منطقة السيدة زينب ( عليها السلام ) بالقاهرة من موسوعة مقامات أهل البيت
مختصر موسوعة مقامات آل البيت وأولياء الله الصالحين
تأليف
على محمود محمد على
منطقة السيدة زينب ( عليها السلام )
( 5 )
الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ
الحمد لله رب العالمين * الحمدد الله الذى يسر لنا الطريق المستقيم * الحمدلله الذى جعل المريد الصادق ذى بصر وبصيرة * الحمد لله الذى هدانا لهذا الطريق السليم *الحمد الله الذى يسر لنا الطريق وسهل لنا منهج المصدقين بكرامات آل البيت عليها رضوان الله تعالى وأولياء الله الصالحين رضى الله تعالى عنهم جميعا وقدس الله سرهم فهم مصابيح النور الذى نهتدى بهم فى الطريق السليم * وصلى الله على نبينا ورسولنا وقدوتنا مولانا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو النور المنير الذى أضاء بوجهه الكريم الكون فاللهم صلى وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين *
أما بعد **
الأخوة الكرام تكملة لما سبق أن نشرناه عن مقامات آل البيت وأولياء الله الصالحين بمصر المحروسة نكمل الطريق فهذه الخريطة تبدأ من شارع السد البرانى بحى السيدة زينب عليها السلام إلى تقاطع شارع الأزهر بشارع بورسعيد وتشمل على الأتى مسجد الطيبى بأول شارع السد البرانى ثم نتجه يمين إلى مسجد سيدى على زين العابدين رضى الله عنه ثم نرجع قليلا إلى مقام سيدى محمد السدى ثم مقام سيدى محمد المواردى – فسيدى الحبيبى – الشيخ عبد الله – الشيخ على المواردى – الشيخ الكرمانى – ثم سيدتنا عقيلة بنى هاشم السيدة زينب عليها السلام ثم سيدى العتريس وسيدى العيدروس ثم الشيخ على الجنيد والشيخ تمراز الأحمدى والشيخ الخضيرى – ومسجد أبى اليسر والمذعوم بأنه مسجد كعب الأحبار – ثم مقامات بدرب الجماميز – سيدى أحمد بن أدريس – سيدى الحنفى – الشيخ صالح أبو حديد – ثم زاوية أبى الليف – مقام سيدى عبد الرحمن الصحابى – مسجد أبو العزايم والطريقة العزمية –مسجد فاضل باشا والمذعوم بأنه مسجد الشيخ محمد رفعت – وبيت غراب – سيدى إبراهيم الأنصارى (آق سنقر) ثم مسجد سيدى كريم الخلواتى ثم مسجد سيدى محمد أبو طبل فمسجد أبى درع – ثم مسجد سيدى عبد الله المحض أبن سيدتنا السيدة فاطمة النبوية بنت مولانا الإمام الحسين عليه السلام – ثم السيدة فاطمة النبوية بدرب سعادة – ثم السيدة صفية بنت إسماعيل الغمر بسجن الأستئناف بباب الخلق – ثم مسجد فاطمة الشقراء والمسمى بمسجد المرأة – ثم قبة ومسجد الكلشنى ومن قبر معه من الصالحين – ثم زاوية أبى النور وهى تحت جامع المؤيد شيخ والملصق بباب زويلة – ثم نرجع لشارع بورسعيد ونترك مديرية آمن القاهرة فنجد جامع البنات والمذعوم بأنه به رفات من بنات سيدى النبى صلى الله عليه وسلم ثم نجد فى المواجهة جامع التسترى – ثم نتجة إلى حى الموسكى بدرب البرابرة فنجد مسجد سيدى أبن بطالة ثم نرجع بين الموسكى وشارع الأزهر والمتجه إلى الجامع الأزهر فنجد على اليسار السالك جامع سيدى محمد المنير * ونقف عند هذا المكان لنبتدأ إن شاء الله فى تكملة أخرى بعد أن نذكر سيرة هؤلاء الأولياء نفعنا الله بهم وقدس سرهم * ويجب علينا فى هذا المقام أن لا نبتدأ بهذا الكتاب قبل أن نذكر سيدتنا عقيلة بنى هاشم عليها السلام
السيدة زينب عليها السلام
ولدت السيدة زينب رضى الله عنها فى السنة الخامسة من الهجرة وكانت رابع مولود لسيدنا الإمام على كرم الله وجهه ولسيدتنا الطاهرة البتول سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء رضى الله تعالى عنها * والسيدة زينب رضى الله تعالى عنها ومعنى زينب أى الفتاة القومية الودود وقد أختار لها جدها عليه أفضل الصلاة والسلام أسما من أحب الأسماء اليه وأعزها عليه وهو أسم زينب أبنته واول ما رزق من السيدة خديجة رضى الله عنها وقد تزوجت قبل النبوة من بن خالتها أبى العاص بن الربيع ولم يبادر أبى العاص فى الدخول الى الإسلام وبقيت السيدة زينب فى عصمته إذ لم ينزل تشريع يفرق بين الزوجة المسمة والزوج المشرك ولما كانت غزوة بدر جاء أبو العاص يقاتل فى صفوف المشركين فهزموا جميعا وأخذ وأخذ أبو العاص أسيرا ولما مر الرسول عليه الصلاة والسلام على الأسر أرسلت قريشا تفتدى بها أسرها وحين تفقد الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الاموال وقعت علينه الشريفه على قلادة حين رأها أغرقت عيناه بالدوموع إذ كانت القلادة لأبنته زينب الحبيبة بنت السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها وقد قلدتها إياها قبل الزفاف فهاجته الذكرى وقال لأصحابه إن شئتم ان تردوا إلى زينب قلادتها وتطلقوا لها أسيرها فأفعلوا … ففعلو الصحابة وأشترط الرسول عليه الصلاة والسلام على أبى العاص إن يرسل زينب إلى المدينة إذا لم تعد له حلالا بعد أن جاء التشريع االسماوى بذلك *
ونعود بالحديث إلى السيدة زينب رضى الله عنها حيث أوود إلى أحضان أمها الزهراء رضى الله عنها بعد موت سيدنا رسول الله صلى الله عليه سولم فكانت تقتدى بها وتتعلم منها وتصلى بصلاتها وتتهجد بتهجدها وتناجى بها وبعد وفاة السيدة الزهراء رضى الله عنها وذلك بعد ستة أشهر من وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت السيدة زينب بمثابة الأم لأخواتها الحسين والحسين ولأختهما الصغرى أم كلثوم وتعلمت السيدة زينب من علم أبيها التى كانت فيضا من بحار جدها فقد روى عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا مدينة العلم وعلى بابها ) وقد ضرحت كثر من الأمثلة فى الحلال بين والحرام بين ، وقيل جلس الحسن والحسين يتذكران يوما ما سمعه من جدهما صلى الله عليه وسلم فى الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن أتقى الشبهات فقد أستبرا لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحمى يوشك ان يرتعل فيه ، ألا وأن لكل ملك حمى الا وأن حمى الله محارمه ألا وأن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلخ الجسد كله وإذا فسدت فسد الجشد كله ألا وهى القلب ، فقالت رضى الله عنها أسمعا يا حسن ويا حسين إن جدكم رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤدب بأدب إلهى فأدبه ربه فأحسن تأديبه فقال أدبنى ربى فأحسن تاديبى كما هىء كذلك من رب العالمين لحمل رسالة الدين والدعوة إلى عبادة الله العظيم الذى ليس كمثله شىء وهو السميع البصير .
