لقي أكثر من 300 شخص حتفهم وأصيب حوالي 200 آخرون في هجوم غير مسبوق على مسجد في سيناء بمصر خلال صلاة الجمعة، مما يسلط الضوء على الجماعات الجهادية في البلاد.
وحتى الآن لم تعلن أية جماعة مسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي يعتبر الأكثر دموية في مصر، وإن كانت النيابة المصرية تقول إن تحقيقاتها تشير إلى أن تنظيم الدولة هو المنفذ.
ويعتبر تنظيم الدولة هو أبرز الجماعات المتشددة وأكثرها عنفا وله سجل في استهداف المدنيين في المنطقة بما في ذلك العمق المصري.
فيما ترتبط الجماعات الأخرى التي تنشط في المنطقة بتنظيم القاعدة المنافس لتنظيم الدولة.
ولاية سيناء
كان هذا التنظيم يعرف سابقا باسم “أنصار بيت المقدس” قبل إعلان مبايعته لتنظيم “الدولة الإسلامية” في نوفمبر / تشرين الثاني 2014.
أما “أنصار بيت المقدس” فقد ظهر إلى الوجود بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 عندما التحق مسلحون فلسطينيون بجماعة “التوحيد والجهاد” المصرية التي كانت تنشط في سيناء، وشكلوا معا هذه الجماعة.
ونشطت الجماعة في شبه جزيرة سيناء في بداية الأمر إذ احتمى افرادها بكهوف جبل “الحلال” الذي يقع في وسط سيناء.
وقد بدأت الجماعة عملياتها في سيناء بعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك واستهدفت بشكل أساسي اسرائيل وأنبوب الغاز المصري الذي يمر عبر سيناء إلى اسرائيل.
وبعد الإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي وسعت الجماعة نشاطها وبدأت بالتركيز على قوات الأمن والجيش المصريين في سيناء في بداية الأمر ثم توسعت في عملياتها لتشمل العاصمة القاهرة ومحافظة الجيزة وبعض المناطق الأخرى.
وواصلت الجماعة عملياتها حتى وصلت الى الصحراء الغربية المترامية الأطراف والتي تعتبر واحاتها نقطة جذب للسياح وأتاحت تضاريس المنطقة الجبلية أماكن مثالية لإختباء المسلحين إلى جانب قربها من الحدود مع ليبيا التي تضربها الفوضى.
جماعة “ولاية سيناء” تحد يواجه المؤسسة الأمنية في مصر
وتشير التقديرات إلى أن عدد أفراد الجماعة يتراوح ما بين 1000 الى 1500 مسلح ينتشرون في شبه جزيرة سيناء التي تبلغ مساحتها 60 الف كم مربع وهي تخضع لحالة الطوارىء منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 بعد هجوم دام قتل فيه 33 من عناصر الأمن.
وبالإضافة لهجماتهم ضد المسيحيين فإن التنظيم تبنى لهجة تهديد ضد الصوفيين الذين يعتبرهم مهرطقين. وقد أعلن أن الصوفيين الذين لا يتوبون سيقتلون.
وشملت عمليات التنظيم هجمات انتحارية واطلاق نار من سيارات مسرعة وحالات قطع رؤوس وإعدامات ميدانية على مرأى الناس واغتيالات.
جند الإسلام
ويرجع ظهور جماعة “جند الإسلام” إلى عام 2013، حين أعلنت مسؤوليتها عن استهداف مبنى المخابرات الحربية التابع للجيش المصري في مدينة رفح بسيناء. وأسفر الهجوم حينها عن مقتل وإصابة عدد من أفراد الجيش.
وفي عام 2015، بثت الجماعة مقطعا مصورا لتدريبات مقاتليها. ومنذ ذلك الحين، اختفت الجماعة ولم تظهر إلا من خلال بيانها الصوتي.
وقد أعلنت هذه الجماعة التي تعتنق فكر تنظيم “القاعدة” مؤخرا أنها استهدفت مسلحين بجماعة “ولاية سيناء” الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية.
ويرى محللون أن عودة الجماعة للظهور وممارسة النشاط المسلح ضد “ولاية سيناء” قد تؤدي إلى انشقاق في صفوف مسلحي تنظيم الدولة، وذلك في ضوء ما يعانيه التنظيم في سوريا والعراق، بالإضافة إلى تراجع الزخم في سيناء.
