العتب الجميل على شيخ الأزهر الجليل
رسالة مفتوحة إلى سماحة الشيخ الدكتور أحمد الطيب
بسم الله الرحمن الرحيم
(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ) الشورى:13
إلى سماحة الشيخ الجليل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
سلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كنت أتردد أن آخذ اليراع بيدي لأوجه إليكم هذه الرسالة نظراً إلى أنني طالبُ علمٍ وغاية ما يمكنني أن أفتخر به من العناوين أنني داعيةٌ إلى وحدة الأمة وتقارب أبناءها في الفكر والعمل ، وسماحتكم شيخ الأزهر بكل ما تحمله هذه الكلمة من المسؤوليات والمكانة العلمية والدينية والاجتماعية في مؤسسة دينيةٍ تعتبر منارةً للمسلمين في أصقاع الأرض وفي بلدٍ عريقٍ وذي حضارة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ. وهذا الذي جعلني أتردد في توجيه الرسالة إلى شخصٍ يحمل هذه المكانة الكبيرة. ولكن لِما أعرفه من التواضع وحسن الخلق فيكم وكذلك للثقل الذي أشعر به من مسؤولية النصيحة لأئمة المسلمين قررت أن أكتب هذه الرسالة لأهدي إليكم مرفقاً بها كتاباً أعتبره من أكبر الوثائق في لمّ شمل الأمة ونبذ فرقتها ألا وهو كتاب ( حرمة تكفير المسلمين والإساءة إلى مقدسات الأمة الإسلامية في فتاوى وآراء مراجع الدين والعلماء المسلمين الشيعة ) ، والذي جمع بين طياته فتاوي أكثر من عشرين فقيهاً ومرجعاً من علماء أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
***
عملت لفترةٍ قصيرة خبيراً في العلاقات الدولية في القسم الخاص بالقارة الأفريقية والعالم العربي في مكتب الشيخ الدكتور محمد حسن زماني مساعد مدير الحوزات العلمية في إيران، وكان هو المستشار الثقافي الإيراني الأسبق لمكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة وهو من أصدقائكم كما تعلمون و كان يعتبر من الشخصيات البارزة في توطيد العلاقات الثقافية بين إيران ومصر وجمعته بكم لقاءات عديدة أنتم تذكرونها بالطبع، وهو الذي عرّفني بشخصكم الكريم وإخلاصكم ومدى ثقافتكم وسعة أفقكم في دراسة المدارس الفكرية الإسلامية وغير الإسلامية . وهو الذي ذكر لي أنكم ممن قرأتم كتب العبقري الشهيد محمد باقر الصدر رحمة الله عليه وترون فيه مفكراً عظيماً وتشيدون بمشروعه وقد قرأت كتابكم ( التراث والتجديد مناقشات وردود )، وقرأت فيه ما صرحتم به في هذا الكتاب مانصه :
(أنه لا يمكن لأي راصد لمعركة الماركسية في العالم العربي، في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، أن يغفل أعمال محمد باقر الصدر بالعراق التي جاءت هدماً وتقويضاً للفلسفة المادية في مذاهب الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية، حيث أفاض الصدر في بيان المآسي الاجتماعية التي شَقيت بها الإنسانية في ظلال هذه الأنظمة المادية، سواء في الفكر الرأسمالي أو الاشتراكي. إن عمل الصدر تميز بالدقة الفلسفية وبالتحليل العميق للشيوعية والاشتراكية والرأسمالية، وبنقده المنطقي المستند إلى الحجج العقلية، والدلائل الفلسفية والاقتصادية والفقهية على إفلاس هذه المذاهب، التي تنكرت فلسفة الدين وفلسفة الأخلاق، وسيظل الكتابان الخالدان على وجه الزمن، وهما: «اقتصادنا» و«فلسفتنا»، مصباحين يضيئان الطريق لكل راغب في الاطلاع على عورات الفلسفة المادية، وما نتج منها من أنظمة اجتماعية خيل للإنسان في بادئ الأمر أنها الفردوس المفقود، ثم ما لبث أن اكتشف أنها الجحيم الذي لا يطاق) .
