تطور الجماعات السلفية في مصر : اعتدال ..تطرف ..إرهاب

جماعات السلفية : اعتدال ..تطرف ..إرهاب

تشكل سلفية اليوم جزاء من الحرك السياسى الذى تعيشه مصر عقب ثورة 25ينايروتطورت للتعامل ببرجماتية سياسية مع ثورة 30يونيو لتصبح جزء من المشهد الحالى ولكن بتناقض مختلف لتصاب بأمراض السياسية مابين مؤيد ومعارض لينطبق عليها مقولة “جمعهم المنهج وفرقتهم السياسية ”

يرجع تاريخ الحالة السلفية الحالية في مصر إلى عدة عقود، إلا أن السلفيين ابتعدوا عن ممارسة دور فاعل في الحياة العامة سياسيًا على الأقل مقارنة بتيارات إسلامية أخرى وفضَّلوا البقاء في المساجد، تحدُوهم رؤى فقهية أحيانًا، وتوازنات أو تفاهمات مع الأنظمة الحاكمة، أحيانًا أخرى.

لسنوات طويلة، عمل السلفيون في الظل، مستفيدين من فراغات وفضاءات دينية انشغل الإخوان المسلمون عنها بمشاركة أوسع في النقابات المهنية والحياة السياسية. وحتى مع انتشار فضائيات دينية هيمن عليها السلفيون، لم يمثل التيار السلفي رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية، باعتبارهم طرفًا محايدًا، من ناحية، ولِمَا بدا أنها قدرة أمنية على قمعهم أو احتوائهم أو توظيفهم لصالح النظام الحاكم، من ناحية أخرى.

أدت العزلة التي ارتضتها غالبية التيار السلفي إلى تشكل صورة نمطية عنهم أغفلت تنوعهم الحقيقي، وبدا وكأننا أمام كتلة واحدة غير قابلة للفرز والتصنيف. صحيح أن التمايزات داخل التيار السلفي لا يراها البعض جوهرية، إلا أنها تبقى ضرورية خاصة في مرحلة إعادة التموضع لقوى المجتمع المتنوعة.

تبلور التيار السلفي في تاريخ مصر الحديث على شكل تنظيمات مع بداية العقد الثاني من القرن الماضي. وبالرغم من وجود مدرسة إصلاحية سلفية سبقته بسنوات، إلا أنه لم يعتبر نفسه امتدادًا لها، بل سلك معها نوعًا من التجاهل أو القطيعة، خاصة مع تجلياتها الأولى جمال الدين الأفغاني (1838-1897)، ومحمد عبده (1849-1905) ولم يتقاطع معها إلا بعد سنوات في نهاية العشرينيات، بعد أن توثقت علاقة وريث المدرسة الإصلاحية السيد محمد رشيد رضا (1865-1935)، بالمملكة العربية السعودية.

وبالبحث التأصيل للمنهج السلفى يمكن تقسيمها الى  ثلاث مدارس رئيسية تتبع كل منها عدة فرق وجماعات. هذه المدارس هي

1-      السلفية العلمية

2-       السلفية الحركية

3-       السلفية الجهادية

هذه المدارس الثلاث مختلفة تماما في تفاصيل المنهج الدعوى وطريقة تنفيذة مابين الدعوة بالحكمة  والموعظة الحسنة  وبين تكفيرأصحاب المنهج المختلف بل وقتله والتمثيل به

هذا الاختلاف في تفاصيل المنهج الدعوي لايمنع  أن جميعها تنطلق من نفس ذات الأسس النفسية والفكرية  والتى تتمثل فيما يلى :

اولا : النكوص الى الماضى التى تعود  بهم الى  الحالة الذهنية التي ينهزم فيها الإنسان وينسحب من المواجهة مرتدا إلى أطواره الأولى، حيث يميل إلى التفكير والتصرف بأشكال بدائية، ليصبح الماضي لا الحاضر هو محور إرتكازه ومركز إنطلاقه.

ثانيا: إعتبار السلفية هي الفرقة الناجية التى حدثها عنها النبى صلى الله عليه وسلم بل والتطرف في الفكرة الى تكفير المخالفين أو إخراجهم من ملة أهل السنة والجماعة

ثالثا: استخدام النصوص الدينية في مصادرة أفكار ومشاعر المخالف وكأنه دونهم انسانيا وعقليا  وسحب  حقه في حريته في تقرير مصيره، لمجرد اختلافه ورغبتهم المحمومة في التسلط عليه

رابعا :اتفاق السلفيون جميعا على تحريم الممارسة الديموقراطية التي تمنح البشر حرية تشريع القوانين التي تحكم حياتهم مع الاضطرار الى المشاركة فيها من باب قوله تعالى ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ”

رابعا: التصادم مع العقل باعتباره العدو الشديد للفكر السلفى الذى يرتد دائما الى الخلف بنصوص قديمة التى يتحرر العقل  دائما منها  وينطلق الى افاق اوسع ترفضها الافكار السلفية

خامسا:  لازالت السلفية بكافة مدارسها تعيش في حالة تصادم ما بين  التطور المستمر الذي يطرأ على المجتمعات الإنسانية عبر العصور وأفكار وقيم وأنماط سلوك أفرادها القائم على محاولة إحياء السائدا في صدر الإسلام بمفاهيمه اوقيمه ، وان تصادم مع الواقع المعاصر

وعلى الرغم من المحرمات السابقة نجد ان كافة مدارس السلفية تتوافق وتتلاعب حول السلطة املاء في الوصول أليها ولكن بطرق مختلفة

ففى الوقت الذى تدعو السلفية العلمية  الى إحياء نموذج إحياء  العلوم الفقية والشرعية بالدعوة والموعظة الحسنة، تقف مع الحكام ضد معارضيهم وتحرم الخروج عليه ولو كان ظالما، لتتقى شره وملاحقات أتباعه  وكانها سلفية فصلت لاصحاب السلطان من أجل السلطة والوصول اليها بعد تربية المجتمع على فكرتهم ثم الانقلاب على نفس السلطان الذى كفروا من يخرج عليه

السلفية الجهادية  تدعو الى السلطة مباشرة وتضحى من أجلها بالغالى والنفيس  وتؤمن وترسخ في عقيدة اتباعها  أن إقامة الدولة الإسلامية لن يكون إلا عن طريق الجهاد المسلح لإسقاط الأنظمة الكافرة التي تحكم بغير ما أنزل الله لتصل الى الحكم بما أنزل الله ولو على حثث وأشلاء عشرات الملايين من المسلمين الكفرة .

السلفية الحركية  وكما أسمها تتحرك بين المدرستين لتنزل في لموضعين في وقت واحد فهى تمارس الدعوة بين الناس مستغلة التوافق مع الحاكم من ناحية، ولا تسقط فريضة الجهاد  على نفس الحاكم من ناحية أخرى ولكن بشرطهم المختفية خلف قناع   شروط  الجهاد ، الذى سرعان ما تتهاوى إذا ما لاح بريق كرسى السلطة في الأفق

هذه الرغبة الجامحة للوصول الى السلطة سرعان ما انكشفت ملامحها بجلاء عقب نجاح الثورات العربية في إسقاط الأنظمة التى قهرت هذه الجماعات لسنوات  لتصبح فتوى تحريم الخروج على الحكام  مجرد اضطرار وركوب موجة هذه الثورات جهاد حركى منذ أنطلاق شرارتها الاولى  وكل هذا من أجل عيون السلطة، بل ولم تتورع جميع المدارس السلفية عن تأييد استخدام القوة المسلحة في إسقاط بعض الأنظمة كما حدث في اليمن وليبيا وسوريا.

نفس السلفيون ابتلعوا تراثهم العظيم  في تحريم الديموقراطية والاحزاب ،وتقدموا الصفوف   بتشكيل أحزاب سياسية تمارس كل ما كانوا يعدونه من قبيل الشرك والفسق والفجور، بل نفس  الديموقراطية التي يحرمونها كسلم للوصول إلى السلطة هم ما جعلتهم يكفرون بعضهم البعض ويسبون بعضهم البعض تحت دعوى خيانة الشرعية والصندوق

لتخلق لنا بعد ثورة 30يونيو اتجاهات جديدة تعمل في العلن بنفس الافكار القديمة واتجاهات قديمة تعمل بنفس الافكار القديمة ولكن بثوب جديد ويمكن تقسيم التيار السلفى في مصر الى

أولاً: الدعوة السلفية

ثانيا : جمعية أنصار السنة المحمدية

ثالثا:  الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية

رابعا: الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح

خامسا: مجلس شورى العلماء

سادسا :الجبهة السلفية

سابعا  : التيار السلفي العام

ثامنا  :السلفية الجامية المدخلية

تاسعا  : الحركة السلفية من أجل الإصلاح

عاشرا :السلفية الحركية

بالإضافة إلى جمهور عريض غير منتمى في مجمله، يتبع رموزًا دعوية سلفية، توجهه بسلطة الخطاب والفتوى، وإن اختلفت مواقفها من النظم الحاكمة والممارسة السياسية.

وتتمثل مدارس السلفية ما بعد 25يناير فيما يلى

أولاً

الدعوة السلفية هى احدى الجمعيات الدعوية التي تقوم على تطبيق المنهج السلفي وتحاول نشره عن طريق الدعوة .

ويرى اصحاب الدعوة السلفية ان اهداف دعوتهم تتمثل في الاتي:

اهداف دين الاسلام اي “الدعوة الى توحيد الله والاذعان لله والانقياد التام لله والبراء من الشرك وأهله” استنادا الى قول الله تعالى في كتابه الكريم ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

وهي “سلفية” بمعنى انها تدعوا الى “فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الامة” والمقصود بسلف الامة هم الصحابة والتابعين وتابعي التابعين , استنادا الى قول النبي ”         خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم ينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويفشو فيهم السمن “مع     نبذ البدع والدفاع عن السنة النبوية استنادا لقول الله تبارك وتعالى سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا

وتعد محافظة الاسكندرية النشأة الاول للدعوة السلفية  ومعقل غالبية رموزها وكان وما زال  مسجد عمر بن الخطاب بمنطقة الابراهيمية بالمحافظة  المعقل الاول لها منذ نشأت في سبعينيات القرن الماضي وبالتحديد (ما بين عامي 1972 ـ 1977) على أيدي مجموعة من الطلبة المتدينين، كان أبرزهم (محمد إسماعيل المقدم، وأحمد فريد، وسعيد عبد العظيم، ومحمد عبد الفتاح ابو ادريس)، ثم ياسر برهامي وأحمد حطيبة فيما بعد، التقوا جميعا في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، بعد ان  كانوا أعضاء في تيار (الجماعة الإسلامية) الذي كان معروفا في الجامعات المصرية في السبعينيات  والذى صدر جميع التيارات الاسلامية فيما بعد بداية من الاخوان ومرورا بالسلف ونهاية بالجماعات  الاسلامية المسلحة التى حملت السلاح ضد الدولة في ثمانيات وتسعينيات القرن الماضى  فيما كان  يعرف سياسيا وتاريخيا بـ”الفترة الذهبية للعمل الطلابي” في مصر.

قيادات السلفيين الان رفضت  جميعا الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين تأثرا بالمنهج السلفي الذي وصل إليهم عن طريق المطالعة في كتب التراث الإسلامي، ومجالسة شيوخ السلفية ، ثم تأثرهم بدعوة محمد إسماعيل المقدم، الذي كان قد سبقهم إلى المنهج السلفي من خلال سماعه لشيوخ جمعية أنصار السنة المحمدية منذ منتصف الستينيات، وقراءاته لكتب ابن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم. وبمرور الوقت تكونت النواة الأولى للشباب السلفيين تحت اسم “المدرسة السلفية”، عام 1977م بعد انسحاب هؤلاء الطلاب المتأثرين بالمنهج السلفي من الجماعة الإسلامية، التي هيمن عليها طلاب الإخوان و”فرضوا منهجهم”، حيث شرع محمد إسماعيل في تأسيس النواة الأولى من خلال درس عام كان يلقيه كل يوم خميس في مسجد “عمر بن الخطاب” بالإبراهيمية، وكان هذا الدرس بمثابة الملتقى الأسبوعي لهذه المجموعة الصغيرة إلى جانب حلقة أخرى بمسجد “عباد الرحمن” في حر “بولكلي” صباح كل الجمعة، ولم يكن مع المقدم أحد في هذه الفترة غير زميله أحمد فريد، الذي يحكي في مذكراته عن هذه الفترة، قائلا: “كان الحضور في هذه الحلقة لا يتجاوز عشرة أفراد، ولم يكن معنا أحد من قادة الدعوة السلفية الآن، وكان الشيخ محمد يحفظنا متن “العقيدة الطحاوية”، بالاضافة الى “تحفة الأطفال”، وكلفني بتدريس كتاب “مدارج السالكين”.