فمن شأن ظهور الجماعة اجتذاب مسلحين من صفوف “ولاية سيناء”، وإثارة نزاع مسلح قد يصب في صالح قدرة الجيش المصري على مواجهة هذه التنظيمات.
وقالت “جند الإسلام” إن الهجوم جاء في يوم 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وإنه استهدف سيارات لمسلحي “ولاية سيناء”، وأسفر عن مقتل أربعة منهم.
ووصف البيان مسلحي “ولاية سيناء” بأنهم من “الخوارج”.
وأرجعت الجماعة قيامها بتلك العملية إلى اعتداء مسلحي “ولاية سيناء” على المدنيين “المسلمين” في مدينة رفح المتاخمة للحدود مع قطاع غزة الفلسطيني.
وأدانت الجماعة هجوما شنه مسلحو “ولاية سيناء” على شاحنات نقل تابعة لشركة “العريش للأسمنت”، التي يديرها الجيش المصري، وأسفر عن مقتل تسعة سائقين مدنيين.
المرابطون
أعلنت هذه الجماعة المسلحة عن نفسها في عام 2015 ومنذ ذلك الحين لم تقم بأية هجمات مؤثرة بل هي تصدر فقط تهديدات وبيانات. وتشير دعايتها إلى أنها ربما يكون لها علاقة بالقاعدة.
ويقود هذه الجماعة أبو عمر المهاجر، وهو ضابط سابق في الجيش اسمه هشام عشماوي وكان عضوا بارزا في جماعة أنصار بيت المقدس.
وفي أكتوبر/تشرين أول عام 2015 دعا عشماوي إلى قتل ضباط الجيش والانتقام لمقتل الفلسطينيين على يد قوات الأمن الإسرائيلية.
جدد عشماوي رسالته في مارس /آذار عام 2016 حيث دعا رجال الدين الإسلامي إلى لعب دور نشط في تشجيع الشباب على الجهاد.
أنصار الإسلام
ظهرت هذه الجماعة الجديدة في نوفمبر/تشرين ثاني الجاري عندما أعلنت مسؤوليتها عن هجوم على قوات الأمن في الواحات في الصحراء الغربية بمصر.
تسلسل زمني لأبرز الهجمات على قوات الأمن والجيش في مصر
ووصفت الجماعة الهجوم الذي أسفر عن مقتل عدد كبير من رجال الأمن بأنه “بداية الجهاد”.
وقد رحب أنصار القاعدة على نطاق واسع بإعلان هذه الجماعة.
ودعت جماعة أنصار الإسلام المصريين إلى “الجهاد” أو دعمها بالمال.
أجناد مصر
ظهرت هذه الجماعة في يناير/كانون الثاني 2014 ونفذت هجمات في القاهرة.
ويشير المحللون إلى أن لها علاقات بالقاعدة كما أنها نسقت هجماتها مع أنصار بيت المقدس قبل انضمام الأخيرة لتنظيم الدولة.
مصر: لماذا تتكرر هجمات المسلحين على شمال سيناء؟
ودأبت هذه الجماعة على تأكيد أنها تحاول تجنب إلحاق خسائر في صفوف المدنيين.
ويعتقد أن الكثير من أعضائها حاليا في السجن.
وفي أكتوبر/تشرين أول عام 2017 سعت السلطات المصرية إلى الحصول على أحكام بالإعدام ضد 13 شخصا يشتبه في انضمامهم لهذه الجماعة.
ويواجه أولئك الأشخاص اتهامات بقتل جنود وضباط شرطة ومدنيين، ومن المتوقع صدور الحكم في قضيتهم في ديسمبر/كانون أول المقبل.
حسم
ظهرت حركة سواعد مصر “حسم” في صيف 2016 وتركز على مهاجمة الشخصيات الحكومية والأمنية في القاهرة وغيرها من أنحاء مصر.
وتربط السلطات المصرية ووسائل الإعلام بين حسم وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر.
ما الرسائل التي يحملها الهجوم على مسجد في سيناء؟
ودعاية هذه الجماعة إسلامية و”مؤيدة للثورة” أكثر منها جهادية.
وقد استهدفت الجماعة في الأول من أكتوبر/تشرين أول الماضي سفارة ميانمار في القاهرة بعبوة ناسفة للتعبير عن تضامنها مع مسلمي الروهينجا، وذلك بحسب بيان الجماعة.
ونشرت حسم في يناير/كانون ثاني الماضي شريط فيديو دعائيا عن معسكرات التدريب الخاصة بها.
BBC