ومن كجدى النبى العربى القرشى الذى أصطفاه الله تعالى واختاره ليبين للناس طريق الحياة من خير وشر ، فهناك ثلاثة درجات فى الدين حلال ، حرام ، ومشتبه
أما الحلال : فهو ما حلله الله عز وجل فى القرآن ورسوله فى سنته
وأما الحرام : فهو ما حرمه الله فى القرآن وهو على النقيض من الحلال
وأما المشتبه فيه : فهو الشىء الذى ليس بالحلال ولا بالحرام
وهاكذا مضت فى شرح الحديث وما يذكر أن عليا زين العابدين رضى الله عنه كان يقول لها يا عمتاه أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفاهمة غير مفهمة ومعنى ذلك أنها لعظيم تقواها وحسن صلتها بربها كان الله عز وجل ليفيض عليها وهو تعالى يقول فى محكم آياته ( واتقو الله ويعلمكم الله والله بكل شىء علميم )
وكانت السيدة زينب رضى الله عنها تناجى ربها ومن صيغة ماجاتها إنها كانت تقول فى سكون الليل ( يا من لبس العز وتردى به ، سبحان من تعطف بالمجد وتكرم ، سبحان من لا ينبغى التسبيح إلا له جل جلاله ، سبحان ذى العز والنعم سبحانه ذى القدرة والكرم اللهم إنى اسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك العظيم وجدك الأعلى وكلماتك التامات التى تمت صدقا وعدلا أن تصلى على سيدنا محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وأن تجمع لى خير الدنيا والآخرة أنت الحى القيوم وأنت هديتنى وأنت تطعمنى وتسقينى وأنت تميتنى وتحينى ، فأرحمنى برحمتك يا أرحم الراحمين وعندما بلغت السيدة زينب رضى الله عنها سن الزواج تقدم لها عبد الله بن جعفر بن أبى طالب بخطبتها فرحب به الإمام على ترحيبا حارا لأنه يحبه نظرا لأنه بن أخيه جعفر الذى كان أحب إخوته إليه فقد ابلى فى الإسلام بلاء حسنا وكان خطيبا للمهاجرين بالحبشة وقد شرح الإسلام شرحا وافيا للنجاشى وقرأ عليه القرآن قراءة أحتذبته للأيمان فاسلم وأسلم من كان حوله من القسسين والرهبان ، وقد أثمر الزواج أطيب الثمرات فقد ولد لها محمد وعوف وعلى وأم كلثون وأم عبد الله ، وقد حضرت السيدة زينب رضى الله عنها إلى مصر عام 61هـ ولنا هنا وقفه يقصها علينا أعلام الآثر .
رفات جثمان السيدة زينب مدفونة فى مرقدها المعروف تحقيقا
لحسن أفندى محمد قاسم
اثبت الحجة المدقق المرحوم حسن قاسم ردا على الفتوى بمجلة الإسلام ردا علميا موثقا محددا غير مسبق – أثبت فيه بالدليل القاطع أن الضريح والمرقد الحالى المنسوب بمصر إلى السيدة زينب بنت على أخت الحسين خو لها فعلا ، وأن الضريح الذى الذى قال ابن جبير أنه للسيدة زينب بنت يحى بن زيد بن على بن زين العابدين بن الحسين موجود ايضا بالقاهرة ولكنه للسيدة زينب بنت يحى المتوج بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب لأ يحى بن زيد استشهد عن ثمانية عشر عاما ولم يتزوج ولم ينجب فهو خطأ سببه التشابه فى الاسم بين يحى الضى هو من أبناء الإمام الحسن ويحى الذى هو ممن أبناء الحسين –
وقبر زينب بنت يحى هو قبر العيناء فاطمة بنت القاسم التى دفنت مع زينب ، شرقى مسجد الإمام الشافعى بعيدا جدا عن مشهد عمتها السيدة زينب بنت على المعروفه للمسليمن جميعا بالقاهرة *
نصوص أدلة الأستاذ حسن قاسم :-
يقول الأستاذ : إن على باشا مبارك ذكر فى خططه أنه لم يقف على أول من أنشأ هذا المسجد قبل القرن العاشر الهجرى وأنه نقل عن الرحالة ابن جبير ما زاره من المشاهد التى من جملتها مشهد لزينب بنت الإمام يحى بن الحسين بن على 0
ثم ذكر فضيلته أن الأمامين : الطبرى وابن الأثير كلاهما جزم باستقرار السيدة زينب فى المدينة 000 فمنعا لهذا الإيهام أقول :
أولا : كلام محمد الكوهن الفاسى :
( جاء فى رحلة الفقيه الأديب الرحالة أبو عبد الله محمد الفاسى )
التى علمها فى أواخر القرن الرابع الهجرى أنه دخل القاهرة فى 14 من المحرم سنة 365هـ والخليفة يومئذ أبو النصر / مزار بن المعز لدين الله أبى تميم الفاطمى فزار جملة من المشاهد من بينها هذا المشهد وذكر ما عاينه من الصفة التى كانت عليها وقتئذ ، فقال :
دخلت ( مشهد زينب بن على ) على ما قيل لنا ، فوجدناه داخل دار كبير وهو فى طرفها البحرى يشرف على الخليج ، فنزلنا إليه بدرج وعاينا الضريح ، فوجدنا عليه ( دربوزا ) يعنى (داربزين ) قيل لنا دخلت ( مشهد زينب بن على ) على ما قيل لنا ، فوجدناه داخل دار كبير وهو فى طرفها البحرى يشرف على الخليج ، فنزلنا إليه بدرج وعاينا الضريح ، فوجدنا عليه ( دربوزا ) يعنى (داربزين ) قيل لنا نه من الخشب القمارى ، فاستبعدنا ذلك ، لكن شممنا منه رائحة طيبة ، ورأينا بأعلى الضريح قبة بناء من الجص ، ورأينا فى صدر الحجرة ثلاثة محاريب ، اطوالها الذى فى الوسط ، وعلى ذلك كله نقوش غاية فى الاتقان ، ويعلو باب الحجرة ( زليخة قرأنا فيها بع البسملى ) و( أن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ) هذا ما أمر به عبد الله ووليه أبو تميم أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين 0
أمر بعمارة هذا المشهد على مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول : زينب بنت الإمام على بن أبى طالب صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين 0
وهذه الرحلة من محفوظات مكتبة عارب بك بالمدينة ( إذن فالضريح موجود معروف من قبل القرن الرابع قبل الفاطميين بل من القرن الثنى كما سيأتى ) 0
ثانيا : كلام السخاوى
ذكر السخاوى فى كتاب ( أوقاف مصر ) أن الحاكم بأمر الله أوقف على هذا المشهد مشهد السيدة زينب ومشاهد أخرى عدة قرى وضياع ( كأطفيح ) و( صول ) وعيرهما 0
ثالثا : ابن الأثير والطبرى وابن عساكر وابن طولون :
الطبرى وابن الأثير لما ذكر محنة الحسين التى شاركته فيها أخته زينب لم يتعرضا ل1كر وفاتها وإلا فكانا ذكرا ما عرفناه عن ذلك والمؤرخون الذين تعرضوا لذكر تلك بعضهم تضاربت أقوالهم ، فلم يخرجوا بنتيجة تفيد الباحث ، وقليل منهم منهم ذكروا أنها دخلت مصر بعد مصرع أخيها بيسير من الزمن وأقامت بها أشهر ودفنت بها 0
ومن هؤلاء الذين قالوا بخولها مصر ( الحافظ بن عساكر الدمشقى مؤرخ القرن السادس الهجرى : ذكر ذلك فى تاريخه الكبيير المحفوظ بالمكتبة الخالدية بدمشق ، والمؤرخ ابن طولون الدمشقى فى رسالة مستقلة ( إذن فالقبر كان معروفا قبل القرن السادس ) رابعا : الشريف الأزورقانى :
( فى كتاب الأنساب ( كبحر الأنساب للشريف الأزورقانى ) من علماء القرن السابع الهجرى ، وابن عنبة الحسنى من علماء القرن الثامن الهجرى / ومن تقدمهم من علماء النسب لم يذكروا أن ( ليحى بن زيد ) الشهيد عقبا ، لقتله لما خرج بعد قتل بأبيه ( بالجوزجان ) على ( نصر بن بشار ) وإلى خرسان وكان من أمره أن قتل بيد مسلم بن أحون الذى بغثه نصر المذكور فى 3000 ثلاثة الأف رجل ، فقتلوه فى سنة 125هـ وله من العمر 18 عاما ، وأنظر كتاب الفرق للبغدادى والمعارف لابن فتيبة ( وإذن فزينب هذه لسيت ابنته وبينه وبينها زمن طويل )