وبعد أن تقلدتم منصب شيخ الأزهر كنت أتابع تصريحاتكم ومواقفكم وقد عقدنا الأمل بكم وبمشروعكم الإصلاحي لإعادة الأزهر الشريف إلى مكانته المنشودة والرائدة في العالم الإسلامي ، وتأكدت لنا هذه الرؤية عندما قرأنا في المواقع الإخبارية تصريحاتكم الوحدوية في دفع الشبهات عن المسلمين وأهل القبلة في المذاهب الإسلامية مثلما كتبتم في الرد على الدكتور الداعية السعودي أحمد بن سعد بن حمدان الحمدان الغامدي استاذ الدراسات العليا بقسم العقيدة بجامعة أم القرى الذي استنكر على علماء الأزهر الاعتراف بالمذهب «الإثنا عشري» وجعله مذهباً فقهياً كبقية مذاهب الأمة. ورددتم عليه بالقول بأن ( السنة والشيعة هما جناحا الأمة الإسلامية)،ولفتم إلى أن (ما يحدث بينهما الآن هو محاولةٌ للنيل من المسلمين عبر سلاح التقاتل المذهبي. و الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين فذلك يأتي ضمن منهج الأزهر الشريف في نشر مفاهيم الاعتدال الفكري والعقائدي. وأن الأزهر يسير ويتمسك بدعوة التقريب بين السنة والشيعة التي قادها شيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت مع المرجع الشيعي تقي الدين القمي عندما أسسا دار التقريب بين المذاهب الإسلامية).
وقرّت أعيننا برفضكم القاطع لتكفير الشيعة وتأكيدكم بأنكم تصلون ورائهم ، وقد قرأت بعض الرسائل المتبادلة بينكم وبين مراجع وفقهاء في ايران ، وشعرت بأن صفحةً جديدةً بدأت تفتح في مسيرة وحدة الأمة الإسلامية . لاسيما وكنت تعرفت على خلفيتكم الصوفية الأشعرية وخبرتكم العلمية في الفلسفة الإسلامية والغربية حتى سمعت بعض الشهادات من الشخصيات الإيرانية التي زارتكم سابقاً كالدكتور ناصر السوداني ممثل منطقة الأهواز في البرلمان الإيراني و عضو الوفد البرلماني الإيراني الذي زار مصر بعد ثورة 25 يناير الذي نقل لي تصريحكم الذي قلتم فيه ( أنا تلميذ ملا صدرا وشيخ الإشراق أفكر بعقلانية الشيعة وأعمل فقهياً بفقه أهل السنة ).
وكنا نشعر عبر مواقفكم بحساسيتكم البالغة على بقاء صرح الأزهر الشريف بعيداً عن التيارات التكفيرية التي تقتات من خارج مصر لتغذي مشاعر الفرقة والطائفية والتباغض والتناحر بين المسلمين.
وقمة هذه المواقف كانت رسالة الشكر التي وجهتموها إلى سماحة الإمام القائد الخامنئي بعد إصدار فتواه في تحريم سب الصحابة واتهام أمهات المؤمنين بما يخل بشرفهن حيث قلتم فيها : (أن هذه الفتوى صادرة عن علم صحيح, وعن ادراك عميق لخطورة ما يقوم به أهل الفتنة ، وتعبر عن الحرص على وحدة المسلمين ، ومما يزيد من أهمية هذه الفتوى أنها صادرة عن عالم من كبار علماء المسلمين ومن أبرز مراجع الشيعة وباعتباره المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية وأنه من موقع العلم ومن واقع المسؤولية الشرعية أقرر أن السعي لوحدة المسلمين فرض, وأن الاختلاف بين أصحاب المذاهب الإسلامية ينبغي أن يبقى محصوراً في دائرة الاختلاف في الرأي والاجتهاد بين العلماء وأصحاب الرأي وألا يمس وحدة الأمة ).
