مسألة قدسية الصحابة رضى الله عنهم و توزيع النبي للنبوة عليهم قبل موته صلى الله عليه وآله
لقد شكك سماحة شيخ الأزهر في عقائد الشيعة محارباً لهم محذراً من تبشيرهم في أوساط السنة وكأنهم دعاة إلى التوارة أو الزردشتيه مثلاً ومن المفترض أن يكون توجه الأزهر الذي تعودنا عليه مؤلفاً بين المسلمين وهذا ما عهدناه على الأزهر دائما بمواقفه الوسطية التي تجمع وتؤلف لا تكفر وتفسق وتتوعد وتهدد وتزبد فرضاءاً للحفاة العراة رعاة الشاه كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وآله .
ياسماحة الشيخ قريباً جداً ستحتاج لإخوانك الشيعة في العالم وهم أغنياء جداً علمياً و سياسياً واقتصادياً فلا تقدم الشر إرضاءاً للخوارج ؟ .
لقد شكك شيخ الأزهر في إيمان من بحث في تاريخ الصحابي مثالبه أومناقبه وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وزع عليهم النبوة قبل موته فقال لهم أنتم الأنبياء المقدسون بعدي وهذا على خلاف ما رواه البخاري في أول صفحاته فيهم ” لترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ” وفي رواية أخرى ” لترجعن بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض ” – البخاري . وعليه من بحث في تاريخ الصحابة بنية التنقيب عن مثالبهم أو حتى تاريخهم فهو يقترب من الكفر وهذا مالم يقل به أحد من قبل ,. وكأنه يلغي علم الجرح والتعديل وذلك لأرضاء بعض دول الخليج وبالتالي نشتم منها رائحة سياسية ماكنت لتخرج من مؤسسة عظيمة وعريقة كالأزهر
أولاً :
إذا كان الشيخ يعلن قدسية الصحابة فليعلم الجميع أن الثلاث سنوات الأولى من بداية الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى حصار آل أبي طالب وبني هاشم في شعب مكة لم يثبت وجود أي صحابي في هذا الوقت بما يؤكد أن الشيخ أراد طمس دور أهل البيت ويستبدله بفقه الصحابة وعدالتهم و بالتالي يستبدل رسول الله صلى الله عليه وآل بيته ورثة الوحي الشرعيين بصحابة أقل ما يقال فيهم رضى الله عنهم انهم اختلفوا فقهياً في مسائل كثيرة ومحال أن يأمرنا الشارع الكريم ان نستبدل الأدنى بالذي هو خير .
ثانياً :
لقد اسلم الصحابة على فترات متفاوته وأكثرهم حارب رسول الله صلى الله عليه وآله وحملوا السيف على أل بيت النبي منذ بداية الدعوة كما يلي :
1- أسلم عمر ابن الخطاب سنة خمسة وظل أربع سنوات محارباً لله ورسوله حتى انتهى به الأمر ألى ضرب زوج اخته وشج رأس أخته في قصةإسلامه المعروفة .
2- في غزوة أحد كان بطل كفار قريش فيها والذي تلوثت يده بدماء المسلمين الأوائل الذين قال تعالى فيهم أنهم السابقون الأولون كان خالد ابن الوليد وعمرو ابن العاص .
3- أسلم أبي هريرة في أخر سنتين ونصف من حياة رسول الله صلى الله عليه وآله .
4- -إسلام كثير من بني عبد المصطلق ويهود المدينة على فترات متفاوتة من غزوات رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة وظل هؤلاء يحاربون رسول الله صلى الله عليه وآهل بيته حتى ظهر أمر الله وهم كارهون .
5- أسلم بني أمية في فتح مكة وقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عنهم صلى الله عليه وآله بعد ان ظلوا محاربين قتلة للمؤمنين طوال الفترة المكية .