أعتبرت  الدعوة السلفية نفسها في بدايات نشأتهم الأولى مؤسسة دعوية تقوم على دعوة الناس لفهم الكتاب والسنة بفهم سلف الامة وهي تتفق مع التيارات الاسلامية المحيطة في امور وتختلف معها في امور اخرى وهذا ما شكل الكثير من نقاط الاختلاف مع العديد من الجماعات الاسلامية الاخرى لتشكل مواقف تجاهها تصل الى حد الرفض الكامل

ياسر برهامي

أليات العمل والانتشار 

بعد انفصال المدرسة السلفية عن تيار الجماعة الإسلامية في الجامعات وتخرج هؤلاء الطلاب أطلقوا  علي انفسهم  الدعوة السلفية في عام 84-1985؛ وذلك لإثبات شمولية دعوتها. على حد تعبير الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمى لها . بينما تتصاعد وتيرة الحركة الطلابية الإسلامية في الجامعات المصرية أوائل السبعينيات، بدأ في الإسكندرية محمد إسماعيل المقدم، طالب كلية الطب، درسه الأسبوعي بمسجد عمر بن الخطاب بالإبراهيمية، الذي أصبح نواة لتجمع مجموعة صغيرة لا تتجاوز عشرة من الطلبة المتدينين (أبرزهم: أحمد فريد)، المتأثرين بدروسه عن التوحيد والعقيدة.

مع نمو نشاط الطلاب الإخوان في الجامعة، قدَّم عماد عبد الغفور، الطالب بكلية الطب آنذاك، ورئيس حزب النور السابق ، اقتراحًا لتطوير العمل السلفي وبدء النشاط داخل الجامعة، عام 1980، فاختارت المجموعة اسم “المدرسة السلفية”، واختير محمد عبدالفتاح (أبو إدريس) مسؤولاً عنها.

مع منتصف الثمانينيات، توسع النشاط السلفي في المدينة واعتمد اسم “الدعوة السلفية”، التي سرعان ما شكَّلت مجلسًا تنفيذيًّا لها، يضم: محمد عبد الفتاح أبو إدريس قيِّمًا أي مسؤولاً أولاً، والشيخ ياسر برهامي نائبًا له، وعضوية كل من: الشيخ محمد إسماعيل المقدم، الشيخ أحمد فريد، الشيخ أحمد حطيبة، الشيخ سعيد عبد العظيم، الشيخ علي حاتم.

كما شكّلت لجان عمل (المحافظات اللجنة الاجتماعية لجنة الزكاة لجنة الشباب). حظيت الدعوة السلفية عام 1986 بزيارة استثنائية من الشيخ أبي بكر الجزائري، الذي زار كل مقراتها تقريبًا بالإسكندرية، ودعم موقفها في مواجهة الإخوان المسلمين، كما صحب بعضُهم أبرزَ علماء السعودية (الشيخ بن باز ،الشيخ بن عثيمين) لعدة أشهر في المملكة، ما أكسبهم ثقة وتمسكًا بمنهجهم. كما اتصلوا بمشايخ أنصار السنة المحمدية المؤسسين، وإن اختلفوا مع الجمعية في بعض الآراء الفقهية.

ثم أصدرت الدعوة السلفية في هذه المرحلة مجلة (صوت الدعوة) وهي مطبوعة إسلامية شهرية ظلت تصدر دون انتظام إلى حين تم إيقافها نهائيا سنة 1994م، وكانت تهتم بكل ما يتعلق بالمنهج السلفي من خلال مقالات شرعية مطولة يكتبها الدعاة السلفيون.

ولم يتوقف النشاط السلفي في الإسكندرية على الجوانب التعليمية والدعوية فحسب، بل تعداه إلى جوانب اجتماعية وإغاثية ككفالة الأيتام والأرامل، وعلاج المرضى، وغير ذلك من النشاطات جرى العمل فيها من خلال “لجنة الزكاة” التي كان لها فروع في كل منطقة وحي من مناطق وأحياء الإسكندرية.

وتمثلت قوة معهد الفرقان لإعداد الدعاة في 1986 في انه شرع دعاته  السلفيون في الاشراف عليه  ويضعون مناهج التدريس لطلابه، وقد لاقى هذا المعهد سمعة طيبة حتى ذاع صيته بين الراغبين في طلب العلم الشرعي بكافة فروعه (فقه، تجويد، حديث، أصول، توحيد، قرآن) حتى من بين خريجي الأزهر. وفي فترة وجيزة خرج المعهد عددا من الدعاة حملوا مشعل الدعوة السلفية في مصر، انتشروا في عدد من المحافظات والأقاليم حتى صارت الدعوة السلفية بفضله تصدر دعاتها إلى كل أقاليم القطر المصري وخارجه، وهم الذين هيؤوا لها فيما بعد هذا المدد السلفي الذي بات ملحوظا، على الرغم من أنهم اختاروا منهجاً دراسياً متعمقاً يفوق عمقه المناهج التي تدرس في المعاهد الدينية الرسمية وغير الرسمية

ثم تطورت لجان الزكاة والنشاط الاجتماعي، والعمل الدعوي بالمساجد، إلى أن تم حل كل هذه اللجان والمجلس التنفيذي نفسه في 1994، على خلفية توقيف قيِّم المدرسة الشيخ محمد عبد الفتاح، وتسلمت وزارة الأوقاف معهد الفرقان، ومُنع من بعدها مشايخ الدعوة من إلقاء الدروس والمحاضرات، أو حتى السفر خارج الإسكندرية.

اختارت الجمعية العمومية “القيم” ـ وهو المسؤول الأول عن الدعوة ـ ونائبه ومجلس الإدارة بالاقتراع السري المباشر، وانتهى الأمر باختيار الشيخ “محمد عبد الفتاح أبو إدريس” قيمًا، والشيخ “ياسر برهامي” نائبًا، وعضوية كل من: الشيخ محمد إسماعيل، والشيخ أحمد فريد، والشيخ أحمد حطيبة، والشيخ سعيد عبد العظيم، والشيخ علي حاتم. وكانت قرارات المجلس التنفيذي تـُتخذ بالأغلبية مع ترجيح جانب “القيِّم” ـ الذي هو بمثابة رئيس الدعوة السلفية ـ عند التساوي.

ولما كانت الدعوة “جزءا من واقع مليء بالحسابات المعقدة”، على حد تعبير الشيخ ياسر برهامي، فقد استفز توسع السلفيين الأجهزة الأمنية التي شرعت في التضييق عليهم، محاولة تفكيك الروابط التنظيمية لهذا التجمع الأصولي الذي جذب في فترة محدودة عشرات الآلاف من الشباب المتدينين، وبلغ هذا التضييق ذروته  في القضية التي تم فيها توقيف قيم الدعوة السلفية الشيخ أبو إدريس، والشيخ سعيد عبد العظيم عام 1994، وهي القضية التي تم فيها وقف مجلة “صوت الدعوة”، وإغلاق معهد “إعداد الدعاة”، الذي جرى تسليمه لوزارة الأوقاف على أساس أن الوزارة سوف تستمر في العمل وهي التي سوف تشرف عليه، إلا أن ذلك لم يحدث وتوقف العمل فيه تماما، كما جرى حل “المجلس التنفيذي”، واللجنة الاجتماعية، ولجنة المحافظات.

ولم يبق للسلفيين من مجالات عمل سوى الجامعة وبين الطلائع، وهو ما لم يتم الاعتراض عليه من قبل الأجهزة الأمنية في هذه الفترة وظل مستمرا حتى عام 2002 ، العام الذي تم فيه إيقاف العمل في الجامعة والطلائع والعمل خارج الإسكندرية، وقد كان السفر والتنقل ممنوعاً على الدعاة السلفيين خارج الإسكندرية منذ أواسط التسعينيات.

ويرجع انصار الدعوة السلفية استهداف الامن لهم الى الأحداث العالمية في ذلك الوقت والحرب الأمريكية على ما يسمى الإرهاب التي كانت في ذلك الوقت ذات تأثير كبير على مستوى العالم وكان لها انعكاساتها على المستوى المحلي.

رفضت الدعوة السلفية الديمقراطية واعتبرتها كفرًا، واعتبرت من يقبلها يضحِّي بعقيدة التوحيد، لأنها قد تأتي برئيس ملحد أو كافر، وتعرض تطبيق الشريعة على الخيار الشعبي. ولكنها لم ترفض المشاركة السياسية والانتخابات من حيث المبدأ

وتعلل ابتعادها عن المشاركة السياسية إلى ما يسميه مُنظِّرها الأول الشيخ ياسر برهامي    “موازين القوى المنحرفة التي لا تعرف معروفًا ولا تنكر منكرًا، وتفرض على المشاركين التنازل عن عقائد ومبادئ لا يرضى أحد من أهل السنة بالتضحية بها”. ولكن كل هذه الامور تغيرت بعد ثورة 25 يناير .

 قبل 25يناير “كارهين للمنهج محبين للبنا

لم يكن الدعاة السلفيون بعيدين عن حركة الإخوان المسلمين فكريًا ولا تنظيميًا، إذ نشأ بعضهم في بيوت إخوانية، كالشيخ ياسر برهامي الذي اعتقل والده وعمه من بين من اعتقلوا من الإخوان خلال الحقبة الناصرية بينما عمل البعض الآخر بين صفوف الحركة في أول حياته لكنهم جميعا اتفقوا على رفض الانضمام إلى الجماعة، وقد تزعم هذا الرفض محمد إسماعيل المقدم الذي أصر على الاستمرار في دعوته التي كان قد بدأها قبل ذلك وتأثر بشيوخ جمعية أنصار السنة وشيوخ السعودية أثناء سفره،.

وتمثل ذلك بشكل رسمى وصريح برفضهم  إعطاء البيعة لمرشد الإخوان مستندين وقتها إلى أن المرشد العام الأستاذ “عمر التلمساني” الذي جمع صفوف الحركة بعد رحيل المستشار حسن الهضيبي كان مجهولاً أي غير معلن عنه في ذلك الوقت، وقد رفض السلفيون إعطاء البيعة لشخص مجهول. وإزاء هذا الموقف احتج السلفيون بأنهم كانوا قد دعوا التلمساني لإلقاء محاضرة في إطار النشاط الطلابي بمدرج كلية الطب بالجامعة إلا أن بعض قيادات الإخوان أنكروا عليهم دعوته باعتباره لا يمثل الإخوان المسلمين، بينما أعلن عليهم فيما بعد أنه المرشد العام للجماعة.

هذا التلاعب من الاخوان ادى الى وقوع بعض الصدامات بين الطلاب السلفيين والإخوان المسلمين داخل جامعة الإسكندرية (عام 1980)، وكان طلاب الإخوان ما زالوا يعملون باسم الجماعة الإسلامية التى كان يتزعمها الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح وكرم زهدى وناجح ابراهيم في خليط غريب وغير مفهوم وهو مانتج عنه فيما بعد أجنحة الجماعات الاسلامية المتشددة ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية الان يتحدث عن هذه الفترة قائلا “كنا نوزع أوراقا ونعمل محاضرات في ساحة الكلية ونسميها ندوة، ونتكلم فيها عن قضية التوحيد وقضايا الإيمان”، فخطط الإخوان لمنع هذا اللقاء، ومنع خروج الطلاب للمشاركة فيه، فحصل الصدام الذي لم يكن السلفيون على استعداد له بينما كان الإخوان بعد خروجهم من معتقلات الحقبة الناصرية “مرتبين أمورهم”، حتى ظهر ارتباك شديد لدى السلفيين، التقوا على أثره واتفقوا على العمل بطريقة مرتبة، فجرى ما يشبه الاتحاد من أجل الدعوة بين هؤلاء الطلاب الذين يعرفون الآن بشيوخ الدعوة السلفية ورموزها، وتم الاتفاق بينهم على أن يتولى محمد عبد الفتاح أبو إدريس (قيِّم) المدرسة السلفية، أي مسئولها الأول”.

وبالرغم من هذه البداية التي شهدت ما يشبه الصراع بين السلفيين والإخوان إلا أن الباحث المدقق في الموقف السلفي يلحظ بسهولة هذه المساحة الكبيرة التي يراها السلفيون مشتركة بينهم وبين جماعة الإخوان المسلمين. بل وتنم كتابات عدد كبير من رموز الدعوة السلفية عن تقدير عال لتاريخ وجهود مؤسس حركة الإخوان الإمام حسن البنا، إذ لا يكاد يذكره أحدهم في ندوة أو خطبة أو مقال إلا ويتبع ذلك بالترحم عليه والدعاء له  بالقول “رزقه الله منازل الشهداء”.

الشيخ عبدالمنعم الشحات المتحدث الرسمى للدعوة السلفية يقول عن البنا ” ان هناك تشويهًا متعمدًا لتاريخ مؤسس جماعتهم، وهو أمر يقتضي أن نرد على تلك الحملة الشاملة على دين الله، كما يقتضي الذب عن عِرض أحد أبرز رموز الدعوة في العصر الحديث الأستاذ “حسن البنا” -رحمه الله”

ثم ينقل قول العلامة المحدث ناصر الدين الألباني -رحمه الله- ما معناه: “إن كانت للأستاذ “حسن البنا” أخطاء فهي مغمورة في بحر حسناته، ولو لم يكن لـ”حسن البنا” إلا تجديد شباب الدعوة لكفاه ذلك”.