خامسا : نتيجة ما سبق
فما ذكره فى رحلة ابن جبير ونقله صاحب الخطط وصححه فضيلته الأستاذ كلاهما خطأ واضح ، غذ أن زينب التى زار مشهدها ابن جبير هى زينب بنت يحى المتوج يحى بن الحسن المثنى ين زيد بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب دخلت مصر سنة 193هـ مع عمتها السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور العلوى أمير المؤمنين فى أواسط القرن الثانى الهجرى وشمهدها الذى زاره ابن جبير فى القرافة شرقى الشافعى لا فى هذه المنطقة الواقع بها المشهد الزينبى ( انظر رحلى ابن جبير المخطوطة ) وهذا المشهد معروف بالقرافة وهو المشهور الآن بمشهد العيناء ( فاطمة بنت القاسم بن محمد المأمون بن جعفر الصادق ) لدفنها به هى الآخرى مع زينب بنت يحى المتوج وكان إلى أواخر القرن الثانى الهجرى ويعرف بمشهد السيدة زينب بنت يحى المتوج وهى وابوها وجميع من أقاربها ، دخلوا مصر وماتوا بها ولهم مشاهد معروفة وقد ورد ذكر هذا المشهد فى كثير من كتب السخاوى والكواكب السائرة للسكرى الذى هو آخر مؤلف فى المزارات المصرية ( وهذه المراجع جميعها مشهورة ومتداولة )
سادسا : القول الفصل للعبدلى :
الذى قضى على هذا الخلاف الواقع فيه جمهرة المؤرخين من قرون عديدة رسالة استنسختها من حلب بواسطة أحد أصدقائى ( للعبدلى ) الحسن بن يحى بن جعفر (( الحجة )) بن عون الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن على بن زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب المولود سنة 124 هـ بالعقيق بأرض ( الحجاز ) بقصر ابن عاصم ، المتوفى بمكة سنة 277هـ مؤلفها المذكور ( أخبار الزينبيات ) ذكر فيها كل من سميت ( زينب ) من آل الييت وغيرهم ، فترجم لزينب هذه الكبرى وأختها الوسطى والصغرى وذكر فيها فى آخر ترجمة زينب الكبرى إنها بعد سيرت للشام ثم لامدينة ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والى المدينة من قبل يزيد فاستصدر أمر يزيد بنقلها من المدينة فنقلت منها إلى مصر ، فدخلتها على مسلمة بن مخلد وكان دخولها فى أول شعبان سنة 61هـ إلى رجب سنة 62هـ وتوفيت يوم الأحد مساء لأربعة يوما مضت من رجب من السنة المذكورة بموضع يقال له ( الحمراء القصوى ) حيث بساتين الزهرى ( هناك شارع باسم شارع جنان الزهرى أمام مجلى المصور بميدان السيدة ) إذن فهذا المشهد معروف من قبل القرن الثانى *
هذا محصل ما ذكره العبيدلى النسابة من القرن الثالث فى ترجمة السيدة زينب الكبرى بنت على ، إذن بقى لنا أن نتعرف : ما هى هذه الخطة ( الحمراء القصوى ) التى ذكر أنها دفنت بها فنقول :——
سابعا : الحمراء القصوى
إن المقريزى قد تطفل لنا بتعريفها ، وبسط لنا ما أعنانا عن مؤنة البحث ، فإذا هى هذه المنطقة الواقع بها الضريح الزينبى الآن ، وليس بعد هذا البيان بيان *
( وصفوة القول : إنى لما عثرت على هذا الرسالة المذكورة التى تعد الحجر الأساسى الذى قضى لنا على هذا الخلاف والذى كمم أفواه المتعنتين من معاصرينا )
ثامنا : هكذا انقطع الشك باليقين :
بهذا التحقيق العلمى التاريخى الموثق لا يكون هناك وجه على الإطلاق للجاجة والتشكيك والاستشكال والمعرك التى تدور من حين لأخر والتى يثيؤها خصوم أهل البيت تحت شعار أو أخر تشكيكا فى وجود رفات السيدة زينب رضى الله تعالى عنها بمرقدها المعروف بالقاهرة وما هوالا الغل والفتنة والحقد المرير على أهل اليبت أحياء وموتى باسم التوحيد المفترى عليه وبأسم السنة المظلومة والأمر يومئذ لله *
إلى كل من تعنت وتشدق على آل اليت الطاهرين عليهم أفضل الصلاة والسلام نقول لهم أتقوا الله فينا وأتقوا الله فى أنفسكم – إلى كل من تعالى وأنكر وجود السيدة الطاهرة وإلى وجود رأسى أخيها فهذه أدلة كافية لكى تتقوا الله
ســــــهرت أعين ونـــــــــــامت أعين لأمور تكــــــون أو لا تكـــــــــون
إن ربـــــــــــا كفــــــــــــــاك بالأمس سيكفيك فـــــى غد ما يكـــــــــون
فادرأ الــــــــــهم عن النفـــــــس فحملانك الهمـــــوم جنـــــــــــون
لا الأمر أمري ولا التدبير تدبيري ولا الأمور التى تجرى بتقديري
لى خالق رازق ما شاء يفعل بى أحاط بى علمه من قبل تصويري
السيدة زينب (عليها السلام )
وفى كتاب أحجار الزيت للدكتور محمود صبيح ص 17
توفيت السيدة زينب عن عمر 56 عام فى سنة 62هـ بمصر وهذا هو الحق الذى نراه ، عليه الأدلة الظاهرة والباطنة ورؤى مالا يحصى من الصالحين الذين رأوا جدها صلى الله عليه وسلم يزورها
فى مقامها بالقاهرة يقظة ومناما ، فإن عارضتنا وقلت لنا قال بعض أهل العلم غير ما تقول أعارضك بشدة ، هذا كلام غير محقق كلام دراويش ومجاذيب قلنا لك جيد ، ولكنى طالما ذكرت
التحقيق والتدقيق وتتكلم عن السيدة العظيمة زينت ، وانت محق قل لنا واذكر معلومة بسيطة وهى تحت من كانت السيدة زينب عند موتها ، يعنى كانت زوجة من ؟
راجع كتاب أحجار الزيت للدكتور محمود صبيح طبعة 2010 م
وفى هامش كتاب اسعاف الراغبين فى سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته الطاهرين تأليف الامام العلامة الشيخ محمد الصبان
وأما السيدة زينب فهى بنت الامام على كرم الله وجهه شقيقة الحسنين وزوجة ابن عمها عبد الله الجواد بن جعفر الطيار ذى الجناحين ابن أبى طالب ، ذكر ابن الانبارى انها لما قتل أخوها
الحسين خرجت رأسها من الخباء وأنشدت رافعة صوتها : ماذا تقولون ان قال النبى لكم – ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمرر – بعترتى وبأهلى بعد فراقتكم – منهم أسارى ومهم خضبوا بدام – ما كان
هذا جزائى اذ نصحت لكم – ان تخلفونى بسؤ ف ذوى رحمى
رابعا : سيدنا الحسين وسبق أن تعرضنا له فى قصته ذكرى مصرع الحسين *
خامسا : السيدة زينب عليها السلام *
بحث مستفيض ودليل ومقالات عن دخول السيدة مصر
الخطط التوفيقية ( لعلى باشا مبارك ) ج 1 ص 81 فى وصف النيل
وأما جزء المدينة المنحصر بين شاطئ الخليج الشرقي والجبل من ابتداء العيون فينقسم إلى قصبة رضوان والخيامية إلى قصر قوصون إلى السيوفية إلى الصليبة إلى قلعة الكبش إلى السيدة زينب إلى الخليج كل ذلك مرتفع وجميعه فوق مستوى أعلى فيضان النيل عدا خط السيدة زينب رضي الله عنها المحصور بين قلعة الكبش وتلال بركة البغالة والشارع الموصل من السيدة زينب والخليج فإنه منحط بمقدار يختلف من متر إلى متر وثلث وارتفاع قلعة الكبش وجبل يشكر فوق أعلى فيضان النيل ستة عشر متر ونصف *
وفى صفحة 83 تحت عنوان تنظيم شوارع القاهرة :
كان الخديوي إسماعيل يود تنظيم ما بقى من القاهرة على أسلوب تنظيم الإسماعيلية وصدرت أوامر لديوان الأشغال بذلك وعملت الرسومات على رغبته فكان من أغراضه جعل سراي عابدين مركزا يتفرع منه عدة شوارع منها ما تم وامتداد إلى الإسماعيلية وإلى الأزبكية ومنه ما لم يتم كشارع يمتد من عابدين تجاه جامع الشيخ صالح ويمتد مستقيما إلى ميدان السيدة زينب رضي الله عنها 0