ومن هذا المنطلق أردت أن أوضح لكم أن جوهر الحركة الفكرية والثقافية التي يجب أن نتشارك جميعا في القيام بها هو مشروع إحياء الحضارة الإسلامية والتجديد والاصلاح الفكري في العالم الإسلامي . إن اهتمامنا يجب أن يوجّه للمساهمة في ايجاد حالة ( الذكر الحضاري ) واخراج الأوساط الفكرية من سطحية الانشغال بالصراعات السياسية أو الفتن الطائفية إلى عمق الإبداع الفكري والحضاري. ولكن هناك عوائق في الطريق علينا جميعاً أن نتجاوزها ونتكاتف سوياً لتحقيق هذه الأهداف السامية والتي نعتقد أن للأزهر الشريف دورٌ لا مثيل له في إنجازها. أما العوائق فهي كالتالي :
أولاً : في مجال المذاهب الإسلامية علينا جميعاً أن نعترف ونؤكد على حقوق المواطنة وحرية المعتقد في إطار الشريعة الإسلامية والثوابت الدينية ولا نرى للمؤسسات الدينية سواءٌ الحوزات العلمية أو الأزهر الشريف أو أي مؤسسة أخرى في إيران أو مصر أو في أي بقعةٍ أخرى من بقاع أرض الله الواسعة ، الحق في احتكار الحرية في اختيار المذهب لأنه رهن اتمام الحجة الشرعية التي تعذِّر الإنسان المسلم أمام الله وتنجِّز واجبه الشرعي في الحياة ، فإذا اعتقدنا جواز تقليد غير الفقيه عن الفقيه في الفروع العملية فلا يمكن أن ننكر حق كل الناس في الاجتهاد لاكتساب العقيدة الصحيحة ولكن سيكون هذا الاجتهاد والبحث لاكتشاف الحقائق العقائدية يختلف بقدر الاستعدادات والقابليات والظروف الزمانية والمكانية لكل شخصٍ على حده . وعلى ضوء ذلك لا يمكن استعباد أفكار الناس ومتبنياتهم العقائدية لمدرسةٍ فكرية معینة وقد خلقهم الله أحرارا ولا يجوز محاربة أتباع المدارس الأخرى مادام أنها تدخل في المكونات الأساسية في الأمة الإسلامية وتعترف بشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله ، صلى الله عليه وآله .
إننا نحترم كل المذاهب الإسلامية ولا نفرض مذهبنا على الآخرين ولا نكفر أهل القبلة وفي نفس الوقت نرفض التقسيم الجغرافي والمناطقي للمذاهب بحبث يسلب من المسلم العاقل حرية أختيار الرأي والعقيدة ويفرض عليه اتِّباع الأغلبية أو المذهب الرسمي وهذا ما تكفَّل به الدستور المصري من احترام حرية الاعتقاد فقد نصت المادة 64 منه على أن (حرية الاعتقاد مطلقة. وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون) وتوفير هذه الحرية هو عين الإحترام للمذاهب الإسلامية جمعاء فعلينا أن نساهم بكل ما نملك من قوة لتحقيق التعايش السلمي في مجتمعاتنا بدلا من أن نلتهج بلغة الإحتكار المذهبي فإننا نعيش في عالم مفتوح عصي على الانغلاق والإنعزال، فالفكر لا يسجن بالتوصيات أو تحذير المؤسسات الدينية .
ثانياً : إن الأزهر الشريف له قدم صدق في مجال حوار الأديان والتعايش السلمي وايجاد أرضيات مشتركة بين الملل المختلفة ، فحريّ به أن يكون مقداماً في مجال وحدة أبناء الأمة الإسلامية ، وقد بادر في الآونة الأخيرة بإقامة مؤتمرٍ لمحاربة التكفير ولكن يا للعجب في حين أن علماء المذاهب مجتمعون ويبحثون عن حلٍ جذريٍ لإخراج الأمة من أزمة التكفير إذ نسمع على لسانكم الشكر والتقدير لملك دولةٍ هي المصدِّر الأول للإرهاب والتكفير لكل العالم ! فهل العلة الموجبة للأزمة تعتبر سبباً للحل ؟!! وهل الذي يمول التيارات التكفيرية في العالم سوف يدعم مؤتمراً يسعى لمحاربة التكفير بشكلٍ حقيقي ؟ إن استقلالية الأزهر خطٌ أحمر ولا أحد ينبغي له أن يتدخل في علاقات المؤسسات الدينية مثل الأزهر الشريف والحوزات العلمية في إيران لتقريب الأمة الإسلامية. ولذلك ندعو سماحتكم لاتخاذ مواقف جريئةٍ لإنقاذ الأزهر الشريف من اختراق المدارس التي تُكَفِّر أهل القبلة ولا تعتقد بالتعايش بين المسلمين .