وقال  سيد عبد الهادي القيادي السلفي  “إن حملات الوقيعة بيْن جماعة “الإخوان المسلمين” و”التيار السلفي” تتزايد حدتها؛ لضرب الصحوة الإسلامية ككل، فتسقط في أعين الناس، ويكون المستفيدون هم أعداء الإسلام”. وأضاف “للأسف.. انزلق بعض الأفاضل في هذا الأمر، وتوالت الاتهامات بين أكبر فصيلين في الدعوة الإسلامية، لا أقول في مصر فقط بل في العالم الإسلامي كله بدون مبالغة ولكن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا”.

وتابع “لا يصح بحال مِن الأحوال أن يصدق السلفيون أن الإخوان سوف يقضون عليهم إذا تمكنوا، وأنهم سيكونون أشد عليهم من الظالمين؛ فإننا نعتقد أن إخواننا في جماعة الإخوان المسلمين عندهم مِن الدين والورع ما يجعلهم لا يفكرون في ذلك؛ فضلاً عن تنفيذه”.

ب – بعد 30يونيو “صدام بلا رجعة وحرب بلاهوادة  ” 

دخلت الدعوة السلفية  في صراع مباشر مع الاخوان عقب مرحلة من التحالف الجزئى بعد ثورة 25يناير في مجلس الشعب المنحل واللجنة التأسيسة للدستور الذى انتج دستور 2012المشوه

ومع صول المعزول محمد مرسى  الى الحكم وقيامه وجماعته بحنث كل وعودهم مع الدعوة  في أقتسام الغيمة الكبرى “مصر” بل والعمل على تفكيك كيان الدعوة وذرعها السياسى  “حزب النور” الذى رصد كافة تجاوزاتهم في تقريرًا يمكن وصفه بكشف الحساب مع ،جماعة الاخوان  حول مواقفها السياسية معه  منذ اندلاع ثورة 25 يناير، ووضع دستور 2012، مرورا بثورة 30 يونيو، والإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى، والمشاركة فى لجنة الخمسين لتعديل الدستور.

التقرير تضمن  عدة عناصر رئيسية هى شهادة للدعوة السلفية عن حليفتها السابقة جماعة الإخوان، واستعرض مواقفها  بعد إقرار دستور 2012حيث  قررالاخوان  التعامل مع المعارضين بسياسة حافة الهاوية، والتى تسببت فى إراقة الدماء من الجانبين، كما لوحت لهم بخطاب التكفير والعنف، وأبدت صلابة فى غير موضعها مع مؤسسات الدولة

الدعوة السلفية لم تنكر مواقفها السابقة  لثورة يناير من عدم الرغبة في  المشاركة السياسية، لسبيين

الأول :يتم فيه الإقرار بباطل وهو محرم

الثانى :لا يتم فيه الإقرار بباطل ، وهو خاضع للمصالح والمفاسد، وان كانت تنتقد القوانين المخالفة للشريعة وهوالاتجاه الذى يتبناه حزب النور والدعوة السلفية حاليا

ومع ثورة يناير بدأ بعض العلمانيين «يتحرشون بالمادة الثانية فى الدستور»، ،ما  بين مطالب بإلغائها أو بإدخال تعديل عليها يسقط حجيتها بالكلية، لذلك نظمت حملة للدفاع عنها ثم تشكلت لجنة تعديل الدستور برئاسة المستشار طارق البشرى، وهاجم العلمانيون اللجنة لأنها لم تستجب لمطالبهم بتعديل المادة الثانية ودافع عنها الإسلاميون من أجل حفاظها عليها، وبعد الاستفتاء على الدستور بـ«نعم» كان قرار المشاركة السياسية

واستطاع السلفيون انتزاع مبدأ ظل راسخا حت الان من السلطة الحاكمة “مجلس عسكرى – اخوان – قوى مدنية ” وهى  فى حالة كتابة دستور يمنع البشر من سن قوانين تخالف شرع الله ومن الجائز مشاركة السلطة التشريعية أو التنفيذية بغرض الإصلاح

وتطور الامر عند السلفيين ونشأت الحاجة إلى إنشاء حزب سياسى يعبر عن هذا التوجه، هو «النور»،  الذى اشترك فى العمل السياسى بقوة  بداية من استفتاء 19 مارس 2011 والذى كانت ميزته الأساسية هى عدم المساس بالمادة الثانية، وكانت  أهدافه  العامة  فى الدستور هى

1-      تقرير دستور موافق للشريعة أو على الأقل خال من المخالفات الفجة المستعصية على التأويل بحيث يمكن بعد ذلك المشاركة السياسية فى ظله أو القسم عليه،

2-       إيجاد الأثر القانونى الذى يلزم أجهزة الدولة بعدم مخالفة الشريعة، ويلزم المحكمة الدستورية بإبطال هذه المخالفات متى عرضت اليها،

3-      إسناد أمر الشريعة إلى المؤسسة الدينية

ولكن سرعان مابرز الصدام بعد انتخاب المعزول محمد مرسى بالإعلان دستورى فى 19 نوفمبر 2012، اعتبره السلفيون خيانة له وقالوا عنه «فى حركة مفاجئة أصدر مرسى إعلانا دستوريا لم يُعلم حتى الآن من الذى شاركه فيه، فقد تبرأ منه المستشاران محمود مكى، نائب رئيس الجمهورية وقتها، وشقيقه (أحمد)، وزير العدل حينها، وكذلك جميع المستشارين ومكتب إرشاد جماعة الإخوان»، ونظم معارضو مرسى مليونية مطالبين بإسقاطه

ولكنهم شاركوا في دعم الاعلان الدستورى بمليونية «الشرعية والشريعة» التى مثل السلفيون نحو 75% من الحضور فيها رغم اعتراضهم  على أكثر من مادة من الإعلان الدستورى تحت دعوى قناعتهم  بضرورة وجود حشد شعبى مؤيد للرئيس المعزول لا سيما أنه لم يأخذ فرصة للعمل.

ولكن يبدو أن الإخوان اعتبرو مشاركتهم الجارفة تمثل حقا مكتسبا لهم في أن يستدعو الشسلفيين  دونما مشاورة  وبالتلفون

وهنا  أ جاءت فى مواقف اعتبرت الدعوة السلفية وحزب النور ان بها  مظنة المواجهات الدموية حيث كانت هناك أعمال شغب فى محيط قصر الاتحادية، واتسع الخلاف بيننا رغم أننا دعمنا مرسى فى انتخابات الرئاسة بجولة الإعادة.

وتأكد السافيون  أن الإخوان بعد إقرار الدستور قرروا التعامل مع المعارضين بسياسة حافة الهاوية والتى تسببت فى إراقة الدماء من الجانبين كما أنهم رغم ما اشتهروا به من مرونة فى قضايا منهجية لا تقبل ذلك أبدوا صلابة فى غير موضعها مع المعارضين ومع مؤسسات الدولة، ورغم  النصح  المعلن وغيرالمعلن، والموقف المعلن كان لابد  ان يتركهم النور والدعوة السلفية حتى لا يحمل الناس أخطاء هذه المرحلة للتيار الإسلامى ككل أو للإسلام ذاته

وبدأ النور والدعوة السلفية بالترويج لترك الاخوان من خلال نموذج  النصيحة للحاكم وروج له الإسلاميون عامة والإخوان خاصة بنماذج صارخة مثل «أصابت امرأة وأخطأ عمر»

وتسأل السلف كيف نأتى عند التطبيق وفى أخطاء يراها الناس ويشتكون منها وينقلونها إلينا كشريك للإخوان ولا نقوم ببيانها. وتساءل: «هل كان يسعنا تقديم دعم شعبى لمرسى مضاد لحركة 30 يونيو؟»،

وكان رد الاخوان عنيف عليهم بتخصيص  كثيرا من القنوات الإسلامية فى نقد الدعوة السلفية  واعتبار أن عدم المشاركة فى أحداث الاتحادية خيانة أو الاعتراض على قانون السلطة القضائية (الذى كان له أكبر الأثر فيما آل إليه حال مرسى) خيانة، وبدأت تتبلور معالم سياسة الإخوان ضد الحركة الرافضة لها، وهى: التلويح بخطاب التكفير والعنف، وإظهار الصلابة بعدم الاستجابة لأى مطالب بل المضى قدما وعمل حركة تغيير محافظين قبل 30 يونيو الماضى بأيام معدودة

الدعوة طالبت الإخوان بأن يمنعوا خطاب التكفير والعنف لكى تتمكن من دعمهم جماهيريا فقالوا: «إنهم لا يوافقون على هذا الخطاب، لكنهم لا يستطيعون منع الرموز التى تقوله من حضور فعالياتهم

وهنا يطرح السلفيون السؤال الاهم وفيما يشبه النقد الذاتى  هل ساهمنا فى عزل مرسى بالظهور فى مشهد 3 يوليو الماضى؟، ليردوا على انفسهم  «للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نسأل» متى عُزل مرسى؟، وفق إجابة الرئيس المعزول فإنه عزل يوم 2 يوليو الماضى، وهذا كان واضحا لنا من خلال تردد الدكتور محمد سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، التابع لـ«الإخوان» حتى أخر لحظة حضور اجتماع 3 يوليو، ووفق إجابة المستشار أحمد مكى فإنه لم يتسلم السلطة استلاما حقيقيا من الأساس، وهذا كلام له رصيد من الواقع، لكننا نرى أنه على الأقل فقد الجزء اليسير من السلطة الذى تسلمه منذ بيان الجيش الأول، ولم يكن أمامه إلا خيارات محدودة.

ليتابعوا سياسة جلد الذات بطريقة برجماتية بحتة «كنا نتمنى نجاح مرسى بينما لم نكن نستطيع الدفاع عن أخطاء حكمه لا سيما أن طريقة الدفاع التى اختارها التحالف المؤيد له كانت هى أكبر الأخطاء على الإطلاق، فهل تمكن الوضع الجديد أم لا؟ إنه حينما تجد أن الجيش والشرطة والقضاء وقطاعا واسعا من الشعب اتفقوا على موقف، فهل من الحكمة مواجهة كل هؤلاء؟ وهل يستطيع مرسى أو غيره أن يحكم من خلال هذه المؤسسات لو افترضنا أنه عاد؟ ولماذا لم يتخذ الإخوان أو غيرهم سياسة مواجهة الشرطة بصدور عارية أيام الرئيس الأسبق مبارك؟ وأين هذا فى دين الله عز وجل؟ ولو افترضنا أن الأمر نجح، فهل يمكن للإسلاميين ممن يرفعون شعار (نحمل الخير لمصر) أن يدخلوا مواجهة حتى لو استندت على حق لكنها ستؤدى إلى تمزق الجيش الوحيد المتماسك فى المنطقة؟ علما بأنه هو الجيش الذى بالغ مرسى فى الثناء عليه قبل 48 من عزله.

ليحسم السلفيون موقفهم حول إمكانية اتخاذ موقف المقاطعة فى أحداث 30 يونيو، «إن  خيار المقاطعة  مطروح حينما يكون مفاسد المشاركة أكبر من مصالحها، أما المقاطعة كنوع من رفض السلطة القائمة فالداعى إليها لم يلتزم بها بل تعامل معها بصفتها سلطة واقع فى كثير من التعاملات الشخصية والعامة، ويعلق على عمل لجنة تعديل الدستور وهذا موقف تلقائى نابع من شعورهم بأنهم سيحكمون بهذه القوانين شاءوا أم أبوا وكذلك الدستور.

وعن الدافع وراء مشاركتهم فى دستور 2013، قال: «رغم ضعف تمثيلنا فى لجنة الخمسين فإننا رأينا إمكانية إحداث توازن مستمد من رغبة الشارع فى الحفاظ على الشريعة، وبوسعك أن تقول نعم أو لا أو تقاطع الاستفتاء بناء على المنتج النهائى، وفى ظل الإمكانيات المتاحة حققنا قدرا كبيرا جدا من المصالح، منها أن يكتب دستور يحافظ على الشريعة بأيدى لجنة لا يمثل فيها التيار الإسلامى إلا نسبة لا تكاد تذكر، كما أن ممثلى الأزهر بذلوا جهدا فى الحفاظ على الهوية وفق رؤيتهم، وكثير من المحسوبين على التيار العلمانى انحازوا لرؤيتنا أو لرؤية الأزهر بعد الحوار.