وفى صفحة 84 فى تقسيم القاهرة :
ذكر أسم السيدة زينب فى التقسم لما ذكره الجبرتي
وفى ص 90 ، 92 ،95 ،97،99 ج 1 فى ذكر الموالد :
– مولد سيدي على زين العابدين خارج بوابة السيدة زينب ومولد السيدة زينب رضي الله عنها فى 17 رجب ولها حضرتان الأولى يوم الأحد والثانية ليلة الأربعاء
– أن بعض هذه الموالد يلزم زمنه وشهره العربي الذي يعمل فيه ولا يتحول عنه شتاء ولا صيفا فتارة تراه فى الصيف وتارة فى الشتاء على حسب دوران الزمان كمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد سيدنا الحسين عليه السلام والإمام الشافعي رضي الله عنه والسيدة زينب بنت على عليهم السلام والسيدات الطاهرات أهل البيت رضي الله عنهم جميعا *
– وجد جدول يشمل على بيان القهاوى والخمارات والبوز ودكاكين العطارة والعلافين ومحلات القزازين والقماشين والزياتين بالسيدة زينب فوجد أن بها 71 قهوة ، 58 عطارة ، 28 قزاز … الخ *
– فى مطلب الأسيلة بالقاهرة ذكر أن بالسيدة زينب ثلاثة اسبلة *
– فى مطلب مدافن الموتى : قال : ودفن الموتى الآن فى خمسة محلات خارج البلد وهى قرافة السيدة نفيسة ، والإمام الشافعي ، وبها مدفن الفامليا وقرافة باب الوزير وقرافة المجاورين وقايتباي وقرافة باب النصر وامتنع الدفن داخل البلد وبطلت عدة مقابر وبني فى أرضها أماكن وأكثر ذلك حصل فى مدة الخديوي إسماعيل والمقابر التى بطلت هى مقبرة القاصد ومقبرة الأزبكية ومقبرة الرويعى ومقبرة السيدة زينب ومقبرة زين العابدين *
وفى الجزء الثاني ص 115 تحت عنوان ( شارع الزيادة ) :
يقول على باشا مبارك ان الشارع الطوالى المار من جهة المنشية إلى آخر شارع اللبودية بقرب مسجد السيدة زينب طوله ألف متر وثلاثمائة وستة وعشرون متر*
وفى ص 119 من نفس الجزء السيدة زينب :
وفى سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف فى مدة نظارتي على الأوقاف عمل تصميم على إزالة جميع التلول الموجودة بطول الشارع من بوابة السيدة زينب إلى مصر العتيقة *
وفى الجزء الثالث ص 116 ( شارع السيدة زينب :
عرف هذا الشارع بشارع السيدة زينب من اجل أن به ضريح سيدة الطاهرات السيدة زينب بنت الإمام على كرم الله وجهه – عليه مقصورة من النحاس الأصفر وستر من الحرير المزركش وهذا الضريح داخل الجامع الشهير بالزينبي تجاه قناطر السباع جدده الأمير على باشا الوزير المتولي سنة ( 955 ) ثم سنة 1173 جدده عبد الرحمن كتخــدا ( والحمراء القصوى الذى ذكرها المقريزي فى خططه وبستان الزهري هى الآن محلها خط السيدة زينب رضي الله تعالى عنه )
وفى الجزء الخامس أبتداء من ص 6 قال :
وهذا الجامع بخط قناطر السباع من درب الجماميز وهو مسجد شهير وجامع وحرم آمن واسع ولم أقف على أول من أنشأه ، وإنما فى نزهة الناظرين ان الأمير على باشا الوزير المتولي سنة ست وخمسين وتسعمائة أجرى مدة ولايته عدة عمائر من ضمنها أنه عمر مقام السيدة زينب رضى الله عنها بقناطر السباع عمارة عظيمة ، وفى رسالة الصبان فى أهل البيت ان الأمير عبد الرحمن كتخدا فى سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف جدد رحاب السيدة زينب رضى الله عنها ووسعه وبني بجوارها رحاب سيدي محمد العتر يس أخي سيدى إبراهيم الدسوقي وأنشأتها الساقية والحوض ، وفى تاريخ الجبرتي إن مشهد السيدة زينب رضى الله عنها عمره الأمير عبد الرحمن كتخدا القازدغلى فى جملة عمائر وذلك سنة أربع وسبعين ومائة وألف * هذا ما أستنتجناه من الخطط التوفيقية لعلى باشا مبارك
أما الدكتورة سعاد ماهر أستاذة التاريخ الإسلامي
تقول فى موسوعتها مساجد مصر وأولياؤها الصالحون : يجمع كتاب التاريخ والسير من عرب ومستشرقين على أن السيدة زينب أول سيدة فى الإسلام قدر لها أن تلعب على مسرح الأحداث السياسية دورا ذا شأن فقد اقترن اسمها فى التاريخ الإسلامي والإنساني بمأساة كربلاء – تزوجت السيدة زينب من رجل أختاره أبوها ابن عمها عبد الله بن جعفر زوجا لها الذى تجمع الروايات على أنه كان عالي المكانة لدى معاصريه من بنى هاشم وبنى أمية كما عرف بالمرؤة والكرم وسماحة الخلق ونبل الطباع حتى لقب ( قطب السخاء )
يقول الجاحظ فى كتاب البيان والتبين : أنها كانت تشبه أمها عليها السلام لطفا ورقة وتشبه أباها علما وتقي 0 أنجبت السيدة زينب ثلاثة بنين هما جعفر وعليا وعونا الأكبر وبنتين أم كلثوم وأم عبد الله – وأرادت السيدة زينب أن تقضى بقية عمرها بجوار جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن بنى أمية أبوا عليها فقد كان وجودها فى المدينة كافيا لأن يلهب مشاعر الناس للأخذ بثأر الحسين عليه السلام فطلب منها والى المدينة أن تخرج من المدينة فتقم حيث تشاء ورحلت تريد مصر فوصلتها فى شعبان سنة 61هـ فأستقبلها كافة جموع المسلمين على مشارف مصر حتى إذا وصلت إلى الفسطاط ، مضى بها مسلمة بن مخلد الأنصاري والى مصر إلى داره فأقامت بها قرابة عام لم تبرحها حتى قضى نحبها عام 62هـ
أما العلامة السيد محمد بن أحمد بن عميد الدين الحسيني النجفى المتوفى 433هـ
يقول فى كتابه بحر الأنساب : قبتها ومسجدها رضى الله عنها وعليها السلام بقناطر السباع وهى المدفونة فيه والذى تحققناه ووافتنا إليه أن السيدة زينب بنت أمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب شقيقة السبطين لما حضرت من كربلاء بعد استشهاد أخيها الحسين عليه السلام ودخلت دمشق خيرها اليزيد بين الإقامة بدمشق وبين التوجه إلى حيث تشاء فاختارت الرجوع إلى المدينة المنورة ومن معها ثم إن والى المدينة بعد ذلك اشتكى من إقامة السيدة زينب بها لأن وجودها بالمدينة يهيج الخواطر عليه ومن تذكار ما حصل لأهل البيت لذلك اختار أهل دمشق أنها تتوجه إلى مصر ولما وصل الخبر إلى والى مصر إذ ذاك توجه هو والعلماء والصلحاء ووجوه الفسطاط الى العباسة ( بلدة بالشرقية ) مركز بلبيس لاستقبالها فلما حضرت رضى الله عنها إلى العباسة وتشرف الجمع بلقائها وشرعوا فى التوجه معها الى الفسطاط مشوا جميعا حفاة مكشوفا الرؤوس مطرقين إلى الأرض أدبا فى حضرتها إلى أن أوشكوا من الفسطاط فهرعت الناس للقائها فلما وصلت أنزلها أمير البلد فى قصر من قصور منتزهاته يشرف على نهر النيل ( قصر والى مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري ) ووقف الأمير فى خدمتها وأقامت فى قصرها هذا أحدى عشر شهرا ، ثم ثقل عليها المرض وتوفيت فى هذا القصر ودفنت به وهو موضع ضريحها الآن *
أما الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ )
فى تراجم سيدات بيت النبوة – تقول : كيف كانت زينب تبدو فى ريعان شبابها ؟
يصفها عبد الله بن أيوب الأنصاري – وقد رآها عقب وصولها إلى مصر ، بعد مصرع أخيها الحسين ، فيقول : فو الله ما رأيت مثلها وجها كأنه شقة قمر وكانت السيدة يؤمئذ فى الخامسة والخمسين من عمرها غريبة ، متعبة ، موجوعة ثكلى ، فكيف بها إبان شبابها قبل أن تأكلها السنون وتطحنها الأحزان وتجرعها كأس الثكل حتى الشمالة ؟