ثالثاً: من المؤسف جداً أن يُنسَب إلى جمهورية إيران الإسلامية اتهام نشر التشيع لأن التشيع أولاً بمعنى اتباع أئمة أهل البيت عليهم السلام والاقتداء بهم في أخذ معالم السنة النبوية عن قناة هؤلاء الذين طهرهم الله من الرجس تطهيراً لا يحتاج إلى دعوةٍ والإختراق المذهبي أو توجيه الإهانة للرموز وشخصيات المذاهب الإسلامية الأخرى لم يكن منهج أئمة أهل البيت عليهم السلام وإنما أمروا أتباعهم بالاندماج في المجتمع الإسلامي والتعايش مع بقية المسلمين حيث قالوا : (عن معاوية بن وهب قال: قلت له [ أبي عبدالله جعفر الصادق عليه السلام ] : كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا وبين خلطائنا من الناس ممن ليسوا على أمرنا؟ فقال عليه السلام: تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فوالله إنهم ليعودون مرضاهم، ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدون الأمانة إليهم) (وسائل الشيعة ج/8 ص399).
وثانياً جمهورية إيران الإسلامية لا تتحيز في سياساتها الثقافية العالمية لمذهب أو طائفة محددة بل خطابات قياداتها على الدوام موجهة لعموم المستضعفين في العالم والأمه الاسلامية بمختلف مكوناتها الفكرية والثقافية والمذهبية والاهتمام دوما ينصب علىى القضايا الرئيسية لجموع الأمة فلم تجدوا يوما ما أحدا من القيادات الدينية للثورة الإسلامية يلتهج بالخطاب الطائفي أو التحريضي. فتجدون قضية ازالة الكيان الصهيوني الغاصب من الوجود هي القضية المحورية من يوم انطلاق الكفاح السياسي للإمام الخميني استمراراً بأيام نضاله في منفاه طيلة خمسة عشر سنةً إلى الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية حيث تم اغلاق السفارة الصهيونية واستبدالها بسفارة فلسطين المغتصبة، وعندما أفتى بعض علماء المسلمين مع الأسف بجواز المصالحة مع الكيان الصهيوني الغاصب أفتى الإمام الخميني بوجوب تحرير فلسطين بل وأسس المقاومة الإسلامية في لبنان و دعم بكل ما يمتلكه من قدرةٍ وعتاد المقاومة الفلسطينية لإزالة هذه الغدة السرطانية وتحرير الأراضي العربية الإسلامية من دنس الإحتلال .
ونحن إذ نشكر سماحتكم لمواقفكم الشفافة في القضية الفلسطينية ورفضكم القاطع بالسفر إلى الأراضي المحتلة نؤكد لكم أن إيران الإسلامية بذلت وسوف تبذل لتحقيق هذه الرسالة المقدسة ألا وهي تحرير القدس الشريف .
ولو أرادت إيران نشر مذهبها كانت ستفعل مثلما تفعله بعض الدول المصدرة للتكفير . فإيران أسست منظماتٍ معروفةٍ لدعم المقاومة فأين مؤسساتها التبشيرية على حد تعبيركم؟ وهل طلبت يوماً ما من أهل فلسطين أن يتشيعوا أو بادرت على سبيل المثال إلى تشييع أهل السنة في إيران؟!!بل دعمت المدارس الدينية لأهل السنة وعمرت مساجدهم وخصصت رواتب لعلماء أهل السنة وأئمة مساجدهم وأنتم قد ذكرتم سابقا عن ضرورة استيفاء حقوق اهل السنة في إيران لكنكم لم تلبون دعوة ايران للسفر الى مناطق أهل السنة وزيارتهم عن قرب ومشاهدة مستوى معيشتهم ومدى تلاحمهم مع إخوانهم من الشيعة والنموذج الرائع الذي قدموه للعالم في التعايش السلمي والعيش المتآلف المشترك.
رابعاً: لا ينبغي لنا أن نعمم الشر والطائفية على المذاهب الإسلامية لوجود بعض الشخصيات الشاذة والتيارات المتطرفة المثيرة للفتنة بينهم عملاً بالقاعدة الذهبية القرآنية في التعامل مع أتباع الأديان والمذاهب ( ليسوا سواءً ). فمدرسة أتباع أهل البيت يمثلها فقهائها ومراجع الدين وزعماء الحوزات العلمية وليس رجال الفتنة الذين يتقمصون لباس الدين ويستغلون القنوات الفضائية اللندنية والأمريكية وباقي وسائل الإعلام لإثارة النعرات الطائفية وتغذية الاحتقان بين المسلمين وعلى أساس ذلك فإن مراجعنا وفقهائنا تبرأوا جملةً وتفصيلاً من فعل هؤلاء . وقد أردفنا بهذه الرسالة الكتاب الذي فيه فتاوى مراجع الشيعة في تحريم الإساءة الى مقدسات المسلمين .