ليحسم حزب النور والدعوة السلفية  الصراع مع الاخوان بلا رجعة وتبدأ حرب بلاهوادة   ضدهم من الجماعة الاخوانية ستستمر مادام السلفيون اصبحوا البديل البرجماتى للتيار الاسلامى

موقفهم من جماعة أنصار السنة المحمدية”اتفاق في المنهج أختلاف في الاسلوب

يؤكد السلفيون دائما على الأثر الكبير الذي كان لجماعة “أنصار السنة المحمدية” في نشأة دعوتهم تاريخيا، خاصة وان كثير من السلفيين عقدوا العديد من  القاءات والمجالسات مع شيوخ أنصار السنة على منهج أهل السنة والجماعة وعلى رأسهم  الشيوخ محمد حامد الفقي، وعبد الرزاق عفيفي، وعبد الرحمن الوكيل، ومحمد علي عبد الرحيم

ولكن هناك سؤال يطرح نفسه وبقوة  لماذا اختار السلفيون العمل خارج هذه الجماعة، التي كانت قائمة بالفعل وعلى منهج يلتزم الكتاب والسنة؟ وقد عملوا ضمن إطارها في كثير من البلاد.

يرد على ذلك  الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية  قائلا ”  أن مسألة عمل السلفيين ضمن جماعة أنصار السنة كانت تتوقف على شخصيات القائمين على الجماعة في المناطق المختلفة، ففي الإسكندرية كانت هناك طائفة لا تستوعب الشباب ولا طاقاتهم”، بل تكاد تحصر نفسها في قضايا شرعية بعينها “تتشدد جدا فيها وتهمل غيرها رغم أن الحق غالبا ما يكون في خلافها”، مثل قضية (الاقتصار على الصحيحين في الاستدلال)، ومثل قضية (إخراج القيمة في زكاة الفطر)، ومثل قضية (إنكار المهدي)

وتابع “لقد كان الوضع في الإسكندرية لا يحتمل أي تطوير للعمل من خلال الأوضاع القائمة آنذاك. في حين كان التعاون التام للسلفيين في وجود الشيخ محمد صفوت نور الدين وقبل أن يتولى رئاسة الجماعة، الذي كان يحضر لقاءات السلفيين في المحافظات المختلفة.

ليختتم حديثه بقوله  “الظروف التي حالت دون بقاء السلفيين ضمن إطار “أنصار السنة” بأنها “خارجة عنا  كدعوة سلفية ”

ولكن المتابع لمنهج الجماعتين ووسائل دعوتهما ومساحة الحركة يمكن أن يحدد عدد الأسباب للانفصال على رأسها

1-      ضيق المساحة المتاحة للعمل أمام السلفيين ضمن “أنصار السنة”

2-       أنصار السنة  كانت جمعية معترف بها قانونا، وتشرف عليها رسميا وزارة الشؤون الاجتماعية، وتتلقى مساعدات من الدولة،  وهو ما لم يكون متوفرا للدعوة السلفية انذاك

3-      المسائل الخلافية حول طريقة تدريس المنهج وأساليب العمل الدعوى بين مشايخ الدعوتين

4-       رغبة السلفيين من أبناء الدعوة  في مساحة أكبر للعمل والحركة دون قيود من جمعية أنصار السنة .

موقفهم من جماعة التكفير والهجرة” فتنة اتاحة لهم الحركة والنمو ”

بينما كان السلفيون يضعون اللبنات الأولى لدعوتهم ظهرت جماعة التكفير والهجرة على يد شكري مصطفى، الذي استطاع أن يضم إليه عددا كبيرا من الشباب، اللذين نفذوا فيما بعد حادثة قتل وزير الأوقاف الأسبق الشيخ الذهبي، وقعت الحادثة بينما كان السلفيون بأحد معسكراتهم الإسلامية في إستاد جامعة الإسكندرية صيف عام 1977، وكانت لها أصداء داخل المجتمع المصري، ولذلك وصفها الشيخ أحمد فريد عضو مجلس ادارة الدعوة السلفية بأنها “كانت فتنة بالفعل”

حرص السلفيون على منذ البداية على نفي هذه الواقعة  عن أنفسهم والتأكيد على عدم تبنيهم لهذا الفكر، وقال الشيخ احمد  فريد في مذكراته “خرجنا إلى المواصلات العامة ونحن نرتدي (فانلة) مكتوبا عليها “الجماعة الإسلامية.. ندعو الله عز وجل، ونتبرأ من جماعة التكفير وقتل الذهبي”؛ وذلك حتى لا تستغل الفرصة لضرب الصحوة الناشئة.

ليدخل الشيخ  محمد إسماعيل المقدم مؤسس الدعوة السلفية على الخط ويدرس علنا لابناء الدعوة السلفية في معسكرتها   رسالة شرعية في الرد على جماعة التكفير والهجرة

وبعد هذه الحادثة تبلور ت أفكار الدعوة السلفية وعملها الحركى بعيدا عن التكفير مع أتاحة الفرصة لهم بالتواجد  في هذه الفترة وسط الشباب داخل الجامعات، ضمن إطار “الجماعة الإسلامية”، حتى صار لهم وجودا واضحا ينافس وجود الجماعات الأخرى العاملة قبلهم.

 

وشهدت الجامعات نشاطا مكثفا لهم في مواجهة الجماعات التكفيرية تمثل في إقامة المعسكرات السنوية، حيث جرى تنظيم أكثر من معسكر بمبنى اتحاد الجامعة، وأمام كلية الهندسة، إلى جانب الخروج لرحلات العمرة التي يتفق عليها اتحاد الجامعة من خلال اشتراكات الطلاب، وكذا عمل الأيام الإسلامية واعتكافات رمضان، وطبع الكتيبات والمطويات الإسلامية بل ظهر مايسمى “قوافل الدعوة” التي تسير على طريقة جماعة (التبليغ) داخل الجامعةوقد جرى تنظيم عدد من المعسكرات الصيفية في الأعوام 77، 78، 79 كلها كانت ذات منهج سلفي، كان يوزع فيها كتاب (الأصول العلمية للدعوة السلفية)، وكان يدرس فيها كتاب (تطهير الجنان والأركان عن درن الشرك والكفران)، بالاضافة الى كتب (تمام المنة بالرد على أعداء السنة )

و(النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة)و(الحياء خلق الإسلام )و(تذكرة الأبرار بالجنة والنار)و(أعمال القلوب )وكلها كانت ذات صبغة سلفية.

كل ذلك كان يتم باسم تيار “الجماعة الإسلامية” و”اتحاد الطلاب”، ولم يكن في الجامعات  حرس جامعي يضيق على الطلاب أنشطتهم

الموقف من السرية والعمل التنظيمي

عبد الرحمن عبد الخالق

بالرغم من اتساع الرقعة التي يشغلها السلفيون من الخارطة الإسلامية في مصر إلا أنهم يعملون بلا تنظيم هرمي ينخرطون فيه ويسير شئون دعوتهم. وعلى عكس الإخوان المسلمون و الجماعة الإسلامية والجهاد وحزب التحرير ليس في أدبيات السلفيين كلمة “تنظيم”، بل يستعيضون عنها بمصطلح “العمل الجماعي”، ويرون ذلك تحصيل حاصل؛ لأن كلمة “جماعي” تغني عندهم عن كلمة “تنظيمي”.

أما تعريفهم للعمل الجماعي فهو: “التعاون على ما يُقدر عليه من إقامة الفروض الكفائية مثل الأذان، وصلاة الجماعة، وصلاة الجمعة، والأعياد، والدعوة إلى الله، والقيام على حقوق الفقراء والمساكين، وتعليم المسلمين وإفتائهم بمقتضى الشرع، وسائر ما يقدر عليه من فروض الكفايات”. إذ أن لهم تأصيل شرعي في كافة تفريعات العمل التنظيمي، مثل: البيعة، والسرية، والشورى، ووجود الإمام من عدمه، وأيضا قضية “المسمى”، وهم يستمدون موقفهم في العمل الجماعي من فتاوى وكتابات عدد من العلماء القدامى مثل ابن تيمية، والإمام الجويني، والعز بن عبد السلام، ومن العلماء المعاصرين الإمام الألباني، وعبد العزيز بن باز، وابن عثيمين،

عبد الرحمن بن عبد الخالق، وكتاباته تشكل المنهج الدعوى للسلفية حيث  يقول في كتابه “أصول العمل الجماعي”: “إن أي جماعة تجتمع على مقتضى الكتاب والسنة والالتزام بإجماع الأمة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم هي جماعة مهتدية راشدة ما دام أن اجتماعها وفق هذه الأصول ووفق قوله تعالى: ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) [المائدة:2]”

عبد الخالق لايفرق  في تأسيس الجماعات بين حالتي حضور الإمام وغيبته، لان “أن وجود الإمام العام لا يلغي وجود الجماعة الصغرى، وجماعة الدعوة والبر والإحسان.. فإذا كان الإمام العام راشداً قائما بالحق فإن الجماعة الصغرى سند له وقوة.

وبشكل عام مدرسة الاسكندرية  السلفية ترى جواز ومشروعية العمل الجماعي (المنظم)، بشرط تحقيق المصلحة ودفع المفسدة، وهو ما يلزم عندهم أشياء منها: عدم المصادمة مع الحكومات المدنية؛ لأن ذلك يجر على الدعوات كثيراً من المفاسد ويجعل الناس تستهين بدماء المسلمين، والبعد عما يفهم منه خطأ البيعة والسرية حال التمكن من الجهر بالدعوة، فتكون السرية حينئذ مخالفة للمقصود منها، وعدم التعصب للجماعة، بل يكون التعصب للحق.

وهذا ما يفسر تأسيسهم حزب النور  الذى خاض أول انتخابات تشريعية بعد تأسيسه، انتخابات مجلس الشعب المصري 2011-2012

وايضا موقفهم من خارطة المستقبل وعزل محمد مرسى والمشاركة في أعمال لجنة الخمسين التى عدلت دستور 2012ودعوتهم للحشد ب”نعم “على تعديلاته

الدعوة السلفية لاعودة للسجون  بعد 25يناير 

تعرض كثير من ابناء الدعوة الاسلامية عموما والدعوة السلفية خصوصا او اي معارض للحكومة من اي تيار لكثير من انواع الاضطهاد من الحكومة المصرية سواء بالسجن اوالاعتقال  اوالتعذيب وحتى القتل, وتعرض كثير من مشايخ وابناء الدعوة السلفية للاضطهاد والحبس والاعتقال مثل الشيخ عبد المنعم الشحات وياسر برهامي وغيرهم من مشايخ الدعوة الذين تم حبسهم واضطهادهم بتهم زائفة وحتى ابناء جماعة الاخوان المسلمون وغيرهم من ابناء الدعوة الاسلامية تعرضوا لكثير من الاضطهاد من هذا الشكل.

وقد ازداد ذلك الاضطهاد في السنوات الاخيرة قبل قيام ثورة 25 يناير عام2011 وكان احد اشكال ذلك الاضطهاد الموجه للسلفيين مقتل الشاب السلفي سيد بلال احد ابناء الدعوة السلفية بالتعذيب من قبل رجال امن الدولة حتى توفى بتهمة تفجير كنيسة القديسين وقد أصدرت الدعوة السلفية بيانا تستنكر فيه تفجير كنيسة القديسين وكان مقتل سيد بلال والشاب المصري الاخر خالد سعيد من الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة 25 يناير .

في الخامس والعشرون من يناير عام 2011 قام الشعب المصري بثورة شعبية ضد نظام الحكم في مصر , وكان من اسباب تلك الثورة هي الفساد وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وزيادة معدلات الفقر وقسوة الشرطة وغيرها, وكان ايضا من ضمن اسبابها مقتل الشاب خالد محمد سعيد والشاب سيد بلال السلفي, وقد شارك بعض السلفيين في تلك الثورة الشعبية  وكان الشيخ عبد المنعم الشحات محبوسا في امن الدولة يوم 25 يناير. استطاعت الدعوة السلفية بعد ثورة 25 يناير تجديد نشاطها في المجتمع بلا قيود ولا اضطهاد من سلطات, فقام مشايخها بالدعوة في كل انحاء الجمهورية وقام الشيخ الدكتور عماد الدين عبد الغفور بتأسيس حزب النور وكان هذا الحزب اول حزب مصري ذو توجه سلفي ويهدف الحزب للدفاع عن تطبيق الشريعة الإسلامية.

خاض حزب النور أول انتخابات تشريعية بعد تأسيسه، انتخابات مجلس الشعب المصري 2011-2012، ضمن تحالف الكتلة الإسلامية الذي تزعمه وضم حزبي البناء والتنمية والأصالة ذوا التوجه السلفي. حلّ التحالف ثانيًا بعد فوزه بنسبة 24% من المقاعد (أي 123 مقعد) اي ان الحزب اخذ الاغلبية الثانية بعد حزب الحرية والعدالة الذي اسسه الاخوان المسلمون

 ثانيًا : جمعية أنصار السنة المحمدية

أسست  جمعية أنصار السنة المحمدية عام 1926، بهدف محاربة الشرك والبدعة في كل صورها، ومواجهة تسلط الصوفيين على المناحي الفكرية والمؤسسات الدينية.

