"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الكتاب الذي أسس لفقه الذبح والدماء

لعل الكثيرون لا يعرفون أن داعش تستند في ذبحها للمواطنين وقطعها للرقاب إلى جهادي مصري، أسس لما يسمى بفقه الدماء، وهو أبو عبدالله المهاجر، أو عبد الرحمن على، الذي كان أستاذاً لأبو مصعب الزرقاوى، المؤسس الأول لداعش، والذى كان يطلق عليه أمير الذباحين.

عبد الرحمن علي أو أبو عبدالله المهاجر، مصري الجنسية، يتمتع باحترام وتقدير من كافة التنظيمات التكفيرية في العالم، تلقى علومه الإسلامية في باكستان، وكانت تربطه علاقة وثيقة بالزرقاوي، تخرج في الجامعة الإسلامية في إسلام آباد، واستقر بعض الوقت في أفغانستان حيث أنشأ مركزاً علمياً دعوياً في معسكر خلدن، ودرس في مركز تعليم اللغة العربية في قندهار، ثم في معسكرات المجاهدين في كابل، وتولى التدريس في معسكر الزرقاوي في هيرات، وكان مرشحاً لتولي مسؤولية اللجنة العلمية والشرعية في تنظيم القاعدة، وكان معتقلا في إيران، وقد أفرج عنه وعاد إلى مصر بعد أشهر من قيام ثورة 25 يناير، ثم هرب مرة أخرى إلى خارج البلاد.

أحيا المهاجر من التراث، كل ما هو وحشي، يخيف القلوب وينشر الرعب، فى كتابه “مسائل في فقه الجهاد” في 20 مسألة تختص بمسائل جهادية، يعرض فيها المواقف منها في كل من فقه الحنابلة وفقه المالكية، ثم يُتبعها بـ«إجماع العلماء»، ليخلص إلى استنتاج يكون قاعدة يُبنى عليها الحُكم الواجب اتّباعه، ويدور حديثه حول دور الحرب، وخلال كتابه، ينطلق من قاعدة ثابتة تقوم على تقسيم العالم إلى قسمين: دار إسلام ودار كُفرٍ وحرب، والأولى هي التي يُطبق فيها حكم الشريعة الإسلامية، والثانية التي تعلوها أحكام الكفر، وفق قوله.

المهاجر في كتابه الذي تناهز صفحاته الـ600، يرى أن الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله مرتدون وأنه «لا بأس بالاستعانة في القتال بالكفار والمرتدين والطوائف الضالة»؛ لأن ذلك «نظير الاستعانة بالكلاب على قتال المشركين»، كما يسفه رأى من يعتقدون أن الإسلام، هو النطق بالشهادتين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصوم، والحج، فحسب، إذ يوضح أنه: “إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد ولا في ضجيجهم بـ”لبيك”، ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة”، ويقصد بهم حكام المسلمين”.

ويرى أبو عبد الله المهاجر المفاصلة مع الكافرين، بل ومشروعية قتل الكفّار بكل ما يمكن من السلاح، حتى لو اختلط بهم من لا يجوز قتله من المسلمين، مبرراً ذلك بالغاية الهادفة إلى إعلاء كلمة الله.

ورغم تسليمه بأن «قتل عدد من المسلمين مفسدة كبيرة، إلا أن برأيه الوقوع في هذه المفسدة الكبيرة جائز، بل واجب دفعاً لمفسدة أعظم، وهي مفسدة تعطّل الجهاد». إضافة إلى ذلك، يُعزّز نظريته بالقاعدة الفقهية القائلة إن حفظ الدين مقدّمٌ على حفظ النفس.

كما يرى المهاجر أن مناصرة المشركين ومظاهرتهم على المسلمين في أي صورة من الصور كُفرٌ مخرجٌ من الملّة. ويتحدث عن مشروعية قتل المرتد وإن أظهر التوبة. وكذلك الأسير الذي قال بـ«جواز تعذيبه وتعزيره إن كانت هناك غاية وليس لمجرد التعذيب”.

وأفرد المهاجر عشرات الصفحات للكلام عن الشيعة بوصفهم كفارًا رافضة، مشجّعاً على قتلهم والاقتصاص منهم بوصفهم الأخطر على أمة الإسلام من جميع الأعداء، فيبرز قوله: “عرف العارفون بالإسلام أن الرافضة تميل دوماً مع أعداء الدين». إذ يُنقل عن «شيخ الإسلام ابن تيمية أنه: ما اقتتل يهودي ومسلم، ولا نصراني ومسلم، ولا مشرك ومسلم، إلا كان الرافضي مع اليهودي والنصراني والمشرك”.

كتاب المهاجر يتطرف بشكل أكثر تفصيلاً، ليعبر عن كل الاختلافات مع السلفية الجهادية في مسائل تكفير المعين، وقتل المرتدين، وجهاد الحكومات، فيتحدث مؤلفه عن مسألة قتل النساء والصبيان، وينطلق فيها من أحاديث «تُحرّم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا يُقتلون». لكنه في الوقت نفسه، ويلفت إلى أن «للمرأة آثاراً عظيمة في القتال، منها الإمداد بالأموال، ومنها التحريض على القتال».