تمسك المراجع التاريخية عن وصف صورتها لنا فى تلك الفترة ، إذ هي فى خدرها محجبة لا نكاد تلمحا إلا من وراء ستار ، غير انها سوف تخرج من خدرها بعد عشرات السنين ، فى محنة كربلاء وإذ ذاك يصفها لنا من رآها رأى العين فيقول كما نقل الطبري ( وكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس طالعة 0 فسألت عنها ؟ فقالوا : هذه زينب بنت على أخت الحسين )
بزغ هلال شعبان عام 61هـ فى اللحظة التى وطئت فيها السيدة زينب عليها السلام أرض النيل ، فإذا جموع من الناس قد احتشدوا قرب بلبيس فقابلتهما هناك جموع أخرى آتية من عاصمة الوادي الأيمن – أنه مسلمة بن مخلد الأنصاري أمير مصر فى وفد من أعيان البلاد وعلمائها فلما أطلت عليهم بطلعتها المشرقة بنور الاستشهاد ، أجهشوا بالبكاء وحفوا بركبها حتى إذا بلغت العاصمة مضى بها مسلمة بن مخلد ( الوالي ) إلى داره فأقامت بها قرابة عام وكأنة نهاية المطاف وقد سطرت الدكتورة عائشة قصتها فى التراجم أروع القصص وأحسنها وسطرت شعرها وأظهرتها و لك أن تقرأ قصتها فى تراجم سيدات بيت النبوة وإذا أرت أن تبكى فأبكى على ما أصاب الأمة فى مصرع سيدا شباب أهل الجنة وريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم *
أما العلامة الكبير السخاوى فيقول : فى تحفة الأحباب وبغية الطلاب فى الخطط والمزارات أن السيدة زينب بنت الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه صاحبة المشهد المعمور المعروف *
وفى كتاب مراقد أهل البيت بالقاهرة
تعليق فضيلة الإمام محمد زكى إبراهيم رائد العشيرة المحمدية يقول : لما أعادت السيدة زينب الى المدينة ، بعد استبقوا رأس الحسين بدمشق ليطوفوا به الأفاق إرهابا للناس أحسوا بخطرها الكبير على عرشهم ، فاضطروا إلى الخروج ، فأبت أن تخرج من المدينة إلا محمولة ولكن جمهرة أهل البيت أقنعتها بالخروج فاختارت مصر لما علمت من حب أهلها وواليها لأهل البيت – فدخلتها فى أوائل شعبان سنة 61هـ ومعها فاطمة وسكينة وعلى أبناء الحسين وأستقبلها أهل مصر فى بلبيس بكاء معزين وأستقبلها والى مصر مسلمة بن مخلد إلى داره بالحمراء القصوى،عند بساتين الزهري ( حي السيدة الآن ) وكانت هذه المنطقة تسمى قنطرة السباع نسبة إلى القنطرة التى كانت على الخليج المصري وقتئذ فأقامت بهذه الدار اقل من عام عابدة زاهدة تفقه الناس وتفيض عليهم من أنوار النبوة وشرائف المعارف والبركات حيث توفيت فى مساء الأحد 15 من رجب سنة 62هـ ودفنت بمخدعها وحجرتها فى دار مسلمة التى أصبحت قبتها ومسجدها الآن
وقد ذكر الإمام محمد زكى إبراهيم فى كتابه مراقد أهل البيت تحت عنوان
السيدة زينب رضى الله عنها والشيخ بخيت المفتى يقول :
فى شعبان عام 1353 هـ الموافق ديسمبر عام 1932م وجه السيد محمد توفيق الموظف بوزارة الداخلية المصرية على صفحات مجلة الإسلام استفتاء إلى دار الإفتاء الرسمية بمصر وكان فيقها وقتئذ صاحب الفضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعى رحمه الله يسأل : هل دفنت السيدة زينب بنت على بن أبى طالب بمصر ، أم ( لا ) ؟
فكان جواب فضيلة المفتى رحمه الله : ( نفى ) بما ظهر له من الأدلة التى استدل بها دخول هذه السيدة الكريمة إلى مصر ووفاتها بهذا المكان واستنتج مما وقف عليه أن المسجد الزينبي المشهور لم يكن فيه إلا زينب التى ذكرها فى مقاله وهى زينب بنت يحى بن زيد بن على بن الحسن رضى الله عنه وقد قام بالرد عليه المؤرخ والنسابة حسن أفندي محمد قاسم وذلك فى موضوعين منفصلين الأول المقال المدون بمجلة الإسلام والثاني بكتاب أخبار الزينبيات للعبيدلى النسابة المتوفى سنة 227هـ أمير المدينة وابن أميرها وقد علق عليه النسابة حسن قاسم ، وسوف نلقى بالضوء عليهما فيما بعد وسوف نترك الرد هنا إلى إمام وخطيب المسجد الزينبي فى 17/12/1932 *
السيدة زينب رضى الله تعالى عنها
بحث آخر يؤيد مقال النسابة حسن قاسم
بقلم فضيلة الأستاذ الشيخ محمد صلاح الدين سند المدرس بالمسجد الزينبي
بسم الله الرحمن الرحيـــــــــــم الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وسلم تسليما 0أما بعد فالحق لا يقوم دليله الا من طريق النقل أو طريق العقل والنقل الصحيح والعقل الراجح كلاهما أثبت أن السيدة زينب رضى الله عنها بنت الإمام على كرم الله وجهه مدفونة فى مصر فى قناطر السباع المحل المعروف الآن بخط السيدة زينب *
نص على ذلك الفقيه الأديب الرحالة أبو عبد الله محمد الكهينى الفاسى الأندلسي فى رحلته الذى عملها فى القرن الرابع الهجري ونص على ذلك النسابة الحسن ابن يحى العبيدلى المولود سنة 214 فى كتابه (أخبار الزينبيات ) والمتوفى سمة 277هـ .
وذكر غيرهما على صحائف هذه المجلة( الإسلام ) آنفا نقلا عن أصل صحيح ما بيانه منه قال : ولما وصلت السيدة زينب رضى الله عنها إلى المدينة المنورة لقيها نساء بنى هاشم حاسرات وفيهن ابنة عقيلة ابن أبى طالب تبكى الحسين فذكرت لهم السيدة زينب ما حصل وما رأته من المحن فانتشر الخبر بين قبائل العرب بالمدينة واشتد غضبهم فى من كان السبب فى ذلك وعزموا على الأخذ بالثأر فخشي والى المدينة عمرو بن سعيد بن القاضي المعروف بالأشدق من العواقب فأرسل إلى يزيد بالشام يخبره بذلك فجمع أمره على تخير السيدة زينب الإقامة فى أى جهة غير الحرمين الشريفين فاختارت السيدة زينب الطاهرة رضى الله عنها الهجرة إلى الديار المصرية فجهزها عمرو بن سعيد بما تحتاج إليه فى سفرها وغادرت المدينة سنة 61 هجرية فلما علم أهل مصر بمقدمها فرحوا كثيرا وخرج واليها وقتئذ ابن نافع ومعه موكب من العلماء وأهل السلطان وانتظروها فى الريدانية (العباسية الآن ) فلما ظهرت طلائع موكبها هرعوا إليها ومشوا أمامها حفاة مطرقين حيا وأدبا ، فلما وصلت الفسطاط واستقبلتها الامة بما يليق بمقامها العظيم وأنزلها الوالي بقصره الذى هو مقر ضريحها الشريف الآن وكانت تخرج إلى الفسطاط للترويح عندما تشكو أنحرافا0
وقام الوالي ومن معه بخدمتها إحدى عشر شهرا حتى توفيت رحمة الله عليها ورضى الله عنها فى سنة 62 هجرية ودفنت بضريحها المشهور بالمقام الزينبي الموجود بقناطر السباع بالقاهرة *
أما الدليل العقلي فمشايخ الإسلام على تعاقبهم يتقربون بخدمة سدتها وملوك الأنام على ترتبهم يتبركون بنفحة عترتها فضلا عن اليهود والنصارى يأتون لزيارتها ، رحاب واسع وكنف عريض وملاذ كبير حافظ لمركزه من ألف ومائتين من السنين
أما فيه كفاية وهو على ذلك آمين
اذا طلع النهار على أناس
فلا تحتاج شمس للدليل