و تقوم أهدافها على  الدعوة إلى التوحيد المطهر من أرجاس الشرك، وإرشاد الناس إلى أخذ دينهم من نبعيه الصافيين: القرآن والسنة. واتخذت منذ تأسيسها موقفًا متحفزًا تجاه المرأة، حيث دعت إلى ” التمسك بالرجولة، لاستمرار القوامة على النساء”.

بالاضافة الى انها ترى أن “أصل الفساد هو السماح للنساء بارتياد الملاهي والمراقص”. وللجمعية موقف واضح من تحكيم الشريعة،  و”أن الحكم بغير ما أنزل الله هلكة في الدنيا وشقوة في الآخرة فكل مشرع غيره في أي شأن من شؤون الحياة هو معتد عليه سبحانه، منازع إياه في حقوقه التي ينبغي أن تكون له خالصة ومن زعم لنفسه حق التشريع فقد أعظم الفرية على الله ونازعه رداء الهيمنة على الخلق.وإن استجاب أحد لهذا المدعي كان متخذًا له ربًّا، وكان من المشركين”.

وبالرغم من هذا الموقف، لا تمارس الجمعية السياسة مطلقًا، وترفض التحزب، وتتخذ موقفًا سلبيًا من المشاركة في الانتخابات، وإن لم تحرمها.

ويهمين على خطاب الجمعية محاربة البدع والتصوف، والابتعاد عن الشأن العام وتجنب توجيه النقد المباشر للنظام الحاكم، في الوقت الذي تنتقد  كثيرًا  تيارات إسلامية أخرى، خاصة جماعة الإخوان.

وتعتبر الجمعية منبرًا لأغلب الدعاة السلفيين المستقلين، ومحضنًا لجميع ألوان الطيف السلفي، التربوي الوعظي والحركي والمدخلي (الذي يهيمن على مفاصلها الإدارية )

ولعبت دورًا حاسمًا في تراجع نفوذ الصوفيين في مصر والسودان، وساهم علماؤها في بناء العديد من المعاهد الشرعية في المملكة العربية السعودية، بالإضافة لتدريس مناهج العقيدة والحديث بجامعات المملكة.

الشيخ محمد حامد الفقي مؤسس الجمعية  من أبناء الأزهر الشريف، وكان من المترددين على السيد محمد رشيد رضا، ومن رواد الجمعية الشرعية، لكنه اختلف معهم في بعض مسائل العقيدة، وكان متأثَّرا  بتراث ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، بالإضافة لابن حجر، والشاطبي.

أخذ الفقي موقفًا رافضًا لثورة 1919 باعتبار أن الحل ليس في مظاهرات تخرج فيها النساء متبرجات، دون تحرير عقيدة الولاء والبراء لله ولرسوله، وإنما بالرجوع إلى سنَّة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ونبذ البدع.

بدأ في القاهرة الدعوة أثناء دراسته وبعد التخرج، اسس الجمعية ثم سافر  إلى السعودية، وقضى بها ثلاث سنوات، ثم عاد لتنطلق الجمعية من جديد في الثلاثينيات ويزداد انتشارها، وأصدر مجلة الهدي النبوي، التي شاركه في تحريرها الشيخ المحدث أحمد شاكر، والشيخ محب الدين الخطيب، والشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر.

أصبحت الجمعية مع مرور الوقت  أكبر جماعة سلفية منظمة، تملك 200 فرع، وتدير أكثر من ألف مسجد (يتم بناء أحد عشر مسجدًا سنويًا). كما توجد لها امتدادات خارج مصر، غير مرتبطة بها إداريًا، أهمها وأقدمها في السودان، وبعض دول إفريقيا وآسيا، كما تربطها علاقات وثيقة بعلماء السعودية، وجمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت، ودار البر بالإمارات العربية، وجمعية التربية الإسلامية بالبحرين

وأهم أنشطة الجمعية

1-          مجلة التوحيد، التي توزَّع منها مائة ألف نسخة شهريًا.

2-      معاهد إعداد الدعاة والداعيات لمدة سنتين إلى أربع سنوات (30 معهدًا بالإضافة لمعهدين للتعليم المفتوح لمدة أربع سنوات.

3-          مركز تعليم الأفارقة: وهو خاص بتعليم الأفارقة العقيدة الصحيحة والقرآن.

4-          مكاتب تحفيظ القرآن: وعددها حوالي 203 على مستوى الجمهورية المصرية.

5-          مكتب دعوة الأجانب: ويهتم بتعريف الإسلام للأجانب باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية.

6-      الأنشطة المسجدية من دروس أسبوعية وخطب الجمعة

7-          مشروع كفالة اليتيم، وتستفيد منه اثنتا عشرة ألف أسرة.

ثالثا : الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية

أسسها الشيخ محمود خطاب السبكي في 11 ديسمبر 1912، كأول جمعية منظمة في مصر تدعو إلى إحياء السنة وإماتة البدعة.

وأطلق أتباع الجمعية على مؤسسها آنذاك لقب “إمام أهل السنة”، وكان دافعه الرئيسي إصلاح حال المسلمين من التبعية للاحتلال، والتفرق، والفقر، وانتشار الشهوات والبدع، والبُعد عن الشريعة والسنة النبوية.

وحدد السبكي، رسالة الجمعية الشرعية في العناصر التالية

1-      رسالة دعوية قوامها نشر التعاليم والثقافة الإسلامية الصحيحة، ومحاربة البدع، وإنشاء المساجد، لتقام الشعائر، ويُعَلَّم فيها العامة، ومكاتب حفظ القرآن، ومدارس لتعليم الأبناء أحكام الدين وسائر المواد المقررة في المدارس الأميرية.

2-          العمل الاجتماعي، خاصة إعانة المنكوبين، وإنشاء المستشفيات لعلاج الفقراء، ورعاية الأرامل والأيتام، والتكفل بنفقة تجهيز الموتى وإنشاء المقابر للفقراء.عدم التعرض للشؤون السياسية التي يختص بها ولي الأمر.

وخلال ما يقرب من مائة عام، نجحت الجمعية في الحفاظ على رسالتها الاجتماعية الدعوية ، وتوسيع نشاطها؛ حيث ينتشر لها ما يقارب  350 فرعًا في أنحاء مصر، وتدير 38 معهدًا، موزعة على اثنتي عشرة محافظة، لإعداد الدعاة من الرجال والنساء؛ وتدير شبكة كبيرة من المشروعات الاجتماعية: كفالة اليتيم ورعاية الأرامل وتيسير الزواج، مشروعات استضافة الفتيات المغتربات، مشروعات علاجية في تخصصات مختلفة، تعليم الكبار ومحو الأمية، ومدارس تحفيظ القرآن.

واستطاعت استيعاب  تيارات مختلفة ومتناقضة أحيانًا، وتأثرت بها؛ فقد تغلغل التيار السلفي الرافض للأشعرية والصوفية بشكل مطلق في الجمعية عندما ضمت الدولة جمعية أنصار السنة إليها بين عامي1967 و1972؛

بينما ازداد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في النصف الثاني من السبعينيات وظهر جليًّا في مجلة الإعتصام الناطقة بلسان حال الجمعية الشرعية واعتُبِرت وقتها إحدى الصحف المعارضة للرئيس السادات، إلى أن تمت مصادرتها في قرارات سبتمبر 1981 الشهيرة لينحصر عنها في بداية التسعينيات.

الجمعية تتبنى رأيًا متوازنًا تجاه الصوفية، فلا ترفض التصوف إلا ما يتضمَّن  انحرافات عقدية أو فقهية.

ويعود  اعتدال الجمعية الشرعية إلى عدة عوامل، أهمها:

1-         التأكيد في شروط عضويتها على عدم التعصب لمذهب فقهي معين؛ فكل مذاهب أهل السنة معتمدة على فهم صحيح النصوص، والتأكيد على سلفية العقيدة وعدم الحكم على الخلف بفسق أو ابتداع ما داموا مؤمنين بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء.

2-          الأصول الأشعرية للجمعية وغلبة أبناء الأزهر على رئاستها، وطبيعة نشأة الشيخ السبكي المتصالحة مع التصوف ،وهو ما يدفع بعض السلفيين للطعن في سلفية الجمعية الشرعية.عدم اشتغال الجماعة بالسياسة، مما جعلها بعيدة عن أية خصومات سياسية أو حزبية.

وأهم رموزها حاليًا ، رئيسها أ.د. محمد مختار المهدي، وهو من علماء الأزهر الشريف.

رابعا :الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح

تبنت مجموعة مستقلة من سلفيي البحيرة (مجموعة هشام العقدة) مبادرة تهدف إلى تجميع الهيئات الإسلامية الكبرى، ومشايخ الدعوة في إطار جامع يوحد (أهل الحل والعقد)، باعتباره مطلبًا شرعيًا يفرضه الواقع وتحدياته.

وكان د. هشام العقدة قد ارتبط بالتيار الصحوي في المملكة العربية السعودية، خاصة الشيخ سفر الحوالي والشيخ سلمان العودة والشيخ ناصر العمر. وشارك العقدة في مجلة البيان الشهيرة، التي كانت تصدر في لندن، قبل أن يتم نقل مقرها للسعودية بعد أن خُفِّف الضغط عن رموز الصحويين بالمملكة.

ولأن العقدة فيما يبدو لا يرحب بالظهور إعلاميًا، تصدر ملف الهيئة الشرعية رفيقه الشيخ محمد يسري إبراهيم (وهو أكاديمي جمع بين الدكتوراه في الهندسة والدكتوراه في الشريعة الإسلامية، يعمل نائبًا لرئيس الجامعة الأميركية المفتوحة، ووكيل جامعة المدينة العالمية)

وتضم الهيئة علماء أزهريين، ورموز التيار السلفي بأطيافه المتنوعة، ونائب المرشد العام لجماعة الإخوان خيرت الشاطر،  الذى سيطر عليها فيما بعد ولكن تظل الغلبة للتيار السلفي. وترأَّس الهيئة عند إعلان تـأسيسها مفتي الجمهورية الأسبق الشيخ نصر فريد واصل الذي يحظى باحترام غالبية التيارات الإسلامية، إلا أنه استقال  من الهيئة ليترأسها نائبه الشيخ علي السالوس.

واختير كل من المشايخ محمد طلعت عفيفي ، محمد عبد المقصود، محمد حسان نوابًا له. ويشغل د. محمد يسري منصب أمينها العام منذ تأسيسها.

وسرعان ما واجهت الهيئة الشرعية تناقضات وُلِدَت معها، فقراراتها غير ملزمة للجهات الممثلة بها، كما أن الرموز المستقلة هم أعضاء في هيئات أخرى أكثر إلزامًا لهم (محمد حسان، محمد حسين يعقوب، أعضاء بمجلس شورى العلماء)، وهو ما يُفقد الهيئة هدفها الرئيسي المتمثل في توحيد موقف الإسلاميين.

ظهر هذا جليًّا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، حيث لم يُلزم قرارها الدعوة السلفية، ولا حتى أعضاء مستقلين مثل حازم أبي إسماعيل، فضلاً عن تبنِّي الشيخ محمد حسان والشيخ محمد حسين يعقوب لموقف مجلس شورى العلماء.

وأصبحت الهيئة ساحة مواجهة بين نفوذ جماعة الإخوان والدعوة السلفية. فعلى الرغم من محدودية تمثيل رموز الإخوان، إلا أن مجلس الأمناء يضم أعضاء معروفين بقربهم من الإخوان (الشيخ محمد عبد المقصود ،الشيخ صفوت حجازي ،الشيخ عبد الستار سعيد، عضو مكتب الإرشاد المستقيل منذ الثمانينيات)، بالإضافة للدكتور محمد يسري نفسه لتنتهى قبل ان تنجب ما ارادت من توحيد الاسلاميين فقد فرقتهم اكثر مما جمعتهم .

خامسا :مجلس شورى العلماء

الشيخ سعيد عبد العظيم

ظهر مجلس شورى العلماء للنور بعد صدر البيان الأول له  في 10 مارس 2011، يدعو إلى الموافقة على التعديلات الدستورية، ورحب فيه بالمشاركة في الانتخابات التشريعية

واستند على عدة مبادى اساسية

1-      عدم ترشح العلماء والدعاة

2-       انتخاب الرئيس الأكثر تبنيًا للشريعة

3-       عدم  المساس بالمادة الثانية للدستور.

ووُقِّع على البيان البيان الدكتور عبدالله شاكر رئيس جمعية أنصار السنة، وعضوية رئيسها السابق والدكتور جمال المراكبي، وأشهر الرموز السلفية  وهم محمد حسان ،أبو إسحق الحويني، محمد يعقوب، مصطفى العدوي ،أبو بكر الحنبلي ،وحيد بالي)، بالإضافة لنائب رئيس الدعوة السلفية الشيخ سعيد عبد العظيم.