وبناءاً عليه العقل يؤكد بأن رسول الله صلى الله عليه وآله ظل يجاهد الصحابة أنفسهم وفقاً لما يعتقده أهل السنة أن طكل من راي أو سمع رسول الله فهو صحابي ونقول لمن يعتقد هذا المعتقد النصف صحيح لمن كان يقول رسول الله صلى الله عليه وىله ” دعوا لي أصحابي” ولمن كان يقول ” دعوا لي علياً” إذاً هناك صحابة مقربون بالفعل كانوا مع رسول الله في السراء والضراء وظلوا مع من المهاجرين والأنصار حتى ظهر أمر الله تعالى ولكن الحق أن كل هؤلاء كانوا تبعاً لرسول الله وأهل بيته الذي بدأ الدعوة في بيوت أهل البيت وبني هاشم وفقاً لقوله تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين} أي أنه صلى الله عليه وآله مأمور أولاً بدعوة المقربين للإسلام أولاً وهم بني هاشم وبني عبد المطلب الذين نزل في بيوتهم الوحي .
ثالثاً عن الآيات التي يحتج بها هذا الفريق لا يتضح أنهم يفهمون لغة ولا حديث بل يتعصبون لباطل المقصود منه طرد أهل بيت النبي وشيعتهم ومن الرحمة في الدنيا بالقتل والتشريد وفي الآخرة هم الموحدون وهؤلاء الشيعة وأنصار أهل بيت رسول الله ومحبيهم كفاراً من هذه الأيات على سبيل المثال
” وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ – التوبة ”
وهذه الاية الأولى :
عن عبد الرحمن ابن عوف السابقون الاولون هم ستة من قريشاولهم اسلاماً علي ابن ابي طالب “- راجع تفسير الثعلبي ج1 ص 103 وتاريخ دمشق ج1 ص 93 .
وعن ابن عباس قال ” السابقون الاولون ” علي ابن ابي طالب وحمزة وعمار وابو ذر وسلمان والمقداد – شواهد التنزيل ج1 ص 335 .
وبالتالي السابقون كان اولهم علي ابن ابي طالب اول هذه الامة إسلاماً فلا حجة في الأية لعموم الصحابة .
الآية الثانية :
{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } .
وهنا الآية صحيحة بأن الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله من أهل بيته وصحابته صلى الله عيه وىله كانوا بهذه الصفات الحميدة أشداء على الكفار رحماء بينهم وفي نهاية الآية قال تعالى فيهم { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } وهنا منهم تبين أنهم ليسوا جميعاً بل بعضهم في قوله تعالى { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم } ولو لم يقل منهم لكانوا جميعاً مقدسين ولكنهم بشر قال تعالى فيهم بالتحديد { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين – يونس } وبالتالي نحن لا نسقط عنهم القدسية كما لا نعممها عليهم جميعاً كما يقول البعض بل منهم من هو خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآهل بيته عليهم السلام ومنهم من هم اشر خلق الله عندما كذبوا وحاربوا رسول الله صلى الله عليه وىله وهؤلاء هم المنافقون الذين وضعوا وكذبوا على رسول الله . وحتى الصحابة كلهم ليسوا في درجة واحدة لقوله تعالى { درجات منه ومغفرة وفضلاً } . وبالتالي على أي عالم مخلصاً لله تعالى ورسوله أن لا يرضي بشراً على حساب دينه فيتعصب لمعتقد معين بسبب عطايا أو هبات تأتي من هذه الدولة أو تلك فنشتت المسلمين ونصرفهم عن رسول الله صلى الله عليه وآل بيته عليهم السلام لنرفع الصحابة لمستوى القدسية العامة بل ونشكك في إيمان من يبحث في عدالتهم وهو قول لم نسمعه من السلف الصالح الذي قال { إذا رايتم الرجل ينتقص من الصحابة فاعلم أنه زنديق} وهنا لم يقولوا إذا رايتم من يبحث في علم الجرح والتعديل فاعلم أنه كافر أو مشكوك في إيمانه هذه قولة عريضة ما كانت لتخرج من أحد العلماء .
هذا وبالله التووفيق
خالد محيي الدين