أما قول فضيلة الأستاذ الشيخ محمد بخيت المفتى سابقا متعنا الله بأنفاسه لفات أنظاره عن ابن جبير أن ما حصله العيان بمصر المحروسة من مشاهد الشريفات العلويات رضى الله عنهن وتلقيناه من التواريخ التابعة عليها مع تواتر الاخبار بصحة ذلك هو مشهد السيدة أم كلثوم بنت القاسم زينب بنت يحيى ومشهد السيدة أم كلثوم بنت محمد ومشهد السيدة أم عبد الله بن محمد ، قال وهى أكثر ، فأقول أن اى كلام على زينب من الزينبيات الشىء منهن ريفات لم يقل أحد انه ينفى زينب أخرى منهن*
وأما قوله عن ابن الأثير فى تاريخه والطبري كذلك بأن السيدة زينب بنت على كرم الله وجهه وأخت الحسين رضى الله عنه قد عادت مع نساء الحسين أخيها ومع أخوات الحسين بعد مقتله الى المدينة بعد أن طافت هى وأخواتها ونساء الحسين بكربلاء فالكوفة فالشام فالمدينة اخيرا فأقول هذا بيان طريقها من كربلاء الى المدينة فلا ينافى كونها جاءت مصر فيما بعد
وأما قوله مفسرا عبارة الدفن لا مانع أن يكشف عن روح السيدة زينب بنت على للخواص وغيره من أهل الكشف فى هذا المكان 0 عقب قول الشعراوى قد صحح أهل الكشف ان السيدة زينب بنت الإمام على هى المدفونة بقناطر السباع بلا شك 0 فأقول هذا لا يستقيم فى تفسير الدفن لان الدفن لا يكون إلا للأشباح لا للأرواح – وقصارى الأمر اجمع اهل المدينة قاطبة وإجماعهم حجة على ان زينب بنت الامام على هى المدفونة فى مصر على ان فى الأنوار على الأستار ما يغنى من كشف الله بصيرته عن الدليل من أنها رضى الله تبارك وتعالى عنها هى التى فى المقام الزينبي بنت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم*
وفى كتاب تحفة الراغب فى سيرة جماعة من أعيان أهل البيت الاطائب للامام شيخ الاسلام أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبى المصرى رضى الله عنه قال :
روت زينب عن امها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت محببة لأبيها رضى الله عنه خرجت الى عبد الله الجواد بن جعفر الطيار رضى الله عنهما فولدت له جعفرا وعونا الاكبر وأم كلثوم وعليا قال : وذريتها إلى الآن موجودة بكثرة وهم أيضا من أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم نهم لاولاد الحسن والحسين خصوصية لا يوازيهم فيها غيرهم وهى بينة فى قوله صلى الله عليه وسلم لكل بنى أم عصبة الا ابنى فاطمة أنا وليهما وعصبتهما وفى رواية كل بنى أم ينتمون الى عصبة الا ولد فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم والسيدة زينب هى المدفونة بقناطر السباع وقد صحح ذلك جماعة من أهل القلوب وكان سيدى على الخواص يخلع نعله فى عتبة الدرب ويمشى حافيا حتى يجاوز مسجدها ويقف تجاه وجه مرقدها ويتوسل الى الله تعالى بها ان يغفر له وكنا نرى مشايخنا الاعلام يتبركون بزيارتها ويتوسلون الى الله تعالى اذا زارو قبرها المبارك بها فى حوائجهم فتقضى بأذن الله تعالى وقد جربت ذلك فى نفسى فما داخلنى أمر مهم وزرتها بنية تفريجه الا وفرجه الله عنى أسرع ما يكون ورأيت فى مجموع شيخنا أحمد المنصورى الاحمدى رحمه لله بيتين ذكر أنه أنشدهما فى حاجة فقضاها الله له
الهى بزينب بنت البتول * سليلة خير الوجود الرسول
أغثنى وفرج كروبى فقد * سألت بزينب أرجو القبول
ولم أقف لها على تاريخ وفاة ويقال لولدها الزينبيون وقد أطنب فى ذكرها العبيدلى النسابة صاحب أخبار المدينة المشرفة على ساكنها وزريته وأصحابه أفضل الصلاة والسلام .
السيدة زينب رضى الله عنها والشيخ بخيت المفتى يقول :
فى شعبان عام 1353 هـ الموافق ديسمبر عام 1932م وجه السيد محمد توفيق الموظف بوزارة الداخلية المصرية على صفحات مجلة الإسلام استفتاء إلى دار الإفتاء الرسمية بمصر وكان فيقها وقتئذ صاحب الفضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعى رحمه الله يسأل : هل دفنت السيدة زينب بنت على بن أبى طالب بمصر ، أم ( لا ) ؟
فكان جواب فضيلة المفتى رحمه الله : ( نفى ) بما ظهر له من الأدلة التى استدل بها دخول هذه السيدة الكريمة إلى مصر ووفاتها بهذا المكان واستنتج مما وقف عليه أن المسجد الزينبي المشهور لم يكن فيه إلا زينب التى ذكرها فى مقاله وهى زينب بنت يحى بن زيد بن على بن الحسن رضى الله عنه وقد قام بالرد عليه المؤرخ والنسابة حسن أفندي محمد قاسم وذلك فى موضوعين منفصلين الأول المقال المدون بمجلة الإسلام والثاني بكتاب أخبار الزينبيات للعبيدلى النسابة المتوفى سنة 227هـ أمير المدينة وابن أميرها وقد علق عليه النسابة حسن قاسم ، وسوف نلقى بالضوء عليهما فيما بعد وسوف نترك الرد هنا إلى إمام وخطيب المسجد الزينبي فى 17/12/1932 *
يقول حسن قاسم فى كتابه أخبار الزينبيات :
لم أقصد بوضعي هذه الرسالة التي تضمنت كثيرا من أخبار هذه البضعة النبوية إقامة الحجة على من يستبعد وجود جثمانها الشريف فى مصر وخاصة فى هذا الموضع التى تزار به الآن إذ التواريخ لم ترو لنا ذلك ولم يرد فيها تفصيلا ثابتة تؤيد هذا القول ورواية الكشف فى هذا الخصوص تتعلق بشخصياتهم إذ هى من قبيل المشاهدات الروحية وليس لها فى بحثنا هذا مجال ، والمقصود الوقوف مع الحقائق الثابتة المؤيدة بأدلة علمية *
فهذا كنت قد اعتزمت على أن لا أخوض هذا البحث حيطة من الوقوع فيما لم به نص ثابت ، فاقتصرت على ما أوردته من أخبارها التى تضم بين دفتيها أسلوبا من البلاغة العربية والتى تمثل سلسلة فضائل يتخذ منها أنموذجا ترتكز عليه شعور الأمم الحية الأمر الذى جعل هذه السيدة الطاهرة فى مصاف شهيرات النساء *
فلما أتممت ما قصدت وألممت بما إليه أشرت مع ما اندرج فى طي ذلك من المناسبات بقدر ما وصل إليه علمي ( خطر ) لى أن أطرق باب البحث مرة ثانية لعلى أصل الى نتيجة تقضى على هذا الخلاف لاسيما بالملل ولى شغف باستجلاء مثل هذه الآثار فتماديت فى أبحاثي طويلا فأسفرت لى هذه البحوث عن وجود حقائق غامضة لا بد وأن يكون ورائها نتائج حسنة وعززت ذلك بما ظهر لى من تضارب أقوال المؤرخين واضطراباتهم الكثيرة فكلفت نفسي بعناء البحث فصادفتني عقبات كثيرة وكأني بدور الكتب المصرية الغاصة بمئات الألوف من الكتب والأسفار لم يرق فى نظري منها شيئا اذ ما أتطلبه منها مفقود *