ومثل هذا المجلس أهمية كبرى في توجيه التيار السلفي، فبالرغم من غياب رموز السلفية القاهرية (الشيخ محمد عبد المقصود، والشيخ فوزي السعيد)، والتمثيل الشرفي للدعوة السلفية، إلا أن الهيئة تعبِّر عن أكبر التنظيمات الاجتماعية السلفية في مصر (جمعية أنصار السنة)؛

كما أنها تضم الآباء الحقيقيين للجمهور السلفي (المشايخ)، وهو ما ظهر جليًّا عند تأييد مجلس شورى العلماء للشيخ حازم صلاح كمرشح للرئاسة، وهو موقف بعض مشايخ القاهرة أيضًا؛ فظهر الشيخ حازم باعتباره مرشحًا رسميًّا للتيار السلفي، وتفاعل آلاف الشباب السلفي معه في مختلف المحافظات بحماس كبير، بالرغم من تحفظ الدعوة السلفية على شخصه وسرعان ما تحول المجلس الى القرارات والمواقف المنفردة واصبح عديم التأثير بعد حالة الانشقاقات في التيار السلفى بعد عزل مرسى .

سادسا :الجبهة السلفية

في الوقت الذى ابتعد مشايخ ورموز الدعوة السلفية عن ميدان العمل السياسى قبل 25يناير ، شارك مئات الشباب السلفي في الثورة من أيامها الأولى (خاصة جمعة الغضب). وعانى هؤلاء الشباب الذين كانت نواتهم بمدينة المنصورة لعشر سنوات مضت من تضييق أمني شديد، وحصار من بعض المشايخ التقليديين الذين طعنوا فيهم وفي سلفيتهم لأنهم لا يتبعونهم.

وهنا ظهر ما يعرف بالجبهة السلفية التى تُعَرِّف  نفسها باعتبارها:

“رابطة تضم  عدة رموز إسلامية وسلفية مستقلة؛ كما تضم عدة تكتلات دعوية من نفس الاتجاه وينتمون إلى محافظات مختلفة في جمهورية مصر العربية ولكنهم ليسوا تنظيما  بالشكل النتعارف عليه لدى الاخوان او الدعوة السلفية مثلا

ولا يجمع أعضاء الجبهة غير الإيمان بأهدافها، فلا توجد إمارة أو بيعة، ولا تعتبر الجبهة نفسها حزبًا سياسيًا، ولا تشترط على منتسبيها غالبيتهم من الشباب تبني كل خياراتها السياسية.

وتتمتع الجبهة باستقلالية واضحة عن نفوذ المشايخ التقليدي، وظهر ذلك واضحًا في خياراتها السياسية و(الثورية)، وإن كان خطابها الرسمي يقدِّر المشايخ، خاصة ما يُعرَف بالسلفية الحركية.

تهتم الجبهة وفقًا لأهدافها المعلنة، بالساحة السلفية نفسها، حيث تعتبرها ميدان عملها الأساسي، ولا يشغلها فيما يبدو غير مسألة تطبيق الشريعة، واستكمال مسيرة الثورة، وتقديم خطاب سلفي تجديدي، وتقويم مسيرة الإسلاميين من خلال “خلخلة بعض الرؤى غير المنضبطة التي تكرست في المرحلة السابقة”.

ومن أبرز رموز الجبهة السلفية في المنصورة، الدكتور  خالد سعيد، والشيخ أشرف عبد المنعم ، والدكتور سعيد فياض، إضافة إلى الدكتور  محمد جلال القصاص في محافظة الغربية وتم تم التنسيق بين مجموعات الشباب السلفى خلال ثورة يناير للتبلور في صورة أكثر تنظيمًا، حتى أصبح للجبهة تواجد في اثنتي عشرة محافظة تمثل مدينة المنصورة مركز ثقلها، تليها محافظات كفر الشيخ،الغربية، والجيزة.

سابعا : التيار السلفي العام

في محاولة لتكسير عظام الدعوة السلفية أعلن عدد من الدعاة السلفيين تدشيين “التيار السلفي العام”، الذي يهدف إلى العودة بالتيار السلفي إلى المجال الدعوي وتصحيح الأخطاء التي نالته من عمله السياسي، وذلك في المؤتمر الصحفي التأسيسي الذي عقد بمسجد هبة الرحمن بالجيزة.

وشدد الدكتور علي لاشين عضو مجلس أمناء التيار السلفي العام،على  إن المرحلة الجارية أخطر من مرحلة الرئيس السابق مبارك، وجو الحرية الذي يحظى به الإسلاميون يوجد مساحة للخلاف لا الفرقة، كما حدث مع أحد روافد التيار الإسلامي الذي تحالف مع غير الإسلاميين بدعوى المعارضة في إشارة لحزب النور ومواقفه الأخيرة.

وقال  في كلمته بالمؤتمر التأسيسي الأول لـ”التيار السلفي العام”، أن المعارضة لا تهدف إلا إسقاط مرسي فقط، بل تهدف إلى تدمير المشروع الإسلامي، وتعتبر كل من يصلي في المسجد إرهابيا.

وتابع: لا إسلام لمن لا يعترف بتطبيق شرع الله، ومن يقول لا أريد هذه الشريعة فليس مسلما، والرئيس مرسي يسعى لتطبيق الشريعة وهو أعلن ذلك ولو خالف ذلك فحكمه مثل من سبقه.

وقال بدران العياري، عضو مجلس أمناء “التيار السلفي العام”، إن الدعوة فرغت من مضمونها، وتوجه الجميع للسياسة، والهدف من التيار الإسلامي هو توحيد صف الإسلاميين خاصة الصف السلفي لوجود قواسم مشترك بين روافد التيار السلفيا المختلفة.

وأضاف: اختلاف السلفيين هو حظ الشيطان منهم، والاختلاف بين السلفيين في مواطن الاجتهاد وليس على النص، ولا يجب على التيار السلفي أن يترك جماعة الإخوان وحدها تقاوم المكر الذي يتعرضون له من الداخل والخارج، لافتا إلى أنه بعد الثورة وشعور الإسلاميين بالأمان ظهر ضعف الأخوة الإيمانية بينهم.

وأعتبر محمد الكردي، عضو مجلس أمناء التيار السلفي العام، وعضو الهيئة العليا لحزب الوطن السلفي، أن التيار السلفي العام لم ينشأ لمعارضة تيار آخر، بل لإعادة بناء ما وصفه بالسد السلفي الذي يستحيل معه عبور البدع إلى مصر خاصة التشيع، وأن التيار السلفي اسم يأتي تحته جميع العاملين بالكتاب والسنة ويرحب بكل السلفيين للانضواء تحته، ويجمع شتات المصريين والسلفيين.

وتابع هدفنا في  التيار السلفي إلى توحيد جميع المصريين وترسيخ منهج أهل السنة والجماعة لعودة دولة الخلافة، ويجب على السلفيين الخروج من المساجد للدعوة في جميع الأنحاء”.

واكد ان عمل الإسلاميون في السياسة أراد العدو منهم أن يختلفوا ويتناحروا فيما بينهم وهو ما حدث بالفعل، وما نريده من التيار السلفي العام هو استعادة إخواننا في التيار السلفي والإسلامي”.

ونفى عدد من أعضاء التيار السلفي العام دعمه لحزب “الوطن”، المنشق عن حزب النور، لأن التيار يهدف لتحقيق طموحات الدعوة السلفية بعد حالة الفراغ الدعوى التى تشهدها البلاد حاليا.

وقال الدكتور كامل عبد الجواد القيادى بحزب الوطن، إن إنشاء التيار السلفي العام، سيكون مكملاً للحركات الإسلامية والدعوية، ومؤيدًا للمواقف السياسية والشرعية للأحزاب السياسية الموجودة،  وأن كون أغلبية أعضاء التيار السلفي من قيادات حزب الوطن لا يعنى أنه الذراع السياسية للتيار.

وأشار  إلى أن أعضاء مجلس أمناء التيار سوف يعقدون جلسات دورية قريبا لتحديد أطر وآليات عمل التيار بعيدا عن تأثير أى من الأحزاب السياسية على عمل.

ونفى كامل أن يكون التيار السلفي العام دعوة موجهة ضد أى تيار أو جماعة، ولكنه سيكون مكملاً له، وأنه يحمل رؤى دعوية وشرعية يريد إيصالها ونشرها، فضلاً عن إكمال بعض القصور التى يراها في التيارات الموجودة على الساحة.

ولكن الاحداث سرعان ما اكدت تبعية التيار للاخوان بعد عزل مرسى ومشاركة أعضاءه في اعتصامات رابعة العدوية وميدان النهضة ليموت التيار قبل ان يولد

ثامنا :السلفية الجامية المدخلية

لا تخلو الحالة السلفية المصرية من امتداد للسلفية الجامية (نسبة إلى محمد أمان الجامي 1927-1996) أو المدخلية (نسبة إلى ربيع بن هادي المدخلي المولود في 1932)، والتي تكونت من مجموعة من أهل الحديث في المملكة العربية السعودية بمساعدة من نظام الحكم لتواجه رفض بعض العلماء ورموز تيار الصحوة (سلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر) والاستعانة بقوات أجنبية في حرب الخليج، ومعارضتهم لموقف المملكة ومؤسستها الدينية الرسمية بالإضافة لإصرارهم على إجراء إصلاحات حقيقية.

ويمثل التيار المدخلي المصري الشيخ محمود عامر رئيس جمعية أنصار السنة في دمنهور (قبل أن يتم استبعاده لمواقفه المثيرة للجدل بعد الثورة)، والشيخ محمد سعيد رسلان الداعية السلفي الشهير بأشمون محافظة المنوفية، والشيخ أسامة القوصي بالقاهرة.

وكما دافع الجاميون في المملكة عن الأسرة الحاكمة بشراسة، لم تسلم جماعة أو جمعية سلفية أو إسلامية عمومًا من نقد شديد موجه من رموز السلفية المدخلية في مصر؛ فالمدخلية ترفض العمل الجماعي المنظم جملة وتفصيلاً، ويؤمنون بطاعة الحاكم ولو كان فاسقًا ظالمًا لا يطبق الشريعة، لذا اعتبروا الدعوة السلفية (خوارج) وأهل بدع وأهواء، كما شنوا هجومًا ونقدًا لاذعًا لرموز تيارات إسلامية مثل (سيد قطب، الشيخ يوسف القرضاوي، الشيخ محمد الغزالي)، بالإضافة لحرب ضارية على جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة التبليغ والدعوة.

وإذا كان الشيخ محمود عامر تشدَّد كثيرًا في مواقفه السياسية (مبايعته لمبارك أميرًا للمؤمنين فتواه بضرورة قتل د. محمد البرادعي إذا استمر في تحريضه ضد النظام)، فإن الشيخ أسامة القوصي مثَّل استثناءً في بعض مواقفه الفقهية التي تجيز الموسيقى، ومصافحة النساء، وتولِّي مسيحي رئاسة الجمهورية، وهو ما جعله محل نقد لاذع حتى من بعض تلامذته المشرفين على موقعه الشخصي

كما أنه فجَّر مفاجأة أخرى عندما ظهر في افتتاح مهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما في دورته ال60 (مايو 2012)، وتناقلت الصحف صورته بصحبة نجمات السينما ولا يرفض بعض رموز هذا التيار عقد صلات مع الأجهزة الأمنية. فلا يجد الشيخ محمود عامر ما يعيب في ذلك، وإن كان لا يعترف صراحة بوجود مثل هذه الصلة.

ولا يمكن حصر المنهج المدخلي في هؤلاء المشايخ فقط، خاصة مع محدودية شعبيتهم، فخطاب المداخِلة قائم على نزع شرعية (المنهج السلفي) عن الخصوم، والطعن في (طلبهم للعلم وتحصيلهم للحديث)، بالإضافة لنعت خصومهم بـ (القطبيين) وتفزيع الدولة منهم واستعدائها عليهم.

هذا النهج يتمثل في العديد من مشايخ جمعية أنصار السنة تحديدًا، وبعض ممارسات لشيوخ من الدعوة السلفية بالإسكندرية، وهو ما أثار تساؤلات وشبهات كثيرة حول مدى ارتباطهم مع سلطات الدولة في مواجهة مجموعات سلفية أخرى، أو جماعة الإخوان المسلمين.

تاسعا : الحركة السلفية من أجل الإصلاح

أسسها الشيخ رضا الصمدي، أحد تلامذة الدعوة السلفية، في 2005. يُعَرِّف الصمدي (حفص) باعتبارها:    “حركة  إصلاحية تعتمد المنهج السلفي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وتستند في خطابها إلى القرآن والسنة والتجربة الحضارية الإسلامية التي قادها سلف الأمة الصالح، وهي تجربة لم تتكرر، وتنتظر من ينهض بالمسلمين على أسسها ليبعث تلك الحضارة ويتسلم المسلمون قيادة العالم من جديد”.