أما مسألة التمييز بين المدني والعسكري، فيرى المهاجر أن هذا التفريق باطلٌ، باعتبار أن الإسلام لا يُفرّق بين مدني وعسكري، إنما يُفرّق بين مسلم وكافر. فالمسلم معصوم الدم أيّاً كان، فيما الكافر مباح الدم أيّاً كان. ويذهب إلى جواز قتل جميع «أصناف الكفار من النساء والصبيان والشيوخ”.

ويتطرق المهاجر إلى مشروعية قطع رؤوس الكفار، فينطلق من آية قرآنية يرى أن تأويلها يُفيد بأن «الله أمر بضرب رؤوس الكفار والمشركين وأعناقهم»، ويستند إلى عدد من الأحاديث لأئمة السنّة يستنتج منها «مشروعية جزّ الرقاب وقطع الأطراف».

ويرى أن «الله لم يقل اقتلوا الكفار فقط، لأن في عبارة ضرب الرقاب من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره، وهو حزّ العنق». هكذا يخلص الكاتب إلى القول إن “قطع الرؤوس أمرٌ مقصود بل محبوب لله ورسوله رغم أنوف الكارهين”.

ويشير أيضاً إلى أن “الأحاديث التي فيها القتل بضرب العنق كثيرة جداً»، فيذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، أن «خالد بن الوليد في حروبه ضد المرتدين ضرب عنق أحد رؤسائهم، ثم أمر بالرأس فطُبخ في قدر أكل منه خالد تلك الليلة ليُرهب الأعراب من المرتدة وغيرهم”.

ويخلص عبد الرحمن على إلى أن «صفة القتل بقطع الرأس وحزّه صفة مشروعة درج عليها الأنبياء والرسل». ويخوض في أحكام المُثلَة، أي التمثيل بأجساد القتلى عبر قطع أطرافهم وفقء عيونهم، فيقول إن رسول الله حرّمها ابتداءً، لكنه يلفت إلى أنها جائزة كرد صاعٍ أو إذا كانت الغاية منها إرهاب العدو، عندها تُصبح مُستحبة إلى درجة الوجوب.

وأفرد المهاجر، عشرات الصفحات للكلام عن الشيعة بوصفهم رافضة مشجّعاً على قتلهم والاقتصاص منهم بوصفهم الأخطر على أمة الإسلام من جميع الأعداء، فيبرز قوله: «عرف العارفون بالإسلام أن الرافضة تميل دوماً مع أعداء الدين». إذ يُنقل عن “شيخ الإسلام ابن تيمية أنه: ما اقتتل يهودي ومسلم، ولا نصراني ومسلم، ولا مشرك ومسلم، إلا كان الرافضي مع اليهودي والنصراني والمشرك”.

ويتطرق أيضاً إلى مشروعية «العمليات الاستشهادية»، فيقول إنها لم تُعرف في السابق بصورتها الحالية، لكنها عُرفت بمعناها وحقيقتها وجوهرها، يستند إلى أحاديث، نقلاً عن الصحابة، ليخلص إلى جوازها، فهي لا تُعدّ رمياً للنفس في التهلكة، باعتبار أن قتل النفس انتحاراً جرم، إنما الدافع هنا حب الشهادة الذي يغرر إلقاء النفس في غمرات القتال وإن تيقن الهلكة. ليس هذا فحسب، بل يرى أن هناك مشروعية في إتلاف النفس لمصلحة إظهار الدين أو رغبة في الشهادة.

وفي المسألة الثانية عُنونت بـ«لا عصمة إلا بإيمانٍ أو أمان». ينطلق فيها من الحديث القائل إن “كل كافر لم يؤمّنه أهل الإسلام بعهد من ذمة أو هدنة أو أمان، فلا عصمة له في دم أو مال”، ويغوص في الأحاديث والآيات التي يخلص منها إلى القول إن كل من لا يملك عصمة يجوز قتله.

ويتطرق إلى مسألة قتل النساء والصبيان، فينطلق فيها من أحاديث «تُحرّم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا يُقتلون». لكنه في الوقت نفسه، يلفت إلى أن «للمرأة آثاراً عظيمة في القتال، منها الإمداد بالأموال، ومنها التحريض على القتال». وانطلاقاً من ذلك يبيح قتلهن.

أما مسألة التمييز بين المدني والعسكري، فيرى المهاجر أن هذا التفريق باطلٌ، باعتبار أن الإسلام لا يُفرّق بين مدني وعسكري، إنما يُفرّق بين مسلم وكافر، فالمسلم معصوم الدم أيّاً كان، فيما الكافر مباح الدم أيّاً كان، ويذهب إلى جواز قتل جميع “أصناف الكفار من النساء والصبيان والشيوخ”.

كما يرى مشروعية قتل الكفّار بكل ما يمكن من السلاح، حتى لو اختلط بهم من لا يجوز قتله من المسلمين، مبرراً ذلك بالغاية الهادفة إلى إعلاء كلمة الله. ورغم تسليمه بأن “قتل عدد من المسلمين مفسدة كبيرة”، إلا أنه برأيه الوقوع في هذه المفسدة الكبيرة جائز، بل واجب دفعاً لمفسدة أعظم، وهي مفسدة تعطّل الجهاد، ويُعزّز نظريته بالقاعدة الفقهية القائلة إن حفظ الدين مقدّمٌ على حفظ النفس.

