h-k-القلم
ما كان يقال وراء الكواليس عن دور السعودية في استخدام القاعدة و “داعش”كأداة سياسية لتنفيذ اجندتها في اليمن ، اصبح يُقال وبشكل علني ، من قبل اقرب حلفاء السعودية ، عبر تسريبات استخبارتية وصحفية.
الملفت ان التقارير الاستخباراتية والصحفية الغربية ، تجاوزت الاهداف التقليدية للسعودية من وراء دعم وتعزيز دور القاعدة و “داعش” في اليمن ، مثل الابقاء على اليمن كحديقة خلفية للمملكة ، وعدم السماح بقيام نظام قوي هناك ، واثارة الفتن الطائفية والقبلية ، واستغلالها من اجل الابقاء على اليمن في دائرة الفوضى وانعدام الامن ، الى استهداف وحدة وسيادة واستقرار اليمن ، عبر زرع الفوضى فيه للوصول الى المحيط الهندي ، واستخدام الاراضي اليمنية كمعبر آمن لتصدير نفطها الى العالم بعيدا عن مضيق هرمز.
حقيقة سعي السعودية لتقسيم وتجزئة اليمن ، لم يكن شيئا جديدا لدى المراقبين للعلاقة غير المتكافئة لليمن مع جارته الشمالية ، والسياسة والمواقف التي اتخذتها السعودية ، والتي تصب بمجملها في صالح خيار الجهات التي تقف وراء مخطط التقسيم والشرذمة ، لكن الجديد في الامر ان هذه الحقيقة ، اقرت بها جهات محسوبة ضمن حلفاء النظام السعودية ، والتي كانت الى الامس القريب تكذب كل ما يقال عن العلاقة الوثيقة بين السعودية والقاعدة و “داعش” و الجمعيات التكفيرية الاخرى ومن ضمنها ميليشيا الاصلاح والانفصاليين الجنوبيين ، وعن الاجندات الخفية للسعودية وراء اشعال الساحة اليمنية بالفتن الطائفية والفوضى.
من الاصوات التي اخذت ترتفع وتفضح النوايا الحقيقية للسعودية في اليمن ، كان صوت الكاتب ومدير مشروع الاستخبارات في معهد “بروكينجز” بروس ريدل، الذي كشف عن السبب الحقيقي وراء التعاون القائم بين السعودية والقاعدة ، في معقلها الرئيسي في محافظة حضرموت ، اكبر محافظات اليمن ، حيث ساهم الدعم السعودي للقاعدة في سيطرة الاخيرة على مكلا مركز المحافظة ، بعد القصف السعودي المكثف على مواقع الجيش اليمني وانصارالله.
واوضح ريدل ان ممارسات السعودية في اليمن تكثف حقيقة ما قيل عن حقيقة المؤامرة السعودية في اليمن ، والقائمة على اعتبار القاعدة حليف مهم للسعودية ضد “أنصار الله” ، وهذا الامر يعزز الشكوك التي كانت موجودة منذ فترة طويلة ، كما يقول ريدل ، حول نية المملكة بضم محافظة حضرموت اليمنية إليها ليمنحها ذلك فرصة الوصول إلى المحيط الهندي ومسار لخط أنابيب نفطي إلى المكلا، مما سيسمح بوصول النفط السعودي إلى البحر دون الحاجة إلى عبور مضيق هرمز.
واعتبر الكاتب، أن تنظيم القاعدة يعتبر الفائز الاكبر من العدوان السعودي على اليمن ، فمنذ مطلع نيسان / أبريل الماضي تمكن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من السيطرة على مدينة المكلا خامس أكبر مدن اليمن، فضلا عن سيطرته على مساحة كبيرة من مديرية حضرموت، وهي أكبر محافظة يمنية وكان بها ثلث إنتاج اليمن من النفط قبل العدوان السعودي على اليمن.
وذكر أن المكلا ثاني أكبر موانئ اليمن على المحيط الهندي بعد عدن، وأن المئات من مؤيدي القاعدة توجهوا إليها بعد اقتحام سجون في أجزاء أخرى من اليمن ، من قبل ميليشيا الاصلاح والقاعدة المتعاونة مع السعودية ، منذ بدء العدوان السعودي.
وشدد ريدل ، على ان سلاح الجو السعودي وشركاءه منذ بدء العدوان على اليمن لم يستهدفوا محافظة حضرموت، رغم الوجود الواضح للقاعدة و “داعش” فيها ، وان ميناء المكلا الخاضع للقاعدة مازال مفتوحا امام التجارة على عكس الموانئ الأخرى الخاضعة لسيطرة جماعة “أنصار الله” والجيش اليمني.
في المقابل لم تتورع السعودية عن استهداف المدنيين في المحافظات الاخرى لاسيما المحافظات الشمالية وصنعاء ، ومنذ اكثر من ثلاثة اشهر ، ولم يتوقف القصف العشوائي للمدن والبلدات والقرى اليمنية طوال شهر رمضان المبارك ، حيث تجاوز عدد الشهداء واغلبهم من الاطفال والنساء اكثر منة 3000 شهيد ، وآخر المجازر التي ارتكبتها السعودية كانت الابادة الجماعية لاكثر من 30 شهيدا ، معظمهم من الاطفال والنساء، يوم امس الاثنين (13 تموز / يوليو ) في حي سعوان بالعاصمة اليمنية صنعاء ، في ثالث أيام الهدنة غير المنفذة.
ان التناقض الصارخ في موقف السعودية من الشعب اليمني ، والذي يصل الى حالة تتجاوز حالة التعطش للدماء ، وموقفها من المجرمين التكفيريين من عناصر القاعدة و”داعش” وميليشيا الاصلاح ، والذي يصل الى حد التنسيق في ادق تفاصيل العدوان ، كشف ان النظام السعودي ، يسعى الى تحقيق هدفه القديم المتمثل في تقسيم اليمن وشرذمة شعبه واقتطاع اجزاء من ارضه ، بعد ان تعذر عليه اخضاع الشعب اليمني بالترغيب والترهيب ، ولكن فات النظام السعودي ان الزمن الذي اقتطعت فيه من اليمن نجران وجازان وعسير ، قد ولى ، وان الظروف قد تغيرت ، فالشعب اليمني ، الذي لم يرضخ امام تحالف السعودية والقاعدة و”داعش” وحمى الضنك والفقر وميليشيا الاصلاح التكفيرية ، منذ اكثر من ثلاثة اشهر ، رغم الحصار الظالم وعدم وجود الناصر ، فهذا الشعب الابي ، سيثبت للعالم اجمع ، ان القاعدة و “داعش” ، الذين تحاول السعودية استخدامهم كوسيلة لتجزئة اليمن ومن ثم اقتطاع محافظة حضرموت منه ، ليسوا سوى سوى افاقين لا جذور لهم في ارض اليمن ، وحالة طارئة طفت على المشهد اليمني بسبب الوهابية ، بضاعة السعودية الكاسدة الى شعوب العالم ومنها الشعب اليمني ، فالوهابية مهما توغلت وتضخمت تبقى زبدا على وجه بحر الشعوب .. “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال “
المصدر:شفقنا