وظهرت بشكل فاعل في مظاهرات أكتوبر 2010 بمسجد الفتح بالقاهرة في قضية ما عُرِف بالمسلمات الجدد اللاتي أُشِيع أن الكنيسة تحتجزهن.

وقد وُوجِهت نشاطات الحركة السلفية من أجل الإصلاح برفض من شيوخ الدعوة السلفية كونها ستؤدي لتسييس الدعوة السلفية التي ترى التركيز على التربية العقدية الصحيحة، بينما دعا الصمدي إلى “إيجاد صوت يعبِّر عن المنهج السلفي في الإصلاح والتغيير، وترشيد الممارسة السياسية بكل فئاتها ومستوياتها لتتوافق مع الشريعة، وتذكير الأمة بالثوابت التي يجب استحضارها في كل مشروع إصلاحي، وتكوين مرجعية قيادية للتيار السلفي”

وتشكل هذه الحركة اكثر التيارات السلفية تطرفا ومعضم أعضائها شاركوا في أحداث العنف التى تمت بعد عزل مرسى وفى حصار جهاز الامن الوطنى

عاشرا :السلفية الحركية

يبرز تيار آخر من المشايخ يقف على نفس الأرضية من حيث المنطلقات والمنهج، إلا أنه أكثر صراحة في نقد الحكام الذين لا يحكمون بالشريعة، ويتخذ مواقف أكثر وضوحًا وأقل دبلوماسية فيما يخص قضايا الجهاد.

يُطلَق على هذا التيار (السلفية الحركية)، ويتركز في القاهرة، التي تضم أبرز رموزه: الشيخ محمد عبد المقصود، الشيخ فوزي السعيد، الشيخ نشأت أحمد، ود. سيد العربي. وفي البحيرة، د. هشام العقدة.

وقد تعرض هذا التيار للتضييق الأمني بل والاعتقال والمحاكمة في قضايا مختلفة ترتبط بفتاوى تحث على مساندة المجاهدين في فلسطين بالمال والنفس، بالإضافة لتبرير أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول. كما أن رموز هذا التيار يجاهرون بتكفير الحاكم الذي لا يحكم بشريعة الله.

السلفيون وما بعد 25يناير

بالرغم من الحراك السياسي المصري في السنوات العشر الأخيرة، وتقدم الإخوان المسلمين كقوة إسلامية صفوف المعارضة، إلا أن التيار السلفي بشكل عام غاب عن هذا المشهد، مع امتلاكه أدوات تعبئة فضائية وانتشار في أغلب المحافظات، واكتفت رموزه بمواعظ عامة ردًّا على سؤال أو تعليقًا على موقف تُختتم غالبًا بالدعاء بالصلاح لولاة الأمر وأن يهديهم الله لتطبيق الشريعة وأن يجنِّب البلاد الفتن.

اعتبرت الدعوة السلفية أن واجب الوقت هو “التصفية والتربية” وليس الجلوس في مقاعد المعارضة، وأن الانشغال بتفاصيل السياسة نوع من “أحاديث السمر”، التي يُقطع بها العُمر دون فائدة. لذا، فإن الخطاب السلفي كان يُعنَى بالتأصيل العلمي العقدي، أي البُعد الأيديولوجي، لا العمل السياسي.

كذلك تمسكت الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة المحمدية بموقفهما التقليدي (رفض الخوض في أمور السياسة للأولى، وتأييد المواقف الرسمية مع الهجوم على المعارضين الإسلاميين للثانية.)

مع انتشار دعوة للتظاهر يوم 25 يناير 2011، في أعقاب سقوط نظام بن علي في تونس، سُئِل الشيخ ياسر برهامي عن حكم المشاركة في هذه التظاهرة؛ وقد نُشر الرد على موقع صوت السلف الذي يشرف عليه بتاريخ 21 يناير 2011

واكدً على موقف الدعوة الرافض لهذه المظاهرات، تمسكًا بالدين، وتغليبًا للمصلحة، وتجنبًا للفتنة؛ كما أكد إجماع العلماء على هذا الرأي، مع عدم الرضا عن أي مظلمة أصابت الناس خاصة تغييب شرع الله.

وقد تمسكت الدعوة بموقفها الرافض يوم “جمعة الغضب” ونشر الشيخ برهامي خطبة جمعة مقترحة ليوم الجمعة 28 يناير 2011، أكدت على أن الإصلاح المطلوب هو “إقامة الدين وسياسة الدنيا بالدين”، ووضعت خطوطًا عامة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، من منطلق أخلاقي وعظي عام لا يمس الشأن العام، وحذرت من التدمير والفوضى.

تغير موقف الدعوة السلفية مع تتابع الأحداث، فبيانها الأول الصادر يوم السبت 29 يناير 2011 واستنكر التخريب والاعتداء على الممتلكات وأكد على حرمة الأموال، وهو ما تكرر في بيانها الثاني، 30 يناير كانون الثاني 2011، مع الدعوة لحماية الطرقات والتعاون مع قوات الجيش.

تحدث بيانها الثالث مساء الاثنين 1 فبراير 2011 لأول مرة عن إصلاحات مطلوبة لعلاج الموقف، وفترة انتقالية تعقبها انتخابات جديدة لاختيار الأكفأ، والتأكيد على الهوية الاسلامية والإشادة بالتعاون مع الأقباط لحماية الكنائس، والدعوة للعفو والصفح عن المخطئين في الأحداث.

واللافت أن المؤتمر السلفي الذي عُقِد بالإسكندرية يوم الثلاثاء 8 فبراير 2011، بهدف توضيح موقف الدعوة من الأحداث، وحضره عشرات الآلاف، أكد على مطالب واضحة تتعلق بهوية الدولة والتحذير من المساس بالمادة الثانية من الدستور وإنهاء حالة الطوارئ وإصلاح المؤسسة الأمنية؛

كل ذلك دون التطرق لفعاليات الثورة، وتجنب الدعوة للمشاركة فيها ومساندتها، حتى إن الشيخ محمد المقدم عندما امتدح شباب الثورة خلال كلمته، وفهم من ذلك ترحيبه بموقفهم، وأصدر الشيخ ياسر برهامي مُنظِّر الدعوة ورجلها القوي، بيانًا يوضح أن موقف الشيخ المقدم يقف عند امتداح الشباب دون الدعوة للاشتراك في التظاهرات، وأن المقدم قال: “لا يمكن أن نوقِّع لشباب الإنترنت في التظاهرات على بياض، فليس من حقهم تقرير مصير الأمة بل هم جزء منها”.

أما المشايخ فقد تذبذب موقفهم بين الصمت التام، والدعوة لتهدئة الأوضاع وتجنب الفتن، وأحيانًا الهجوم على المتظاهرين ثم التراجع، ولم تظهر مواقف واضحة من تبني الثورة إلا في الأيام الخيرة وعقب تنحي مبارك…

يُستثنى من ذلك رموز السلفية القاهرية محمد عبد المقصود، الشيخ نشأت أحمد، الشيخ فوزي السعيد الذين شاركوا في الميدان بالفعل، والشيخ محمد حسان الذي حسم أمره بعد اضطراب موقفه أيام الثورة الأولى، ونزل للميدان داعيًا مبارك للتنحي.

ويظهر موقف الحركة السلفية من أجل الإصلاح ، كموقف سلفي استثنائي، حيث دعت في بيانها يوم الثلاثاء 18 يناير 2011 إلى المشاركة في مظاهرات 25 يناير ، إنكارًا لأعمال النظام الحاكم (عدم تحكيم الشريعة، الاستهانة بحقوق الإنسان ،نهب المال العام)، ولم تر ما يمنع مشاركة (العلمانيين) في المظاهرات، لأن ذلك لا يعني إقرارهم على “آثامهم وأخطائهم”.

كما دعا البيان علماء الأمة أن يؤيدوا هذه المظاهرات ليشاركوا في الإنكار على النظام الحاكم. ومع تداعي الأحداث، مرورًا بجمعة الغضب، وما تبعها حتى تنحي مبارك، أكدت حركة (حفص) موقفها في بيانات متتالية، حيث اعتبرت في بيانها الصادر ليلة جمعة الغضب أن المشاركة في مظاهرات الجمعة 28 يناير 2011 “باتت ضرورة شرعية وواجبًا وقتيًا” ، وتتابعت البيانات يوم 29 يناير 2012، و1 فبراير 2011، لتؤكد ضرورة خلع مبارك وترفض استمرار حكمه.

الأحزاب السلفية “دينية ذات مسحة سياسية

لسنوات طويلة تبنى مجمل التيار السلفي المصري موقفًا رافضًا للتحزب، أو متحفظًا عليه؛ فالكيانات التقليدية الرسمية ترفض العمل السياسي ابتداء، وخاصة العمل السري، وتعتبر التحزب عصبية مذمومة، إلا بضوابط أهمها أن يكون التحزب قائمًا على منهج السلف وعقيدة أهل السنة والجماعة.

ولكن سرعان ما تغيرت الظروف بسقوط نظام الحكم، وتغيرت معطيات الواقع، مما أوجد مبررًا لتجاوز هذه الآراء، وأعلن مشايخ السلفيين ترحيبهم بتكوين أحزاب تدافع عن الشريعة من خلال المشاركة في المجالس التشريعية

1-       حزب النور

حسمت الدعوة السلفية موقفها ودَعَت أبناءها إلى تأسيس حزب النور، كأول حزب سلفي بعد الثورة (تم ترخيصه رسميًا يوم 8 يونيو 2011)، وثاني أكبر الأحزاب الممثَّلة في البرلمان فيما بعد (105 مقعدًا.

واعتمد تكوينه على الشباب السلفي ومشايخ محليين معروفين في مدنهم، ولا يقف أنصاره عند حدود تيار الدعوة السلفية (غير المنتشر في كل المحافظات) ومشايخها، بل استقطب جمهورًا تشكَّل عبر عقود في مساجد أنصار السنة، وتحلَّق حول رموز السلفية الكبار (حسان ويعقوب والحويني)

بل واستقطب شبابًا من تلامذة القاهريين (فوزي السعيد تحديدًا)، وهو ما جعله أكبر الأحزاب السلفية وأوسعها انتشارًا. ترأَّس الحزب الدكتور. عماد عبدالغفور، أحد مؤسسي الدعوة السلفية منذ الثمانينيات، ويُعد من أكثر قادتها حماسةً للعمل السياسي الحزبى ولكنه سرعان ما استقال منه ليتولى رئاسة الدكتور يونس مخيون .

2-      حزب الإصلاح والنهضة

 

في 17 يوليو 2011، قبلت لجنة شؤون الأحزاب تأسيس حزب “الإصلاح والنهضة”، الذي لا يُعتبر حزبًا سلفيًّا تقليديًّا، بل رافدًا لمشروع الإصلاح الاجتماعي ، الذي بدأ نشاطه في الإسكندرية عام 1997 على يد هشام مصطفى عبد العزيز، الذي أصبح رئيسًا للحزب (في الأربعينيات من عمره، نشأ في المملكة العربية السعودية وتأثر بعلمائها، درس في كلية العلوم جامعة عين شمس، ثم اتجه إلى الدراسات الشرعية والإدارية، ويُعِد الآن رسالة الماجستير في الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، وماجستير في إدارة الأعمال).

لا يضم الحزب رموزًا سلفية معروفة، ولم يحظ بشهرة رغم تأسيسه المبكر نسبيًا، وانضم للتحالف الديمقراطي الذي أسسه حزب الحرية والعدالة، لكنه غير ممثَّل في البرلمان.

3-       حزب الأصالة

لم يغب الشيخ محمد عبد المقصود الرمز السلفي القاهري عن المشهد الجديد. بدأ مع مجموعة من تلامذته مشروعًا لحزب سلفي (حزب الفضيلة وقتها)، وتقدم اللواء عادل عبد المقصود شقيق الشيخ لرئاسته.

وبعد مضي ثلاثة أشهر، أعلن اللواء عادل عبدالمقصود في 11 يوليو 2011 انسحابه من مشروع الفضيلة مع العديد من المؤسسين، والبدء في تأسيس حزب الأصالة، مؤكدًا على دعم الشيخ محمد عبد المقصود وغيره من مشايخ التيار السلفي لهذ الخطوة، بعد أن تبينت لهم “مؤامرة” تستهدف ” تحويل مبادئ الحزب إلى أفكار متشددة تضر بالصالح العام والعمل الإسلامي”.

 

وأعلن المحامي ممدوح اسماعيل أن حزب النهضة تحت التأسيس سينضم لحزب الأصالة، وتم إشهار الحزب بتاريخ 28 أغسطس 2011، برئاسة اللواء عادل عفيفي، واختير ممدوح اسماعيل نائبًا له.

تحالف حزب الأصالة مع حزب النور في الانتخابات البرلمانية، واستطاع حصد خمسة مقاعد، تراجعت لثلاثة مقاعد مع استقالة ممدوح اسماعيل من الحزب، على خلفية خلاف لم تتضح تفاصيله، والنائب علي ونيس المنضم إلى حزب النور.