والدعاة الذين أشرتم إليهم في محاضراتكم الرمضانية والذين وصفتموهم برعاة حملة التبشير الشيعي هم الذين سبّوا وفسَّقوا وكفَّروا علماء الإثني عشرية قبل رموز ومقدسات المذاهب الإسلامية الأخرى فهم أشبه شيء بالوهابية التكفيرية والتي تم زرعها داخل الجسد الشيعي ليكون هناك توازن بين القوى التكفيرية في كل المذاهب وليشعلوا دائما نار الفتنة الطائفية، فكان حريٌ بجنابكم أن لا تجعلوا هؤلاء ممثلين لمذهبٍ إسلاميٍ تعرفون قيادته الرشيدة الحكيمة وتأكيدها للتبرؤ من التشيع اللندني والأمريكي.
خامساً : إننا في اتخاذ مواقفنا ورسم استراتيجياتنا في إيران لا نميز بين المذاهب بل نعتبر الناس سواسية كأسنان المشط ، وإذا نطالب بحقوق المواطن الشيعي المصري فقد طالبنا قبلها بحقوق المواطن السني الإيراني ، ونتوقع من الأزهر الشريف وبالذات من سماحتكم أن تكونوا شجرة رحمةٍ تجمع في ظلالها كل المكونات الدينية . السماحة الإسلامية تتطلب حرصكم على توفير حقوق كل المسلمين المصريين بغض النظر عن انتماءهم المذهبي وذلك يستدعي مايلي:
أولاً:
مواجهتكم الصريحة للمؤسسات والشخصيات التي تحرّض على الطائفية في مصر فهناك جمعياتٌ أسست مختصةً للتشهير بأتباع المذاهب الإسلامية ولهتك أعراض المسلمين والحث على تكفيرهم وقتلهم بصريح العبارة وهذه المؤسسات هي التي أساءت إلى بعض قراء القرآن والشخصيات الأزهرية وكبار علماء مصر ولم تراعي حرمة العلم والعلماء بل أثارت موجةً إعلاميةً ضدهم بجريمة أنهم تحدثوا عن الوحدة الإسلامية أو زاروا إيران أو العراق مثلاً فلم نر استنكاراً من الأزهر الشريف دفاعاً عن هؤلاء ، بل شاركت ومع الأسف الشديد إدارة الأزهر والأوقاف المصرية في هذه الحملة المشبوهة .
ثانياً:
إننا نتوقع من الإمام الأكبر للأزهر الشريف أن يكون شيخ الإسلام وليس شيخ الطائفة فبعض تصريحاتكم في المحاضرات الأخيرة سوف تفتح الأبواب أمام التكفيريين وتعطيهم الشرعية ليزيدوا من حدة حملاتهم الإجرامية ضد المواطنين المصريين بحجة أنهم أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
سادساً:
إننا نعيش عصر تكالب قوى الشر ضد الإسلام والمسلمين وذلك للحد من حركة العودة إلى الذات إما بانجرار الشباب الى النماذج المتطرفة التكفيرية أو بنشر الإلحاد في المجتمعات الإسلامية ففي ظل تلك الهجمات الشرسة على الكيان الإسلامي لا يبقى أمامنا إلا تحقيق التعاون بين المذاهب الاسلامية والكف عن الصراع والمنافسة السلبية بين المذاهب عملا بقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) فمن الضروري تفعيل التعاون المشترك العلمي والثقافي بين الأزهر الشريف والحوزات العلمية وقد تذكرون أن شيخ الأزهر السابق فضيلة الدكتور طنطاوي رحمه الله رحب بمقترحات الدكتور زماني في هذا المجال ولكن لم تفَّعل بسبب الأجواء المحتقنة والضغوطات التي تمارس ضد الأزهر ، فتحقيق هذه الأمنية بحاجة الى مواقف شجاعة أنتم أولى باتخاذها (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا )
***
وفي الختام أستميحكم عذراً للإطالة في الكلام لأنني فضلت الصراحة فإن قدركم كبيرٌ لدينا وإننا على يقينٍ بأنكم تقدرون على تجاوز هذه العقبات التي تعرقل مسيرة التعاون الثقافي بين أبناء الأمة الإسلامية بأمل رؤية الأزهر الشريف وهو في مكانته المعهودة والمنشودة في قيادة الوسطية والاعتدال الإسلامي والإنساني.
وأخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
حررها غريب رضا مدير رابطة الحوار الديني للوحدة
إيران- رمضان 1436 للهجرة النبوية الشريفة