كذلك يتطرق إلى مشروعية قطع رؤوس الكفار، فينطلق من آية قرآنية يرى أن تأويلها يُفيد بأن “الله أمر بضرب رؤوس الكفار والمشركين وأعناقهم». ويستند إلى عدد من الأحاديث يستنتج منها «مشروعية جزّ الرقاب وقطع الأطراف”.

ويرى أن «الله لم يقل اقتلوا الكفار فقط، لأن في عبارة ضرب الرقاب من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره، وهو حزّ العنق، هكذا يخلص الكاتب إلى القول إن “قطع الرؤوس أمرٌ مقصود بل محبوب لله ورسوله رغم أنوف الكارهين”.

ويشير أيضاً إلى أن «الأحاديث التي فيها القتل بضرب العنق كثيرة جداً»، فيذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، أن “خالد بن الوليد في حروبه ضد المرتدين ضرب عنق أحد رؤسائهم، ثم أمر بالرأس فطُبخ في قدر أكل منه خالد تلك الليلة ليُرهب الأعراب من المرتدة وغيرهم”، ويخلص الشيخ عبد الرحمن إلى أن “صفة القتل بقطع الرأس وحزّه صفة مشروعة درج عليها الأنبياء والرسل”.

ويتطرق أيضاً إلى مشروعية «العمليات الاستشهادية»، فيقول إنها لم تُعرف في السابق بصورتها الحالية، لكنها عُرفت بمعناها وحقيقتها وجوهرها. يستند إلى أحاديث، نقلاً عن الصحابة، ليخلص إلى جوازها.

ويقول “غزو الكفار واجب وإن لم يبدؤونا بالقتال، وقال أهل العلم يغزوهم الإمام حسب المصلحة, ودار الكفر دار إباحة للمسلمين بالإجماع، ومنذ بدء الإسلام والناس بين مسلم وكافر، وبعد الإسلام أصبحوا مسلم وكافر ومحارب، وأهل ذمة”.

وقال: ويشرع لعباد الله المجاهدين، أن يقدموا أرواحهم في سبيل الله بالعمليات الجهادية، وفقًا للقاعدة، أن الشريعة جاءت بالتسوية بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات”.

ورأي أبي عبد الله المهاجر في الصفحة 42 وجوب قتل المرتد ناقلاً عن ابن قدامة المقدسي في المغني وغيره وقال: ليس للمرتد إلا الإسلام أو السيف، وإن ها هنا أمراً هاماً يجب التفطن إليه وهو أن إسلام المرتد لا يتحقق إلا برجوعه عما ارتد به فالقاعدة هنا أن الباب الذي خرج منه هو الباب الذي يرجع منه لا غير مع إعادته للشهادتين على الصحيح وهذا مما لا خلاف فيه.

أما عن التترس فقال: ووجه الدلالة في مسألة التترس لما نحن فيه أنه يجوز للتوصل إلى قتل الكفار أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتل مسلم بسلاح المسلمين وأيدي المسلمين.

وتحدث عن مسألة البيات، ويقصد بها تبيت العدو ليلا وقتله والنكاية فيه وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكفار ونسائهم، وقال: لا نعلم أحداً كره البيات.

ورأى أن قتل الجمع الغفير والعدد الكثير والطائفة من الأسرى إذا استسلموا لحكم المسلمين مستدلاً بقصة سعد ابن معاذ عندما حكم في بني قريظة أن تسبى نساؤهم وذراريهم وتقتل محاربتهم وتقسم أموالهم: وقال: ظهر لنا بذلك أن الأسير من الكفار المرتدين لا يعصم دمه بتلفظه بالشهادتين أو إظهاره لغير ذلك من شعائر الإسلام كالصلاة وغيرها.

وذهب إلى جواز التحريق والتخريب في بلاد العدو وكرهه الأوزاعي و الليث وأبو ثور واحتجوا بوصية أبو بكر لجيوش المسلمين ألا يفعلوا شيئاً من ذلك وأجاب الطبري بأن النهي محمول على القصد لذلك بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في خلال القتال كما وقع في نصب المنجنيق على الطائف وهو نحو ما أجاب به في النهي عن قتل النساء والصبيان وبهذا كله قال أكثر أهل العلم ونحو ذلك القتل بالتغريق وقال غيره:إنما نهى أبو بكر جيوشه عن ذلك لأنه علم أن تلك البلاد ستفتح فأراد إبقاءها على المسلمين.

الكتاب هو بالطبع فقه للدماء، وفقه للذبح وقطع الرؤوس، وفى هذا الإفادة لمن أراد أن يعرف خطورة عدم تنقية كتب التراث، أو أراد أن يعرف دور المصريين المنضمين للجماعات التكفيرية، في التنظير لفقه القتل.

 ماهر فرغلي

 aman-dostor.org/304