

مرآة الجزيرة: هل فشل مشروع العائلة الحاكمة “آل سعود” في البحرين وذلك بالوقوف ضد ثورة البحرين التي اتهمتها صحافة وإعلام النظام السعودي بأنها “ثورة طائفية” تقف خلفها إيران؟ ولماذا تتخذ الرياض مواقف مناهضة لكل تحول ديمقراطي في المنطقة حتى لو أدى ذلك إلى سفك دماء الأبرياء.. كما حصل من خلال تدخلها المباشر في البحرين واليمن وغير المباشر في مصر وغير بلد عربي، على ماذا تعول الرياض في مواقفها المعاكسة لما يدعيه حليفها الأمريكي بدعم الديمقراطية والحريات في العالم؟

نعم أظن أن المشروع السعودي في البحرين وصل إلى طريق مسدود، ولم يعد بامكانهم الصرف من ميزانيتهم الخاصة عليه، وأنه سيأتي الوقت قريباً ليتركوا نظام البحرين في قارب التيه الإسرائيلي ليلاقي مصيره كما في حال كل الأنظمة التي رهنت قرارها للخارج. أما الموضوع الديمقراطي، وحقوق الانسان، والدفاع عن أنظمة لا تعمل بهذه المقولات من جانب النظام السعودي فهي سياسة من سنخ الدولة السعودية الثالثة التي اعتدنا عليها وعرفناها منذ الربع الأول من القرن الماضي، والذي يعيش بن سلمان عليها بسبب قوة دفع تلك الدولة حتى الآن، وهو أمر كلما تورطت واشنطن أكثر في الداخل السعودي، كلما ستحاول تغيير هذا السلوك، ولكن ذلك سيكون مشوهاً، وسقيماً، وتلفيقياً بما يجعل من السعودية فاقدة للسمتين، الدولة القوية المركزية كما الدولة المنفتحة الإصلاحية، وهو ما سيعجل بتفككها وبتحول أسرة آل سعود إلى أسرة آيلة للانقراض والعودة لى الدرعية.

مرآة الجزيرة: بناء على التطورات الإقليمية وانعكاساتها على دول الخليج وبالخصوص الرياض، وفق رؤيتك هل يمكن أن تصبح (إسرائيل) قارب نجاة إلى ولي العهد محمد بن سلمان لضمان تتويجه رسمياً ملكاً للبلاد أم تكون حبل مشنقة سياسية تلتف حول مستقبله لتماهيه مع الموقف الأمريكي في اعتبار القدس عاصمة (إسرائيل)؟ أعتقد جازماً وإن كان الجزم في السياسة غير مستساغ، إلى أن الكيان الصهيوني سيجعل من هزائم آل سعود على الساحات والميادين المختلفة تتسارع أكثر فأكثر، وستكون تل أبيب حبل مشنقة حكم بن سلمان ولن تجعله يهنأ ربما حتى في تسلم السلطة فيها.. عملياً انكشاف الكيان السعودي الذي نشأ بارإدة استعمارية أمام شعبه، وجيرانه، والعالم..

مرآة الجزيرة: في ضوء رؤيتك المستقبلية لجغرافية الصراع السياسي في المنطقة هل يمكن أن نشهد انتهاء الإرهاب الذي يغذيه الفكر الوهابي النجدي المدعوم من الرياض وحلفائها؟ نعم سنشهد انحساراً كبيراً للفكر الإرهابي الوهابي التقليدي لكننا سنواجه فكراً وهابياً إرهابيا داعشياً مغلفاً وربما حداثياً أيضاً، يعني متطوراً مستفيداً من حداثوية الغرب الذي أداره ورعاه، وهو ما سيستعيره من الكيان الصهيوني الحليف العلني لدواعش السياسة, ممن تبقى من دويلات وحكومات خسرت الرهان على الحرب بالوكالة وتستعد للبدء بالإعداد للحرب على شعوبنا ومقاوماتنا بالأصالة وهو ما نشهده من تحشيد وقح وسمج واستفزازي مفضوح ضد المقاومة وإيران وكل ما هو نهضوي في الأمة.

مرآة الجزيرة http://www.mirataljazeera.org/17547