4-      حزب الفضيلة

بعد الانشقاق الكبير بخروج اللواء عادل عبد المقصود، وسحب الشيخ محمد عبد المقصود دعمه لحزب الفضيلة، تطلَّب الأمر حوالي ثلاثة أشهر أخرى حتى أُسس الحزب في 17 أكتوبر 2011، ثم أعلن أنه لن يشارك في الانتخابات لضيق الوقت.

ويضم المكتب السياسي للحزب م. محمود فتحي، والدكتور محمد عبده إمام أستاذ القانون بجامعة الأزهر، ود. خالد سعيد (المتحدث باسم الجبهة السلفية)، والناشط حسام أبو البخاري.

5-       حزب الإصلاح

يعتبر ممثلاً لتيار السلفية القريب من مشايخ الصحوة في السعودية، يرأس الحزب د. عطية عدلان نائب الحزب الوحيد في برلمان الثورة ويبرز سلفيو البحيرة كقادة للحزب (هشام برغش نائب رئيس الحزب، خالد منصور متحدثًا رسميًا، هشام العقدة عضو الهيئة العليا). شارك الحزب في تحالف الحرية والعدالة الانتخابي، وفاز بمقعد وحيد في محافظة المنوفية.

:المشايخ والعلماء

تتميز الحالة السلفية في عمومها بتأثير المشايخ الكبير على تلامذتهم وأنصارهم. وليس من الدقة أن يُنسب المشايخ في عمومهم إلى الجمعيات والجماعات السلفية التقليدية؛ على الرغم من حالة التداخل بين مجال عمل المشايخ ومساحة نشاطهم، وبين تلك الجمعيات والجماعات.

مشايخ الوعظ والدعوة

في مقدمتهم الشيخ محمد حسان، الشيخ حجازي محمد يوسف الشهير بـ (أبي اسحق الحويني)، الشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ مصطفى العدوي. تربطهم صلات جيدة بالدعوة السلفية وجمعية أنصار السنة، وتعتبر مساجد ومقرات الجمعية المنبر الأول لهم، لكنهم غير مقيدين بأطر الجمعية الإدارية، أو ملزمين بمرجعية الدعوة السلفية. (19)

 

ويجمعهم التأثر بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني (1914–1999م)، وعلماء المملكة العربية السعودية: الشيخ عبد العزيز بن باز (1912-1999)، والشيخ محمد بن صالح العثيمين (1929-2001)، والشيخ عبدالله بن جبرين (1933-2009)، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي (1905-1974).  يُعتبر هؤلاء المشايخ العصب الحقيقي للتيار السلفي المصري ربما باستثناء جمهور السلفيين بالإسكندرية المرتبط أكثر بالدعوة السلفية فحضورهم الفضائي منذ عدة سنوات ، وانتظام دروسهم وتنقلهم بين المحافظات دون مضايقات أمنية، جمَّع حولهم مئات الآلاف من (التلامذة) و(الأتباع) والمتعاطفين بشكل عام مع خطابهم الوعظي الذي يتجنب الخوض في مسائل السياسة ويركز على العقيدة، وتصفية النفس وتزكيتها.

وتتسع الساحة السلفية لبعض المجموعات (المحلية) في محافظات بعينها، تتبع علماء ومشايخ وإن كانت أقل عددًا مقارنة بجمهور الرموز الشهيرة. في القاهرة مثلاً، يوجد الدكتور أسامة عبد العظيم الأستاذ بجامعة الأزهر، وفي الغربية سامح منير وهشام منير وسامح قنديل، وإن كانت مجموعة الغربية أكثر قربًا من الدعوة السلفية

 أبرز مشايخ الدعوة 

المؤسسون والدعاة 

محمد بن أحمد إسماعيل المقدم – محمد عبد الفتاح أبو إدريس – أحمد فريد • سعيد عبد العظيم-  ياسر برهامى –  عبد المنعم الشحات – عماد الدين عبد الغفور –  يونس مخيون –  أحمد النقيب-     أحمد حطيبة-     أحمد عشوش-    جمال المراكبي-     أشرف ثابت سعد الدين-     أيمن أحمد أحمد سعيد    سيد حسين العفاني    صفوت الشوادفي-     صلاح الدين عبد الموجود    عادل العزازي-     عبد الرحمن الوكيل-     عبد الرحمن عبد الخالق-     عبد الرزاق عفيفي-     عبد الظاهر أبو السمح –    عبد المنعم الشحات

عطية محمد سالم-     علاء محي الدين –    محمد بن عبدالحميد حسونة

محمد حامد الفقي

غير منتسبين للدعوة ولهم نفس المنهج

أبو إسحاق الحويني – محمد حسان – مصطفى العدوي – محمد الزغبي – محمد حسين يعقوب – محمد عبد المقصود – محمود المصري

حازم شومان – مازن السرساوي

محسوبين على السلفيين وخصوم للدعوة السلفية

أبو إسلام أحمد عبد الله-     حازم صلاح أبو إسماعيل-     حسام أبو البخاري-     حسن أبو الأشبال –     خالد عبد الله يونس –     سامي العربي

طلعت عفيفي    عبد الله بدر

   فقهاء اوائل تأثروا بمنهجهم

محمد بن إدريس الشافعي- أحمد بن حنبل – مالك بن أنس – أبو حنيفة النعمان- ابن تيمية ابن قيم الجوزية- علي بن حزم الأندلسي- محمد ناصر الدين الألباني- محمد بن عبد الوهاب الخلاصة

تبلور التيار السلفي المصري في سياق البحث عن إجابة سؤال النهضة الكبير: “لماذا تأخرنا ولماذا تقدم غيرنا؟” وبالرغم من وجود مدرسة سلفية إصلاحية سابقة عليه، إلا أنه في مجمله خاصم نزعتها العقلانية التجديدية ؛ فاختار مدرسة أخرى أكثر تقليدية ونصوصية ، انتزعها من سياق تاريخي واجتماعي مختلف عن واقع مصر السياسي والاجتماعي؛

كما أنه لم يستطع تجاوز علاقتها المعقدة المتماهية مع ولاة الأمر ونظام الحكم؛ ما جعل حضوره حصرًا على المجال الدعوي والاجتماعي، وغاب مع استثناءات محدودة عن مشاركة الحركة الوطنية المصرية، سواء في سعيها للتحرر والاستقلال، أو في نضالها من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.

حصّن التيار السلفي مواقفه بسياج شرعي من الفتاوى، ونظًّر كثيرًا لخياراته السياسية قبل الثورة، بل وكثيرًا ما هاجمت كياناته الأساسية (أنصار السنة ،الدعوة السلفية) ورموز بارزة فيه الممارسة السياسية للإسلاميين من حيث المبدأ، ومن حيث المواقف، ما جعلها في تماهٍ مع موقف الدولة الرسمي من المعارضة السياسية بشكل عام والإسلامية بشكل خاص (سواء من الإخوان أو رموز سلفية أخرى )

لعبت حسابات موازين القوى و “تجنُّب الفتنة والصدام” وأهمية التربية الإيمانية وسبقها، دورًا حاسمًا تبريريًا لخيارات السلفيين السياسية. ولكن، وبالرغم من ذلك، أظهر التيار السلفي الرسمي (أنصار السنة)، والسكندري (الدعوة السلفية)، براجماتية مدهشة عقب ثورة يناير و30يونيو  ؛ فالمقولات التبريرية والفتاوى الشرعية، التي حصَّنت خيارات ما قبل الثورة، وُظِّفت هي ذاتُها لإنتاج تحولات ما بعد الثورة!

“موازين  القوى” تغيرت، و”تجنُّب الصدام” لم يعُد خيارًا لأن الفرصة قد واتت لتواجد التيار السلفي في المشهد، والمجالس التشريعية أصبحت وسيلة الحفاظ على الشريعة، فضلاً عن الإقرار في برامج الأحزاب السلفية مجتمعة بمبادئ طالما رفضوها (الديمقراطية ،المواطنة )

وقد تمت هذه التحولات دون أية مراجعة حقيقية لإرث الماضي، ولم توضع في سياق اجتهاد جديد، بل رُوِّج لها باعتبارها برهانًا على سلامة وصواب الاجتهاد القديم.

الخلاصة

السلفيين  لايجمعهم تنظيمٌ عميق مثل الإخوان، بل تجمعهم سلطة الفتوى، وقوة الدليل الشرعي، وهو ما يتسبب في إرباك حقيقي لشباب السلفيين في تعاطيهم مع الشأن السياسي؛ فمن غير المقبول أن تُنقَض فتوى بـقرار سياسي، ولا يمكن أن يُدحض دليل شرعي بـمواءمات سياسية.

كما أن الخيارات السياسية لا يمكن التوحد خلفها، كالفتاوى الشرعية. ومع خوض غمار ممارسة سياسية لا مجال فيها لليقين، يفقد التيار السلفي تكتله الذي ميزه في انتخابات مجلس الشعب؛ فحزب النور الذي اعتمد على رصيد شيوخ السلفية وعلى خطاب الهوية، وحصد منفردًا ثمار سنوات طويلة راكمت عمل أطياف التيار السلفي المتنوعة، وجد نفسه مضطرًّا لاتخاذ قرار سياسي دون غطاء واضح من المشايخ، ودون إجماع حقيقي داخل الشارع السلفي؛

من هنا يمكن النظر لنتائج انتخابات الرئاسة ليس باعتبارها تراجعًا لشعبية حزب النور، وإنما إظهار لكتلته الصلبة المرتبطة بالدعوة السلفية بشكل أساسي، فالدعوة السلفية وجدت نفسها عاجزة عن توحيد الموقف السلفي خلف د. عبد المنعم أبو الفتوح.

وما زالت الحالة السلفية المصرية حبلى بتحولات جديدة؛ فالخطاب الفضفاض، والنزعة البراجماتية التي تفرض على الخطاب المثالي ضرورات الواقع، بالإضافة لحداثة الممارسة السياسية بما يعني ذلك من عدم حسم الخيارات السياسية الاستراتيجية بعد، كل ذلك يجعلنا في انتظار مزيد من إعادة التموضع في الخارطة السلفية من خلال تحالفات، ومزيد من التمايزات، وربما الانشقاقات.

ويراهن التيار السلفي على تماسك قواه واصطفاف أتباعه خلف سردية الشريعة والهوية، لكن الممارسة السياسية اليومية والاختيار بين بدائل إجرائية وتكتيكية في واقع قلق غير مستقر، كما في الشأن المصري الراهن، سيجعل الأحزاب السلفية مضطرة للاصطفاف حول أجندات سياسية بعيدة عن فضاء الهوية (الطوباوي)، وبعيدة عن سلطة المشايخ، وسلطان الفتوى والدليل.

ولا يبدو أن الانتخابات البرلمانية القادمة خلال النصف الاول  من العام  الحالى 2014 قد تكون خلال أشهر قليلة ستحقق النتائج السابقة بالنسبة للأحزاب السلفية (وبالنسبة للإسلاميين عمومًا)، التي اعتمدت بشكل أساسي على رصيد العمل الخيري والدعوي، وعلى شرعية المشايخ وشعبيتهم.

إلا أنه مع ارتباك أداء البرلمان المنحل ، ومواقف وضعت تساؤلات حول مدى استيعاب نواب الأحزاب السلفية لأولويات المرحلة الحساسة، كما وضعت السلوك الأخلاقي لبعضهم محل تساؤل ،بالاضافة الى عزل مرسى واعلان الاخوان جماعة ارهابية كل ذلك سيجعل الانتخابات القادمة معادلة رياضية من متغيرات متعددة تتجاوز حسابات رصيد دعوي يبدو أنه لم يعد كافيًا لإرضاء قطاعات واسعة من الناخبين.

وإن تعاطي التيار السلفي مع المؤسسة العسكرية يمثل تحديًا إضافيًّا؛ فكثير من المواقف تؤشر على بقاء توازنات الماضي، واستمرار هيمنة مبدأ (موازين القوى) الذي روَّج له الشيخ ياسر برهامي على وعي الممارسة السياسية للدعوة السلفية وحزب النور، وهو ما يشكِّل تحديًا يتعلق بقدرة شيوخ السلفيين على إقناع الشباب والقواعد بقرارات ومواقف مهادنة في لحظة ثورية، كما يضع تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين حزب النور والسلطة القادمة إذا فضَّل البقاء في مقاعد المعارضة.

تقرير مركز البوابة

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم بمستقبل العالم الإسلامي و عرض (تفسير البينة) كأول تفسير للقرآن الكريم على الكلمة وتفاصيل مواردها ومراد الله تعالى منها في كل موضع بكتاب الله في أول عمل فريد لن يتكرر مرة أخرى .

شاهد أيضاً

مصر المقدسة (نسخة مزيدة)

بقلم : كاتب وباحث خالد محيي الدين الحليبي  مركز القلم للأبحاث والدراسات  الكتاب بصيغة pdf …