كل هذه العقبات لم تئن من عزمي شيئا فزاولت مهنتي التى كرست نفسي من أجلها فتصادف أن ابتاعني بعض الكتبيين مجموعة من الكتب فجلت بنظري فى بعضها فاذا بى أجد من بينها رسالة صغيرة الحجم مخطوطة عنوانها ( الرسالة الزينبية لشمس الدين ابى الخير السخاوى المصري وكنت أحسبها لأول وهلة رسالة السيوطي فإذا بى أرى اسم مؤلف آخر فتصفحتها فإذا هى تفوق رسالة السيوطي لتضمنها ترجمة السيدة مع إثبات شرف فروعها وأنهم يحوزونه ويمتازون به كبقية طوائف الأشراف فكأنها زادت على رسالة السيوطي بإيراد شذرة من ترجمة السيدة على نهج مختصر وقف فيها على استقرار السيدة فى المدينة بعد تجهيزها من الشام عقب محنة أخيها الحسين ولم يزد على ذلك ، فهى وإن كانت جديرة بالعناية فليست بشئ إذ ينقصها بحثى فأهملتها * ثم بعد مرور فترة من الزمن كتبت إلى بعض أصدقائي بالشام وهو من الذين أعتمد عليهم فى حل مثل هذه المشاكل فكتب إلى يخبرني أن المؤرخ ابن طولون له رسالة فى ترجمة السيدة زينب وأنها محفوظة بخزانة بعض أصدقائي بنابلس ووعدني بأن يكتب إليه ويستعيرها منه ويرسلها الى ن فلم يمض وقت طويل إلا وجاءتني هذه الرسالة فإذا هى فى نحو كراسة ونصف ترجم فيها الشقيقة صاحبة الترجمة السيدة زينب الوسطى المكناة بأم كلثوم وقال إنها المدفونة بالشام بالقرية المعروفة بها وكانت قد قدمت إليها فى وقعة الحرة وترجم لأختها عرضا واستشهد لصحة ما ذكر بما رواه ابن عساكر أن السيدة زينب الكبرى قدمت مصر وماتت بها وأن دفينة الشام هذه هى الوسطى ولا صحة لما يزعمه أهل دمشق ( فاستنسخت ) منها بعض ما اهمنى الوقوف عليه ثم رددتها بالتالي ن وبعد فترة قصيرة من الزمن أرسل الى صاحبي هذا رسالة عثر عليها فى حلب عند بعض أصدقاء له هناك عنوانها ( أخبار الزينبيات للعبيدلى النسابة ) وذكر لى أنك تجد إن شاء الله تعالى فى هذه الرسالة أنشودتك الضالة ، ولذا فقد سمحت لك باستنساخها ، فلما تصفحتها تلمحت منها ( ترجمة السيدة زينب الكبرى بنت على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضي عنه ) وإذا بى أجد فى آخر الترجمة أن السيدة زينب قدمت مصر بعد مصرع أخيها بيسير من الزمن وماتت بها ودفنت بموضع يقال له الحمراء القصوى حيث بساتين الزهري ، الخ ما ذكره ، فنسخت الكتاب ورددته لصاحبي شاكرا له مسعاه * ونظرا لأهمية هذا الكتاب استصوبت أن أدرجه هنا بنصه حرفيا إذ لا يوجد نظيره فى سائر دور الكتب على ما وصل إليه بحثى ، وإذ هو الحجر الأول الأساسي الذى قضى على هذا الخلاف القائم بين جمهرة المؤرخين من قرون عديدة ن فهذه الرسالة مع صغر حجمها هى نفسها الحجة على من كان يستبعد دخول السيدة إلى مصر ووفاتها بها ودفن جثمانها الشريف فى هذا الموضع ، على أن المؤلف رحمه الله عرف عن الخطة بهذا التعريف المذكور بحسب ما كان يعرف به فى عصره بين أهل مصر ، واستطلعنا التعريف عنه قديما وحديثا من الخطط المصرية وما كتبه لى الأستاذ صاحب العزة مصطفى بك منير أدهم السكرتير العام لمصلحة التنظيم المصرية أمتع الله بأنفاسه وسيأتي ذلك مفصلا فى محله *
( وهذه الرسالة ) المشار اليها والتى ادر جناها فى كتابنا هذا نقلناها عن الأصل المرسل لنا من السيد المذكور المؤرخ بتاريخ 676هـ ومخطوط بخط من يدعى الحاج محمد البلتاجي الطائفي المجاور بالحرم الشريف النبوي ومنقول عن أصل مؤرخ بتاريخ سنة 483 مخطوط بخط السيد محمد الحسيني الواسطى الأصل المتوطن حيدرأباد – واني لاغتبط سرورا بتناولي هذه الوثيقة التاريخية التى أسعدني بتناولها التوفيق كما أنى أشكر كل من تفضلوا على بالمديد المساعدة من أهل الفضل والسداد وفقنا الله جميعا إلى خدمة العلم والدين .
حمــــــــــراوات مصر
لحضرة التاريخي البحاثة الأستاذ حسن قاسم
قال العبيدلى مؤلف رسالة ( أخبار الزينبيات ) فى ترجمة السيدة زينب صاحبة الحرم الزينبي المشهور بعد أن ذكر مقدمها على مسلمة بن مخلد أمير مصر ونزولها بداره المستجدة بالحمراء القصوى
( حدثني ) إسماعيل بن محمد البصري عابد مصر ونزيلها ( قال )( حدثني ) حمزة المكفوف ( قال أخبرني ) الشريف أبى عبد الله القرشي ( قال ) سمعت هند بنت أبى رافع بن عبيد الله بن رقية بنت عقبة بن نافع الفهرى ( تقول) توفيت زينب بنت على عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوما مضت من رجب سنة 62من الهجرة ، ودفنت بمسجدها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري
ذكر فى موضع آخر ما نصه وبالسند المرفوع إلى رقية بنت عقبة بن نافع الفهرى ( قالت ) كنت فيمن أستقبل زينب بنت على لما قدمت مصر بعد المصيبة فتقدم إليها مسلمة بن مخلد وعبد الله بن الحارث وأبى عميرة المزني فعزاها مسلمة وبكى فبكت وبكى الحاضرون وقالت ( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) ثم احتملها إلى داره بالحمراء فأقامت به إحدى عشرا شهرا وخمس عشر يوما وتوفيت وشهدت جنازاتها وصلى عليها مسلمة بن مخلد فى جمع بالجامع ورجعوا بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها من الدار بوصيتها *
هذا قول صريح لا محل للطعن فيه ( فإذا ) علم ذلك فنقول أن المنطقة التى أشار لها كانت إحدى الحمراوات الثلاث التى عرفت فى صدر الإسلام بالحمراء القصوى ( ثم ) ما برحت تعرف كذلك الى أن أفتتح المسلمون أراض مصر وأبتنى بها عمر بن العاص فسطاطه وبعد مضى سبعة أعوام على وفاة السيدة أعنى فى سنة 69ه ابتنى عبد العزيز بن مروان بطر ف من هذه المنطقة قنطرته التى أزيلت وعوض عنها بقنطرة السد وبها عرفت المنطقة ثم عرفت بقناطر السباع ثم بقناطر السيدة زينب (حدد) هذه الحمراء ( المقريزي ) بقوله ( وأما ) القصوى فمن درب معاني إلى القناطر الظاهرية يعنى قناطر السباع وهى حد ولاية مصر من القاهرة ( وذكر ) فى موضع آخر فى الكلام فى حدود مدينة مصر ( ما نصه ) وحدها ( أعنى مصر ) من قناطر السباع خارج القاهرة إلى موردة الخلفاء ( وأول ) طولها من قناطر السباع وآخر بركة الحبش ( وفى ) موضع آخر من الخطط ( وحد) الحمراء القصوى فى وقتنا هذا الشرقي يمتد إلى جامع ابن طولون ( والقبلي ) التلوت الممتد من الكبش إلى مشهد زيد بن على المعروف بزين العابدين ( والشرقي ) البحري الشارع والغربى الخليج المصري من قناطر السباع إلى قنطرة السد-
وكانت بهذه المنطقة قديما بساتين ابن الزهري ذكر المقريزي أنها تنسب لعبد الوهاب بن موسى بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المتوفى فى مصر فى سنة 210 ه والصحيح ان نسبتها لعبد الوهاب هذا نسبة تجديد لإنشاء وأول من غرسها فيما تحقق لدينا من الوثائق التاريخية هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وهو أول قادم من بنى الزهري إلى مصر وبها مات فى سنة 76 وقيل 79 وتربتهم معروفة بالقرافة وفيها دفن الشافعي فى قصة مذكورة ، ومات عبد الله المذكور عن غير عقب فأهملت هذه البساتين وتولى النظر عليها الربيع بن سليمان بن عبد الرحمن بن عوف الزهري فلما برح متوليا عليها إلى أن كان زمن موسى بن عيسى الهاشمي أمير مصر من قبل هارون الرشيدي فجرت بينهما أمور مذكورة فلما قدم عبد الوهاب المذكور جدد هذه البساتين ووسعها وأجرى فيها ما أجراه فنسب إليه وتوارثها بنوه الى أن انقرضوا *
هذا مجمل ما تعرفناه عن هذه المنطقة الزينبية وتفصيله فى تاريخ السيدة زينب لكاتب هذه السطور
(فعسى) أن نكون فى هذا البحث الدقيق قد أقمنا الحجة على من كان يستبعد كون هذه المنطقة هى بعينها الحمراء القصوى
نصوص أدلة الأستاذ حسن قاسم :-
نقول إن على باشا مبارك ذكر فى خططه أنه لم يقف على أول من أنشأ هذا المسجد قبل القرن العاشر الهجري وأنه نقل عن الرحالة ابن جبير ما زاره من المشاهد التى من جملتها مشهد لزينب بنت الإمام يحي بن الحسين بن على *
