100 عام هي المدة الزمنية الفاصلة بين وعد بلفور وقرار ترامب، ورغم مرور قرن من الزمن على وعد بلفور إلا أن هناك بعض قواسم مشتركة بينه وبين قرار ترامب، ما يؤكد صحة مقولة “التاريخ يعيد نفسه من جديد”.
ترصد “بوابة العين” الإخبارية التشابهات بين قرار ترامب ووعد بلفور.
التوقيت
قبل نهاية الحرب العالمية الأولى سعت بريطانيا إلى كسب ود اليهود في المملكة المتحدة وباقي دول العالم، ما دفع آرثر بلفور وزير الخارجية وقتها لإعلان تعاطف بلاده مع اليهود وإقامة دولة لهم في فلسطين.
وفي الـ2 من نوفمبر/تشرين الثاني 1917 أرسل بلفور رسالة إلى أحد زعماء اليهود في المملكة المتحدة البارون روتشيلد، معلناً فيها تأييد بريطانيا لطموح اليهود في إقامة وطن لهم.
وفي الـ6 من ديسمبر/ كانون الثاني الجاري ووسط الاضطرابات السياسية التي تشهدها أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف دولته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
الهدف
ورغم اختلاف الأسباب إلا أن إرضاء المصالح الشخصية عامل مشترك بين القرارين. وجاء وعد بلفور تنفيذاً لسياسية المصلحة المشتركة بين بريطانيا واليهود في المنطقة، خاصة أن قضية إقامة وطن لليهود داخل الأراضي الفلسطينية طرحت في بداية القرن العشرين.
واعتبر وزير الخارجية البريطاني وقتها أن هذا الوعد هو ضمانة للحصول على دعم الجاليات اليهودية أثناء الحرب العالمية الأولى، ومن ثم دفع الولايات المتحدة الأمريكية للدخول ضمن أطراف الحرب ودعمها بشكل أوسع.
ويعد اعتراف ترامب الرسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل تطبيقاً لشعار حملته الانتخابية، واعتمد ترامب شعار “أمريكا أولاً” خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وأكد ترامب خلال خطابه أن الموافقة على هذا القرار بناء على أنه الأصلح لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أن إسرائيل لها الحق في تقرير عاصمتها.
الانحياز لإسرائيل
الانحياز الكامل لدولة الاحتلال قاسم ثالث مشترك بين رسالة بلفور ومضمون قرار ترامب، وحملت رسالة بلفور تأكيداً على التعاطف والتضامن مع طموحات الجالية اليهودية، وكتب بلفور “يسرني أن أبلغكم عن حكومة جلالته بالتصريح التالي الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها”.
كما تضمنت الرسالة عبارات تؤكد مباركة المملكة المتحدة للاستيطان، ومنها “تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل بريطانيا أقصى جهد لتحقيق هذه الغاية”.
ولم يختلف الأمر كثيراً في خطاب ترامب، حيث قال الرئيس الأمريكي “آن الأوان للاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإعلاني اليوم هو بداية مبادرة جديدة للنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين”، ما يشير إلى موقفه الثابت وإيمانه بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال، ضارباً بكل القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن عرض الحائط.
الانحياز الأمريكي لإسرائيل ظهر مجدداً في تأكيد ترامب على أن القدس هي عاصمة أكثر الديمقراطيات نجاحاً في العالم، ويجب أن تستمر كمكان لصلوات اليهود، زاعماً أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو شرط أساسي لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
تأثير القرار
تداعيات وعد بلفور على دولة فلسطين كانت وخيمة، خاصة أنه أسهم في نزوح أعداد كبيرة من اليهود الأوروبيين إلى فلسطين، وأصبح هذا الوعد البوابة الأولى للاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
وفي غضون الفترة ما بين نهاية الحرب العالمية الأولى والثانية توافدت أعداد كبيرة من اليهود إلى فلسطين.
وعقب إعلان القرار الأمريكي بشأن القدس توالت ردود الفعل الدولية الرافضة، واصفة القرار بالأحادي المنفرد، الذي يضر عملية السلام ويهدد مستقبل التسوية، كما أعرب مجلس الأمن عن قلقه نحو هذا التصرف، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تضر بدور أمريكا كوسيط بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وبعد يومين من اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل خرجت عدة مسيرات من الدول العربية منددة بالموقف الأمريكي ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.، وسقط شهيدان وأكثر من 250 جريحاً جراء اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في قطاع غزة، احتجاجاً على قرار ترامب.