ثم ذكر فضيلته أن الإمامين : الطبري وابن الأثير كلاهما جزم باستقرار السيدة زينب فى المدينة ** فمنعا لهذا الإيهام أقول :
أولا : كلام محمد الكوهن الفاسى جاء فى رحلة الفقيه الأديب الرحالة أبو عبد الله محمد الفاسى ) التى علمها فى أواخر القرن الرابع الهجري أنه دخل القاهرة فى 14 من المحرم سنة 365هـ والخليفة يومئذ أبو النصر نزار بن المعز لدين الله أبى تميم الفاطمى فزار جملة من المشاهد من بينها هذا المشهد وذكر ما عاينه من الصفة التى كانت عليها وقتئذ ، فقال : دخلت ( مشهد زينب بن على ) على ما قيل لنا ، فوجدناه داخل دار كبير وهو فى طرفها البحري يشرف على الخليج ، فنزلنا إليه بدرج وعاينا الضريح ، فوجدنا عليه ( دربوزا ) يعنى (درابزين ) قيل لنا نه من الخشب القمارى ، فاستبعدنا ذلك ، لكن شممنا منه رائحة طيبة ، ورأينا بأعلى الضريح قبة بناء من الجص ، ورأينا فى صدر الحجرة ثلاثة محاريب ، أطوالها الذى فى الوسط ، وعلى ذلك كله نقوش غاية فى الإتقان ، ويعلو باب الحجرة ( زليخة قرأنا فيها بعد البسملة ) و( أن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ) هذا ما أمر به عبد الله ووليه أبو تميم أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين * أمر بعمارة هذا المشهد على مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول : زينب بنت الإمام على بن أبى طالب صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين * وهذه الرحلة من محفوظات مكتبة عارف بك بالمدينة ( إذن فالضريح موجود معروف من قبل القرن الرابع قبل الفاطميين بل من القرن الثاني كما سيأتي ) 0
ثانيا : كلام السخاوى فى كتاب ( أوقاف مصر ) أن الحاكم بأمر الله أوقف على هذا المشهد مشهد السيدة زينب ومشاهد أخرى عدة قرى وضياع ( كأطفيح ) و( صول ) وغيرهما *
ثالثا : ابن الأثير والطبري وابن عساكر وابن طولون : الطبري وابن الأثير لما ذكر محنة الحسين التى شاركته فيها أخته زينب لم يتعرضا لذكر وفاتها وإلا فكانا ذكرا ما عرفناه عن ذلك والمؤرخون الذين تعرضوا لذكر تلك بعضهم تضاربت أقوالهم ، فلم يخرجوا بنتيجة تفيد الباحث ، وقليل منهم ذكروا أنها دخلت مصر بعد مصرع أخيها بيسير من الزمن وأقامت بها أشهر ودفنت بها *
ومن هؤلاء الذين قالوا بدخولها مصر ( الحافظ بن عساكر الدمشقي مؤرخ القرن السادس الهجري : ذكر ذلك فى تاريخه الكبير المحفوظ بالمكتبة الخالدية بدمشق ، والمؤرخ ابن طولون الدمشقي فى رسالة مستقلة ( إذن فالقبر كان معروفا قبل القرن السادس )
رابعا : الشريف الأزورقانى : ( فى كتاب بحر الأنساب للشريف الأزورقانى ) من علماء القرن السابع الهجري ، وابن عنبة الحسنى من علماء القرن الثامن الهجري ومن تقدمهم من علماء النسب لم يذكروا أن ( ليحي بن زيد ) الشهيد عقبا ، لقتله لما خرج بعد قتل بأبيه ( بالجوزجان ) على ( نصر بن بشار ) وإلى خرسان وكان من أمره أن قتل بيد مسلم بن أحون الذى بعثه نصر المذكور فى 3000 ثلاثة الأف رجل ، فقتلوه فى سنة 125هـ وله من العمر 18 عاما ، وأنظر كتاب الفرق للبغدادي والمعارف لابن قتيبة ( وإذن فزينب هذه ليست ابنته وبينه وبينها زمن طويل )
خامسا : نتيجة ما سبق : فما ذكره فى رحلة ابن جبير ونقله صاحب الخطط وصححه فضيلته الأستاذ كلاهما خطأ واضح ، إذ أن زينب التى زار مشهدها ابن جبير هى زينب بنت يحي المتوج يحي بن الحسن المثنى ين زيد بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب دخلت مصر سنة 193هـ مع عمتها السيدة نفيسة بنت الحسن لأنور العلوي أمير المؤمنين فى أواسط القرن الثاني الهجري ومشهدها الذى زاره ابن جبير فى القرافة شرقي الشافعي لا فى هذه المنطقة الواقع بها المشهد الزينبي
( انظر رحلة ابن جبير المخطوطة ) وهذا المشهد معروف بالقرافة وهو المشهور الآن بمشهد العيناء
( فاطمة بنت القاسم بن محمد المأمون بن جعفر الصادق ) لدفنها به هي الأخرى مع زينب بنت يحي المتوج وكان إلى أواخر القرن الثاني الهجري ويعرف بمشهد السيدة زينب بنت يحي المتوج وهى وأبوها وجمع من أقاربها ، دخلوا مصر وماتوا بها ولهم مشاهد معروفة وقد ورد ذكر هذا المشهد فى كثير من كتب السخاوى والكواكب السائرة للسكري الذى هو آخر مؤلف فى المزارات المصرية (وهذه المراجع جميعها مشهورة ومتداولة )
سادسا : القول الفصل للعبيدلى:الذى قضى على هذا الخلاف الواقع فيه جمهرة المؤرخين من قرون عديدة رسالة استنسختها من حلب بواسطة أحد أصدقائي للعبيدلى الحسن بن يحي بن جعفر
( الحجة ) بن عون الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن على بن زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب المولود سنة 124 هـ بالعقيق بأرض الحجاز بقصر ابن عاصم ، المتوفى بمكة سنة 277هـ مؤلفها المذكور ( أخبار الزينبيات ) ذكر فيها كل من سميت ( زينب ) من آل البيت وغيرهم ، فترجم لزينب هذه الكبرى وأختها الوسطى والصغرى وذكر فيها فى آخر ترجمة زينب الكبرى إنها بعد سيرت للشام ثم للمدينة ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والى المدينة من قبل يزيد فاستصدر أمر يزيد بنقلها من المدينة فنقلت منها إلى مصر ، فدخلتها على مسلمة بن مخلد وكان دخولها فى أول شعبان سنة 61هـ إلى رجب سنة 62هـ وتوفيت يوم الأحد مساء لأربعة يوما مضت من رجب من السنة المذكورة بموضع يقال له ( الحمراء القصوى ) حيث بساتين الزهري ( هناك شارع باسم شارع جنان الزهري أمام مجلة المصور بميدان السيدة ) إذن فهذا المشهد معروف من قبل القرن الثاني *
هذا محصل ما ذكره العبيدلى النسابة من القرن الثالث فى ترجمة السيدة زينب الكبرى بنت على ، إذن بقى لنا أن نتعرف : ما هى هذه الخطة ( الحمراء القصوى ) التى ذكر أنها دفنت بها فنقول :——
سابعا : الحمراء القصوى : إن المقريزي قد تكفل لنا بتعريفها ، وبسط لنا ما أعنانا عن مؤنه البحث ، فإذا هى هذه المنطقة الواقع بها الضريح الزينبي الآن ، وليس بعد هذا البيان بيان 0
( وصفوة القول : إنى لما عثرت على هذا الرسالة المذكورة التى تعد الحجر الأساسي الذى قضى لنا على هذا الخلاف والذى كمم أفواه المتعنتين من معاصرينا )
ثامنا : هكذا انقطع الشك باليقين : بهذا التحقيق العلمي التاريخي الموثق لا يكون هناك وجه على الإطلاق للجاجة والتشكيك والاستشكال والمعارك التى تدور من حين لأخر والتي يثيرها خصوم أهل البيت تحت شعار أو أخر تشكيكا فى وجود رفات السيدة زينب رضى الله تعالى عنها بمرقدها المعروف بالقاهرة وما هو إلا الغل والفتنة والحقد المرير على آل البيت أحياء وموتى باسم التوحيد المفترى عليه وباسم السنة المظلومة والأمر يومئذ لله *
إلى كل من تعنت وتشدق على آل البيت الطاهرين عليهم أفضل الصلاة والسلام نقول لهم اتقوا الله فينا واتقوا الله فى أنفسكم – إلى كل من تعالى وأنكر وجود السيدة الطاهرة وإلى وجود رأسي أخيها فهذه أدلة كافية لكي تتقوا الله .